يوميات مسلم في السجون الصينية (2)

 

علقة الولاء

 

بعد انتقالي لسجن تانري تاغ، تذكرت تنبيه أحمد قاري دخلت للحجرة قائلا : “baogao” ولكني لم أسلم من الضرب. لأنني نسيت وضع يدي على رأسي . ما إن قال الصيني الواقف على باب الحجرة “أمسك رأسك” جاء سجين أويغوري وبدأ في ضربي .

في عمري البالغ أربعين عاما لم أعرف ان هناك في لغتنا ألفاظ بمثل هذه الحقارة والبذاءة . لم أفهم لماذا يضربني ويهينني ويسبني بهذه البذاءة . ضرب السجان في السجن السابق بكاشغر كان مفهوما لأن الضرب وظيفته، ربما رأني “انفصاليا” أو “إرهابيا” فضربني وأهانني . ولكن ما الذي فعلته لهذا السجين الأويغوري؟

والأعجب من كل ذلك، هذا المعتوه كان يخاطبي بالأيغورية ويطلب مني الإجابة بالصينية، وأحيانا يغضب لعدم إجابتي بالأويغورية .. وفي هذا السحن الجديد كانت دورات المياة منفصلة إلا أنها حولت لسلخانة لتعذيب السجناء . شهدت على وقائع تعليق السجناء وضربهم .

وبعد مضي ساعة ناداني صيني كان يرقد أمام الباب. ذهبت إليه قائلا “baogao” كما لقنوني ووقفت رافعا يدي . فسألني عن سيرتي وتعجب لأنه لم ير في حياتي سجينا سياسيا صاحب تعليم عالي مثلي . وعرف عن نفسه ب يانج يونج وكان رئيسنا في الحجرة.

وفي هذه الحجرة جمعت 17 سجينا، أربعة صيني، اثنان من مسلمي الهوي، وواحد قازاق والبقية من الأويغور . الصينيون دخلوا السجن بجرائم النصب والرشوة وأما الهوي فجرائمهم الاتجار بالمخدرات والأويغور إما تعاطي المخدرات وإما سجناء الرأي والسياسة .

وفي السجن توجد منصة خشبية مخصص للنوم، الناحية الأبعد عن دورة المياة كان مخصصا للصينين، يليه مكان الهوي ويليهم فرهاد الذي ضربني ويليه بقيتنا نحن الأويغور أقرب لدورة المياة.

عندما يحين وقت النوم، يقوم أربعة من الأويغور بالتدليك للصينين الأربعة حتى يناموا. هؤلاء الأربعة الصينيون والاثنان من الهوي حجزوا لأنفسهم أريح وأوسع الأماكن والبقية ننام على الجنب في مكان ضيق متلاصقين . والسجناء السياسيون وأمثالي في أول أيامهم كانوا مضطريين للنوم على الأرض وهي غالبا ما يكون قرب دورة المياة . حتى الأكل يجب أن نأكله قرب دورة المياة . وفي الليل يقوم اثنان بالحراسة متبادلين الادوار في كل ساعتين . والذي يقوم بالليل في الحراسة يكون أيضا من الأويغور ومن السجناء السياسيين.

النقود المرسلة من أهلي السجناء يتم إيداعها في كروت المخصصة لشراء الطعام . يمكن شراء بعض الأطعمة، والبيض، والشوكولاتة، الللبن، بعض أنواع الفواكه والملابس الداخلية . ولكن يتحكم فيها الصيني رئيس الغرفة . وفي السجن يعطى السجين الأرز بالماء المغلي صباحا، والفلفل الأحمر بالماء المغلي الذي نسميه شوربة العذاب ظهرا ومساءا. وأحيانا قليلة يمكن طلب أطعمة بالخضروات والزيت. طبعا يطلبها رئيس الغرغة الصيني على حساب السجناء الأويغور ونقودهم.

فالصيني يفطر على اللبن والشوكولاتة والمربى ، ويشتري السيجار من السجانين. والخادم الأويغور يتوسل لسيده الصيني حتى يحظى بالتدخين مرة واحدة . الأويغور كان يأتيه من أهله نقودا أكثر ولكنه يكون آخر شخص يستفيد منه . وانا عرفت كم دخل من النقود في كرتي وكم أنفقت منها بعدما انتقلت إلى سجن آخر .

إن حياة الأويغور في الشارع هي حياته في السجن . إن أي شعب مقهور بلا حقوق ، يكون أفراده بلا أي قيمة ولا أي حقوق. لقد بقيت في سجن أورومتشي ثلاث سنوات . في كل سجن يكون المسؤول الأول صينيا ، والنائب أويغوريا. وفي كل حجرة السيد والآمر هو السجين الصيني والمنفذ أويغوري. الصينيون في السجن شجعان، كلمتهم مسموعة، والأويغور كلمتهم مردودة وجبان وخائف. السجين الأويغوري يضرب أخاه الأويغوري أكثر مما يضربه الصيني إرضاء لسيده الصيني . لأنه لا يعتبر إظهار ولاءه بضرب الصيني. بل بضرب أخيه الأويغوري. فهو حينذ مخلص وفي لسيده. فهو حينذ غير عنصري، صيني أكثر من الصينيين..
وإذا كان النائب في الغرفة صينيا أيضا، فإن لم يكن له عدواة للأويغور لا يضربهم بقسوة لأنه ليس بحاجة لإثبات ولاءه وإخلاصه لسيده .

لقد أفصح عن هذا الأمر فرهاد، النائب الذي ضربني قائلا ” اسمع، أنا أيضا بلا حيلة، ليس من السهل أن أحافظ على مكانتي. فإن لم أضربك أكثر من ضربي للصينيو لاودا ( كبير الحجرة) سيظن أني أميل للأويغور أكثر “..

هكذا، صعب حياة الأويغور ، فهو يتعرض للإهانة من الشرطي والسجين الصيني لجرائمه، ثم يتعرض للضرب والإهانة من أخيه الأويغور ضرب الولاء والإخلاص. 

المترجم : موللا ثابت

https://twitter.com/Molla_Saabit