دعونا لا نخطئ: هذا هو جدار برلين في الصين

بقلم/ رقية توردوش

 

 هل تعيش في أوقات مثيرة للاهتمام...الأويغور الذين كانوا قد وصلوا لتوهم للحج، يترجلون من سيارة الأجرة حين علموا أن السائق كان أويغوري والذي يعرف لغتهم - كانوا يعلمون أنهم سوف يتم توبيخهم عند عودتهم إلى الصين للتحدث مع الأويغور في الخارج.

الحج هي واحدة من الركائز الخمس للاسلام، وكل مسلم في العالم يتطلع إليه. طوال إقامتهم في المملكة العربية السعودية للحج، فهي مليئة بالروحانية لأنهم يعرفون كم أنت محظوظ أن تكون قادرا على أداء الحج. يتجمع المسلمون من جميع أنحاء العالم تحت سماء واحدة لأداء هذه الشعائر، حيث يتفاعلون مع المسلمين الآخرين من أجل تقوية رابطة الإيمان.

  أما بالنسبة للمسلمين الصينيين، فهي قصة مختلفة. وكشف الحج الذى قام به الصينيون مؤخراً بمن فيهم المسنون من الأويغور والمسلمون الهوي للمملكة العربية السعودية، كيف حاولت الحكومة الصينية إقامة جدار بين الأويغور الذين يعيشون خارج الصين والأويغور من إقليم شينجيانغ المعروف أيضاً بإسم تركستان الشرقية.   واتجه الأويغور المقيمون في المملكة العربية السعودية إلى وسائل الإعلام الاجتماعية لوصف كيفية قيام الأويغور من شينجيانغ - الذين جاءوا مؤخراً إلى المملكة العربية السعودية لحج المسلمين السنوي - بتجنب المطاعم والمحلات التجارية التي تعود إلى زملائهم الأويغور.

  أما بالنسبة للمسلمين الهوي، فإن الوضع مختلف تماماً حيث تشير التقارير إلى أنهم يسمح لهم التحدث للناس وارتياد مطاعم الأويغور الذين يعيشون في البلدان الخليجية بحرية.

 وكشف سائق سيارة أجرة من الأويغور في المملكة العربية السعودية عن أن أويغور آخر، الذي كان قد وصل لتوه إلى الحج من شينجيانغ ضمن البعثة الصينية، بدا خائفاً جداً وترجل على الفور من سيارة الأجرة عند علم أن السائق كان من الأويغور، الذي عرف أيضا لغته. وكانوا يعلمون أن الحكومة الصينية ستقوم بتوبيخهم لدى عودتهم إلى الصين بسبب التحدث مع الأويغور في الخارج.

وخلال السنوات السابقة ، لم يكن منع الأويغور بهذه الصراحة عند زيارته إلى الخارج، رؤية مجتمعات أويغورية في ذلك البلد ؛ حيث يمكنهم التحدث مع بعضهم البعض وكانوا غير خائفين من زيارة محلاتهم.

   بدءاً من يناير2017، وبعد أوامر الصين الصارمة إجبار الأويغور في الخارج - بما في ذلك الطلاب - للعودة إلى وطنهم في الصين، والجدار الذي تم إنشاؤه بين الأويغور من شينجيانغ، والأويغور الأحرارفي الخارج أصبح أمرا مرهقاً للأعصاب أكثر من أي وقت مضى .

 هذا الجدار يحاول أولاً منع الأويغور من السفرعن طريق خلق صعوبات في الحصول على جوازسفر. وعلى الرغم من العراقيل، تمكن بعض الأويغور من الحصول على جوازات سفر من خلال إعطاء رشاوى ومبالغ كبيرة للمسؤولين الصينيين. إذا لم يكن ذلك صعبا بما فيه الكفاية، فإن الأمور تأخذ منعطفا للأسوأ عندما يبدأ المسؤولون الصينيون أخذ أفراد أسرهم كرهائن لدى علمهم بأن أحد الأعضاء في الخارج حيث يضعونهم في الجحيم إذا عادوا.

  تسمح الدولة الصينية لوفد من الحجاج المسلمين المنظمين بعناية، ويتألف من المسنين الأويغور والمسلمين الهوي إلى مغادرة المملكة العربية السعودية. ومع ذلك، فإن جميع الأويغور في هذا الوفد يخضعون لمراقبة صارمة ويتم رصد أنشطتهم. لقاء زميل من الأويغور أو حتى أن يقول لهم مرحبا هو غير مسموح تماماً بالنسبة لأولئك الذين يسافرون إلى الخارج.

 عندما يتعلق الأمر بالتفاعل عبر الانترنت، فإن المراقبة الحكومية الصارمة والتجسس المكثف يجعل من المستحيل تقريباً على الأويغور التواصل بحرية مع أحبائهم وأقاربهم. وهذا يجعل من الصعب على الطلاب الأويغور الحصول على الدعم المالي من آبائهم لأنهم غير قادرين على التواصل مع أهلهم مرة أخرى في شينجيانغ.

واحد من طلاب الأويغور في الولايات الامريكية يتحدث على شرط عدم الكشف عن هويته: "الحكومة الصينية أصبحت واعية بأني أدرس في تركيا. بدءاً من هذا العام ، يضغطون على والدي ليطلبوا مني العودة انقطعت كل صلاتي مع أفراد عائلتي في تركستان الشرقية وغادرت من تركيا إلى الولايات الامريكية. هم لا يعرفون أين انا الآن ؛ ولذلك فإن الحكومة الصينية لا يمكن أن تفعل الكثير. ومع ذلك ، ما زلت قلقاً بشأن والدي: ماذا لو تم نقل والدي إلى مخيم إعادة التربية لأننى لم أرجع؟. ليس لدي أي فكرة".

وتخضع جميع الإتصالات عبر الإنترنت لرقابة صارمة من جانب الحكومة الصينية. صنفت مراقبة "فريدوم هاوس" العالمية الصين بإعتبارها "أسوأ منتهك لحرية الإنترنت في العالم" في 2016.

 وحتى الآن، يتعرض عدد لا يحصى من الكتاب أو الصحفيين أو المدونين أو الذين يحاولون الكشف عن الحقيقة عن طريق نشر صور أو مقاطع فيديو تظهر الاضطهاد الصيني لعقوبة شديدة وسجنهم. وقد نشر المؤتمر العالمي للأويغور عشرات من الأسماء التى اعتقلت ولكن هذا ليس سوى غيض من فيض، حيث إنه من الصعب جداً الحصول على العدد الدقيق فى ظل هذه القيود على تدفق المعلومات من الحكومة الصينية.

 بعد ما يقرب من 30 عاماً على انهيار جدار برلين، لا أحد يهتم بهذا النوع الجديد من الجدار الذي أقيم بين العالم الحر والأويغور في شينجيانغ. من عام 1961 إلى عام 1989، خلال وجود جدار برلين، حاول أكثر من 5000 شخص الهرب على الجدار، مما أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص.

 هذا الجدار مختلف. إن التضحيات التي قدمها الأويغور والوفيات التي لا حصر لها قد وقعت وهذا ما يجعله مختلفاً عن الجدار الفعلي والجسدي - سواء كان إلكترونياً أو نفسياً. الجدار يمتد إلى أذهان الأويغور. فإنه يتبعهم أينما ذهبوا. ومن المؤكد أنه تبعهم عند وصولهم إلى المملكة العربية السعودية للحج. قهر أجسادهم هو ببساطة لا يكفي، لأنه يحاول قهر أفكارهم، وكلماتهم، وسلوكياتهم وروحهم كذلك. إنه جدار بين الاختفاء والبقاء؛ العبودية والحرية؛ الخوف والشجاعة.

الجدار في ألمانيا مصنوع من الحجارة ولكن الناس قاموا بتفكيكه بأيديهم.

ولكن كيف تفكك حائطاً غير مصنوع من الحجارة - ولكن مصنوع من الخوف؟

 

رقية توردوش

 

 رقية توردوش هى ناشطة مستقلة في مجال حقوق الإنسان وكاتبة مقرها في تورونتو بكندا. وهي من المراقبين الحريصين على الشؤون الأويغورية داخل الصين وخارجها.

مصدرالمقال:جريدة باكستان اليوم

https://www.pakistantoday.com.pk/2017/08/30/lets-make-no-mistake-this-is-chinas-berlin-wall-2/