كنـوز الشرق

  عزيزي القارئ، هل قمت بزيارة الدولة التي نتحدث عنها اليوم؟

 تتميز دولتنا بالأشكال الطبيعية المتضادة، الصحراء والواحات والهضاب العالية، الأراضي القاحلة من جهة، ومن الجهة الأخرى الأراضي ذات الأشجار المثمرة، وتنحدر جبالها من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، تتواجد فيها البحيرات والأنهار التي تنبع من هضاب يبلغ ارتفاعها أكثر من سبعة آلاف متر فوق سطح البحر، ما يجعل سفوح الجبال صالحة لتربية الحيوانات.

إنتاج النفط بها يصل إلى 60مليون طن سنويا ويتوقع أن تصل نسبة الإنتاج 100مليون طن بحلول عام 2020 ليكون لها مكانة عالمية بين الدول المنتجة للنفط حيث يبلغ احتياطي النفط بها 8.2 مليار طن، ويصل إحتياطي الغاز الطبيعي بها إلى 10تريليون متر مكعب، كما يصل مخزون الفحم إلى 2تريليون طن ما يجعلها دولة منتجة لمصادر الطاقة اللازمة لإنشاء قاعدة صناعية كبيرة بها.

بالإضافة إلى النفط والفحم والغاز الطبيعي والمعادن وعلى رأسها الذهب، فيوجد بها مناجم من أجود أنواع اليورانيوم المستخدم في الصناعات النووية ما يجعلها تقف في مصاف الدول النووية إذا ما أحسنت استغلال تلك الثروات، كما تمثل الزراعة بالنسبة لها أهمية كبرى، فهي قاعدة لإنتاج القطن طويل التيلة، كما تنتج العنب والبطيخ الأصفر، وإضافةً إلى ذلك تنتج الذرة الشامية والأرز والتفاح والكُمَّثْرى والمشمش والكَرَز، وعددًا كبيرًا من الخضروات.

 مع كل هذا الإنتاج الضخم من البترول والغاز الطبيعي والفحم واليورانيوم والذهب وغيره من ثروات إلا أن أهلها يعيشون في فقر؟ وهناك من يسأل: وأين تذهب تلك الثروات؟ ولماذا لا تذهب لأصحابها؟ إنه التضاد الذي تحدثت عنه في بداية المقال، هل عرفتم الدولة التي نتحدث عنها؟

إنها تركستان الشرقية، إحدى بلداننا الإسلامية المنسية التي تمثل كنزا من كنوز الشرق، حيث تحتلها الصين منذ عام 1949 وتطلق عليها إقليم شينجيانج، الكنوز بها غير قاصرة على البترول والفحم والغاز الطبيعي واليورانيوم بل تمتد إلى الإنسان التركستاني المسلم الذي يهابه الصينى البوذي لاحتفاظه بهويته الإسلامية وإصراره على التحرر من الاحتلال ورفضه للممارسات اللاإنسانية التي تمارسها الحكومة الصينية ضده.

ولا تمثل تركستان الشرقية كنزا للصين بإنتاجها من مصادر الطاقة فقط بل تمتد أهميتها الإستراتيجية بالنسبة لها حيث يمر خط أنابيب البترول القادم من منطقة القوقاز بكامل الأراضي التركستانية ما يمثل خطرا عليها إذا ما تعرضت تلك الأنابيب إلى الإنفجار الذي قد يحدثه الإنفجار التركستاني في وجه المحتل الصيني.

لم تكتف الحكومة الصينية بنهب ثروات تركستان الشرقية وإذلال شعبها المسلم بل تستخدم أراضيها الصحراوية في إجراء التجارب النووية بها ما يسبب أخطارا كبيرة على الشعب التركستاني، كما تقوم الصين أيضا بالإحتفاظ بمعظم صواريخها البالستية النووية بتلك الصحاري.

الروح الإسلامية العالية التي يتمتع بها شعب تركستان الشرقية هو ما يرهب دولة الصين، فهو الشعب العظيم الذي تلقى الضربة الأولى من التتار، فإذا بصبره وقوة تحمُّله وحُسن تطبيقه لقواعد الإسلام يحوِّل المغول من وثنيِّين إلى مسلمين يعبدون الله سبحانه وتعالى، ورغم وقوع دولة تركستان الشرقية بين أكبر قطبيْن شيوعيين في العالم هما الاتحاد السوفيتي والصين، ومن جنوبها دولة هندوسية مضطهِدة للمسلمين وهي الهند، لم يغيِّر كل ذلك شيئًا من عقيدته.

هذا التمسُّك العجيب يُرهِب الصين، خاصةً أن الإحصائيات الرسمية الصينية تقول إن إجمالي المسلمين في الصين يبلغ ستين مليونًا، وتقول الإحصائيات الإسلامية إن العدد يربو على مائة مليون مسلم، ولكن الصين تقلِّل من الأَعداد؛ لتهمِّش دور المسلمين وتُضعِف من حَمِيَّتهم كما تقوم بتشجيع وانتشار التشيع بين المسلمين في الصين وخاصة في تركستان الشرقية.

ولا شك أن الصين تفكر في خطورة انتشار هذه الروح المتمسكة بالدين الإسلامي واحتمالَ انتشار الدعوة الإسلامية في الصينيين أنفسهم فهم يعانون من خواءٍ رُوحي كامل، وليس عندهم عقيدة يتمسكون بها، ولو عُرض عليهم الدين الإسلامي بشكل واضح فقد يرتبطون به، وهذا خطر أيدلوجي كبير على الصين الشعبية التي ما زالت تتبنَّى الفكر الاشتراكي الإلحادي.

وكنوز الشرق في تركستان الشرقية يمكن أن تتضاعف مرات ومرات إذا ما تعاون الشعب التركستاني مع إخوانهم في تركستان الغربية ما يشكل قوة ضغط على المحتل الصيني، فكيف نحقق تلك المعادلة؟ لابد من التعاون وبذل المزيد من الجهود حتى ينال هذا الشعب العظيم حريته!!

سحر زكي