صمت الدول الإسلامية إزاء انتهاكات الصين لحقوق المسلمين في تركستان

  دأبت السلطات الصينية في تركستان الشرقية على منع الصيام، وإجبار المسلمين على فتح الطاعم في رمضان  علانية. أما حديثا فأثارت منعها لأكثر من عشرين اسما ذا صبغة إسلامية ردود فعل قوية في وسائل الإعلام الدولية . ولكن على الرغم من الانتشار الدائم لمثل هذه الأخبار في مختلف وسائل الإعلام الأجنبية ومنصات التواصل الاجتماعية إلا أن الحكومات الإسلامية والإعلام التابع لها سلكت طريق "لا أسمع ولا أرى ولا أتكلم"  ومازالت ... فما السبب في ذلك؟

 لماذا تصمت الدول الإسلامية إزاء انتهاكات الصين لحقوق المسلمين؟

  منذ سنوات والحكومة الصينية تمنع الموظفين لديها والطلاب والمعلمين المسلمين من الصيام تحت دعوى "مكافحة التطرف" "ومقاومة التشدد"، ولم تكتف بذلك بل أجبرتهم على شرب المياه وأكل الطعام ، أجبرت أصحاب المطاعم على فتح مطاعهم  نهار رمضان وألغت رخصة من رفض الانصياع لهذا القرار.   عاقبت الآباء الذين أرسلوا أبناءهم إلى دورات تحفيظ القرآن في العطلات ، منعت تسمية المواليد  بأسماء إسلامية.. كل هذه الانتهاكات تم فضحه من خلال صوت راديو آسيا أوغيرها من وسائل الإعلام الأجنبية.

  منظمات حقوق الإنسان والمراقبون أدانوا معاداة الإسلام صراحة بانتهاك أبسط حقوق المسلمين في ممارسة شعائر دينهم، وانتقدوا الحكومة الصينية. ولكن الحكومة الصينية مازالت مستمرة في انتهاكاتها وسياساتها العنصرية تجاه الإسلام والمسلمين.

  فاليوم مثلا انتشرت صورة لنسخة من إعلان هيئة الشؤون الدينية في مدينة قاراماي جاء فيها أن اللحم واللبن والزيت فقط يمكن إطلاق وصف "حلال" عليها، ويمنع إطلاق وصف "حلال" على أية أطعمة أخرى. ثم أن شهادة "الحلال" الرسمية تكتب عليها كلمة "إسلامي"بدل "الحلال"باللغتين الصينية والأويغورية فقط ويمنع استخدام أي شهادة طبعت عليها كلمة "حلال" بالعربية أو صورة هلال او صورة مسجد.

 السيدة ساره كوك الباحثة في منظمة الحرية قالت بأن الحكومة الصينية زادت من قمعها للإسلام في تركستان الشرقية، فلذلك على الدول الإسلامية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية  وليس فقط الدول الغربية  أن تهتم بهذا الأمر بشكل جدي .

 وأضافت السيدة ساره: "المجتمع الدولي استنكر ما يحدث في تركستان الشرقية، ولكني لم أر ردود فعل جادة من الدول الإسلامية . معروف أن كل العالم الإسلامي تحرك عندما رسمت الصورة الكاريكاتورية للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)... ألم تقم الصين كذلك بمنع تسمية الأويغور باسم محمد ؟؟ لماذا لا يعترضون ؟ أين حكومات الدول الإسلامية ؟! أين إندونيسيا وماليزيا؟ أعتقد لو أن الحكومات الإسلامية اعترضت بشكل قوي لم تجرأ الحكومة الصينية على تصعيد انتهاكاتها في تركستان الشرقية...

 إذن، كما قالت السيدة ساره، لماذا لا تعترض الحكومة الإسلامية على انتهاكات الصين تجاه المسلمين ؟  الدكتور عالمجان بوغدا، الأستاذ في كلية العلوم الدينية بجامعة سۈتجى إمام في قهرمان ماراش التركية يقول : السبب الأساسي في خذلان الدول الإسلامية هو التشرذم السياسي بينهم والمصالح التجارية مع الصين ..

 أما الدكتور درو جلادني الأستاذ في معهد بانوما التابع لجامعة كاليفورنيا الأمريكية يرى : أن الشعوب الإسلامية تعلم ما يحدث للمسلمين الأويغور، و تتعاطف معهم ولكن لا يوجد إعلام حر لنقل هذا التعاطف على أرض الواقع، والحكومات لاتسمح بذلك لأنها لا تريد إزعاج الصين .
فقال في حوار أجرينا معه : الشعوب المسلمة في الدول الإسلامية تتعاطف مع مسلمي الصين وتستنكر ما تقوم به الصين ولكن الأمر المؤسف أنه لا يوجد إعلام حر في هذه الدول لنشر أخبار الانتهاكات الصينية، فالدول الإسلامية في تراجع مستمر في مجال الإعلام الحر، الحكومات تتحكم في الإعلام. فكل الحكومات في الشرق الأوسط بما فيها إسرائيل حذرة جدا عندما يتعلق الأمر بانتقاد الصين من أجل حماية مصالحها التجارية .

 الأمر الثاني أن الصين كذلك تنتهج نفس المسلك عندما يتعلق الأمر بانتهكات حقوق الإنسان  وحرية الإعلام في هذه الدول تحت دعوى "عدم التدخل في شؤون الآخرين" فهي تتوقع من الآخرين نفس السلوك. وفي الشرق الأوسط أصبحت قناة الجزيرة هي الوحيدة كمنبر إعلام حر ومستقل.  فكلما زادت الدول الإسلامية استبدادا تقل نسبة انتقاد الصين .
فبشكل عام سياسة الدول الإسلامية هي عدم انتقاد الصين.

وأضاف السيد عالم جان قائلا : على الرغم من أن التعاطف الشعبي في دول الشرق الأوسط والدول الإسلامية قوية إلا أنها لا تسطيع عمل شيء من خلال تشكيل هيئات ومؤسسات مستقلة، ولذلك الكثير من الهيئات والمنظمات الإسلامية الموجودة أسست مقراتها في الدول الأوربية.

 أما السيد درو جلادني فيرى أن سياسة أمريكا الجديدة التي تتمثل في رفع يدها من الشرق الأوسط والانكفاء على الداخل ساهمت في ازدياد جرأة الصين لتصعيد قمعها للمسلمين الأويغور . فقال : أمريكا تنأى بنفسها عن المجتمع الدولي وخاصة الشرق الأوسط. فلذلك لا أرى إمكانية لوقف الانتهاكات الصينية في مستقبل قريب. لأن مسألة حقوق الإنسان كانت من أهم البنود في أجندة الحكومات السابقة ولكن في حكومة ترامب ليست كذلك . فترامب ينأى بأمريكا عن المسرح الدولي. فكلما استمر في ذلك تنفرد في الصدارة دول مثل روسيا والصين. ولذلك من الطبيعي ألا نرى انتقادات موجهة للصين كثيرا "

مصدرالمقال: موقع إذاعة آسيا الحرة في واشنطن

http://www.rfa.org/uyghur/xewerler/din/uyghurda-din-07262017150035.html