الصين تصادر المصاحف والسجادات من أقلية الإيغور ..وعلماء بالأزهر يطالبون بطرد سفيرها

“على الأزهرى”:إن ما يحدث من قبل الحكومة الصينية هو الإرهاب بعينه

“محمود طراد”: الصمت العربى والقرارات المهزوزة نتيجة ضعف نفوذ الدول الإسلامية

كتب/ محمد الزهيري

 

أساليب متعددة وسياسة صارمة وتدابير أمنية تفرضها الحكومة الشيوعية  الصينية؛ للتضييق على أقلية الإيغور الملسمة ، واضطهادهم ، فبالأمس القريب أغلقت الصين أكثر من مائة وسبعين مسجدا ، وصادرت المصاحف ، والمسابح، وسجادات الصلاة .

وتتدعي حكومة الصين أن ما تقوم به جراء ما تواجهه من “تهديدات أمنية من الإسلام الراديكالي”، فيما وصفت المنظمات الحقوقية ما تقوم به الصين   بمضايقات على الأقلية المسلمة، وانتهاك أبسط حقوقها، ورأى بعض علماء الأزهر أن ما يحدث للإيغور هو الإرهاب الحقيقى .

أكد الدكتور على محمد الأزهرى، أحد أعضاء هيئة التدريس، أن مأساة الإيغور من قبل الحكومة الصينية تُعد إرهابًا حقيقيًا؛ بالأمس القريب تم منعهم من الصيام، وكانت الحكومة الصينية ترسل ملشياتها لتجعل المسلمين الإيغور يُفطرون بالقوة الجبرية في نهار رمضان، ثم لم تلبث إلا وأن أغلقت المساجد بل وهدمتها، ثم قامت بمصادرة جميع المصاحف والكتب الدينية، كل هذا بحجة أن االمساجد والصيام والمصاحف تبث الإرهاب داخل المجتمع الصينى،

وقال “الأزهرى”، فى تصريحه للديار : انطلاقًا مما سبق يمكن القول أن ما يحدث من قبل الحكومة الصينية هو الإرهاب بعينه، وأن هذه الحكومة قد خالفت ما نص عليها دستورها في المادة الثالثة حيث نصت على أن : “الجمهورية الشعبية الصينية هي دولة متعددة القوميات موحدة، جميع القوميات متساوية، والتمييز والاضطهاد إزاء أي قومية ممنوعان، وكذلك الأعمال الرامية إلى تمزيق اتحاد القوميات، لجميع القوميات حرية استخدام وتطوير لغاتها المنطوقة والمكتوبة، وحرية إبقاء أو إصلاح عاداتها وتقاليدها” ، مشيرا إلى أن الصين بهذا الجرم الإرهابي وهذه الإبادات والتضييق على مسلمي الإيغور تقترف اضطهادًا موسعًا لا يرتضيه العالم .

وأعرب عن استيائه من صمت الدول العربية والأجنبية جراء ما يحدث لهذه الأقلية في بلاد الصين، قائلا: كم أرجو أن يتحرك العالم الغربي الذي دمر العراق بحجة حقوق الإنسان! ، ويتصنع تحت شعار حقوق الحيوان، فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثًا؟، ولعل أن جرائم حكومة الصين لم تقتصر على هذا الجرم فقط في حق المسلمين، فتزامن مع هذا الإجرام مذابح عدة بحق مسلمي بورما، وصمت العالم العربي عامة والمجتمع الإسلامى خاصة، ورأينا عبر وسائل الإعلام آلاف المسلمين يُقتلون وتقطع جوارحهم وهم على قيد الحياة ويُدفنون وهم أحياء، ويُحرقون وتغتصب النساء، ويُقتلون الأطفال، إن هذا الجرم بات لا يتحمله أي منصف من بحار الدماء التي تسيل لليل نهار، فمن لهؤلاء الضعفاء؟ .

وطالب الشعوب العربية بمقاطعة هذه الدولة ،وخاصة أن جُل اقتصادها مبني على التجارة مع الدول العربية، وأيضًا طرد سفيرهم وتعليق التعامل معهم لحين وضع حل للأزمات والجرائم المتكررة بحق مسلمي بورما والإيغور بدون ذنب لهم، غاية ما هنالك ذنبهم في وجهة نظر حكومة الصين أنهم ينتسبون إلى الإسلام .

وأوضح أن واجب الأزهر الشريف نحو هؤلاء المظلومين يتلخص في مخاطبة الدولة الصينية والدول العربية والأجنبية بضرورة وقف نزيف الدماء، وعدم الجور على المسلمين المستضعفين في هذه الدولة، والتنديد بهذا الجرم الذي لم يعد مقبولًا، ويناشد الدول العربية والغربية بضرورة التدخل لحل هذه الأزمة، ولم يقف دور الأزهر عن هذا الحل بل يمتد ليشمل تقديم المساعدات العاجلة لهم المادية والمعنوية، والأزهر يناشد الدول المجاورة أيضًا لبلاد الصين بفتح أبوابها لاستقبال ورعاية هؤلاء المظلومين المُهجرِين من بلادهم بسبب الجرم الواقع عليهم ظلمًا وعدوانًا، مؤكدا أن ودور الأزهر لا يقوم على البطش واستخدام العنف فلا يملك الأزهر وشيخه عصا القوة بمقدار ما يملك عصا الحكمة وأمانة الكلمة.

من جانبه ، أوضح الدكتور محمود طراد ، الداعية الإسلامى والباحث بالأزهر الشريف، أن الإيغور طائفة مسلمة تعيش منذ مئات السنين في منطقة تركستان الشرقية، والتي تعرف باسم (شينجيانج)، وهي منطقة ذاتية الحكم أو كانت كذلك حتى استولى النظام الشيوعي بقيادة (ماو تسي تونج ) الذي أصدر قراراً بإلقاء استقلالية هذا الإقليم وقام بضمه لجمهورية الصين، وقام بعملية تفريغ للإقليم من سكانه المسلمين حتى يمثلوا أقلية في مواطنهم الجديدة، وقتل في هذه المواجهات أكثر من مليون مسلم عام 1949م، مؤكدا أن أزمتهم لها جذور عميقة وهي أزمة متجددة .

وأفاد أنه حين نرجع إلى المواجهات التي أشرنا إليها تتضح لنا الصورة الآن، إذ كان تفريغ الإقليم من المسلمين لأجل القضاء على كونه إقليما ذاتي الحكم حتى لا يكون لهم قوة مستقلة بعد ذلك، موجها خكابه للصين قائلا: ولما لم يتبقى لهم قوة الإقليم تريدون الآن إذابتهم ثقافياً حتى لا تبقى لهم قوة، وذلك رغم أن الحكم الشيوعي حين استولى على الصين 1949م أصدر مجموعة من الشعارات الجوفاء في الدستور والتي تقضي بحرية العبادة والحكم الذاتي للمسلمين في 34 مقاطعة، لكن الممارسات كانت في اتجاه آخر، حيث ضُيق على المسلمين وأجبروا على ما يسمى الزواج المختلط، ونظام الكوميونات وصودرت أملاك الأوقاف الإسلامية، وقُضي على مرتبات الوعاظ والمدرسين. ، والآن يمكن القول بأن ما يحدث من قرارات بجمع المصاحف لحجة أن فيها محتوى متطرف وجمع سجاجيد الصلاة وغيرها من المقتنيات الدينية ما هو إلا تطور جديد في التضييق المستمر على هؤلاء المسلمين، لكنه الآن تضيق ثقافي يهدف إلى إزالة مصادر الثقافة الإسلامية من بيوت الإيغور المسلمين.

وقال : طالما انتهينا إلى أن ما يحدث هو صورة تضييق ثقافي يهدف إلى إزالة المصادر المعرفية للمسلمين وهي المصادر الإسلامية الأصيلة وعلى رأسها القرآن، فكيف ينكر البعض أنها ليست حرباً على الإسلام! ، ولك أن تتخيل أخى القارئ  الكريم صورة معي: ماذا لو أن الإيغور المسلمين قرروا اليوم الاعتراف بعدم ذاتية حكمهم وأعلنوا أنهم يدينون بالشيوعية ومطبقون لدستورها، وأنهم تخلوا! –عياذاً بالله- عن الإسلام؟ ، فهل ترى أن هذا الاضطهاد سيستمر؟، بالتأكيد لا، فليس المقصود هو المسلم ذاته ولكن المستهدف ثقافته وممارساته الدينية، ولنكن أكثر وضوحاً إن معتقد المسلمين عن الشيوعية معلوم ومعتقد الشيوعية عن الإسلام معلوم ، لكن المسلمين يعرفون أن ثقافة التعايش هي التي تحكمهم وأنهم مطالبون بالمعاشرة الحسنة مع غير المسلمين، لكن الأيديولوجيات الأخرى وإن أعلنت الشعارات الجوفاء لا تؤمن داخليا بثقافة التعايش السلمي مع الإسلام، وذلك لأن الإسلام هو الدين الوحيد الشامل الذي يضبط السياسة والاقتصاد والاجتماعيات ، فهم يخافون أن يسيطر الإسلام بثقافته وينتشر بسماحته بعد سنين، فيقومون اليوم باستئصاله مبكراً ولن يكون لهم ذلك، إن شاء الله تعالى، فالحرب الثقافية هي حرب على المعتقدات فكيف ننكر ضوء الشمس الواضح.

وعن الصمت العربى وبعض القرارات المهزوزة ، يقول “طراد”إنه في الحقيقة نتيجة قبل أن يكون سبباً،  فالصمت الذي تعنيه والقرارات المهزوزة نتيجة ضعف نفوذ الدول الإسلامية، فالدول التي لها نفوذ هي التي تحمي أقلياتها، كما أن المشكلات التي نجحت الإدارات الغربية بقلة وعينا وإدراكنا في تفعيلها داخل المجتمعات المسلمة (وأعني هنا المشكلات السياسية والاقتصادية وغيرها) سبب أصيل في انشغال المسلمين بأمورهم الداخلية عن الأقليات التي تعاني الاضطهاد في العالم، وسبب آخر وهو أن وسائل الإعلام الدولية بقوتها وقوة الدول التي تديرها تقوم بتصوير بعض الأقليات المسلمة على أنها جماعات إرهابية، ومن ثم يتضمن هذا تصريحاً مفاده أن من سيقوم بدعم هذه الأقليات قد يتهم بدعم الإرهاب،  وهي التهمة التي تحاول كل الدول البراءة منها اليوم لأن القرارت التي ستخرج يومئذ من الدول صاحبة النفوذ ستربك بعض سياسات دولنا الإسلامية، وللأسف بسبب الضعف المتنوع الذي نمر به جميعاً .

وتابع: هذا كله من أسباب هذا الصمت، لكن في النهاية ينبغي أن نقول أن هناك دولاً قامت بتحركات دولية ومطالبات لوقف الاضطهاد للأقليات المسلمة وعلى رأسها مصر ، متمثلة في الأزهر أولاً ، وفي مطالبات رئاسية ثانياً، وهذا أقصى ما يحدث ،ولكن المطالبات لا يتم تفعيلها دولياً من قِبل الحكومات صاحبة النفوذ والقرار لأسباب كثيرة، مؤكدا أننا نحتاج إلى توعية ثقافية، وحلول سريعة لمشكلاتنا الداخلية مع السير في خط حل مشكلات الأقليات المسلمة بالتوازي يقوى شيئاً فشيئاً إلى أن تنتهي هذه الأزمات وما ذلك على الله بعزيز .

وأكد أن الغزو الاقتصادي بقضية صراع الأيديولوجيات، وهو خطوة مهمة وركيزة أساسية لبناء الدول، والصين تسعى أن تكون قوة عظمى واقتصاداً عالمياً وقد بدأ ذلك فعلاً، والصين كأيدولوجية شيوعية تسعى إلى انتشار ثقافتها مثلها مثل أي أيديولوجية تعلم أن القوة الاقتصادية هي الجناح الأهم في ذلك، فاهتمت باقتصادها، وها هي تنجح بالفعل، فهي ثاني أكبر اقتصاد عالمي ، وقد سبقت اقتصاد اليابان عام 2010م بناتج محلي يفوق الأربعة تريليون دولارا ، ولك أن تتعجب حين تعلم أن النمو الاقتصادي السريع للصين بدأ من عام 1949م أي منذ استولى الشيوعيون على الحكم، لكن قد لايمكن الربط بين غزوها للبلدان اقتصادياً وبين الحرب على الإسلام بشكل مباشر، فسجاجيد الصلاة التي تبيعها الصين في بلداننا الإسلامية هي ذاتها التي تمنع اقتنائها هناك، فالمصلحة هنا اقتصادية لكنها هناك ثقافية دينية.

وأشار إلى أن المقاطعة حل ، وهي بمفهومها تعني (عملية التوقف التطوعي للمستهلك عن استخدام أو شراء أو التعامل مع سلعة أو خدمة ما لجهة معينة تسيء أو تلحق الضرر به أو بغيره كشكل من أشكال الاستنكار أو الاعتراض)، مؤكدا أن هذه الدول كالصين اهتمامها الاقتصادي في ذرورة الاهتمامات والمقاطعات الاقتصادية إحدى أدوات الضغط بلا شك، وقد تكون البداية لتعريفهم بأن المسلمين مهما بلغ عددهم في مكان فهم محكومون بثقافة الاختلاف وأدبه الذي علمهم إياه الإسلام، ولأن معظم وارداتنا منهم فسيكون سلاح المقاطعة في هذا الوقت قوي جداً؛ لأن الخسائر ستكون مركزة .

وعن دور الأزهر ، أكد “طراد” أن الأزهر مؤسسة عريقة عظيمة، وهو الأب الروحي للمسلمين حول العالم، وقد قام ولا يزال بدوره في قضية بورما، بداية من أول مؤتمر جمع فيه محبي السلام من المسلمين والبوذيين الذين يرفضون ممارسات حكومة ميانمار إلى آخر بيان صدر عنه، مشيرا إلى أنه ينبغي التأكيد على أن الأزهر مؤسسة دينية توعوية دعوية وليست دولة مستقلة، ودوره لا ينتهي لكنه محدود بمخاطبة الحكومات ،وتوعية الشعوب، وجمع القيادات الدينية من أجل الضغط لاستصدار قرارات دولية تخص الأقليات ،وكل ذلك قد حدث بالفعل من الأزهر الشريف ، فبقى دور الحكومات لاختيار الوسائل والأساليب الممكنة دولياً لوضع حد لهذه المجازر والاضطهادات التي تحدث للأقليات المسلمة، فلا ينبغي أن نحمل مؤسسة الأزهر الشريف دوراً ليس له أن يتدخل فيه بشكل كبير، وهي القرارات الاقتصادية والعسكرية، فهذه مسؤلية الحكومات.

وعن واجبنا نحو الإيغور، أفاد الداعية الإسلامى ، أن الواجبات متنوعة بتنوع من تقع على عاتقهم هذه الواجبات:
1- واجبات على الدول والحكومات سياسية واقتصادية: تبدأ من المقاطعات إلى تحريك المجتمع الدولي إلى استقبال اللاجئين لحين حل هذه المشاكل.
2- واجب الشعوب: في دعم الشعوب المضطهدة من خلال التبرعات عبر القنوات الشرعية، والجمعيات العالمية.
3- واجب المؤسسات التعليمية والدينية: بمتابعة عملية التعليم، والتثقيف من خلال توفير منح تعليمية للطلاب، واستقبالهم في الدول المسلمة والاهتمام بهم.
-4-على مؤسسات الأوقاف المساهمة في متابعة شئون المراكز الإسلامية وإعمار ما يمكن إعماره وإنشاء مراكز جديدة إن أمكن.
5- يبقى سلاح المقاطعة الاقتصادية والسياسية واستدعاء السفراء ومطالبة سفراء الصين أو غيرها إحدى الوسائل المشروعة دولياً، وهي من أهمها.