مسلموتركستان مضطهدون، محاصرون في شعب أبي طالب في القرن21

 

 

الحمد لله رب العالمين الذي خلقنا وجعلنا عبدا لنفسه وأنقذنا من عبودية العباد ورزقنا الحرية الحقيقية.

والصلاة والسلام على فخر الأنام وخاتم الأنبياء الكرام محمد مصطفى صلى الله عليه وسلم، علمنا وعلم البشرية كلها ما هو السلام وما هو الأمن وما هي الأخوة؟ وكيف يرتقي الإنسان من أسفل السافلين إلى درجة أحسن التقويم؟ وأرشدنا إلى طريق صراط المستقيم بأفعاله وأقواله وأصبح لنا قدوة حسنة في زمان ومكان إلى يوم القيامة. والصلاة والسلام على آله وأصحابه الذين ضحوا أرواحهم وأموالهم في سبيل الله وأسسوا عصر السعادة وعلموا الإنسان الإنسانية...

وكذلك السلام على إخواننا المستضعفين المضطهدين والمحبوسين في العالم وخاصة في الجغرافيا الإسلامية الذين يعذبون ويشردون من قبل الظالمين في أوطانهم الذي أورثها الله لهم.

 

أيها الأخوة الكرام!

 

تركستان الشرقية: هي قلعة الإسلام الأخيرة في آسيا الوسطى منذ القرن التاسع الميلادي والتي تبلغ مساحتها إلى 1,824,000 كيلو متر مربع، وسكانها حوالي 30 مليون نسمة.

تركستان الشرقية: هي بلد خصبة التي تربى وترعرع في أحضانها أمثال محمود كاشغري، ويوسف خاص حاجب، والإمام السكاكي، وعلي شير نوائي، وعثمان باطور، ومحمد أمين بغرا وغيرها من العلماء الأجلاء والمفكرين الفضلاء والمجاهدين البواسل الذين خدموا الإسلام.

تركستان الشرقية، هي بلد المجاهدين الذين جاهدوا لإعلاء كلمة الله ولرفع صوت الحق في أرجاء البلد وأسسوا بدمائهم وأرواحهم دولة إسلامية مستقلة – ولو كانت عمرها قصيرة – وكتبوا على لوحة جمهوريتهم `الإسلام والعدالة والأخوة والحرية`.

تركستان الشرقية: هي بلد تحولت إلى سجن مفتوح في القرن الواحد والعشرين و يعيش فيها إخواننا المسلمون الملايين حياة `شعب أبي طالب` من جديد.

تركستان الشرقية: هي شعب عاشوا أحرارا آلاف السنين وتعرضوا للاحتلال في مائة سنة أخيرة وضحوا ولا يزالون يضحون كل نفيس وغال في سبيل عزة إيمانهم، ولأجل إقامة صلاتهم، ولشرف صيامهم، ولأجل صيانة حجابهم، ولأجل حب نبيهم، ولأجل إحياء سنة رسولهم.

تركستان الشرقية: هي أيتام الأمة الإسلامية الذين جاهدوا ليُسمعوا أصواتهم وقضيتهم العادلة ولكن للأسف الشديد لم يسمع أمة محمد عليه السلام أصواتهم كما ينبغي وساءوا فهمهم، بل بقصد أو بغير قصد حاولوا لتبكيم أصواتهم.

 

أيها الإخوة الكرام!

 

لا أستطيع هنا وفي وقت قصير أن أشرح لكم تركستان الشرقية كاملا، لأنه لا يكفي أنفاسي بها ولا يتحمل صبركم لسماعها. ولذا أريد فقط أن أحدثكم بشيء أراه مهما جدا والذي قابلناه بحزن شديد وإذا صح التعبير أريد تصحيح الفهم. ألا وهو بدأنا نسمع بعض المقولات في الأماكن المختلفة وخاصة في تركيا عن الأحداث التي تحدث في بلدي تركستان الشرقية. وتُصدقوا أن سماعنا بهذه المقولات من أفواه إخواننا المسلمين يُضعف أحزاننا ويجرح قلوبنا. إن أبائنا وأجدادنا الذين جاءوا من آسيا الوسطى وسكنوا في أراضي أناضول منذ آلاف السنين استقبلوا مهاجرين كثيرين من مختلف بلدان العالم واستضافوهم وأطعموهم وألبسوهم وأسكنوهم وأصبحوا أنصارا لهم ولا يزالون كذلك. ومن بين هؤلاء المهاجرين نحن أبناء تركستان الشرقية. ولا نشك أبدا من كون سكان أناضول رافعين راية الإسلام منذ آلاف السنين حتى اليوم يؤدون واجباتهم تجاه الإسلام والمسلمين. إلا أن المقولات التي نسمع في الآونة الأخيرة ومُرُّها أن نسمعها من بعض إخواننا الذين كنا نظنهم أنهم يفهموننا ويعلمون قضيتنا ويشاركون أحزاننا. ألا وهي سؤالهم لنا: `هل يوجد ظلم في تركستان الشرقية حقا؟ هل يمنع الصوم فعلا؟ هل الصلاة ممنوعة؟` وأمثالها.

وأنا أريد أن أجيب على هذه الأسئلة بأسلة أخرى، وهي: `منذ متى أصبح المسلم يطلب من أخيه المسلم المظلوم حجة تثبت مظلوميته؟ منذ متى أصبح إثبات مظلومية المظلوم بقول الظالم وتصريحاتهم الرسمية؟

نحن نقرأ حياة الصحابة، هل سمعتم أو قرأتم أن الأنصار سألوا المهاجرين – لما جاءوا إليهم فارا من ظلم قريش – يا بلال! يا خباب! يا عثمان! يا علي! قولوا لنا كيف ظلموكم قريش؟ وكيف عذبوكم لا نصدقكم حتى تثبتوا؟ يا بلال أرنا صدرك حتى نرى أثر الحجر الحار الذي وضع على صدرك. يا خباب! أرنا جرحك حتى نؤمن أنك مجروح. مثل هذه الأسئلة لا سمعنا ولا رأينا.

أو سمعتم أن المهاجرين جاءوا إلى المسجد وقالوا يا أنصار اسمعوا، ثم حدثوهم عما تعرضوا من أذى قريش والمشركين في مكة مفصلا؟ لا، لا يمكن أن تسمعوا مثل هذه الأقوال. لأن عزة المهاجرين وإنصاف الأنصار يستحيي أن يكون مخاطبا لمثل هذه الأسئلة. وتقولون الآن: إذاً كيف عرفنا هذه الأذى والمظالم؟ الجواب عرفناها بعد سنوات طويلة في عهد التابعين، بعض التابعين سألوا من الصحابة الكرام – وهم قلة – وأجابوهم بحرج ومن رواية من شاهد هذه الجلسات. وانتبهوا أقول رواية أي بيان قولي، ليس حجة رسمية.

ولا يمكن معرفة معاناة شعب يعيش في أرض مثل تركستان الشرقية التي احتلت من قبل الشيوعيين منذ عام 1949م والتي تشبه سجونا مفتوحة إلا ببيان إخوانكم الذين يعيشون هذه المعانات والمظالم والتعذيب والذين يبينون الحقائق بإرادتهم. أما إرسال هيئة أو وكالات الأنباء الرسمية أو إجراء بعض اللقاءات والمقابلات العابرة لا تفيد الحقيقة.

ألا يكفي ظلما لمؤمن اضطر العيش تحت قهر سلطة نظامها شيوعي، وتجارتها رأسمالية، ولا تعرف القيم والأخلاق والإنسانية، ولا تعترف ولا تقبل أي دين؟! وهل هناك ظلم أكبر من هذا؟

وأخيرا أريد أن أقول: نظام المسلم القرآن الكريم، وقدوته محمد عليه السلام. إذا يواجه المسلم حادثة من الأحداث أيا كانت، من واجبه كمسلم أن ينظر إليها من منظار هذين الأساسيين. ولذا نأمل من إخواننا المسلمين عندما نظروا إلى إخوانهم المظلومين المضطهدين أن يفكروا ماذا بوسعهم لتخفيف معاناتهم، ولم يخافوا من كساد تجارتهم وعلاقاتهم الدولية. لأن المؤمن يجب عليه أن ينظر من نافذة القرآن والسنة. وإذا نظر من هذه النافذة سيرى الحق حقا والباطل باطلا وسوف تنتهي معاناة كل المظلومين وعلى رأسهم تركستان الشرقية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

السيد / أبو يوسف الخوتني

 

ترجمة من التركية: حافظ تركستاني