المجاهد والمناضل التركستاني .. محمد أمين اسلامي

المجاهد والمناضل التركستاني .. محمد أمين اسلامي

 

 

(1912-1988)

 

 بقلم: رحمة الله عناية الله

 

  كثيرون الذين يعيشون على هذه الأرض .. في كل لحظة يولد آلاف .. وفي كل دقيقة يندثرون من الوجود، ويندثرون من صفحة الذكر. والقليل من الناس لاتمح ذكراهم صفحة النسيان، ولا تتلاشى صورهم من الأذهان، بل يتجدد ذكراهم كلما ادلهم خطب وشح الرجال.. لأن مثل هؤلاء الناس يحفرون بأعمالهم .. بجهادهم.. بنضالهم.. بحب الخير.. بدعوة الخير ذكرا خالدا في صحائف التاريخ. تموت أجسادهم .. ويضهما أديم الأرض.. ولكن تخلد أسمائهم.. ويسطع في سجل التاريخ ذكراهم العبق شذا وعطرا في عالم الإنسان يعيشون بجليل فعالهم وسيرتهم الكريمة وهم أموات. فالرجال من هذا المعدن لايعيشون لذاتهم وهي فانية وانما يعملون لأمتهم وهي باقية.. ويخلدون مادامت أمتهم خالدة.. ويتغنى الإنسان مابقي على هذه الأرض بعظيم الرجال، يقتدى بهم... يستنير بهداهم..يستلهم العبر والهمم منهم.. وهم أمجاد الأمة.. وصانع حضارتها.

  ومحمد أمين اسلامي رجل من الرجال الذين خلد التاريخ ذكراهم بمداد من الذهب على صفحات النور... يشع ضياءا في طريق الكفاح الوطني التركستاني والعمل الاسلامي الجاد.. وحب الخير والإحسان في دنيا الإنسان.

 عاش حياته لدينه الإسلام،لأمته المضطهدة، لوطنه السليب.. لم يبخل في سبيل ذلك بنفسه وأهله وماله.. وتحمل في هواها العناء والعذاب والمشقة والإغتراب.. وجاءت سيرته نموذجا حيا لنضال شعب مسلم قاوم الكفروالبغي والعدوان.. وكان تاريخه جهادا.. وكفاحا ونضالا  في سبيل استقلال امة.. وحرية شعب.. وكرامة إنسان.. وعزة إسلام..

  ولد الشيخ محمد أمين اسلام باي تركستاني في قرية `اليشقو` من قرى مدينة ياركند عام 1912م وتلقى تعليمه الابتدائي على يد مشائخ مدينة ياركند ثم سافر الى كاشغر حيث أتم دراساته الإسلامية والعلمية في `مدرسة خانليق` وكان من مشائخه الحاج هاشم داملام والشيخ شمس الدين داملام. ثم عاد الى ياركند حيث عمل مدرسا في مدرسة `محمودية` ثم مديرا لمدرسة `مطلع العرفان` التي أسسها محمد عبد الله خان خوجا عام 1932م . ثم أصبح مديرا لإدارة المعارف العامة في عام 1936م.

 ولما تجددت الثورة الوطنية ضدالحكم الصيني في تركستان الشرقية عام 1937م التحق بالجنرال عبده نياز قائد المجاهدين التركستانيين حيث عمل مستشارا له، وتمكن الثوار الوطنيون من الإستيلاء على مدينة ياركند وجعلها قاعدة لحركاتهم في 17أبريل 1937م ثم توسعت سيادتهم على كاشغر وآقسو وكوجار ولكن الحاكم الصيني شينغ شي تساي الذي بدأ يخسر المعارك مع الثوار التركستانيين ويتقلص حكمه الإستبدادي استنجد بالاتحاد السوفيتي الذي بعث بالقوات السوفياتية إلى تركستان الشرقية، حيث ألقت الطائرات الحربية قنابلها على مدينة كاشغر في1/9/1937م، وهاجمت القوات الصينية والسوفياتية معا على مواقع الثوار الوطنيين بمختلف الأسلحة والآليات الثقيلة ووقع الجنرال عبده نياز في يد الصينين وأعدم في 15/9/1937م والتجأ الشيخ محمد أمين اسلامي مع مجموعة من زملائه المجاهدين إلى الهند البريطانية وفي لاهور اجتمع بالجنرال محمود محيطي الزعيم الوطني التركستاني والقائد العام لقوات المجاهدين المسلمين الذي سبقه في الالتجاء إلى الهند في 8/4/1937م، واستاذنه لأن يلتحق باحد المدارس الإسلامية لإكمال تعليمه  فالتحق بمدرسة مظاهرالعلوم في سهانبور حيث درس فيها اللغة العربية والعلوم الإسلامية وقرأ كتب الصحاح الستة على مشائخها. وعندما عاد الجنرال محمود محيطي من رحلاته في الحجاز وتركيا إلى الهند عام1939م وسجنه الإنجليز وأجبر على مغادرتها فرحل إلى اليابان واصطحب معه الشيخ محمد امين اسلامي واستقر بهما المقام في طوكيو حيث تأسست `جمعية تحريرتركستان الشرقية` في 5/12/1939م وتولى وظيفة السكرتير وكان رئيسها الجنرال محمود محيطي ونائب الرئيس المرحوم محمد أمين بغرا المقيم آنذاك في أفغانستان.

 وفي طوكيو اتصل الشيخ محمد أمين اسلامي بالمسلمين التتار اللاجئين إليها من الحكم الشيوعي في الإتحاد السوفيتي وعمل بينهم مدرسا لأبنائهم وتولى الإمامة في جامع طوكيو والتقى بعدد من زعماء وعلماء التتار، فيهم : القاضي عبدالرشيد إبراهيم، والحاج موسى جار الله، وتتلمذ عليهما في كثير من العلوم الإسلامية والأدبية والعلمية.

 وفي عام 1950م أدى فريضة الحج ثم اشترك في مؤتمر العالم الإسلامي المنعقد في كراتشي في 9/2/1951م وألقى فيها كلمة تضمنت أحوال المسلمين في تركستان الشرقية وما يتعرضون له من مظالم واضطهادات على يد الشيوعيين الصينيين واتخذالمؤتمر القرار التالي:

` إطلع المؤتمر على التقارير الواردة من مهاجري تركستان الشرقية والتي تبحث فيما لقيه المسلمون فيها من قتل زعمائهم وتشريدهم واضطهادهم في حرياتهم ، فقرر استنكار ذلك ومناشدة المنظمات الدولية والإنسانية والعمل على إعادة الحرية والكرامة إلى شعب تلك البلاد وإنقاذه من الطغيان والإبادة`.

 وفي ظل مؤتمر العالم الإسلامي عقد الشيخ محمد أمين اسلامي صلات وعلاقات مع علماء وشخصيات العالم الإسلامي مماكان لهم اهتمام وعناية بقضية مسلمي تركستان، فتحمس للعمل الوطني السياسي فزار العراق وسوريا ولبنان وتركيا والأردن حيث اجتمع بالزعماء والعلماء يعرض عليهم مآسي المسلمين من الحكم الشيوعي في تركستان ثم استقر به المقام في القاهرة بمصر حتى عام1956م.

  إقامة الشيخ محمد أمين اسلامي في مصر تعتبر أكثر فترات حياته نشاطا وعملا في الميدان الوطني والفكري والإعلامي. والواقع أن الازدهار الفكري في مصر واستقطابها لزعماء وعلماء المسلمين وتدفق الطلاب المسلمين من مختلف أنحاء العالم برغبة الدراسة في جامع الأزهر الذي كان منبرا علميا اسلاميا فريدا في ذلك الوقت رغب الزعيمان التركستانيان المرحوم محمد أمين بوغرا والشيخ عيسى يوسف آلبتكين لاتخاذ القاهرة مركزا لحركة إعلامية وثقافية لقضية تركستان في العالم العربي وطلب منه أن يتولى هذه الحركة مع زميله المرحوم ابراهيم واصلي هناك.

 وعمل الشيخ محمد أمين اسلامي الذي امتهن التجارة النشاط الوطني في مجالين:

 أولا:  إشترك في الندوات والهيئات الإسلامية والعلمية التي كانت تعمل في نصرة القضايا الإسلامية مثل جماعة الكفاح لتحريرالشعوب الاسلامية وجمعية الإخوان المسلمون وذلك بهدف التعريف بقضية مسلمي تركستان والمسلمين في الصين والإتحاد السوفيتي عموما.

 ثانيا: إهتم بالثقافة الوطنية للمهاجرين التركستانيين بغية تخفيف آلام الغربة عنهم وجمع عراهم ثقافيا واجتماعيا وتذكيرهم بواجباتهم نحو وطنهم السليب واخوانهم المضطهدين. فأصدر مجلة `أزاد تركستان`(تركستان الحرة) باللغة الجغتائية(التركستانية)حيث صدر العدد الأول منها في محرم1374هـ الموافق سبتمبر 1954م وقد كتب عنها: مجلة دينية،علمية،تاريخية،أدبية، اجتماعية،توجيهية تقدم صورة صادقة عن تركستان المسلمة وعن مسلمي تركستان البالغ عددهم أربعون مليونا. وتعرض فكرة واضحة عن الإسلام والعالم الإسلامي . وتقدم بجهودها المتواضعة وإخلاصها العميق وإيمانها القوي إلى مليون شخص من التركستانيين المهاجرين الذين التجأوا إلى منازل الإخوة النبيلة في جوار حرم الله ورسوله في المملكة العربية السعودية وشقيقاتها من البلدان العربية والإسلامية في أفغانستان والهند وباكستان وتركيا وإيران ومن الأمم الحرة في مختلف القارات كأمريكا وأوروبا واليابان والصين الوطنية.

 تولى الشيخ محمد أمين اسلامي جميع شئون هذه المجلة من تحرير واصدار وتمويل أيضا فصدر منها ثلاثة أعداد فقط وكتب أكثر مقالاتها وخاصة مايخص تاريخ وأدب وحضارة تركستان وكتب عن هدف إصدار المجلة  في كلمة العدد الأول منها يقول:

نشرأبحاث ودراسات علمية عن تاريخ وجغرافيا تركستان وحضارتها.
تعريف وتقديم معلومات وافية عن النضال الوطني في تركستان.
إبراز دور تركستان والتركستانيين في خدمة الإسلام ونشره.
نشر مقالات وأحاديث عن تعاليم الإسلام والعالم الإسلامي بهدف التوعية الدينية لأبناء المهاجرين.
ترغيب الشباب للإهتمام باللغة والأدب الوطني.
تخفيف معاناة المهاجرين التركستانيين في الغربة والافتراق عن الأهل والوطن وتوثيق الصلات والعلاقات الاجتماعية والأدبية بينهم.

 ومع مطالعة المقالات والأحاديث التي احتوتها المجلة في الأعداد الثلاثة يتأكد أن الفقيد قد عمل ما في وسعه وجهده على تحقيق ما سعى إليه، بل كان الرائد في هذا المجال بين الإخوة المهاجرين من تركستان الشرقية.

 وبالإضافة إلى هذه المجلة أصدر المرحوم كتابه الأول `تركستان ادبياتدن بارجه لر`(مقتطفات من الأدب التركستاني) باللغة الجغتائية في 21 رجب 1379هـ ويضم هذا الكتاب مجموعة قصائد ومقطوعات أدبية جمعها الفقيد لشعراء تركستانيين يقدمها في باقة ورد لكل المغتربين وأبنائهم للإهتمام بتراثهم الأدبي والحضاري حيث يقول في مقدمة كتابه: `إن الأدب أساس وبداية كل لغة، وتعتمد في حياتها ومكانتها وقيمتها على الأدب، فاللغة التي تفقد أدبها لغة ميتة.. وكذلك الأمة التي تتخلى عن لغتها محكوم عليها بالانقراض، فالشعوب تعتني بأدبها وتعمل على صيانة تراثها،وتبذل النفس والنفيس على تشجيع الأدب وتقدمه.

 ثم تطرق الفقيد إلى السياسة الصينية التعسفية التي مارستها ضد المسلمين التركستانيين لإبعادهم عن العلم والعرفان وفرض الجهل والأمية ومحاربة اللغة الأويغورية بجعل اللغة الصينية لغة التعليم والإدارة في تركستان الشرقية، فيقول الشيخ محمد أمين اسلامي:

 إتخذ الاستعمار شتى السبل اللاإنسانية للقضاء على كياننا وتراثنا وطمس معالمنا ومحو أدبنا، كم مرة أحرق أعداد هائلة وكميات كبيرة من الكتب والمخطوطات التي لاتوجد مثيلها، وعملت على تغيير الثقافة الوطنية وفرض لغة أجنبية وأبجدية محرفة حتى غدا الأدب الحديث الذي ولد تحت الكابوس الشيوعي في تركستان أدبا غريبا لايستسيغه صاحب دين ووطنية.

 ثم يستمر رحمه الله في ذكر أهمية الإهتمام بالأدب الوطني فيقول: إن المهاجرين التركستانيين الذين يعيشون في مختلف أنحاء العالم، وبالأخص شبانهم يبتعدون عن اللغة والأدب التركستاني، ومما يزيد من فداحة الأمر عدم وجود منشورات علمية أدبية وتاريخية في المهجر. مع أن المفروض أن نعمل على ترجمة أدبنا إلى لغات أخرى ونعرف العالم على تراثنا الأدبي. ونربى أجيالنا على لغتنا وإحياء تراثنا.. فإذا كان التركستانيون معذورون بسبب الظلم والإضطهاد الاستعماري.. فما هو عذر المهاجرين في العالم الحر؟!

 مع أن الشيخ محمد أمين اسلامي إستقر في مصر وامتهن التجارة وتأهل فيها إلا أن إقامته لم تطل فيها،فقد شغله النشاط الوطني عن عمله وتجارته فتعرض لخسارة مالية كبيرة، إضطر أن يغادرها إلى الأراضي المقدسة عام1376هـ/1956م وبتوصية من سماحة الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين والشيخ محمد عبد اللطيف دراز رئيس جماعة الكفاح لتحرير الشعوب الإسلامية في القاهرة حصل على الإقامة وعمل مترجما في إدارة الحج بجدة إلى عام1398هـ/1978م.

 خلال إقامة الفقيد في المملكة العربية السعودية التي تزيد عن ثلاثين عاما استمر في عطائه ونشاطه الديني والوطني بدون تهاون وتوان، لايمنعه مرض أو يصرفه شأن خاص، وتنوع اهتماماته واعماله مستفيدا من الإمكانات والفرص المتاحة في العمل الإسلامي ويمكن تقسيم ذلك إلى ثلاث مجالات هي:
العمل الوطني:

 كانت الفكرة التي سيطرت على الفقيد منذ نشأته هو تحرير بلاده تركستان الشرقية من الإستعمار الصيني، فقد عمل على تحقيقها بالسلاح والجهاد في سبيل الله  لإنقاذ وطنه من البغي والكفر، ولما اضطر على الهجرة منها تناول القلم سلاحا يحارب به الإستعمار الذي كان سببا في اغترابه وبعده عن أهله ووطنه وتشرد المسلمين التركستانيين ومعاناتهم واضطهادهم في موطنه وكان اسلاميا في شعوره وإحساسه، ولم يكن همه وشغله الشاغل قضية تركستان فقط، بل كان يطمح أن يتخلص المسلمون عموما من ظلم وعنف الشيوعية في الصين والإتحاد السوفيتي،وهو يدعو إلى وحدتهم واتحادهم لأن قضيتهم واحدة وعدوهم واحد وكان يهتم بتلك القضايا الإسلامية ويطمع أن تجد قضية بلاده لدى رجالها نفس الإهتمام والإتجاه ولكن الحقيقة مرة.

 وقد كتب رحمه الله أبحاثا عدة ومقالات كثيرة يعرف بقضية المسلمين في تركستان وبقضايا المسلمين في الصين الشيوعية والإتحاد السوفيتي بغية تنوير الرأي العام الإسلامي بمآسي إخوانهم من الحكم الشيوعي ويحذرهم ويثير انتباههم إلى مكائد الشيوعية ومصائبها ونشرت تلك في مختلف الصحف.

 ولما تأسست رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة عام 1382هـ عمل على الإتصال برجالاتها وشخصياتها مستفيدا من صلاته السابقة بالزعماء المسلمين وعلمائهم أمثال سماحة الشيخ  أبي الأعلى المودودي أمير الجماعة الإسلامية في باكستان وسماحة الشيخ أمين الحسيني والدكتور مصطفى السباعي والدكتور سعيد رمضان والشيخ محمد محمود الصواف ورشحته الجماعة التركستانية في الأراضي المقدسة في عضوية المجلس التأسيسي ممثلا عن الزعيمين التركستانيين محمد أمين بوغرا والشيخ عيسى يوسف آلبتكين وتقدم الشيخ محمد أمين اسلامي بعدة مذكرات وأبحاث عن قضية تركستان وغيرها من قضايا المسلمين في الدول الشيوعية، وتوج هذا العمل بالقرار الصادر من المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في دورته الثالثة فيما بين 9-16 مارس 1963م

 سابعا: قضية مسلمي تركستان .. بعد أن درس المجلس المذكرات التي قدمت إليه حول أوضاع مسلمي التركستان  قرر مايلي :
أن تطلب الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي من الحكومات الإسلامية إيواء المهاجرين التركستانيين من روسيا والصين .. وإطائهم جنسيات هذه الدول لتمكنهم من الإستقرار والعيش بأمان  وأن تكلف الأمانة العامة سفيرها المتجول أو أي مندوب من الرابطة بالإتصال بممثل الدول الإسلامية في الأمم المتحدة لتبني قضية التركستانيين لرفع الحيف النازل عنهم.
أن تعمل الأمانة العامة على ترجمة المذكرة التي قدمها سفير الرابطة المتجول إلى سكرتير عام الأمم المتحدة وتقرير الشيخ محمد أمين اسلامي التركستاني إلى الإنجليزية والفرنسية والعربية ونشرها مع المذكرة التي قدمت إلى الأمانة العامة من السيد عيسى آلبتكين على أوسع نطاق ممكن لإطلاع الرأي العام الإسلامي على واقع المسلمين في هذه البلاد.

بيد أن هذا الاهتمام الاسلامي الذي أحرزه التركستانيون بقضيتهم العادلة أزعج الصين الوطنية التي كانت تعتبر نفسها الدولة الشرعية لعموم الصين التي يحكمها الشيوعيون ونجح مندوبها صالح صون شون وو في الانضمام إلى عضوية المجلس التأسيسي عام 1383هـ .

 وبدلا أن يكون ممثلا للمسلمين الصينيين فقد كان مندوبا لحكومة الصين الوطنية(الوثنية) كما جاء في مذكرته المؤرخة في رجب 1383هـ حيث يقول : `الجمهورية الصينية التي أمثلها في المجلس` وطالب إلغاء القرار الصادر بقضية تركستان لأنه يضر بسمعة الجمهورية الصينية.. ولأن تركستان الشرقية لاوجود لها.. وأن سينكيانغ ولاية في الصين .. وأنها أكتشفت بواسطة الصينيين على أنها جزء من الصين.. وغير ذلك من الإدعاءات الكاذبة التي أوردها لإلغاء القرار.. ولكن الحق دائما ظاهر لايفقد أنصاره. فقام بعض أعضاء المجلس على رأسهم سماحة الشيخ أبي الأعلى المودودي رحمه الله يرد عليه ويفند إدعاءاته، وكان لفضيلة الشيخ محمد محمود الصواف وقفة حق في نصرة قضية تركستان المسلمة. وطالب بعض أعضاء المجلس التأسيسي إعداد مذكرة موثوقة في الرد على ادعاءات صالح صون شون وو ممثل حكومة الصين الوطنية في رابطة العالم الإسلامي آنذاك. وشرعنا في إعداد مذكرة موسعة أخذت شكل كتيب طبع بعنوان:`رسالة إلى العالم الإسلامي.. حقائق عن التركستان المسلمة` على نفقة التركستانيين في المملكة العربية السعودية عام 1384هـ/1964م. وقد تم توزيع هذا الكتيب الذي طبع بعدد خمسة آلاف نسخة إلى كثير من الزعماء والعلماء ورجال الفكر ولقي مرودا وصدا طيبا بين الأوساط الإسلامية . ونشرت جريدة الدعوة التي تصدر في الرياض كامل الكتيب في أعدادها 80-86 فيما بين 15/8 إلى 24/9/1386هـ وجريدة الندوة بمكة المكرمة في أعدادها1572-1578 في ذي القعدة عام1383هـ وجريدة البلاد في العدد1724 في 26/5/1384هـ وأشار إليها الأستاذ حبيب بخش في جريدة الندوة في عددها الصادر رقم 1755 بتاريخ 4/7/1384هـ. كما كتبت مجلة المنهل تعريفا موجزا في عددها الصادر في شهر رمضان المبارك 1384هـ. ثم نشر الكتيب مترجما باللغة الإنجليزية في مجلة الحج(مجلة التضامن الإسلامي حاليا) التي تصدرها وزارة الحج والأوقاف في مكة المكرمة في العددين الصادرين رقم 10في 23 ربيع الثاني 1389 ورقم 11 في 23 جمادي الأولى 1389هـ ونشر الشيخ خليل أحمد حامدي مقتطفات منه باللغة الأوردية في كتابه `سرخ أنديرون مين`(خلف الستار الأحمر) المطبوع في لاهور عام1969م.

 علاوة على هذا الاهتمام الإعلامي بالكتيب فقد ورد إلى الشيخ محمد أمين اسلامي رسائل تقدير عديدة من مختلف الشخصيات افسلامية في العالم ولعلها لا تزال محفوظة عند أبنائه وقد استمر اهتمام الشيخ محمد أمين اسلام بقضية بلاده تركستان الشرقية على قدر كبير من الحماس والحمية الوطنية فكان على صلة وثيقة بالشيخ عيسى آلبتكين الزعيم الوطني التركستاني فعمل معه خلال حضوره لاجتماعات المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بعد أن صار عضوا عن تركستان الشرقية في عام 1402هـ .

 النشاط الديني  :

 كان رحمه الله على قدر كبير من العلم والفضل، فقد درس العلوم الإسلامية في بلاده تركستان الشرقية ثم في الهند ثم في الأزهر وجمع إلى ذلك اهتمامه بالأدب ومطالعة مختلف العلوم العصرية كما أن إجادته بالإضافة إلى لغته الأصلية اللغات العربية والفارسية والأوردو والمامه باللغة الإنجليزية ساعدته على تنويع ثقافته فكان متحدثا لبقا بليغا، سهل العبارة قوي التعبير، محببا خلوقا، ينتهز المجالس والإجتماعات في الحديث الهادف إلى التوعية والإرشاد وتوجيه الناس إلى أحكام وأمور دينهم ولم يكن مجلس يحضره يخلو من الوعظ والتذكير بما يجب أن يتصف به المسلم الحق من خلق وعلم وعمل. ومع أن جل اهتمامه انصرف إلى توعية المهاجرين التركستانيين في منتدياتهم فقد كان له بعض المقالات في الشئون الإسلامية والمناسبات المحلية منها:
إحتفال التركستانيين بالعودة الميمونة(المغفور له الملك فيصل) في جريدة البلاد عدد951 بتاريخ 10/10/1381هـ.
 من مآثر جلالته إفتتاح الجامعة الإسلامية في جريدة البلاد عدد 843 في 4/6/1381هـ .
حول عدم كتابه بالبسملة والآيات القرآنية في الجرائد والنشرات العادية في جريدة عكاظ بتاريخ 5 ربيع الأول 1395هـ .

 كما اهتم الفقيد بإحياء التراث الإسلامي التركستاني، فعمل على جمعه وإعادة طبعه بغية التوعية الدينية، وخاصة أن الحكم الشيوعي بموقفه المعادي للإسلام قد صادر وأحرق الكتب الإسلامية في تركستان . ومن الكتب التي أعاد طبعها بمساعدة المهاجرين التركستانيين وأهل الخير من هذه البلاد السعودية ماليا  هي :
ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة التركستانية بقلم السيد محمود بن السيد نذير الطرازي الطبعة الثالثة بمطابع دارالفنون للطباعة والنشر بجدة عام 1401هـ وبذيلها ترجمة بعض الألفاظ الأزبكية باللغة الأويغورية له.
ترجمة رياض الصالحين باللغة التركستانية بقلم السيد محمود بن السيد نذير الطرازي طبعة ثانية بمطابع دار الفنون للطباعة والنشر بجدة عام1401هـ.
نور البصر في سيرة خيرالبشر- باللغة التركستانية بقلم السيد محمود بن السيد نذير الطرازي.
`حج كتابي` (كتاب الحج) باللغة التركستانية بقلم السيد محمود بن السيد نذير الطرازي.
تجويد تركي. وعقائد ضرورية وعبادات إسلامية بقلم داموللا عبد القادر بن عبد الوارث الكاشغري.. وكتب ترجمة حياة المؤلف وترجمة حياة الشيخ حبيب الله في آخر الكتاب ص 64-71 الطبعة الثانية- دار الفنون للطباعة والنشر بجدة عام 1985م.
عقائد ضرورية.. بقلم داموللا عبد القادر بن عبد الوارث الكاشغري.. وكتب نبذة عن المؤلف ص 11- 16 طبع في دارالأنوار للطباعة والنشر- القاهرة في 21 رجب 1379هـ.
`شيرين كلام` في ترجمة حال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بقلم ثابت داموللا عبدالباقي.. كتب ترجمة حياة المؤلف وعن الكتاب في آخر الكتاب ص 243-261 الطبعة الرابعة بمطابع دار الفنون للطباعة والنشر بجدة عام 1405هـ /1985م.
القصيدة السينية في العقيدة السنية وشرحها.. شرح الألفية بن مالك بقلم ثابت داموللا عبد الباقي الكاشغري.. وفي آخره كتب ترجمة حياة المؤلف ص 1-7 الطبعة الثانية بمطابع دار الفنون للطباعة والنشر بجدة عام 1403هـ.
عقائد جوهرية وبيان السنة بقلم ثابت داموللا عبد الباقي. وفي آخر الكتاب له ترجمة حياة المؤلف ص 41-44 القاهرة عام 1379هـ.

 وقد التحق الشيخ محمد أمين اسلامي بالقسم التركستاني في الإذاعة السعودية بجدة منذ أن بدأ البث في 13 جمادي الثاني 1402هـ وترأس هذا القسم بما لديه من خبرة علمية وأدبية ومكانة إجتماعية، وكان يقدم فيها باستمرار يوميا ترجمة مختصرة لتفسير القرآن الكريم باللغة الجغتائية وقد وصل في هذه الترجمة من سورة الناس إلى سورة يوسف، ولم يسعفه الأجل لإتمام ترجمة التفسير كاملا.. وتحمل المرض والعناء ولم يقعده الألم والروماتيزم عن الذهاب إلى الإذاعة، بل كان يذهب ويعمل مستعينا على الحركة بالكرسي الناقل أو العصا، وكم قيل له أن يترك العمل ولكنه أبى فقد كان يرى في هذه العمل واجبا اسلاميا يقوم به، وحقا وطنيا يؤديه.. وواصل العمل على هذه الحال إلى أن وافته المنية في صباح يوم الخميس 7/12/1408هـ. الموافق 21/8/1988م ودفن في جنة المعلا(الحجون) بمكة المكرمة وله خمسة أبناء.. هم عبد الصمد وعبد الأحد في تركستان الشرقية ومجدي ومحسن ومدحت في جدة بالمملكة العربية السعودية.

 أسكن الله تعالى الفقيد فسيح جناته وأجزل له الأجر والمثوبة على جهاده بالسلاح والقلم في سبيل أمته ووطنه التي لم ينساهما أبدا في حياته.

 مصادر المعلومات :
مؤتمر العالم الإسلامي .. عدد خاص بمجلة البشير عدد 11/3 رجب- شعبان 1370 كراتشي- باكستان.
محمد الله ويردي ذكريات الشيخ محمد أمين اسلامي عام 1931م صوت تركستان الشرقية

       العددان 11- 12 ربيع الثاني 1407 ص 10-14 العدد 13رجب 1407 ص 15-18
ئابدورشيت يوسف:

يه كه نده مه ده ني مائاريف ئشلرينك ده سله بكي ده ورى ؤه ته ره ققياتي. شنجيانغ تاريخ ماترياللري، شنجانغ خلق نشرياتي أرمجي 1987م سان 20ص 60-75
باي ئزيز

مه هموت سيجانغ بيله ن بولغان 12 يل  شنجانغ تاريخ ماترياللري، شنجانغ خلق نشرياتي، أرمجي 1982 سان 5 ص 138-171
محمد أمين اسلامس تركستاني

تركستان أدبياتيدن فارجه لر   مطبعة عطايا – القاهرة، الجمهورية العربية المتحدة 1379/1960م ص160
مجلة آزاد تركستان – تركستان الحرة : صاحبها ومديرها محمد أمين اسلامي ورئيس تحريرها الأستاذ محمد صادق عاشور. مقرالمجلة: شارع سوق الخضار ميدا العتبة رقم 3 القاهرة العدد الأول محرم- صفر 1374/سبتمبر- أكتوبر1954 ص 34- 4

العدد الثاني ربيع الأول – ربيع الثاني 1374هـ /نوفمبر- ديسمبر 1954 ص 64- 4 العدد الثالث ذوالقعدة – ذوالحجة 1374/يوليو- أغسطس 1955م ص 56- 4

محمد أمين اسلامي تركستاني

رسالة إلى العالم الإسلامي . . حقائق عن التركستان المسلمة

المؤسسة العربية للطباعة بجدة 1384هـ/1964م ص 42

محمد أمين اسلامي تركستاني

 حول مسلمي الصين

 مجلة المسلمون، جنيف، العدد الأول، ذي الحجة 1380هـ/مايو 1961م ص 82-85