شينجيانغ ..مخاوف `الانفصال` وحرية ممارسة الشعائر الدينية

شينجيانغ ..مخاوف `الانفصال` وحرية ممارسة الشعائر الدينية

مسلمون ممنوعون من الصيام بأمر القانون

وائل إسلام - جدة
السبت 27/06/2015
`شينجيانغ
بينما يعيش المسلمون في كل بقاع العالم هذه الأيام أجواءً روحانية بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، ويمارسون شعائرهم الدينية المرتبطة بشهر الصيام، بكل حرية، يحظر بالمقابل الصيام على طلاب المدارس والموظفين وأعضاء الحزب في إقليم شينجيانغ الصيني في مشهد مختلفا تفرضه الظروف السياسية التي لازمت الإقليم ذاتي الحكم خلال سنوات طويلة، ، فالإقليم شهد وما زال أعمالا عنيفة راح ضحيتها مئات الضحايا، وفيما تقول جماعات الأيغور في المنفى ونشطاء حقوق الإنسان إن السياسات القمعية للحكومة في شينجيانغ ومن بينها وضع قيود على الممارسات الدينية هي من يثير الاضطرابات في الإقليم وهي مزاعم تنفيها بكين، وتقول إن الانفصاليين الإسلاميين يريدون دولة خاصة بهم.

شددت بعض الحكومات المحلية في إقليم شينجيانغ المضطرب بأقصى غرب الصين، في الأيام السابقة لشهر رمضان رقابتها على ممارسة الشعائر الدينية التي يتبعها الأيغور المسلمون، وقامت بالضغط على المسؤولين المحليين لأداء القسم بأنهم لن يصوموا الشهر.

وتم إخطار أعضاء الحزب والموظفين العموميين والطلاب والمدرسين بشكل خاص رسميا بعدم صوم رمضان وهو أمر حدث في العام الماضي أيضا.

وقالت الحكومة على موقعها على الإنترنت إن مسؤولي سلامة الغذاء في اقليم جينغخه القريب من الحدود مع كازاخستان قرروا إنهم «سيوجهون ويشجعون» مطاعم الأطعمة الحلال على البقاء مفتوحة في المواعيد المعتادة خلال شهر رمضان.وأضافت ان المطاعم التي ستبقي أبوابها مفتوحة لن يزورها مفتشو سلامة الغذاء كثيرا وتعليقا على هذه الإجراءات الحكومية تقول جماعات الأيغور في المنفى ونشطاء حقوق الإنسان إن السياسات القمعية للحكومة في شينجيانغ ومن بينها وضع قيود على الممارسات الدينية هي من يثير الاضطرابات في الإقليم وهي مزاعم تنفيها بكين، وتقول إن الانفصاليين الإسلاميين يريدون دولة خاصة بهم.

دعوات للحد من الزواج والولادة

مع بداية العام الحالي دعت مسؤولة من إقليم شينجيانغ إلى اتخاذ تدابير صارمة لمنع الزواج المبكر وارتفاع معدلات المواليد في الأجزاء الجنوبية من الإقليم في خطوة أثارت مشاعر القلق بين المنتمين إلى عرق الأيغور.

وقالت هو هان مين وهي عضو في لجنة شينجيانغ بالمؤتمر الاستشارى للشعب الصيني وهي هيئة استشارية برلمانية إن المناطق الريفية في جنوب شينجيانغ تشهد «ارتفاعا مثيرا للقلق في معدلات المواليد» وإن «الأزواج المحليين» غالبا ما يختارون الزواج الديني بدلا من التسجيل لدى السلطات، وأضافت «هذا يؤثر سلبا ليس فقط على الصحة البدنية والعقلية للأطفال والنساء ولكن أيضا على صحة السكان في المنطقة مما يشكل مخاطر على الاستقرار الاجتماعي». وقالت هو إن رفض اتباع قوانين الزواج جعل من الصعب على النساء الدفاع عن أنفسهن ضد العنف الأسري.

وفي نهاية العام 2014مـ حظر إقليم شينجيانغ الصيني ممارسة الشعائر الدينية في المباني الحكومية وأعلن أنه سيفرض غرامة على من يستخدمون الانترنت «لتقويض الوحدة الوطنية» ضمن حزمة من الإجراءات تهدف إلى محاربة النزعة الانفصالية في الإقليم الشمالي الغربي.

وذكر تقرير أنه لن يسمح للناس بممارسة الشعائر الدينية في المكاتب الحكومية والمدارس والأعمال والمؤسسات العامة. وأضاف أنه سيتعين ممارسة الأنشطة الدينية في أماكن مرخصة.

وتنص القواعد التي وافقت عليها اللجنة الدائمة لبرلمان شينجيانغ على فرض غرامة تتراوح قيمتها بين خمسة آلاف يوان و30 ألف يوان (4484 دولارا) على الأفراد الذين يستخدمون الانترنت والهواتف المحمولة أو النشر الرقمي لتقويض الوحدة الوطنية والاستقرار الاجتماعي أو التحريض على الكراهية العرقية. وتم البدء بتطبيق هذه القوانين الأول من يناير العام الحالي.

من هم الأيغور

الأيغوريون هم شعوب تركية، واللغة الأويغورية هي لغة قارلوقية،من لغات التركية تستعمل الحروف العربية في كتابتها إلى الآن. ويشكلون واحدة من 56 عرقية في جمهورية الصين الشعبية. بشكل عام يتركزون في منطقة تركستان الشرقية ذاتية الحكم (والتي تعرف باسم شينجيانغ أيضا) على مساحة تعادل 1/6 مساحة الصين ويتواجدون في بعض مناطق جنوب وسط الصين، ويدين غالبيتهم بالإسلام على المذهب السني، وكلمة الأويغور تعنى الاتحاد والتضامن باللغة الاويغورية.

تاريخيا عاش الأيغور فيما يعرف اليوم باسم منغوليا، وكانوا يمثلون مع الجوك تركيون أقوى وأكبر القبائل التركية التي تعيش في آسيا الوسطى. عاشت القبيلة موحدة في حكم اتحادي يعرف باسم الروران أو الجوان جوان (من 460 إلى 565 م). 

في عام 744 م استطاع الأويغور بمساعدة قبائل تركية أخرى بالإطاحة بالإمبراطورية الجوك تركية وأسسوا مملكتهم الخاصة بهم التي امتدت من بحر قزوين غربا حتى منشوريا (شمال شرقي الصين والكوريتان) شرقا. استمرت المملكة حتى عام 840 م واختارو مدينة أوردو بالق عاصمة لهم.

بعد العديد من الحروب الأهلية والمجاعات في المملكة الأويغورية سيطر القيرغيز على أراضي الدولة. نتيجة للغزو القيرغيزي هاجر أغلب الأويغوريين من أراضي مملكتهم متجهين إلى ما يعرف الآن بشينغيانغ أو تركستان الشرقية وهناك أسسوا مملكة مع قبائل تركية أخرى (زنجاريا وتاريم باسن) استمرت حتى غزو جنكيز خان عام 1209 م. بقية الأويغور الذين لم يهاجروا إلى تركستان الشرقية وهاجروا نحو كازاخستان وجاوروا بعض القبائل الطاجيكية اعتنقوا الإسلام ودخلوا فيه وكان ذلك في القرن الحادي عشر الميلادي.

يحدها من الشمال الغربي كل من طاجيكستان، قرغيزستان وكازاخستان، من الشمال الشرقي جمهورية منغوليا، من الشرق مقاطعتا قانسو وتشينغهاي، جنوبًا منطقة تبت، ومن الجنوب الغربي الهند وأفغانستان. تضاريس وسط المنطقة جبلية وتعبرها من الشرق إلى الغرب كتلة جبال تيان شان (أو الجبال السماوية). تنتشر عبر مرتفعات هذه الجبال العديد من السهول والوهاد (الأرض المنخفضة) الخصبة، ويصل ارتفاع هذه القمم إلى 5.000 متر تقريبًا. إلى الجنوب من جبال تيان شان يمتد حوض نهر تاريم، أهم الأنهار في المنطقة. تقع صحراء تاكلامكان في هذه المنطقة الجنوبية، وأراضيها قاحلة.

منطقة لوب نور والتي تقع شرقي هذه الصحراء تكثر فيها المستنقعات والبحيرات، إلى الشمال من تيان شان تنتشر أراضي جونغر بندي الشبه قاحلة.

تاريخ الإسلام في الإقليم

تضرب جذور الإسلام عميقة في بلاد التركستان حسب ما كان يطلق عليها سابقا، فهي بلاد إسلامية منذ الفتح العربي لها على ايدي القادة المسلمين أمثال قتيبة بن مسلم الباهلي 88-96 هجرية الذي ما أن فرغ من توطيد اركان الإسلام في التركستان الغربية حتى بادر إلى تركستان الشرقية وفتح بعض اجزائها ومن بعده بدأت ثمار الاتصال الحضاري بين الإسلام والحضارات الاخرى الموجودة بالمنطقة وكان أن تحول التركستانيون إلى الإسلام تحت قيادة زعيمهم ستوق بغراخان خاقان الامبراطورية القراخانية عام 323 هــ 943 م وقد اسلم معه أكثر من مائتي الف خيمة (عائلة) أي ما يقارب مليون نسمة تقريبا وقد ضربت النقود باسم هارون بوغراخان حفيد ستوق بغراخان ووسع رقعة مملكته فشملت أجزاء من التركستان الغربية كما أرتقت البلاد في عهده في النواحي الحضارية المختلفة وكتبت اللغة التركستانية باللهجة الايغورية لأول مرة بالحرف العربي.

اتخذت العلاقة بين الأويغور والصينيين طابع الكر والفر, حيث تمكن الأويغور من إقامة دولة تركستان الشرقية التي ظلت صامدة على مدى نحو عشرة قرون قبل أن تنهار أمام الغزو الصيني عام 1759 ثم عام 1876 قبل أن تلحق نهائيا في 1950 بالصين الشيوعية. وعلى مدى هذه المدة قام الأويغور بعدة ثورات نجحت في بعض الأحيان في إقامة دولة مستقلة على غرار ثورات 1933 و1944 لكنها سرعان ما تنهار أمام الصينيين الذين أخضعوا الإقليم في النهاية لسيطرتهم ودفعوا إليه بعرق الهان الذي أوشك أن يصبح أغلبية على حساب الأويغور السكان الأصليين. وبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 كثف النظام الصيني من حملة مطاردته للاستقلاليين الأويغور وتمكن من جلب بعض الناشطين الأويغور خصوصا من باكستان وكزاخستان وقيرغزستان في إطار «الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب». ورغم المطاردة الصينية ظلت بعض التنظيمات السرية تنشط داخل البلاد منها بالخصوص الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية التي تتهمها بكين بتنفيذ سلسلة انفجارات في إقليم شنجيانغ وشباب تركستان الشرقية. و في 19 سبتمبر/أيلول 2004 قام الأويغور بتأسيس حكومة في المنفى لتركستان الشرقية يرأسها أنور يوسف كما تمت صياغة دستور. 

أهم انتفاضات الأيغور

5-4-1990 - انتفاضة مسلحة قام بها فريق من الشباب في مدينة بارين في جنوب البلاد انتهت بهزيمة مؤلمة، وسقط فيها مئات القتلى والجرحى

5-2-1997- مظاهرات للمطالبة بحرية ممارسة الشعائر الدينية مع بداية شهر رمضان في مدينة غولدجا (والتي تسمى باللغة الصينية يننيغ)مما أدى بالسلطات الأمنية والجيش إلى تفريق هذه المظاهرة بالقوة مما أدى إلى وقوع عشرات القتلى والمئات من الجرحى.

1-1999- اعتقال تسعة وعشرين ناشطا مسلما بتهمة محاولة القيام بمظاهرة مناهضة لبكين وفي 28-1-1999م تم إعدام 2 منهم.

12-2-1999- إصابة 5 من الأويغور واعتقال 150 شخصا في عاصمة الإقليم أورومتشي على خلفية إطلاق شعارات تطالب بالاستقلال.

21-7-2004- إعدام رجلين وخلال طول ذلك الصيف تم اعتقال العشرات خصوصًا في منطقة خوتان بسبب ممارسة شعائر من الدين الإسلامي

4-8-2008- عملية تفجيرية في كاشغر بالقرب من مركز للشرطة يودي بحياة 16 شخصا

9-8-2008- تفجير في كوجار بالقرب من مركز للشرطة يودي بحياة 19 شخصا.

2-4-2009- عملية انتحارية ضد سيارة في أورومجي تودي بحياة منفذها وإصابة اثنين كانوا في السيارة.

5-7-2009- مظاهرات تعم الإقليم مما يودي بحياة أكثر من 190 شخصا بعد اجتياح الجيش الصيني العنيف للإقليم والإعلان عن اختفاء 10000 شخص من الأويغور مصير بعضهم غير معروف حتى الآن.

أيار/مايو 2014 تفجير أحد الأسواق في أورومتشي عاصمة الاقليم ، والذي أسفر عن مقتل 39 شخصا.

المؤتمر الإسلامي 

بعد أحداث العام 2009مـ، دعا أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام للمنظمة حينها، الحكومة الصينية إلى الإسراع بإجراء تحقيق ميداني نزيه حول هذه الأحداث الخطيرة، وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة، واتخاذ جميع التدابير الممكنة للحيلولة دون تكرارها مع ضمان تقديم تعويضات كافية للضحايا.

وشدد على استنكار الأحداث التي وقعت، والاستخدام غير المتكافئ للقوة، والذي أودى بحياة 140 شخصًا على الأقل، وخلَّف أكثر من 800 جريح في صفوف المدنيين في إقليم «سنكيان إيجور» (المعروف باسم تركستان الشرقية).

وقال أوغلو إنه من خلال العدد الكبير للإصابات في صفوف المدنيين، يتضح أنه لم تتم مراعاة مبدأ الحذر والتناسب في استخدام القوة والأسلحة النارية، وأنه طبقًا للمبدأ الأساسي الدولي بخصوص استخدام القوة والأسلحة النارية، يجب على المسؤولين عن إنفاذ القوانين اللجوء إلى الأساليب غير المميتة في التصدي للاضطرابات المدنية.

الانتقادات الدولية

في شهر مارس الماضي انتقد محقق في قضايا حقوق الإنسان تابع للأمم المتحدة حملة الصين على مسلمي الأيغور في إقليم شينجيانغ بأقصى غرب البلاد وقال إن هناك «قصصا مزعجة» عن مضايقات وترويع للأقلية العرقية.وقال آينر بيليفيت مقرر الأمم المتحدة الخاص بحرية الأديان في إفادة صحفية إن تصرفات الصين ضد الأيغور «مشكلة كبيرة». وأضاف «استمعت أيضا إلى قصص مزعجة للغاية عن مضايقات على سبيل المثال وترويع أثناء شهر رمضان - وطلب من تلاميذ المدارس الإفطار في رمضان.»وفرضت بعض مدن شينجيانغ قيودا على الملابس التي يرتديها المسلمون بما في ذلك العاصمة أورومتشي التي حظرت ارتداء الحجاب في الأماكن العامة أواخر العام الماضي.من جانبه جاء الرد الصيني على هذه الاتهامات على لسان هونغ لي المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إن الحكومة تهتم كثيرا بحرية الأديان وإن الحديث عن أي شكل من أشكال قمع الممارسات الدينية في المناسبات المهمة «لا أساس له من الصحة».

تصريحات صينية عن انضمام أويغوريون لـ«داعش»

صرح مسؤول بالحزب الشيوعي الصيني في شهر مارس الماضي إن « متطرفين « من الصين انضموا لتنظيم بداعش في القتال في الخارج .وقال زهانج شونشيان ، زعيم الحزب في منطقة شينجيانج ذاتية الحكم في شمال غرب الصين « إن نفوذ التنظيم يتوسع، وقد تأثرت شينجيانج بذلك». وأضاف: لقد فككنا خلية إرهابية في شينجيانج يديرها الذين عادوا من القتال مع التنظيم.

وكانت السلطات الصينية قد قالت العام الماضي إن سورية والعراق أصبحتا مركزا لتدريب «الإرهابيين» من أفراد عرقية الأويغور المسلمة، التي تهيمن على منطقة شينجيانج.
المصدر: جريدة المدينة