الحرب على هوية الأويغور...إلى أين ؟!

  لا يمكن أن تخطئ عين المتابع معالم الحرب المعلنة التي تشنها السلطات الصينية على هوية مسلمي الأويغور في تركستان الشرقية في الفترة الأخيرة، فما تقوم به من إجراءت وما تفرضه من قيود على المسلمين تحديدا لا يمكن أن يفسر بغير ذلك .

 يكفي أن يربط القارئ بين التدابير الأخيرة المتخذة ضد المسلمين الأويغور من قبل السلطات الصينية ليدرك أن الهدف الأخير من وراء هذه التدابير هو النيل من هوية الأويغور الإسلامية و محاولة طمس أي مظهر من مظاهر دينهم الحق، ليبرز السؤال الأهم : إلى متى ستستمر هذه الحرب المعلنة ؟! وإلى أين تريد أن تصل؟!

 لا تكاد تمر أيام أو أسابيع على اتخاذ إجراء أو إصدار قرار تعسفي بحق المسلمين الأويغور في بلدهم الأم "تركستان الشرقية" حتى يليه تدبير آخر وقرار عنصري جديد لا يقل تأثيرا سلبيا على حق المسلمين في ممارسة شعائرهم الدينية أو حتى إبراز مظهر من مظاهره من القرار أو الإجراء السابق .

 آخر ما اتخذته السلطات الصينية من إجراءات تنال بشكل سافر من هويتهم الإسلامية توجيه أمر لمسلمي "الأويغور" في تركستان الشرقية (شينجيانغ) بتسليم كل ما لديهم من متعلقات دينية متوعدة بعقاب كل من يخالف هذا الأمر .

 إذاعة "فري آسيا" الأمريكية (خاصة) ذكرت أن مسئولين صينيين في تركستان الشرقية أقاموا جولة في الأحياء والمساجد لتبليغ المواطنين المسلمين بالأمر وتحذيرهم من "عقاب قاس" بحق من يعثر لديه على شيء من تلك المتعلقات كالمصاحف "مثلا" .

  ونقلت الإذاعة عن "ديلشاد رشيد" المتحدث باسم منظمة "المؤتمر العالمي للأويغور" (غير حكومية مقرها ألمانيا) أن تلك الممارسات بدأت تتكشف الأسبوع الماضى قائلا : "تلقينا إشعارًا يقول : إن كل فرد من عرقية الأويغور يجب أن يسلم أي مواد مرتبطة بالإسلام من منزله بما في ذلك المصاحف وسجادات الصلاة وأي شيء آخر يرمز للدين" .

 وأضاف "رشيد" قائلا : إن الشرطة تنشر إعلانات بهذا الشأن عن طريق منصة التواصل الاجتماعي واسعة الانتشار في الصين "ويشات".

 المضحك المبكي في المنشور أنه يحمل في فحواه تناقضا عجيبا لم يعد مستغربا من سلطات تمارس القمع منذ زمن ضد مسلمي الأويغور، فقد ورد في المنشور أن التسليم يجب أن يكون "طوعيا" مع وجود عقوبات قاسية بحق المخالفين دون أن يوضح طبيعة تلك العقوبات. فكيف يمكن أن يكون هذا العمل طوعيا ثم يهدد من يخالفه ولا يلتزم به بعقوبات قاسية ليس لها حد أو سقف ؟!!!

 وفي ظل الحملة العالمية على دين الله وأتباعه في كل مكان والتي يرافقها افتراء غير مسبوق على مبادئ وتعاليم هذا الدين الحنيف من قبل أعدائه، وتشويها غير معهود لشرائعه وأحكامه، وإلصاق تهمة التطرف والإرهاب بأتباعه مع كونهم أكثر ضحاياه باعتراف الكثير من التقارير والإحصائيات الصادرة عن الغرب نفسه ... لم تجد سلطات الاحتلال الصينية بدا من إلصاق تهمة وجود "محتوى متطرف" في المصاحف حسب زعمها لتبرير الحملة الشرسة التي أطلقتها .

 لم يعد عسيرا استقراء المدى الذي يمكن أن تصل إليه السلطات الصينية في حملتها ضد هوية المسلمين "الأويغور" في عقر دراهم ومسقط رأسهم "تركستان الشرقية"، فالإجراءات التي قامت بها ضد ثاني أكبر أقلية إسلامية في آسيا بعد الهند لم تدع مظهرا من مظاهر الإسلام ولا شعيرة من شعائره دون أن تطاله منعا وحظرا ومصادرة .

 فمن قرار منع الرجال من إطلاق لحاهم ومنع النساء من ارتداء الحجاب وصولا إلى حرمان المسلمين من تأدية أهم أركان دينهم الحنيف "الصلاة" وإصدار قرار يمنع المسلمين من صيام شهر رمضان، وليس انتهاء بحظر إطلاق أسماء تمت إلى الإسلام بصلة كــ "مكة" و "إسلام" و...على مواليد مسلمي الأويغور الجدد تحت طائلة تعرض المخالفين لتلك القرارات بالعقوبة، ناهيك عن إجبار المسلمين الأويغور على تحميل برنامج "جينوانغ" على هواتفهم المحمولة لمراقبتهم وتحديد موقعهم أينما كانوا...لا يبدو أن هناك نهاية واضحة لتلك الإجراءات أو سقفا معينا يمكن أن تقف عنده .

 كثيرة هي الحلول لمواجهة سيل أشرس الحملات ضد دين الله وأتباعه في مشارق الأرض ومغاربها ومن أهمها : تمسك المسلمين بدينهم ومواجهة حملات التشويه والطعن بأحكام دين الله الخاتم وإلصاق تهمة التطرف والإرهاب به وبأتباعه...ببيان حقائقه وإظهار شمائله وإبراز سماحته قولا باللسان وفعلا وسلوكا على أرض الواقع .

 

د. زياد الشامي

 

المصدر: المسلم

http://almoslim.net/node/282409