لمن تعمل السياسة في العالم الإسلامي؟

 

  يرى ابن خلدون أن السياسة أمر معني برعاية مصالح الناس الدنيوية والأخروية، وأن السلطة في حقيقتها خلافة يضعها صاحب الشرع في الأرض لحراسة الدين وسياسة الدنيا به. ومن ثم فإن رعاية مصالح الناس ومن أهمها حفظ دمائهم وأعراضهم وحرياتهم الدينية والشخصية من أهم مقاصد السياسة.

 والسياسة تستلزم وجود مجموعة حاكمة لديها الكفاءة والقوة التي استمدتها من مصدر ما لإدارة المكان الذي تحكمه.

 ويرى عالم السياسة (هارولد لازويل) أن علم السياسة هو دراسة تشكيل واقتسام القوة، وعرف العمل السياسي بأنه فعل يتم إنجازه من منظور القوة الموزعة بطريقة ما. ويمكن القول بأن السياسة نوع من التنظيم للعلاقات الإنسانية داخليا وخارجيا يتسم بالاستمرارية ويتضمن إلى حد كبير علاقات التحكم أو النفوذ أو القوة أو السلطة.

ومن المفترض أن يملك فيه المواطن قدرا من النفوذ والقوة بشكل متفاوت لتشكيل وصيانة النظام الذي يعيش فيه، ويتم الحصول على هذا النفوذ عن طريق الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمشاركة في الانتخابات لاختيار ممثليه وغير ذلك.

وغالبا ما تنحصر الأنظمة السياسية في نظامين: النظام الديمقراطي وفيه يقتسم المواطنون فرص المشاركة في صنع القرارات عن طريق الانتخابات والتعبير عن الرأي بالكتابة والتظاهر السلمي.

النظام الديكتاتوري وفيه تنحصر المشاركة في صنع القرارات بين القلة الحاكمة أو ديمقراطية زائفة؛ وللأسف تنتمي أكثر الأنظمة السياسية في العالم الإسلامي إلى هذا النظام باستثناءات قليلة. وتدار باقي الدول برأي القلة ولمصلحتها السياسية والاقتصادية ولتعزيز سيطرتها على الحكم مهما كان الثمن.

 من المفترض أن السياسة ترعى مصالح الشعب والأمة وأن يكون بين الدول المتقاربة عرقيا، لغويا، دينيا قدر من التنسيق لدعم مواطنيهم  وأقلياتهم وحفظ مصالحهم في بلدانهم وفي مختلف أنحاء العالم. فهل تحاول دول العالم الإسلامى رعاية مصالح المسلمين والتحرك لدعمهم وإنقاذهم من براثن الطغيان؟

 إن الأنظمة في دول العالم الإسلامى بل ومنظماتها الدولية ليست لها رؤية ولا تطبق أي مبدأ من مبادئ السياسة وفلسفتها في مواجهة الدول التي تنتهك حقوق الأقليات المسلمة فيها، فما الذي فعلته دول العالم الإسلامي لمواجهة الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان بل والمذابح التى ترتكب بحق المسلمين فى فلسطين وبورما (ميانمار) والأويغور في تركستان الشرقية التي تسيطر عليها الصين وهى الأزمة المستمرة والمهملة منذ العام 1949م، وليت الدول الإسلامية اكتفت بالصمت المخزي تجاه تلك القضية بل قامت بعض الأنظمة بتنفيذ أوامر الصين واعتقال الأويغور وتسليمهم للصين بدلا من توفير الأمن والحماية لهم كما حدث مؤخرا فى مصر.

  إن الكف عن الأذى صدقة، فيا أيتها الأنظمة في عالمنا الإسلامي لا تتخذي الكافرين أولياء من دون المؤمنين فلن تنفعكم إسرائيل ولا بورما ولا الصين يوم لقاء الله إن كنتم تؤمنون به حقا.

 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا ) الآية(144)من سورة النساء.

 

د/عز الدين الورداني

متخصص في شئون آسيا الوسطى