تركستان الشرقية والنزيف مستمر

 

يجب على خطباء المنابر الدولية أن يكونوا أكثر اهتماما بإحياء "قضية تركستان الشرقية"، وأن يستنفذوا كل الوسائل الدبلوماسية المؤكدة على احترام مشاعرهم، ومنحهم كافة حقوقهم الطبيعية، وإيقاف إغراق بلادهم بالمهجرين الصينيين

 

 عاتبني صديق مشكورا على عدم التنويه عن قضية المسلمين في تركستان، وفي الحقيقية أنا لا أدري ما السر في تغييب مآسي المسلمين في تركستان، التي يرزح نصفها الشرقي تحت الاحتلال الصيني، لهذه الدرجة وحتى هذا اليوم!؟.. بداية لا بد أن أقول إن تركستان لم تأخذ حقها في أدبياتنا العربية والإسلامية المعاصرة بالصورة اللائقة بها؛ فجذور الإسلام في بلاد تركستان عميقة جدا، والإسلام وصل إلى هناك في خلافة سيدنا عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ، على يد الصحابي الجليل الحكم بن عمرو الغفاري، بيد أن المرحلة الإسلامية الأهم تعود إلى قبل حوالي 1350 سنة، أيام القائد المسلم الشهير قتيبة بن مسلم الباهلي؛ ومن هذه البلاد ظهر مشاهير العلم النبوي الشريف، وعلوم الحضارة الإسلامية المختلفة أمثال البخاري، والترمذي، والبيهقي، والفارابي، وابن سينا، ومحمد الخوارزمي، وأبو الريحان البيروني، والزمخشري، وأبو الليث السمرقندي، وأبو منصور الماتريدي، وابن نباتة، واليسوي، وعبدالله بن مبارك، والفضيل بن عياض، وسفيان الثوري، وآخرين لا حصر لهم، ممن خدموا الحضارة الإسلامية، وأصبحوا من أعلامها الكبار..
عن الزمن القريب الحاضر، وبدون تفاصيل مملة، أذكر أنه في عام 1944 أعلنت "جمهورية تركستان الشرقية" عن نفسها كدولة مستقلة، وفي عام 1949 احتلها الجيش الشعبي الصيني، ومنذ ذلك التاريخ ومسلمو تركستان يعانون كل أصناف الاضطهاد من نير الاحتلال الصيني، بل تتدخل الصين في صلاتهم، وصيامهم، والإعدام مصير كل من يخالف قوانينهم التعسفية، ولم يترك الصينيون وسيلة إلا ومارسوها لثني الناس هناك عن مطالبتهم بحقوقهم الدينية والعرقية..
التركستانيون القدامى نجى الله أغلبهم من الاضطهاد والحروب بتمكينهم من الرحيل إلى مختلف دول العالم، وفتح لهم جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود ـ رحمه الله ـ باب الهجرة والمواطنة والإقامة، وكانت (حارات البخارية) في المدينة المنورة، ومكة المكرمة، والطائف، وجدة مراكزهم؛ أما التركستانيون هناك فتردي أحوالهم تلزم من بيده الأمر، وخصوصا خطباء المنابر الدولية بأن يكونوا أكثر اهتماما بإحياء "قضية تركستان الشرقية"، وأن يستنفذوا كل الوسائل الدبلوماسية المؤكدة على احترام مشاعرهم، ومنحهم كافة حقوقهم الطبيعية، وإيقاف إغراق بلادهم بالمهجرين الصينيين، ووقف إجراء التجارب النووية في أراضيهم، وتطبيق قانون الحكم الذاتي المعلن عام 1946 في تركستان الشرقية تطبيقا حقيقيا؛ عبر حكومة ومجلس نواب وقوانين لا تخضع لرقابة أي جهة من الجهات التي تريد الهيمنة، وتمكين البشر هناك من العيش في إطار هويتهم الحضارية والدينية، ومنحهم كل ما يمكن أن يؤدي إلى احترام كرامتهم وحقوقهم الإنسانية كبشر يعيشون في المجتمع الإنساني في تركستان، والصين، وفى العالم أجمع. 

الأستاذ عبدالله فدعق

http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleId=32227