حول تصاعد اضطهاد الصين لمسلمي الأويغور

  قد لا يكون الحديث عن قمع واضطهاد السلطات الصينية لمسلمي الأويغور بجديد، فالموضوع قديم قدم احتلال الصين لتركستان الشرقية عام 1949م وإطلاق اسم إقليم "شينجيانغ" عليها، بل إن المجازر التي ارتكبتها القوات الصينية الغازية بحق مسلمي تركستان الشرقية تعود إلى ما قبل تاريخ احتلالها بشكل نهائي بقرابة قرنين من الزمان و تحديدا إلى عام 1759م .

 لكن تصاعد حملة القمع والاضطهاد الصيني لمسلمي الأويغور الذي وصل إلى حدود غير مسبوقة لا بد من الوقوف عنده وتسليط الضوء عليه في محاولة لقراءة ملابساته وخلفياته ومآلاته و طريقة مواجهة تلك الحملات في ضوء التطورات الأخيرة على الساحة العربية والإسلامية والعالمية.

 آخر مظاهر اضطهاد السلطات الصينية لمسملي الأويغور كشفت عنه تغريدة حساب "تركستان" على تويتر ذكرت فيه أن السلطات تعاقب مسلما صينيا يدعى "ما جنغساي" وتعتقله في مدينة شيئان الصينية بسبب تنزيل القرآن في هاتفه والاستماع إليه. التغريدة تضيف أن تنزيل مواد دينية والاستماع إليه تعتبر جريمة "إرهاب" من الدرجة الثالثة في الصين متساءلة عن حال الأويغور في تركستان الشرقية إذا كان هذا هو حال المسلمين في سائر أقاليم ومدن الصين !!!

 خبر آخر يسلط الضوء على تصاعد حملة القمع والاضطهاد الصيني لمسلمي الأويغور يقول : إن الاحتلال الصيني يجبر المسلمين الأويغور بشراء علم الصين وصور رئيسه "شي جين بينغ" وتعليقهما في المنازل والمراكب .

 خبر ثالث مصدره هذه المرة صحيفة بريطانية شهيرة " فايننشال تايمز" تؤكد فيه أن الصين قد حولت تركستان الشرقية إلى سجن كبير، مضيفة على لسان "دارين بيلر" من جامعة واشنطن أن الإجراءات الأمنية في تركستان الشرقية تسببت في إيجاد شعور بأن الإقليم أصبح سجنا كبيرا.

 الصحيفة لفتت إلى أن الآلاف وضعوا في مراكز احتجاز غير معروفة خلال العام الماضي، مضيفة أن كل الأويغور الذين تحدثت إليهم الصحيفة لديهم صديق أو قريب سبق اعتقاله، وهناك يجبرون على تعلم منهج الحزب الشيوعي الصيني و إرغامهم على التخلي عن هوياتهم العرقية والدينية .

 وإذا عدنا بالذاكرة إلى تطبيق الهاتف الجوال الذي فرضته السلطات الصينية على مسلمي تركستان وأجبرتهم على تحميله على هواتفهم الذكية قبل أشهر، والذي اتضح أنه يقوم بعملية مسح للجوال عن الملفات ويقوم بإبلاغ السلطات تلقائيا إذا عثر على أي ملف ذو محتوى إسلامي...وربطنا بينه وبين توقيف الشرطة الصينية لسكان تركستان بشكل منتظم للقيام بعملية بحث في جوالاتهم ومن ثم اعتقال ومعاقبة من تجد في جواله محتوى إسلامي "كالقرآن" فإن ذلك يشير إلى مستوى القمع الذي تمارسه الصين بحق مسلمي الصين عموما والأويغور على وجه الخصوص .

 خبر رابع تبنته منظمة "العفو الدولية" ذكرت فيه أن السلطات الصينية اعتقلت خلال الأشهر الماضية ما يصل إلى 30 من أقارب "ربيعة قدير" زعيمة قومية الأويغور المنفية مضيفة أن من بين المعتقلين شقيقات وأشقاء وأبناء وأحفاد "قدير" مشيرة إلى أن الموعد الذي نفذت فيه الاعتقالات غير معروف وأنهم محتجزون داخل أحد ما يسمى بالمراكز التعليمية و ربما يواجهون خطر التعذيب . 

 لا شك أن القراءة الأولية للمشهد الأويغوري يؤكد أن الصين تستغل في حملتها التصعيدية ضد مسلمي الأيغور موجة الحملات العالمية ضد المسلمين في عموم القارات سواء كانوا أقلية أم أكثرية، ففي أوروبا وأمريكا تستعر العنصرية وحمى التمييز ضد الأقليات المسلمة هناك، وفي ميانمار تنتهج الحكومة البوذية هناك سياسة الأرض المحروقة لطرد الروهينغيا من أرضهم التاريخية "أراكان"، ولا يختلف مستوى القمع والاضطهاد الذي يطال المسلمين في عقر دارهم كما هو الحال في سورية والعراق واليمن على أيد المجوس والروس بضوء أخضر أمريكي غربي.

 أمر آخر لا بد من الالتفات إليه لمن يريد أن يقرأ حملة التصعيد الصينية الأخيرة ضد مسلمي الأويغور بشكل صحيح ألا وهو محاولة الصين من خلال تلك الحملة وأد آمال الأويغور في نيل استقلال وطنهم الأم "تركستان الشرقية" وإخماد جذوة طموحهم في التحرر من الاحتلال الشيوعي الجاثم على صدورهم منذ 68 عاما. 

 ومن هنا يمكن تفسير محاولة الصين على مدار العقود الماضية طمس هوية الأويغور الإسلامية، ومحاربة أي مظهر من مظاهر الإسلام في تركستان الشرقية، بدءا بتحريم وتجريم تسمية مواليد الأويغور بالأسماء الإسلامية، وصولا إلى منع إطلاق اللحية للرجال و محاربة حجاب النساء، وليس انتهاء بتجريم برامج القرآن الكريم وكل محتوى إسلامي على الهواتف الذكية تحت طائلة الاعتقال والحبس.

 مواجهة مثل تلك الحملات العالمية الممنهجة ضد المسلمين في شتى بقاع الأرض تتطلب بلا شك تبلور مشروع إسلامي تجتمع عليه الدول العربية والإسلامية لمواجهة المشاريع الصفوية الشيوعية الصهيونية الصليبية البوذية...التي تجتمع جميعا - رغم اختلاف مذاهبها وتضارب مصالحها – على محاربة الإسلام والنيل من أتباعه في كل مكان .

د. زياد الشامي

المصدر: المسلم

http://almoslim.net/node/283627