تركستان الشرقية فى نسيج الحضارة الإسلامية

بقلم: الدكتورة ماجدة مخلوف

تركستان الشرقية ، جزء من تركستان الكبرى ، مفتاح آسيا وقلبها، أعز الله أهلها بالإسلام ، فكانوا له عونا وعضدا. أهلها مسلمون ، أصحاب حضارة عريقة هى جزء من الحضارة الإسلامية، وتاريخهم أيضا جزء من تاريخ الإسلام . تعيش تركستان الشرقية مأساة الاحتلال الصينى الشيوعى منذ عام 1949 ، أى بعد عام واحد من مأساة الاحتلال الصهيونى لفلسطين. لم تنل قضيتها ما تستحقه من اهتمام ، رغم أن المسلمين مازالوا يفخرون  وينعمون بما أضافته تركستان للحضارة الإسلامية.

وتركستان الكبرى منطقة واسعة من بلاد الإسلام  ومعنى اسمها "موطن الأتراك". وبسبب التنافس الاستعمارى بين روسيا والصين ،  قسمت تركستان منذ القرن التاسع عشر إلى منطقتين هما؛ تركستان الغربية ، وتمثلها الأن خمس جمهوريات هى قازاقستان ، أوزبكستان، طاجيستان، تركمانستان ، قيرغيزستان ، والأخرى تركستان الشرقية  وتقع الآن تحت السيطرة الصينية. وتوصف بأنها " منطقة ذات حكم ذاتى" حسبما يقول الصينيون.

تقع تركستان الشرقية فى شمال غرب الصين  وتحيط بها ثمان دول هى الصين ومنغوليا شرقا، والتبت وكشمير جنوبا وأفغانستان  وباكستان وقازاقستان غربا، وسيبيرياشمالا . ولأهمية موقعها الاستراتيجى على مسالك طرق التجارة القديمة التى كانت تربط الصين بالعالم الخارجى والمعروفة بطريق الحرير، ووقوعها على مفترق الطرق بين أهم دول آسيا،أطلق الجغرافيون المسلمون عليها  اسم " مفتاح آسيا"، ووصفها البلاذرى (ت 891م) فى كتابه فتوح البلدان بأنها " إحدى جنات الله على الأرض".

احتل الصينيون تركستان الشرقية فى سنة 1876م، وأطلقوا عليها إسما صينيا هو"سينكيانج: ويعنى المستعمرة الجديدة، بغية طمس هويتها الحضارية والثقافية ، وتغييب  اسمها عن وجدان المسلمين . وبعد سيطرة الشيوعيين على الحكم فى الصين سنة 1949م، وسيطرتهم على تركستان الشرقية بصورة كاملة واعتبروها جزءا من الصين الشيوعي ، أطلقوا عليها اسم " مقاطعة سينكيانج الأويغورية المتمتعة بالحكم الذاتى".

المسلمون فى تركستان الشرقية:

دخل الإسلام تركستان الشرقية فى عهد الخليفة عبد الملك بن مروان (86هـ=705م) إذ فتح قتيبة بن مسلم الباهلي  كاشغر عاصمة تركستان الشرقية في عام 96هـ = 715م.ويصف ابن بطوطة مسلمو الصين فى مطلع القرن الرابع الهجرى بقوله انه يوجد في كل بلد من بلاد  الصين مدينة للمسلمين، ينفردون بسكناهم، ولهم فيها المساجد لإقامة صلاة الجمعة وغيرها من الصلوات. ويصفهم بأنهم " مُعظَّمون محترمون"‏  ."ولابد في كل بلدة للمسلمين من بلاد الصين  أن يكون لهم فيها المسجد الجامع والزاوية والسوق، و لابد أن يكون لهم شيخ للإسلام تكون أمور المسلمين كلها راجعة اليه‏,‏ وقاض يقضي بينهم‏.‏ ويصف ابن بطوطة احياء المسلمين بأنها حسنة ، وان اسواقها مرتبة كترتيبها في بلاد الاسلام‏,‏ وبها المساجد والمؤذنون‏.

ونتبين مما كتبه ابن بطوطة أن  المناطق التى وصفها هى تركستان الشرقية ، وأن المسلمين  الذين ذكرهم فى وصف رحلته فى بلاد الصين ، هم  الأتراك ، وهذا ما يدل عليه أسماء المدن والأنهار التى ذكرها ، وما أورده من عبارات سمعها  هى فى الحقيقة باللغة التركية.

ويمثل القرن الرابع الهجرى  ( العاشر الميلادى) نقطة تحول فى تاريخ تركستان الشرقية . وفيه تحول التركستانيون إلى الإسلام  بشكل جماعى   وذلك فى عام 323 هــ . 943م على عهد" ساتوق بغراخان" خاقان الامبراطورية القراخانية الذى غير اسمه بعد الإسلام إلى "عبد الكريم بغرا خان" وهو أول حاكم تركى يعتنق الإسلام ، وبالتالى أسلم معه أفراد عشيرته وكان عددهم يقارب نصف مليون نسمة.  وفى عهده أخذت تركستان الشرقية تزدان بمعالم الحضارة الإسلامية، فأقيمت المساجد عوضا عن المعابد  وكان نصيب مدينة كاشغر وحدها حوالى ثلاثمائة مسجد. 

و ذكر ابن الأثير أن عام349 هـ = 960 م ، يعتبر فيصل فى تاريخ تركستان الشرقية، فى هذا العام  تدافعت جموع الأتراك نحو الإسلام ، فاعتنقه فى سنة واحدة نحو مائتى الف خيمة من أهل تركستان ، أى حوالى مليون نسمة دخلوا الإسلام دفعة واحدة ، وهى صورة قل أن رأت حوليات الإسلام نظير لها.

ولعب التركستانيون الشرقيون بعد إسلامهم دورا هاما في نشر الاسلام بين القبائل التركية وغيرها ، فأرسلوا الدعاة إلى التبت ، فأسلم كثير من أهلها ، وذهبوا إلى المدن الصينية المجاورة لتركستان الشرقية ،  فأسلم عن طريقهم عدد كبير من الصينيين .وفي سنة 435 هـ 1043م استطاعوا استمالة اكثر من عشرة الاف خيمة من خيام القرغيز الى الاسلام.

شعر مسلمو تركستان بالانتماء على دولة الإسلام الكبرى، فأظهروا الولاء للخلافة العباسية  فى بغداد،  وضربوا العملة باسم الخليفة القادر وقرأوا الخطبة بإسمه ودعوا له على منابر بلادهم. كما اسلمت عن طريقهم قبائل الأوغوز ، ومن هؤلاء الأوغوز التركستانيون خرج السلاجقة، قاهروا الروم فى  مرقعة ملاذكرد عام 463هـ = 1071م،كذلك العثمانيون  الذين كانت لهم فتوحاتهم الواسعة في اراضي الدولة البيزنطية ، ووصلوا بالإسلام إلى أوروبا فى مناطق لم يفتحها المسلمون قبلهم مثل المجر وبلغاريا وإلبانيا والبوسنة والهرسك ، وأعادوا تشكيل اجزاء واسعة من خريطة الشرق الاوسط في التاريخ الوسيط، بعد قتح القسطنطينية سنة  857 هـ= 1453م، على يد السلطان محمد الفاتح . كما اقام التركستانيون الشرقيون دولة قوية في افغانستان والهند ، واستطاع ظهير الدين بابر شاه  التيمورى ، أن يثبت أقدام المسلمين هناك، وحافظ أبناؤه عليها حتى القرن التاسع عشر الميلادي.

ويتشكل المسلمون فى تركستان الشرقية من عدة شعوب هى؛ الأويغور والقازاق والقيرغيز والأوزبك والقازاق  وعددهم يزيد على 25 مليون نسمة . و هذه الشعوب كلها تنتمى إلى أصل واحد هو الأصل التركى ، ويتكلمون لغة واحدة  هى اللغة التركية  لكن بلهجات متعددة ، كما أن هذه الشعوب لها امتداد بشرى طبيعى فى منطقة آسيا الوسطى أى الجزء الغربى من تركستان الكبرى ، وتربطهم بهم روابط جغرافية وعرقية ولغوية وثقافية وتراثية فضلا عن الروابط الدينية.

ويمثل  الأويغور الغالبية العظمى من مسلمى تركستان الشرقية ، ويعتنقون مذهب أهل السنة  والجماعة، و يتكلمون اللهجة الأويغورية إحدى اللهجات التركية .

وأختار مسلمو تركستان بعد إسلامهم الحرف العربى لكتابة اللغة التركستانية  بلهجاتها المختلفة، شأنهم فى ذلك شأن كل شعوب آسيا التى اعتنقت الإسلام من غير العرب ،‏ وهي الحروف ذاتها التي كانت تكتب بها اللغة التركية فى العهد العثمانى  وأوائل عهد الجمهورية التركية حتى عام 1928م.

إسهام تركستان فى الحضارة الإسلامية

صارت تركستان  الشرقية  بعد إسلامها فى القرن الرابع الهجرى ، أحد مراكز الحضارة والثقافة الإسلامية الهامة ، وذلك  بمؤسساتها العلمية ومكتباتها الغنية ، ودعم العلماء المتفرغين للدعوة ، فكان بحق عصر الذهبى للدعوة الاسلامية  بين الاتراك الشرقيين.

وصار مسلمو تركستان يتصدرون مجالس الافتاء والدرس والقضاء فظهر منهم مشاهير العلم النبوي الشريف وعلوم الحضارة الاسلامية المختلفة وكان تيار العلم يجرى متدفقا من بلدانها ، حتى الفرى المجهولة فى تركستان ، نبهت أسماؤها حين نبغ علماؤها امثال البخاري  والترمذي والبيهقي والفارابي والخوارزمي والبيروني والزمخشري و السمرقندي والماتريدي والكاشغرى والسكاكى،  واخرين لاحصر لهم خدموا الحضارة الاسلامية واصبحوا من إعلامها الكبار.

وكما نشطت مدارس وجامعات بخارى وسمرقند وفرغانة  فى خدمة الإسلام وعلومه، اشتهرت كاشغر باسم بخارى الثانية لكونها مركزا للعلوم الإسلامية ،و قبلة طلاب العلم.. فقد ضمت مدينة كاشغر وحدها سبعة عشر معهدا علميا لمختلف فروع العلوم الإسلامية،  كذلك مكتبة المسعودى التى بنيت فى القرن الخامس عشر، والتى تحتوى على قرابة 200 ألف كتاب،  وتبوأت كاشغر  مكانة علمية لا تقل عن غيرها من الحواضر الإسلامية فى القاهرة والقيروان وبغداد وبخارى وسمرقند.

و اتجة المسلمون فى تركستان الشرقية لدراسة  علوم الإسلام  وخدمتها، واحتذوا  بنظام المدرسة والمؤسسات التعليمية  الإسلامية، وعادة ما تكون هذه المدارس ملحقة بالمساجد الكبرى ، و أوقفوا لهذه المدارس الأوقاف الكثيرة بما تفى باحتياجات طلبة العلم فيها والإنفاق عليها. فكانت تدفع مرتبات شهرية منتظمة للمدرسين والطلاب فى هذه المدارس ، وتتكفل بإقامتهم وإعاشتهم داخل المدرسة ، وشاركت النساء فى مثل هذه الأعمال الخيرية  وأوقفن الأموال على المساجد والمدارس  قربة إلى الله، فقد أوقفت إحداهن وتدعى السيدة " زلفيار" ستمائة فدان  من أخصب الأراضى الزراعي على جامع "عيدكاه" وجامعته.  وهذا الجامع الجامعة هو أكبر مساجد الشرق وتبلغ مساحة الجامع والجامعة حوالى ثمانية عشر الف متر مربع.  ومعنى اسمه " ساحة العيد"  و يعتبر أحد أبرز معالم الحضارة الإسلامية  فى مدينة كاشغر من تركستان الشرقية . ويرجع تاريخ بناء جامع "عيد كاه"  إلى القرن التاسع الهجرى ( الخامس عشر الميلادى).  وسمى بهذا الاسم لأن  أهل كاشغر كانوا يمضون أيام وليالى عيد الفطر وعيد الأضحى بجواره. وقد تحول هذا  المسجد الجامع إلى جامعة  فى القرن التاسع عشر . فأضيف إلى بنائه مدرسة تحتوى على قاعات للدرس ومساكن للطلبة . وبنى عليه بوابة ضخمة على جانبيها منارتان  كبيرتان ,

وقد شاع فى تركستان  حب اللغة العربية  بوصفها لغة القرآن ولسان أهل الجنة و وأصبحت بمثابة الإطار الثقافى للتركستانيين، كما صارت اللغة العربية هى اللغة الرسمية الوحيدة فى تركستان فى  زمن قوة الخلافة العباسية، وكانت العرائض وحجج الأملاك تكتب بها، والنقود أيضا كتب عليها باللغة العربية " ضرب فى سمرقند أو بخارى أو كاشغر". كما كانت اللغة العربية هى لغة العلماء والفقها وبها يدونون تراثهم الفقهى والدينى.و أصبحت اللغة التركستانية عامرة بالألفاظ العربية ذات المدلول الحضارى مثل؛كلمة مدرس، ومؤذن، وقاضى، ومفتى ، وخطيب، وإمام ، وحافظ وغيرها من الكلمات التى دخلت فى النسيج اللغوى لتركستان الشرقية وبنفس معانيها العربية. كما أصبحت الأسماء العربية هى المفضلة لديهم شأنهم شأن مسلمو تركستان كلهم، فنجد من أسماء النساء فاطمة وعائشة ، ومن أسماء الرجال عبد الله وعبد الرحمن وعبد القيوم، وبرهان الدين وحسام الدين ونور الدين.

والإسلام فى تركستان الشرقية هوية تمتزج بتكوين وثقافة  وسلوك التركستانيين. فيحرص المسلمون فى تركستان الشرقية على صلواتهم ، وتلاوة قدر ما يستطيعون من القرآن  ، ومن عاداتهم ملازمة الدعاء أعقاب الصلوات؛ حيث يدعو الإمام أو أحد تلاميذه ويؤمن على دعائه بقية المصلين. ويحرص المصلون على لبس العمامة المسنونة أثناء الصلاة وأوقات الدراسة. ويعتبرون عدم تغطية الرأس أثناء الصلاة ، أمر مغاير لما ينبغى أن يكون عليه المسلمون بل ويصل إلى درجة الاستنكار.

كان لتركستان الشرقية إسهاماتها  فى الحضارة الإسلامية  ، فقد كتب محمود الكاشغرى كتابه المشهور " ديوان لغات الترك"  الذى ألفه فى كاشغر باللغة العربية بهدف تقديم كتاب يساعد العرب على تعلم لغة الترك ،ونسخه فى بغداد فى القرن الخامس الهجرى  وقدمه هدية إلى الخليفة المقتدر بالله العباسى. ويضم هذا الكتاب أكثر من سبعة آلآف وخمسمائة كلمة.ويوضح فيه اللهجات المختلفة للشعوب التركية التى استوطنت تركستان الشرقية آنذاك، و الفروق اللغوية والاجتماعية ، وهو أقرب إلى وصف الموسوعة لأحوال الشعوب المسلمة فى تركستان.

كذلك كتب الشيخ الفيلسوف  يوسف خاص صاحب ( ت فى القرن السادس الهجرى ، الحادى عشر الميلادى) كتابه المشهور " قوتادغو بيليك" ومعناه " علم السعادة" وهو مصنف فلسفى اجتماعى  يتناول أفكار حول  الإدارة والسياسة والقضاء والأدب والعلوم وعلاقة الراعى بالرعية ،  وبهذا يكون قد سبق بكتابه هذا ابن خلدون (ت 1406م) بثلاثة قرون ، واستحق أن يطلق عليه لقب " ابن خلدون الترك".

ومنهم أيضا المحدث الأديب أبو المعالى طغرل شاه بن محمد بن الحسن الكاشغرى، (ت 550هـ =      م)، وقد فسر القرآن الكريم لأول مرة بلغة قومه الأويغورية. ومنهم أبو عبد الله حسين بن على الألمعى، وله تصانيف فى الحديث بلغت مائة وعشرين مصنفا.

كما برع التركستانيون الشرقيون فى الطب وصناعة الدواء، وصناعة الورق ، والعمارة ، والموسيقى، ولهم آدابهم الإنسانية ، ولا نتجاوز الحقيقة إذا قلنا أن تركستان فى القرن الخامس عشر والسادس عشر شهدت نهضة أدبية وحضارية حمل لواءها الأتراك التركستانيون.  وكان غالبية سلاطينهم وخاقاناتهم  بصفة عامة يتميزون برعاية العلماء وحب العلم ويتذوقون الأدب والشعر والموسيقى، ومنهم الشعراء أصحاب الدواوين  ،ونذكر من أعلامهم السلطان حسين بايقرا(ت   911هـ=  1506 م ) سلطان هراة وكان سلطانا قديرا وعالما وأديبا ، بل إنه يعتبر من أقدر شعراء الأتراك الشرقيين فى النصف الثانى من القرن الخامس عشر وجعل من مقر سلطنته فى هراة مركزا ثقافيا كبيرا على مستوى العالم الإسلامى كله. وظهير الدين بابر شاه (1482-1539م)  سلطان فرغانة والهند، وكان شاعرا مجيدا، وصاحب أرفع نموذج فى النثر الأدبى فى اللهجة التركية الشرقية فى القرن السادس عشر. وبه استقر الإسلام فى الهند .

هذه بعض الملامح الحضارية لتركستان الشرقية ، وهى حضارة نشأت بالإسلام ، فكانت فى خدمته.

والتساؤل الآن، لماذا تتمسك الصين بتركستان الشرقية رغم الاختلاف الحضارى والعرقى واللغوى بينهما؟ ولماذا تحرص على دمجها بالقوة فى دولة الصين؟ ولماذا يعيش المسلمون فى تركستان الشرقية فى أوضاع اجتماعية واقتصادية وثقافية صعبة ؟

والإجابة تكون أسهل بعد التعرف على الأهمية الاقتصادية لتركستان الشرقية.

تبلغ مساحة تركستان الشرقية حوالى 2 مليون كيلو متر مربع ، وبذلك تكون مساحتها ضعف مساحة مصر تقريبا ،وأكبر من مساحة ألمانيا بأربع مرات ، ومن باكستان بثلاث مرات ، ومن تركيا مرتين ونصف ، ومن الكونغو بخمس مرات ، ومن الأردن بخمس وعشرين مرة ، وهى تشكل خمس مساحة الصين كلها بما فيها من مستعمرات مثل التبت ومنغوليا ومنشوريا.

وتتمتع تركستان الشرقية بخصوبة أراضيها وبثرواتها المعدنية التى لا حد لها ، والتى لم يستغل منها إلا النذر اليسير.وتتوفر فيها مصادر المياه  التى تكفل لها حوالى   خمسين و سبعة أعشار مليون هكتار من الأراضى العشبية تكفى لرعى 60 مليون رأس من الماشية ، وزراعة محاصيل هامة مثل الأرز والذرة   والقمح والقطن والنخيل والتفاح والموز وجميع أنواع الخضر.

كما أن تركستان الشرقية غنية بمعادن الرصاص والفحم والحديد والنحاس  وغيرها من الخامات الاستراتيجية ، حيث تؤكد الأبحاث الصينية أن سهول  جونجار وتاريم وتورفان، فى تركستان الشرقية  تختزن ما يوازى ثلث إجمالى احتياطى الصين من البترول، وفى عام 1988 تم اكتشاف 11 حقلا للبترول وأكثر من 700 كيلو متر مربعا من المناطق التى تحتمل وجود البترول فيها ، حيث تحتوى على ما يقارب 800 مليون طن من الزيت الخفيف والثقيل ، و30 بليون متر مكعب من الغاز الطبيعى . ويبلغ احتياطى البترول فى تركستان الشرقية حوالى  ستة ونصف بليون طن . أى أضعاف احتياطى البترول فى إيران والعراق.

كما  أنها غنية بمعدن اليورانيوم ، وقد أوضح الفرنسيون أنه يزيد على 12 تريليون. كذلك يبلغ احتياطى الذهب حوالى تسعة عشر مليون طن. وتمتلك مخزونا من الفحم يقدر ب 1600 بليون طن. لهذا فإن الخبراء الدوليون يعتبرون تركستان الشرقية هى عصب اقتصاد الصين ، وعصب صناعتها الثقيلة، وقبل هذا عصب الإنتاج الذرى الصينى  الذى يعتمد بصفة أساس على ما تنتجه تركستان الشرقية من اليورانيوم.

حال مسلمى تركستان اليوم:

و حال مسلمى تركستان اليوم يشبه حال إخوانهم الفلسطينيين. وتتهم الصين المسلمين هناك  بتهمة محددة هى إنهم يسعون إلى وطن قومي يطلقون عليه تركستان الشرقية، كما استغلت حكومة الصين أحداث الحادى عشر من سبتمبر ، لتتهم التركستانيين  بالإرهاب، والوقوف وراء سلسلة من أعمال العنف، مستغلة الاتجاه السائد دوليا ضد المسلمين، لإعدام التركستانيين  الذين يتوقون ويعملون  من إجل  الحفاظ على هويتهم الثقافية والحضارية ، واستقلال تركستان الشرقية عن الصين .

ويلخص تقرير منظمة العفو الدولية حال مسلمى تركستان الشرقية فى هذه السطور :" يوثق هذا التقرير نمطاً من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان جرت في إقليم سينك يانج الأويغورى المتمتع بالحكم الذاتي (يقصد تركستان الشرقية)، ومن ضمنها الاحتجاز والسجن التعسفي، والتعذيب، والإعدام التعسفي والإعدام بدون محاكمة. وتحدث كل تلك الانتهاكات في إطار تزايد حوادث العنف مع تصاعد إجراءات القمع والقيود المفروضة على الحريات وإنكار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الخاصة بسكان الإقليم الأصليين. وتعتقد منظمة العفو الدولية، أن على الحكومة تشكيل لجنة محايدة للتحقيق فيما ورد بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في الإقليم، واقتراح التدابير التصحيحية، وتوفير منبر يتيح للأفراد والجماعات فرصة التعبير عن مظالمهم. وينبغي أن يصحب ذلك كله تقييم شامل للاحتياجات الثقافية والصحية ولعدم التكافؤ الاقتصادي الموجود في الإقليم، ولا سيما بالنظر إلى توقيع الصين على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".