مصر والصين والطلبة الأويغور..والدخول على خط الأزمة ركوعا

 

  لاشك أن هناك أزمة صناعة صينية بين الصين وأقلية الأويغورفى إقليمهم فى شمال غرب الصين والذى يعرف بتركستان الشرقية (مقاطعة شينجيانج الأويغورية ذاتية الحكم) والآن تصعد الصين من عنفها واضطهادها للأويغور فى الداخل والخارج وسط صمت دولى وإسلامى مؤسف وانتقادات غير مؤثرة من منظمات حقوق الإنسان الدولية، أما منظمة التعاون الإسلامى ولجنة حقوق الإنسان بها فهى ترفع قرون استشعارها لمعرفة اتجاهات قادة دول المنظمة حتى تتجه نحوها وكما يقول الشاعر:

إذا قالوا شرقا شرقت أعرافه * وإذا قالوا غربا تراه عند الباب.

 وقد قررت القيادة الشيوعية الصينية القاسية مؤخرا ملاحقة الطلبة الأويغور الذين يدرسون خارج وطنهم الذى لاتوجد به دراسة دينية حقيقية ولكن تدرس مادة دينية طبقا للرؤية الشيوعية المعادية أصلا للدين، ويدور محور الدراسة حول تدعيم النظام الشيوعى والوجود والحكم الصينى لمنطقة تركستان الشرقية، ومستهدفا محو هوية الأويغور الدينية والثقافية والدمج القسرى لهم داخل منظومة الشيوعية الصينية؛ فلايمكن للأويغور تداول نسخ القرآن الكريم أو قراءته وتعلم أحكام الدين إلا سرا، كما لا يمكنهم تعليم أطفالهم الصلاة أو اللغة العربية أو التاريخ خارج المنظومة التعليمية الشيوعية.

 منذ بدء عهد الانفتاح فى الصين عام 1978م سمحت السلطات الصينية بسفر الطلاب الأويغور وغيرهم  للخارج فتوافد الكثير منهم إلى مختلف بلدان العالم الإسلامى كالسعودية ومصر وتركيا وماليزيا وبلدان آسيا الوسطى الإسلامية لدراسة الدين الإسلامى فى جامعاتها وحظيت جامعة الأزهر بالقبول وبالعدد الأكبر منهم.

وشأن الضعفاء فكريا وأصحاب الإيديولوجيات المهتزة وطبقا للسياسة الصينية التي تستهدف محو هوية الأويغور الدينية والثقافية ودمجهم قسرا في المنظومة الشيوعية وذلك بعد تراجعها عن سياسة الانفتاح فى تركستان منذ تسعينيات القرن الماضى عاودت الصين اضطهاد الأويغور وتصاعد الاضطهاد حتى فقدت الصين عقلها بقرارات مضحكة ضد الأويغور كطول اللحية ومنع الصيام  وتسليم جوازات السفر، ومؤخرا قرارها باستدعاء الطلبة الأويغور من مختلف أنحاء العالم واستخدام وسائل ضغط دنيئة لإجبارهم على العودة كاعتقال ذويهم ومصادرة أموالهم ومن عاد من الطلبة انقاذا لأهله تعرض للاعتقال والتعذيب والسجن لمدد طويلة بتهم  وأحكام معدة مسبقا.

عدد كبير من الطلبة الأويغور درس فى جامعة الأزهر ومعاهده كانوا يفدون إلى مصر مرحب بهم من الأزهر ومن شعب مصر إذ يتمتع الأويغور بالأدب الجم وحسن المعاملة والعفة رغم ما يعانونه من فقر حيث يعيشون فى الغالب على ما ترسله لهم أسرهم الفقيرة التى تكافح لتعليم أبنائها مبادىء الدين السمحة، وقد وفر لهم الأزهر فى عهد شيخه الجليل الإمام الراحل جاد الحق على جاد الحق الرعاية المطلوبة وذلل لهم العقبات، ورغم ضعف الاهتمام بهم فى عهد الشيخ سيد طنطاوى إلا أنهم استمرو فى دراستهم بالأزهر.

حتى كانت الطامة  الكبرى لهم الآن فى أوائل يوليو 2017 حين قامت السلطات المصرية دون سائر بلدان العالم وبلا نقاش أو مبرر بالركوع والامتثال لرغبة وطلب السلطات الصينية غير الرسمى باعتقال عشرات الطلاب الأويغور من مساكنهم ومن مطارات برج العرب أثناء محاولتهم مغادرة مصر طبقا لتقارير صحفية وشهود عيان ، وذلك دون سابق إنذار أو السماح لهم بمغادرة البلاد، ولايعلم أحد بمصيرهم حتى الآن، إن مواثيق الأمم المتحدة والقانون الدولى تمنع ترحيل الأشخاص إلى أى مكان قد تتعرض حريته أو حياته للخطر لكن النظام فى مصر ضرب عرض الحائط بكل ذلك استجداءا للصين وبحثا عن الدعم السياسى والدولى باعتقال الطلبة الأيغور وسترحلهم إلى الصين التى تشارك فى حصار مصر المائى بتقديمها الدعم المالى والفنى لأثيوبيا فى بناء سد النهضة وتيكيزى وغيرهما من السدود فى أثيوبيا وفى العديد من دول حوض النيل، كما تغرق الصين أسواقنا بالبضائع الرديئة والرخيصة التى تغلق مصانعنا وأسواقنا.

 عار عليكم مصر التاريخ والجغرافيا والأزهر والمكانة الدينية والثقافية تفعل هذا على أيديكم بعد أن منحتموهم الأمان فدخلوها آمنين، ما أشنع خيانة المستأمن، لن يطول المقام بالظالمين وانتقام الله منتصرا لدعاء المظلومين، تداركوا الأمر وأفرجوا عن كل مظلوم أويغوري أو مصري ولا تتخذوا شياطين الشيوعية أولياء من دون المؤمنين ومن دون الله فإنهم لن ينفعوكم يوم ترجعون إليه.

 يجب أن تدركوا أنكم تقودون بلدا بحجم وقامة مصر التى صدت المغول على يد قطز التركستانى وحررت الأقصى وأنهت الحروب الصليبية، ورفعت هامة العرب فى 6 أكتوبر 1973 إن قيادتها تتطلب هامة مرفوعة لا تركع إلا لله فإن لم تستطيعوا ذلك فاتركوها.

وأخيرا أين شيخ الأزهر وجامعته تكلموا ولاتسكتوا عن الحق وعن هذا الظلم، مطلوب تفسير ما حدث وتصحيح الأخطاء. وويل لأمة قويها أحمق وعالمها أبكم.

د/عز الدين الوردانى

باحث متخصص في شئون تركستان الشرقية (إقليم شينجيانج الذاتى الحكم فى الصين)