يتقدم جحافل الجيش الصيني الضخم الذي امتد به الأرض في مكان لا يرى أوله من آخره، يتقدمه الرهبان البوذيون، يتلوهم أصحاب الطبول ويتوهمون النصر على جيش التوحيد على ضفاف نهر طلاس، وقافلة الخيول المحملة بالخمور تعج بالسير تحت وطأة الحمل الثقيل المحمل على عواتقها.

 في وقت التقى فيه المجاهدون من جيش التوحيد الذي قدم بأمر الخليفة العباسي بإخوته القارلوق الأويغور، وينتظرون الوقت الذي يتخلص فيه قارة آسيا من وطأة الظلم والشرك.

 يغيب شمس المساء ببطء ولكن القلوب تضيئ بنور الله فجأة. يسمع صدى النصر والظفر باللغة العربية والتركية، لأن الحق كان غالبا مرة أخرى. وبعدها قام البخاري والترمذي برحلات العلم في عشق وحب الحديث النبوي الشريف.

 وكتب ابن سينا أحسن كتاب في الطب. وكتب الفارابي أحسن كتب التوحيد والفلسفة. وقام البيروني وألوغ بيك بكشف الأجسام الفضائية والنجوم، واكتشف الخوارزمي علم الجبر وطور الرياضيات، وقام السرخسي بنقل القانون الإسلامي والفقه الحنفي إلى أرقى مستوى في عصره. وقام محمود الكاشغري بكتابة لغات الترك ولهجاتها وتدوينه، ووصل يوسف خاص حاجب إلى علم السعادة، ووصل الأديب أحمد إلى عتبات الحق.

وصار تركستان الشرقية عاصمة للكتابة ووطنا للعلاج بوخز الإبر، وبوابة للمقامات الإثنتي العشرة في الموسيقى. وكانت الأبجدية الأويغورية إسما للمثقف الذي حكم العالم بأربع عشرة حرفا.

 وفي عام 1763 احتلت الصين تركستان الشرقية. لأن فقدان الإتحاد والوحدة تنتج فقدان الحياة. وقامت الصين بأعمال عدوانية انتقاما من هزيمة ألف عام.

 وبعد مائة عام من الجهاد والنضال أصبح الغازي يعقوب خان ملكا لتركستان الشرقية، فأرسل الرسل والوفود إلى الخليفة العثماني السلطان عبد العزيز خان وبايعه بالخلافة، وتنفس التركستانيون الصعداء مرة أخرى.

 واستفادت الصين من هزيمة 1893. وتحولت تركستان الشرقية إلى شينجانغ التي تعني المستعمرة الجديدة. لكن لماذا يوجد في أنقرة مدينة باسم سينجان (شينجانغ)؟! مع أن جهاز التلغراف الوحيد في تركستان الشرقية التي قطعت علاقاته مع الصين تحت سيطرة الوالي العام لتركستان الشرقية.

وفي عام 1931 بدأ محمد أمين بغرا جهاده ضد الصين في ختن، والعقيد عثمان باتور في كاشغر، وحافظ بيك في قره شهر، وخوجا نياز في قومول، وشريف خان في ألتاي.

 وفي عام 1933 أسست جمهورية تركستان الشرقية الإسلامية. وأصبح خوجا نياز رئيسا للبلاد كما أصبح ثابت داموللا نائبا له. لكن أنقرة لم تعترف بجمهورية تركستان الشرقية الإسلامية حبا للصين وستالين. ونشأ مجاهد جديد اسمه بوكه باتور وأصبح جبلا شامخا في وجه الإحتلال الصيني، واستمر في الجهاد حتى استشهد، ولقد ربى بوكه باتور في حرب العصابات مع الصين أسدا اسمه عثمان باتور. وأصبح أمنية بطل جبال ألتاي الحرية والتخلص من الصين، جراء وصية أبيه بوكه حيث قال: الذي يغصب سلاحنا اليوم، سيقضي على حياتنا غدا. سنقوم بطرد الكفار إلى وراء الصحراء يوما من الأيام، ولو كان عددهم مثل رمال صحراء تكلاماكان.

ويجاهد عثمان باتور البالغ من العمر أربعون عاما عشرة أعوام مع ثلاثين ألفا من مجاهديه وعدد قوات الصين حينها 300 ألف. مجاهد واحد مقابل عشرة من الكفار، لكن خانه أحد أبناء جلدته وأخبر القوات الصينية بمكان تواجده، ويواجه عثمان باتور قوات الصين القادمة لقتله مع مائتين من مجاهديه.

 وفي 29 أبريل من عام 1951 يقع عثمان في الأسر. وقد قطع أنفه وأذنه مثل سيدنا حمزة رضي الله عنه. وقد وجهت القتلة أسلحتهم لعثمان باتور وعثمان يشبه سيدنا حمزة رضي الله عنه في أمور كثيرة. يقول عثمان:  لن أخاف من شيئ تراه عيني. يسمع صدى صوت قارب الشهادة يقول: الله أكبر! يصل خبر استشهاده لوالدته فتقول: إنما ربيت ولدي لمثل هذا! وبعده عيسى يوسف آلبتكين، وهو التاريخ الحي لبرهة من الزمن. يكتب كل ما حصل هنالك، ويعيش في تركيا تحت شعار: كل شيئ للوطن والدين. ولم يستطع أن يحصل على مساعدات أنقرة التي تذرف دموع التماسيح.

وفي عام 1949 يجلب ماو مستوطنين صينيين، ويرتفع تعداد الصينيين من 4 % إلى 50 % في وقت قصير. ويؤسس مدن جديدة. ويقمع الأذان فلا يسمع له صدى. ويموت الآلاف من التركستانيين في جبال بامير وهمالايا في الغربة بعيدا عن الوطن، ويبدأ جهاد جديد عام 1965 وهو جهاد خوتن، ويترك ورائه الآلاف من الشهداء. ويرفع عواصم العالم الذي يدعم الأقوى كئوس الخمر للظالمين القتلة. وفي عام 2017 يجبر النساء الحوامل على الإجهاض القسري حتى ولو كن في الشهر السابع والثامن، بسبب قانون حظر الطفل الثالث. وتدفع الأسرة غرامات مالية تصل إلى رواتب ثمان سنوات من العمل، وتعقم الأمهات.  ويبعد بنات تركستان الشرقية عن أسرهن بالقسر والإجبار، ويهجرن إلى داخل الصين حيث يبعن هنالك في سوق النخاسة الجديد، ولن يسمع من خبرهم أي شيئ. ويغتصب موارد تركستان الشرقية الإقتصادية من البترول والذهب والنحاس و يغتصب البيوت والمساكن من أهلها.

ويتفق الصين الغاصبة مع أميريكا القاتلة، وفرنسا المبيدة، إنجلترا المستعمرة وروسيا العدوانية. وتأخذ الصين كل قواها من متفقيها من قادة العالم المخادعين، وتستمر الحياة مع الآلام وينتظر وادي طالاس أخوته مرة أخرى على أحر من الجمر.

طارق سزائي قرا تبة

كاتب تركي

المترجم من التركية: عبد السلام مخدوم

المصدر:

http://www.nabizhaber.com/askin-ve-cihadin-ulkesi-dogu-turkistan-2228yy.htm