تركيا والصين تقيمان جسرا فوق مياه الشرق الأوسط المضطربة

شازار شفقت - صحيفة آسيا تايمز - ترجمة وتحرير ترك برس

يبدو أن تركيا عقدت اتفاقية أمنية ثنائية مع الصين. وفي مؤتمر صحفي عقده ذكر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في بكين يوم الخميس خلال زيارته للصين أكد بشكل قاطع أن أي تهديد أمني للصين سيعد تهديدا لتركيا. وهذا ما يسمى الآن بالجغرافيا السياسية في أفضل حالاتها.

أعتذر للقارئ عن إزعاج نشوته من هذا التقارب، ولكن إليكم درسًا تاريخيًا موجزًا: عندما أسست  جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، عارضت تركيا بشدة الاعتراف بالشيوعية الصينية، وبدلا من ذلك أقامت علاقات ثنائية مع الحكومة القومية التي تشكلت في جزيرة تايوان. ثم جاءت منظمة حلف شمال الأطلسي. عندما انضمت تركيا إلى الناتو في عام 1952، أصبح من الواضح تماما أن أنقرة لم تكن تتوخى حسن النية مع بكين. ظلت العلاقات بين البلدين متوترة حتى عام 1971 عندما اعترفت تركيا رسميا بجمهورية الصين الشعبية.

في الثمانينيات وصل التبادل الدبلوماسي والتنسيق الاقتصادي بين البلدين إلى ذروته. لكن إحدى القضايا عطلت العلاقة الثنائية المتوخاة حديثا: الأويغور. ويبدو أن القضية نفسها قد أبرزت في المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية التركي فى بكين، حيث قال جاويش أوغلو: "إن تركيا لن تسمح بأي أنشطة معادية للصين داخل تركيا أو الأراضي التي تسيطر عليها تركيا". وكانت الإشارة بالطبع إلى مجتمع الأويغور في الصين."

ومن المهم الإشارة إلى أن الأويغور لهم علاقات لغوية وثقافية مع الشعب التركي. وذكرت تقارير أن آلافا منهم هربوا من الصين ولجؤوا إلى تركيا خلال السنوات القليلة الماضية. ومما يبعث على الانزعاج أن كثيرا منهم (يقدر عددهم  بـ5 آلاف شخص)  انضموا إلى جماعات إرهابية مثل تنظيم الدولة (داعش) والقاعدة وتنظيمات مثل جبهة النصرة في سوريا.

وافقت تركيا أيضا على تصنيف حركة تركستان الشرقية (ايتيم) مجموعة إرهابية دولية. ويقود هذه الحركة انفصاليون أويغور أقاموا علاقات مع جماعات إرهابية ومنها تنظيم القاعدة.

وخلال المؤتمر الصحفي المشترك قال وانغ يي وزير الخارجية الصيني إن "تعميق تعاوننا فى مكافحة الإرهاب والأمن هو الجزء الأساسي" للعلاقات الصينية مع تركيا. ولكن هل يمكن للتعاون بين تركيا، والصين في مكافحة الإرهاب أن يستمر؟

منذ تحرير الموصل انصب الاهتمام على الرقة. ومن المفترض أن داعش يواجه وقتا عصيبا مع تشديد الخناق عليه. ولكن يبقى السؤال من يحارب من؟ تدعم الصين بشار الأسد لإنجاز هذه المهمة، ولكن تركيا تعده ديكتاتورا بغيضا.

وهناك حاجز آخر أكثر أهمية بكثير. في مارس الماضي قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة رسمية للصين. وفي معرض شرحه للعلاقة بين إسرائيل والصين قال إن التعاون بين البلدين "زواج فى السماء". كانت إسرائيل أول دولة في الشرق الأوسط تعترف بجمهورية الصين الشعبية. وتتمتع إسرائيل، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بعلاقات تجارية كبيرة مع الصين. ومن المثير للاهتمام أن ميناءين إسرائيليين، هما أشدود وإيلات، حيويان لمبادرة حزام واحد طريق واحد الصينية في الشرق الأوسط.

ضخ المستثمرون الصينيون في الآونة الأخيرة مبالغ مالية كبيرة إلى الاقتصاد الإسرائيلي. وبالإضافة إلى مشاريع عمالقة الإنترنت مثل علي بابا وبايدو وبرايت فودز، أنفقت شركة الطعام الصينية ما يزيد على مليار دولار في إسرائيل. كما أن إسرائيل هي أكبر مورد للتكنولوجيا الزراعية إلى الصين. ومن المتوقع أن يصل التعاون الثنائي والتجارة من غير الزراعة إلى 450 مليون دولار خلال السنتين أو الثلاث سنوات القادمة. ولكن هذا لن ينسجم تماما مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

الصين وتركيا تصطادان معا في المياه المضطربة في الشرق الأوسط، فهل ستنجحان؟ من المستبعد جدا أن يفعلا ذلك. أمام البلدين كثير من الحواجز والعقبات للإبحار معا دون انقطاع.  التعاون الاقتصادي، وليس الاتفاقيات الأمنية، هي ما قد تجذب تركيا وسوف تتأكد من جلب الاستثمار الصيني إليها، ونسيان الجغرافيا السياسية.

http://www.turkpress.co/node/37897