دولة الأويغور (740 - 1260م)

تاريخ وجغرافيا

تعنى كلمة الأويغور الارتباط والتعاون، والأويغور من أكثر قبائل الترك حضارة وتقدما، وقد عاش الأويغور لفترة طويلة دون دولة تحكمهم وتدير أمورهم وكانوا يرجعون فى أمورهم لرؤساء عشائرهم وزعيمهم المسمى "إيدى قوت"، وكانوا يدينون بالبوذية والمانوية والمسيحية.

مع ضعف دولة "كوك تورك" وتفككها وانهيار الدول التى خلفتها كدولة "توركش" أقام الأويغور  فى عام 740م – 127هـ  دولة لهم امتدت من ضفاف نهر سلنغا فى جبال خانجاى بمنغوليا حتى بحيرة البيكال فى روسيا الحالية، كما ضمت مناطق شاسعة من تركستان الشرقية الحالية وولاية كانسو فى الصين، وامتدت حتى منشوريا وبحر قزوين؛ عرفت تلك الدولة بدولة الأويغور الأولى وكانت دولة قوية مرهوبة الجانب من قبل من حولها، عاصرت دولة الأويغور مملكة تانغ فى الصين وقدمت لها مساعدات كبيرة للتغلب على تمردات داخلها ولمواجهة غزو التبت لمملكة تانغ عام 756م ، وحصل حاكم الأويغور "بايانشور خان" من الصين على جزية 20 ألف لفة حرير مقابل ذلك، ووفرت دولة الأويغور الأمان والحماية للتجار والرعايا الأتراك وتمتعوا بوضعية ممتازة دون رسوم إقامة داخل الصين. استمرت دولة الأويغور الأولى قائمة لنحو مائة عام حتى انهارت ودمرت عاصمتها "أوردو باليق" فى منغوليا تحت وطأة هجمات قبائل القرغيز عام 840 م – 226هـ.

مع تراجع الأويغور عن قصبتهم فى منغوليا تمكنوا عام 840 م من إعادة تأسيس دولتهم الثانية فى مناطق تورفان وبش باليق (أورومجى الحالية) ووادى إيلى ومعظم تركستان الشرقية الحالية؛ كما تمكن الأويغور من تأسيس دولة لهم فى كانسو كانت على علاقات اقتصادية واجتماعية جيدة مع الصين وظلت دولة الأويغور فى كانسو قائمة حتى انهارت على يد التنكتيون عام 1028 م.

عاصرت دولة الأويغور الثانية قيام الدولة القراخانية فى كاشغر على يد بعض عشائر الأويغور عام 880 م وظلت دولة الأويغور تحكم فى شمال وشرق تركستان حتى أيام المغول واجتياحهم بلاد الصين ومختلف الدول الإسلامية  فى تركستان الشرقية وكافة بلدان ما وراء النهر، دانت دولة الأويغور بالولاء للمغول منذ عام 1218م تقريبا وظل الأويغور يديرون مناطقهم.

خريطة دولة الأويغور الثانية

مع تقسيم جنكيز خان مملكته  بين أبنائه وقعت بلاد الأويغور فى تركستان فى خانية "جغتاى" واستعان المغول بالأويغور لإدارة دولة جغتاى والذى لم تقم الدولة التى تحمل اسمه إلا على يد حفيده "قرا هولاكو بن موتكن"بين عامى 1251 – 1260 م ؛ ولم يغب الأويغور عن المشهد فى حكم تركستان فى ظل الدولة الجغتائية بل استمروا فى مراكز الإدارة وكان منهم الوزراء والحجاب والأمراء ومتصرفى بيت المال، وتأثر المغول بهم تأثرا كبيرا فأخذوا منهم أبجديتهم التى طوعت لغة المغول للكتابة وغدا الأويغور المربين الحقيقيين للدولة الجغتائية التى أطلق عليها الدولة المغولية التركية أو دولة المغول المتتركين لشدة تأثرهم بالأتراك الأويغور. وكان الأويغور من أهم عوامل تحول المغول واعتناقهم الإسلام.

د/ عزالدين الوردانى

باحث متخصص فى شئون وسط آسيا