الإرهاب في تركستان الشرقية

 

   إن النضال الوطني والمقاومة الشعبية لم تتوقف منذ أن وطئت أقدام الاحتلال الصيني أرض تركستان الشرقية ، ولما دخلت قوات الجيش الأحمر الصيني  البلاد في 12/10/1949 ثار الزعيم الوطني الشهيد عثمان باتور الذي أعدم في 29/4/1951 ، ثم أعلن الحاكم العام لمقاطعة شينجيانغ( تركستان) عن إعدام 120 ألف شخص من العلماء والزعماء المقاومين في 1/1/1952 ، واستمرت حركة التحرير الوطنية من انتفاضة و ثورة عارمة بدون توقف ، حتى أن هناك مثل شعبي يقول : ( ينتفض الأويغور في كل خمسة أعوام  و يثورون في كل عشرة أعوام ) وإذا تم تطبيق هذا المثل على واقع الحياة في تركستان المعاصرة يلاحظ أن الانتفاضات تكاد تحدث في كل عام ، والاحتلال الصيني الذي يتابع هذه الأحداث لم يكن يصنفها إرهابا حينذاك بل سماها  (أحداث ثورة  عرقية ) و حللها على أنها ثورة رجعية للمفكرين القوميين ، كما جاء في البحث الرسمي المنشور سريا بعنوان : بانئيسلاميزم وه بانتوركيزم هه ققيده ته تقيقات = دراسات حول القومية الإسلامية والتركية ) أعدته لجنة صينية برئاسة يانغ فارين ونشره أكاديمية شينجيانغ للعلوم الاجتماعية في اورومجي عام 1994م

      وعندما بدأ الإعلام الغربي يروج لظاهرة الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر2001 بادرت الصين لانتهاز فرصة توجه أمريكا وحلفائها لمحاربة الجهاد الإسلامي تحت مسمى"الإرهاب"على دعمها لأمريكا في مقابل تعاونها معها لمحاربة الحركات الوطنية التركستانية ، ومع أن تجاوب أمريكا كان محدودا ’ حيث ساعدت على تصنيف حركة تركستان الشرقية الإسلامية منظمة إرهابية من ضمن عشرات الهيئات والمنظمات التركستانية في الخارج ، إلا أن الصين التي استطاعت أن تكسب صمت دول العالم الإسلامي شنت هجوما شرسا على كل نضال وطني للأويغور قولا كان أو عملا ، وأمريكا التي كانت تراقب ذلك من دون دول العالم الإسلامي حذرت الصين من سوء استعمال تهمة الإرهاب التي تمارسها ضد المسلمين الأويغور.    

     والحقيقة إن ما يقوم به التركستانيون الأويغور  هو نضال وطني للمطالبة بحقوقهم الوطنية والإنسانية  التي كفلها لهم القانون الصيني ،  والأنظمة الدستورية التي إلتزمت بها حكومة الصين الشعبية بتوقيعها على الاتفاقيات والمعاهد الدولية أو بموجب الأنظمة الخاصة التي وضعتها لحقوق الأقليات القومية ومقاطعات الحكم الذاتية والتي تم بحثها في فصل آخر من هذا الكتاب .

     والمقاومة الوطنية كما يحدث في فلسطين وفي غيرها من البلدان التي يحتلها الأجنبي هو حق مشروع وليس إرهابا ، وقد فرق العلماء والفقهاء بين الإرهاب والجهاد والدفاع عن الوطن والنفس ، فقد صرح شيخ الأزهر الإمام الدكتور محمد سيد طنطاوي بتاريخ 17/7/2003 : أكدت أكثر من مرة أن من يقاتل دون أرضه أو ماله أو عرضه و يقتل فهو شهيد ، وأن مقاومة الاستعمار والاحتلال واجبة و بكافة الوسائل ، والجهاد حق متاح ومباح للدفاع عن النفس والأرض والعرض والمال ) كما أن سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية في بحثه (الإرهاب ووسائل العلاج) أكد : أن من يحارب و يقاتل لتخليص بلاده من الاحتلال ليس إرهابا، وكان المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السادسة عشرة المنعقدة في مكة المكرمة في الفترة من 21-26/ 10/ 1422 التي توافقها 5-10/2002 قد أصدر بيانا يوضح أن الجهاد ليس إرهابا ، فجاء في البند الخامس من البيان الذي عرف ببيان مكة المكرمة : أن الجهاد في الإسلام شرع نصرة للحق و دفعا للظلم و إقرارا للعدل والسلام والأمن ، وتمكينا للرحمة التي أرسل محمد صلى الله عليه وسلم بها للعالمين ، ليخرجهم من الظلمات إلى النور ، مما يقضي على الإرهاب بكل صوره ، فالجهاد شرع لذلك ، وللدفاع عن الوطن ضد احتلال الأرض , و نهب الثروات و ضد الاستعمار الاستيطاني الذي يخرج الناس من ديارهم و ضد الذين ينقضون عهودهم ، ولدفع فتنة المسلمين عن دينهم ، أو سلب حريتهم في الدعوة السلمية إلى الإسلام ، قال تعالى : { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم و ظاهروا على إخراجكم أن تولوهم و من يتولهم فأولئك هم الظالمون } ( 8-9 سورة الممتحنة).

  ويوضح تقرير المفوضية السامية للاجئين التابعة لمنظمة الأمم المتحدة UNHCR: United Nations High Commission for Refugees  : قد لا تحدث ثورة عارمة و لكن لا يعني ذلك أن الأويغور يقبلون الاحتلال الصيني ، وقد يقبل بعض الأويغور بذلك رغما عن أنفسهم ، وبعضهم قد يقبله خوفا من الاضطهاد الوحشي ، وأكثرهم يستعمل وسائل غير العنف للمقاومة ، مثلا يقاومون السياسة الصينية المستبدة من خلال حديثهم ، و يستعملون الأغاني الشعبية ، والفكاهة و الهجاء والملابس ، و حتى الشعر لرفض السيطرة الصينية ، مما يشير إلى فشل السياسة الصينية في شينجيانغ ( تركستان) بالرغم من مرور خمسين عاما , و لا يزال الأويغور ينظرون إليها على أنها غير قانونية و عدائية ، لأن سياسة الاضطهاد التي تمارسها لمنع  تنامي الشعور الوطني الأويغوري لم تحقق نتائجها ، وفي نظر بعض الكتاب الصينيين أدت إلى نتائج عكسية ، وفي الواقع أدت سياسة بكين إلى تعزيز الهوية الوطنية للأويغور ، ومن ذلك :أن الأويغور يرفضون سياسة تحديد المواليد ، و ينتقدون اختيار لوب نور في بلادهم مركزا لتجاربها النووية ، و يرفضون تدفق الاستيطان الصيني الذي أدى إلى التغير الديمغرافي في البلاد ، و ينتقدون استغلال ثروات بلادهم لمصلحة الصينيين ، و معاناتهم من تمييزهم اقتصاديا، وفرض القومية الصينية عليهم ومعاملتهم بالدونية والاحتقار و عمليات تذويب الهوية الشخصية لهم بفرض اللغة الصينية و الاضطهاد الديني والثقافي 

      ومع أن الصين تتهم بعض حركات النضال الأويغوري بعلاقاتها بالقاعدة و الطالبان و حركة أوزبكستان الإسلامية إلا أن بعض هذه الادعاءات مشكوك فيها و لا يوجد أي دليل يؤكد على هجوم أي منها على الأراضي الصينية ، ومع ذلك فالسلطات الصينية تصر على ربط نشاط منظمات الأويغور بالإرهاب العالمي الذي تحاربه أمريكا ، وقد أعلن حسن مخصوم رئيس ما يسمى حركة تركستان الشرقية الإسلامية استنكاره لهذه المزاعم التي اتهمته بكين بها و ذلك في تصريح إذاعي له في 22 يناير 2002.  

      ومع أن الصين تدعي أن الكثير من الأويغور تلقى التدريب العسكري في أفغانستان ، ولكن لا توجد معلومات أكيدة توضح عدد المقاتلين الأويغور ، وعدد الذين تقدرهم المصادر الغربية يتراوح ما بين 200- 300 شخصا ، والأويغور الذين اعتقلهم جنود التحالف كان انضمامهم إلى طالبان بالصدفة بسبب دراستهم في مدارس باكستان وأن تدريب بعضهم العسكري كان محدودا .

  و يحتمل أن بعض الأويغور بهدف مقاومتهم للاضطهاد الذي يمارس ضدهم اختار سبيل المقاومة المسلحة ، ولكن كل منظمات الأويغور رفضت ادعاءات بكين لها بالإرهاب أو أن الأويغور لهم علاقة ببن لادن ، بيد أن الصين استغلت أحداث 11 سبتمبر 2001 مبررا لما تمارسه من سياسات قمعية في تركستان (شينجيانغ) ولم يكن الإرهاب موجودا في الواقع إلا في الدعاية الصينية الإعلامية ، حيث رأت الصين أن تتهم الأويغور بالإرهابيين بدلا من أن تبحث عن ذلك في سياستها ، وتدخل مع الأويغور في حوار يحل الإشكاليات ، و بصرف النظر عن الانتقاد العالمي و نصائح الخبراء ، فقد شددت من قسوتها على تصفية القوميين الأويغور بالقوة ، و أعلن كل من لوو غان Luo Gan عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ، و وانغ ليجوان Wang Lequan سكرتير الحزب الشيوعي الصيني لمقاطعة شينجيانغ ( تركستان):  أن اضطهاد الأويغور سيستمر بنفس القوة في عام 2002 ، وقد تمت ترجمة سياسة الاضطهاد في صيغة إيديولوجية ، حيث نفذت السلطات الصينية في مقاطعة شينجيانغ ( تركستان) حملة استهدفت تشديد المراقبة على التعليم والثقافة في يناير 2002 ، فمثلا قرر عبد الأحد عبد الرشيد الحاكم الشيوعي السابق لمقاطعة شينجيانغ بقوله : ونحتاج في هذا الوقت لمواجهة الإيديولوجية القومية إلى إعادة تعليم الشعب وصياغة إيديولوجية جديدة ، وعلينا أن نراقب عن كثب الكوادر في أنظمة التعليم الثانوية والعليا ، وواجبنا أن نراقب نشر كل الكتب والمجلات والصحف و أعمال الفن و الأدب و يجب إعادة تعليم العمال في هذه المجالات إيديولوجيا ) ، و تم تشديد التحكم على الإعلام والنشر منذ سبتمبر 2001 ، ودعا يانغ سي  Yang Siرئيس الشرطة رسميا قوى الأمن لتكون الحرب على الانفصال هدفهم الأول ، و في يناير 2002 قال البيت الأبيض : إننا ننبه بكين أن التحالف الدولي ضد الإرهاب لا يعني تبرير الاضطهاد السياسي ، وإنما مقاومة الإرهاب يتطلب احترام حقوق الإنسان الأساسية) ولم تنجح محاولات بكين لنيل الاعتراف الدولي بقانونية ما تمارسها من اضطهاد  في شينجيانغ (تركستان)، ومما زاد حرجا في موقفها السياسي التقرير الذي نشرته منظمة العفو الدولية الذي ركز على توثيق تزايد الممارسات القسرية في شينجيانغ ، وأدى إلى أن تعيد واشنطن تحذيرها لبكين ألا تستخدم الحرب ضد الإرهاب مبررا لزيادة قمع أقليات المقاطعة ، ومع ذلك يجب أن يقال أن ما يمارس من ضغوط على بكين في هذا المجال ضعيفا.

      وكتب مراسل جريدة سانداي تايمز من كاشغر ميكائيل شريدان بعنوان : (حرب بكين ضد الإرهاب تخفي قمعا وحشيا ضد المسلمين ) : فقد أعدم إسماعيل عبد الصمد البالغ من العمر من 37 عاما بتهمة أنه مفكر سياسي مع أنه لم يقم بأي نشاط إرهابي أو قتل ولأن الصين اكتشفت أن الحرب ضد الإرهاب يساعدها على قمع الشعب التركي الذي يراقب فقدان هويته الوطنية .

  و إيلن بورك Ellen Bork  مدير قسم الديمقراطية وحقوق الإنسان في المعهد الدبلوماسي الأجنبي في واشنطن كتب عن الأحداث الأخيرة في أورومجي : ( إن الاضطرابات في شينجيانغ ليس شيئا مستغربا ، لأن السلطات تستعمل ضغوطا شديدة وعنيفة ضد الأويغور ، و سيطرة الحزب على الإعلام يعيق معرفة حقيقة ما حدث في تحول المعارضة السلمية إلى عنف ، والسلطات الصينية ألقت القبض على المئات و أرسلت الجنود و بدأت بالدعاية ضد الأويغور ، بينما شوهدت الأغلبية الصينية تحمل العصي و الفؤوس و أنابيب الحديد ، مما يعني أن تحكم حكومة الصين على الإعلام جعلت الصينيين يعتقدون أن الأويغور إرهابيون ، ويمكن مقارنة ذلك بما حدث في التبت عندما استعملت الصين العنف ضد الرهبان المسالمين ، ومثل التبتيين فالأويغور يعانون اضطهادا عنيفا في دينهم ولغتهم ، و كما التبتيون فالأويغور يبذلون جهودهم للمحافظة على هويتهم التي تستعمل السلطات الصينية شتى الوسائل لقمعها .

       وتؤكد منظمة مراقبة حقوق الإنسان أن حكومة الصين تقود حملة شاملة من القمع الديني ضد المسلمين الأويغور تحت ذريعة محاربة النزعة الانفصالية والإرهاب ، ويقول براد آدامز مدير قسم آسيا في منظمة مراقبة حقوق الإنسان أن الصين تستخدم القمع الديني سوطا في وجه الأويغور الذين ينتقدون أو يتذمرون من الحكم الصيني لتركستان ، وفي حين يتمتع الأفراد بمجال أكبر من حرية العبادة في أجزاء أخرى من الصين , إلا أن الأويغور المسلمين يواجهون تمييزا وقمعا موجها من قبل الدولة ، و تمتد الرقابة الدينية والتدخل القسري ليطال النشاطات الدينية العادية  و ممارسي النشاطات الدينية والمدارس والمؤسسات الثقافية و دور النشر ، وحتى المظهر والسلوك الشخصي لأفراد الشعب الأويغوري ، وتقوم السلطات المركزية بتقييم كل الأئمة سياسيا بشكل منتظم ، وتقيم جلسات نقد ذاتي لهم ، وتفرض رقابة شديدة على المساجد و تصفية المدارس من المعلمين والطلاب المتدينين ، وتراقب الأدب والشعر بحثا عن إشارات سياسية معادية ، ويعتبر كل تعبير عن عدم الرضا من سياسات بكين نزوع انفصالي ، ويعتبر حسب القانون الصيني جريمة ضد أمن الدولة تصل عقوبتها إلى الإعدام في الحد الأقصى ، والمسلمون الذين يمارسون دينهم بطرق لا تروق لحكومة الصين وحزبها الشيوعي يعتقلون ويعذبون و أحيانا يعدمون ، ويتم توجيه أقصى العقوبات لمن يتهمون بالتورط فيما يسمى بالنشاط الانفصالي ، ويميل المسئولون أكثر فأكثر إلى تسميته إرهابا وذلك للاستهلاك الداخلي والخارجي و على المستوى الاعتيادي ، و يحظر عليهم الاحتفال في أيام عطلهم الدينية أو دراسة النصوص الدينية أو أن يظهر الشخص دينه من خلال مظهر شخصي ، فالحكومة هي التي تختار من يمكن أن يصبح رجل دين ، وما هي النسخة المقبولة من القرآن الكريم ، وأين يمكن أن تعقد التجمعات الدينية ، وماذا يمكن أن يقال فيها.

    وقد صرح شارون هوم المدير التنفيذي لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان في الصين ومقرها هونغ كونغ : أن بكين تنظر إلى الأويغور على أنهم تهديد عرقي قومي على الدولة الصينية ، و ترى أن  الإسلام  يمثل دعامة لهوية الأويغور العرقية ، وأنها اتخذت خطوات قاسية جدا لقمع الإسلام بهدف إخضاع المشاعر القومية عند الأويغور ، وتكشف الوثائق التي تم الحصول عليها والمقابلات التي أجرتها منظمة مراقبة حقوق الإنسان وفرعها في الصين عن نظام متعدد الأطر لمراقبة و ضبط وقمع النشاط الديني لمسلمي الأويغور ، كما أكد وانغ لوجون سكرتير الحزب الشيوعي لشينجيانغ ( تركستان ): أن المهمة الكبيرة التي تواجهها السلطات في تركستان هي : إدارة الدين و توجيهه لتكون خاضعة لمهمة الحكومة المركزية في البناء الاقتصادي و حماية الوحدة الوطنية.

ونشرت جريدة إيبوش تايمز  : أن السلطات الصينية أصدرت تعليماتها لفصل إي موظف أو عامل أويغوري من عمله إذا وجد أنه لا يأكل في أيام رمضان ، وذكرت أن ذلك من الضغوط التي تمارسها ضد المسلمين لمنع ممارسة الشعائر الدينية خلال شهر رمضان ، وقد أجبرت المطاعم على فتح أبوابها و بيع الكحول في أيام شهر رمضان ، ومن يخالف يغلق و يسحب التصريح منه. بعد أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أن حركة تركستان الشرقية الإسلامية منظمة إرهابية أخذت أجهزة حكومة الصين الرسمية تدعي أن أسامة بن لادن من أنشط المؤيدين للانفصاليين في شينجيانغ ( تركستان) ، مع أنه لم توجد أدلة تؤكد ارتباط الأويغور بالقاعدة أو بالمنظمات الإرهابية الأخرى أو يبرهن أن معظم انفصالي شينجيانغ يعملون في مناشط إرهابية ، كما أكدها زانغ غوباو Zhang Guobao نائب رئيس اللجنة الحكومية لتخطيط التطوير وقد حذر الرئيس بوش الرئيس الصيني جيانغ زمين : ألا يكون محاربة الإرهاب مبررا لاضطهاد الأقليات.      

والدكتور تاش بولات طيب نائب رئيس جامعة شينجيانغ قال لأعضاء اللجنة الزائرة له في الجامعة : نحن لا نسمح لأي كان بالممارسة الدينية في الجامعة ، و أي طالب يقبض عليه متلبسا بممارسة شعيرة دينية يفصل في الحال ، وعلى الجميع التقييد بأنظمة الجامعة وعدم المشاركة في أي نشاط ديني ، ومراسل جريدة الغارديان البريطانية ايريك ت شلوسيل Eric T Schluessel كتب في14 يوليه 2009 :  أن حكومة الصين تضع قيودا صارمة على النشاط الديني في تركستان ، فإنه بموجب القانون لا يسمح لأي شاب يقل عمره عن 18 عاما بصلاة الجمعة في المساجد ، كما لا يسمح للنساء بالصلاة ، و لا يسمح لأي عضو من أعضاء الحزب الشيوعي الحاكم أن يؤدي الشعائر الدينية حتى لو كانت من المناشط التي تنظمها الأجهزة الحكومية مثل الجمعية الإسلامية الصينية ، وفي السنوات الأخيرة منع الطلاب من أداء الشعائر الدينية ، فالجامعات والمدارس تغلق أبوابها في أوقات الصلاة و تفرض عليهم تناول الوجبات في أيام رمضان ، 

       والإسلام بجملته تحت قمع حكومة الصين لأنها تعتبر الإسلام أداة تميز لهوية الأويغور ، وهي باسم معارضة الانفصال تقود حربا بصفات خاصة بها ضد الإرهاب , و مجموعات حقوق الإنسان تفيد أن الصين اعتقلت آلاف  الأويغور و أعدمت منهم عددا لا يمكن حصره ، ومنذ عام 2001 أصبح 9% من السجناء في شينجيانغ( تركستان) هم من المتهمين بتهم أمنية بينما في كل الصين لا تزيد نسبتهم عن 0,005 %(11) , وتعرف الصين جيدا أن تاريخ النضال التركستاني طويل بدأ منذ أن وطئت أقدام الصينيين بلاد تركستان وهي أقدم من ظهور القاعدة ، وأكبره ما حدث في عام 1962،  عندما اضطر آلاف من الأويغور والقازاق على الفرار إلى الاتحاد السوفيتي حينذاك ، ولم يتوقف النضال التركستاني وإن اختلف أساليبه وحدته ، وقد اعترفت الصين بذلك في الكتاب المنشور، ولكنها اتخذت الموقف الدولي من القاعدة ذريعة لإرهاب الأويغور المسلمين ليس في نضالهم الوطني المشروع ، ولكن أيضا بمنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية العادية مثل الصلاة والصيام وقراءة القران الكريم .

         وتقول منظمة مراقبة حقوق الإنسان : لا يوجد دليل على أن منظمات الانفصال الأويغورية تتلقى مساعدات من مراكز الأصوليين الإسلاميين في الخارج ، أو أن الإسلام له دور في إثارة الحركات الانفصالية ، وهناك صعوبات عديدة تقف ضد ادعاء بكين أنها تواجه الإرهاب الدولي : مثلا أن المزاعم بدعم الطالبان لمجموعات الانفصال الأويغورية في شينجيانغ غير وارد ، ذلك لأن الشريط الحدودي الصيني-الأفغاني الذي يعرف بممر واخان يسيطر عليه التحالف الشمالي المعادي لطالبان ، ولا اتصال بينهما ،و الأويغور أقرب عرقيا إلى الأوزبك وهم أقلية في أفغانستان التي يسيطر عليها الباشتون ، وباكستان أكثر اهتماما بحماية حدودها مع الصين ، وهي لا تسمح بنشاط الأويغور الانفصاليين في أراضيها ، وقد منعت الطلاب الأويغور من مدارسها الإسلامية وأغلقت منازل استضافة الأويغور في إسلام آباد ، و لا تسمح بمشاركة الأويغور في الحرب في كشمير أو في أفغانستان ، وقد تم إجراء مقابلة مع الأويغور الذين اعتقلتهم قوات الائتلاف الشمالي  تشير أن وصولهم إلى أفغانستان كان أفرادا للمشاركة في الجهاد قبل ظهور طالبان ، و لم يعرف عن عملهم إنشاء مركز عالمي ، وعلى أي حال إن مزاعم بكين بأن الاضطرابات في شينجيانغ ذات صلة بالإرهابيين الدوليين أو أنه له ارتباط بالقوى الدينية المتطرفة هو لتبرير حملاتها ضد المسلمين التي أدت إلى الاعتقالات غير المبررة ، و إغلاق أماكن العبادة و منع الممارسات الدينية التقليدية ومنع الأفراد من الممارسات الدينية الشخصية  في المكاتب والمدارس و إلى إصدار أحكام اعتباطية بالاعتقال وإعدام آلاف المسلمين الأويغور من خلال محاكمات صورية  غير عادلة في الصين التي يعتبر فيها إعدام السياسيين منتشرا ، والأويغور مثل التبتيين يعانون من المحافظة على هويتهم الثقافية التي يهددها التهجير الصيني إلى بلادهم ويواجهون الاضطهاد الوحشي لمقاومتهم القانونية أو السلمية ، والسلطات الصينية لا تفرق بين المقاومة السلمية والعنف ، وتستخدم عبارات الانفصال والتطرف الديني تبريرا لقمعها الشامل الذي تمارسه ضد الأويغور.

      ويكتب بانيان في الإيكونوميست : إن هستيريا الإبر الملوثة بالإيدز سبق أن انتشر في مدينتي تاينجين وبكين في أوائل هذا العقد ، واليوم في أورومجي حيث تدعي الصين إصابة 500 شخصا فيها بذلك ، بيد أن الفحوصات أظهرت عدم تعرض معظمهم بذلك ، والصينيون الآن يدعون تعرضهم لهجوم بالأسيد ، وهذه الإشاعات الهستيرية قضت على الثقة المتبادلة بين الصين والأويغور، واستياء الأويغور من تدفق الصينيين لبلادهم ليس جديدا ، ولكن الجديد في الأمر هو رسالتهم إلى الصينيين  أن وانغ ليجون  سكرتير الحزب الشيوعي لمقاطعة شينجيانغ( تركستان) المعروف بقسوته ضدهم قد فشل في سياسته الطاغية ولم يتمكن من حماية الصينيين .

       ويذكر ثيري كيلنيرThierry Kellner الباحث في معهد بروكسل للدراسات الصينية المعاصرة : أن تعامل الساسة الصينيين وخططهم الاقتصادية في مناطق الأويغور كانت ضد متطلبات الهوية السياسية والدينية والثقافية الذاتية للأويغور  ، وكافة أنشطة الأويغور السياسية والدينية وحتى الثقافية والاتصالات كانت دائما تحت المراقبة في أعوام التسعينات في القرن العشرين ثم تضاعفت منذ عام 2001 بدعوى محاربة الإرهاب ، ورفض الصينيون الحوار مع الأويغور باختيارهم القمع والاضطهاد ،  مما أدى إلى تزايد عدم الثقة بينهم ، ولم تؤدَ وعود التطوير السياسي والاقتصادي التي وعدتهم بها بكين ، ولم تحقق أبدا تحسين لوضعهم ، و حتى التطوير الاقتصادي الذي بدأ منذ 1990 لم يؤدِ إلا إلى تزايد الفجوة المادية بين الأويغور والصينيين ، لأن تدفق الصينيين المستمر إلى بلادهم أدى إلى صراعهم على  استنزاف ثروات شينجيانغ ، وتلاشي فرص العمل لأهل البلاد الأويغور مما جعل  الأويغور يشعرون أن التنمية التي تحدث هي ليست لهم ، بالإضافة إلى أن جشع المسؤولين الصينيين وفسادهم و سعيهم لفرض الثقافة الصينية كانت كلها عوامل كافية لإشعال نار العداء.

وتقول جريدة العامل الأسبوعية Weekly Worker  التي يصدرها الحزب الشيوعي البريطاني : ( على أي حال فإن الشيوعيين يتفقون بوضوح أن الأويغور شعب مضطهد ، وتاريخهم الحاضر والماضي يؤكد هذا بوضوح ، تماما مثل التبت ، والأويغور ضحية القمع القسري لسياسة المستعمر الشوفينية التي نفذتها سلطات الصين المركزية ، والشيوعيون يؤيدون تماما حق الأويغور والتبتيين أيضا في تقرير مصيرهم ، بصرف النظر إن كان ذلك يؤدي إلى منحهم الحكم الذاتي الحقيقي أو الاستقلال ، لأن مستقبل الأويغور ومقاطعة شينجيانغ لابد أن يقرره شعب الأويغور بنفسه بحرية بالطرق الديمقراطية ، ومن الحقوق الرئيسة للأقلية أن تقرر بنفسها حق مصيرها ، وعلى هذا لا بد أن يقرر الأويغور بأنفسهم من هم ؟ وليست بكين الدكتاتورية الفاسدة التي تفعل ذلك!

      ومن الواضح أن هذا المطلب وهو منطق سياسي بديهي ، وإن كان يؤدي إلى إنهاء احتلال الصينيين لمقاطعة شينجيانغ ( تركستان) ، لأن الشيوعية التي لا تدخر وسعا في حرية حركة الشعوب ، فإنها بنفس القوة تعترض على  سيطرة شعب على آخر أيا كان ذلك الروسي أو الصيني , الفرنسي ، البريطاني  ،  

في الواقع منذ زمن طويل تواجه الصين نشاط مجموعات دينية مستقلة والمطالبين بالانفصال الذي تعتبره الصين  جريمة ضد أمن الدولة بموجب قانون الجريمة الصيني ، ولكن يجب أن يلاحظ أنها لم تنسب ذلك أبدا إلى الإرهاب في الماضي ، وكانت  السلطات الصينية تعتبر ذلك مشكلة داخلية قبل أحداث 11 سبتمبر 2001 ، وبعد هذا التاريخ بدأت الصين تدعي علاقات نشاط الانفصاليين الأويغور بالقاعدة وأن أسامة بن لادن يمول نشاطهم وأنه يعمل مع منظمات إرهابية في غرب ووسط آسيا على شن حرب مقدسة في الصين ، ولكن المثير أن حكومة الصين لم تتمكن من إبراز أي دليل مؤكد يوضح علاقة الأويغور بالقاعدة.

        ومن نماذج الإرهاب الذي يمارسه الصينيون المهجرون بقوة من السلطات الصينية في شينجيانغ  :في شهر مايو 2009 حدث أن مدرسا صينيا اسمه زاو Zhao يبلغ من العمر 33 عاما اغتصب أكثر من 20 طالبة قاصرة في مدينة ياركند ، وعندما تقدم الأهالي بطلب معاقبته رفض مدير المدرسة ليو يو مي Liu Yu Mei ذلك . فقدم أحد أولياء الطالبات إلى أورومجي مطالبا محاكمته من السلطات المركزية فيها بيد أنها تجاهلت طلبه .

 

         ويكتب الباحث الهندي بريتي بهاتاجارجي Preeti Bhattachatji: اتهمت الصين حركة تركستان الشرفية الإسلامية بأكثر من مائتي هجوم إرهابي منذ عام 1999 ، ولكن الخبراء يقولون أنها تبالغ ، كما أن معظم الأويغور لا يؤيدون الحركة ، مع أن الأويغور محبطون من السياسة العنصرية التي تمارس ضدهم بسب دينهم ولغتهم وثقافتهم مما يتمتع به الصينيون الأغنياء من حريات .

      وكتب مراسل وكالة الأنباء الفرنسية من بكين في 13 أبريل 2005 : أن الصين تقود حملة دينية قمعية ضد المسلمين الأويغور باسم محاربة الانفصال والإرهاب ، وأن حكومة الصين والحزب الشيوعي يريان أن الحرية التي يتمتع بها الأويغور في ممارسة نشاطهم الديني غير مقبولة ، وأن على السلطات الصينية منع ذلك بأقسى العقوبات من الاعتقال والتعذيب والإعدام ، وهي تستعمل في ذلك مصطلح الإرهاب لأنها تسوق ذلك للاستهلاك الداخلي والخارجي ، وقد نفذت ذلك في  القوانين المحلية والصحف الرسمية و من خلال المقابلات التي تمت في شينجيانغ ، لأن بكين ترى أن الأويغور يهددون أمنها وأن الإسلام يدعم هويتهم القومية وتتخذ الصين سياسة متشددة لقمع الإسلام وسيلة للقضاء على الشعور القومي الأويغوري ، وقد جاء ذلك في تقرير نشرته منظمة مراقبة حقوق الإنسان و منظمة حقوق الإنسان في الصين بعنوان : الضربات القاضية – الاضطهاد الديني للمسلمين الأويغور في شينجيانغ .

         مع أن الأويغور موجودون  في أفغانستان من قبل ، إلا أن الصين بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 أعلنت أن الأويغور الإرهابيين يتدربون في معسكرات أسامة بن لادن في أفغانستان و ذكرت صحيفة يملكها الشيوعيون في هونغ كونغ أن بكين تعتزم استخدام تهديدها بالإرهاب ذريعة لتقييد حريات الأقليات بقوة أكثر ، وبينما ركزت إعلاميا على الشرور الثلاثة : الإرهاب والقومية والتطرف في شينجيانغ ( تركستان) ، فإنها عمليا تربط  الشرور الثلاثة كلها بالقوميين و ضمت إليهم المنشقين وأصبح مصطلح القومي يعني الإرهابي والمتطرف ، وادعت أن القاعدة دربت آلاف الإرهابيين وبعثتهم إلى شينجيانغ( تركستان).

     

     ومع أن الولايات المتحدة الأمريكية وضعت حركة تركستان الشرقية الإسلامية في قائمة الإرهاب وأيدت وضعها في قائمة منظمات الإرهاب المعلن عنها من قبل مجلس الأمن ، لكن كثيرا من منظمات حقوق الإنسان اعترضت على ذلك مدللة أن من قابل أسامة بن لا دن من أعضاء الحركة يتراوح عددهم ما بين 4 إلى 14 شخصا ، وقال بعض الأكاديميين الذين لهم علاقة وثيقة بالحركة : إن الولايات المتحدة قامت بتصنيف الحركة بالإرهاب ، لأنها أرادت أن تحسن علاقتها بالصين قبيل اللقاء المقرر عقده بين الرئيس جورج بوش والرئيس جيانغ زيمين في أكتوبر  2002.

      ونشرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان العالمية تفيد أن الصين منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 بدأت تخلط بين الإرهاب وبين دعوات الاستقلال التي ينادي بها الأويغور في مقاطعة شينجيانغ أويغور الذاتية الحكم ، بهدف كسب التعاون العالمي في حملتها الخاصة ، وقد استخدمت جهود محاربة الإرهاب العالمية لتبرير عنف اضطهادها في شينجيانغ ( تركستان) .

وقبل أحداث 11 سبتمبر 2001 لم تكن السلطات الصينية تفرق بين المطالبات السلمية و أفعال العنف الانفصالية ، لأن كل ذلك كان يصنف على أنها مطالبات انفصالية و تتعامل ببساطة على أنها جرائم ، ولكن بعد الأحداث اعتبرت الحركات الانفصالية أنها تستعين بالإرهابية العالمية ، و أطلقت مصطلح الانفصالية على المطالبات السلمية بالحرية الدينية والثقافية والأدبية ، ولكنها في كل حادثة تمزج بين الاثنين بالإرهاب .

         وكتب مليك كايلان : إن الثروة لن تعالج الوضع في شينجيانغ لأن الكثيرين  يلاحظون أن المستفيدين منها هم الصينيون المستوطنون فيها والذين يحصلون على معظم الأعمال ، كما أن القصة ليست الجهاد العالمي الذي يضرب استقرارها كما تدعي بكين ذلك وتطلب منا أن نؤمن به ، إذ لم يكن الأويغور جماعة دينية متعصبة ، وقد يقال أنه نوع من التطرف الإسلامي الذي نتج عن الإحباط كما حدث في الشيشان ، ولكن الحقيقة أنهم ليسوا كذلك  ، لسببين اثنين :

  • الأويغور لا يميلون إلى الجهاد لأسباب منها : المرأة ليست معزولة في المجتمع الأويغوري ، لأنها تعمل وتدرس و تمارس شؤونها مع الرجل تماما ، والمسلمون ينتهجون في إسلامهم الحياة الدينية التقليدية التي يمارسها قبائل القيرغيز والقازاق باعتدال في آسيا الوسطى ، والأويغور يتصفون بقوميتهم التركية قبل أي شيء آخر،

وخلال زيارة الرئيس عبد الله غول وهي أول زيارة لرئيس تركي  لشينجيانغ( تركستان) لم يلاحظ أحد أن الاضطرابات حدثت بعدها بأسبوع مع أنه تحدث بأن الأويغور هم جسور الصداقة بين البلدين .

  • مع أن الصين الشيوعية احتلت شينجيانغ بوعد منح أهلها حكما ذاتيا في عام 1949 ، فإنها أنكرت تاريخ شينجيانغ وحضارتها وتراثها الخاصة بها و عملت على نقل الصينيين إليها بأعداد كبيرة ، وتعمل على صبغها بالصبغة الصينية كما تعمل في كاشغر الآن ، والاستفادة من ثرواتها وتحويل الأويغور إلى عمال ومستهلكين ،والصينيون هم المستفيدون.

         ولم يترك للأويغور فرصة للتعبير عن رغباتهم  أو الشعور بما يشعر به بقية الصينيين ، ولم تكن لهم الرغبة في الهجرة إلى الصين ، ولم يستوردوا الجهاد الذي أزعج الصينيين الذين جاؤوا إليهم بدون دعوة أو شرعية سابقة .

والمسؤولون الصينيون يتهمون رابية قادر بالاضطرابات التي حدثت في أورومجي في يوم السبت ( 5/7/2009) مثلما اتهموا دلاي لاما في الأحداث التي وقعت في لهاسا في العام الماضي ، ولكنهم يتجاهلون أساس المشكلة والتي تتبلور في كيفية تعامل المجتمع الصيني مع الأويغور ، ويبتعدون عن فرصة معالجة المشكلة ، و المفروض أن الأويغور والتبتيين يتمتعون قانونيا بالحكم الذاتي ولكن بلادهما تواجه تدفق المهجرين الصينيين منذ نصف قرن ، وفي الظاهر يبدو أن الهدف هو ألا يحدث  مثلما حدث للاتحاد السوفيتي ، ويقول بعض الباحثين : إن بكين بدأت بالقبضة الحديدية منذ أوائل 1990 بعد أن تعاملت بالمرونة فترة .

و يقول نيكولاس بكيولين : إن المشكلة الرئيسة أن الصين تريد أن تنتقل من إمبراطورية متنوعة الأعراق إلى دولة تحكمها أمة واحدة ، والأويغور غاضبون من هذا منذ زمن بعيد ، والاضطراب الذي حدث مؤخرا ليس مستغربا ، وكانت جماعات حقوق الإنسان قد حذرت منه مررا .

والبروفيسور الصيني شوجي ياوShujie Yao   مدير معهد الدراسات الصينية المعاصرة قال في مقابلة له مع تلفزيون بي بي سي أن الاضطرابات التي حدثت في أورومجي مؤخرا تعود إلى عدم التساوي المادي بين الأويغور والصينيين ، وعندما تشعر الأقلية بالغبن تشتعل القضية ويكون الاضطهاد الاجتماعي والتمييز الاقتصادي وقودا لها  .

 

قوى الشر الثلاثة :

      وسياسة نظرية قوى الشر الثلاثة التي تطبقها الحكومة الصينية في شينجيانغ ( تركستان)  لمعالجة التغيرات المفاجئة السياسية الدولية في آسيا الوسطى في العقد الأخير في القرن العشرين قد تكون مقنعة في أول الأمر  ، ولكن إصرارها على تطبيق هذه النظرية أدى إلى الإضرار بقدرتها على حفظ الاستقرار الاجتماعي  فيها , ولم تكن نظرية القوى الثلاثة بناءة لمعالجة الإشكاليات ،لأنه ليس من الضرورة أن يكون الانفصال دعوة من الإرهاب أو العنف الثوري أو الالتزام الكامل بالإسلام الأصولي ، وتتهم الحكومة الصينية المقاومة كلها بتهمة واحدة غامضة ،  و لا تسمح لهم بتوضيح الجرائم التي يتهمون بها ، وترى أن أية شكوى تظهرها القوميات غير مسموح بها و يجب معاقبتهم عليها ، فالأولوية عندها  هو ترويج وحدة الأمة الصينية ، وأما القضايا الاجتماعية مثل حقوق الإنسان و الصحة وحماية البيئة و محاربة المخدرات و المساواة الاقتصادية والاجتماعية وتطبيق السياسة الخاصة بحقوق الأقليات في الثقافة واللغة والتعليم أمور تم تسييسها  أو إهمالها ، وهكذا فإن التهم الصينية بمقاومة الإرهاب تعزز من موقع المقاومة و لا تترك مجالا لحوار منطقي .

والمسؤولون الشيوعيون في محاربتهم لما يسمونه بالإرهاب إنما يركزون في خططهم التي ينفذونها ضد المسلمين الأويغور على ما يزعمونه بقوى الشر الثلاثة التطرف والانفصال والإرهاب ، وهذه القوى الثلاثة التي يتخذونها ذريعة لقمع المسلمين :

  • التطرف ، ويعني ممارسة الشعائر الدينية التي تمنعها السلطات الصينية مثل أداء الصلاة والصيام والحج ، خاصة من قبل النساء والشباب والأساتذة وموظفي الدولة والمؤسسات وقراءة القران الكريم والكتب الدينية التي لا تجيزها السلطات الصينية وتعليمها، والسلوك والمظهر الإسلامي الذي يتميز به المسلمون الأويغور ، والتعليم الإسلامي ، وإنما يهدف من استخدام شعار التطرف إلى لفت انتباه الدول الإسلامية التي تعاني فعلا من التطرف الديني ،
  • الانفصال ، بالرغم من عدم وجود حركة انفصالية سياسية أو مسلحة منظمة أو حركة جهادية مركزة في تركستان ( شينجيانغ) ، إنما كل تعبير شفوي أو كتابي أو حركي للمشاعر والأحاسيس القومية لمسلمي الأويغور تعتبره السلطات الصينية نزوع انفصالي ، ومن ذلك كتب التاريخ والأدب والتراث والتقاليد مثل (المشرب) الذي قمعته السلطات الصينية ، ولم تشهد تركستان حركة جهاد مسلح في العقود الأخيرة
  • الإرهاب ، السلطات الصينية تنفذ جملة سياسات دينية وإدارية واقتصادية وسكانية واجتماعية وتعليمية وثقافية وعمالية ضد مسلمي التركستانيين ، ومن يعترض على أي من هذه الإجراءات بأي وسيلة كانت يعتبر إرهابيا.

 وقد تناول كل الباحثين لواقع الاضطهاد الذي يواجهه المسلمون التركستانيون في مقاطعة شينجيانغ ( تركستان) ، وهذه القوى الثلاثة التي اتخذتها السلطات الصينية ذريعة لرفع وتيرة قمعها ضد المسلمين حتى تتواكب مع الشعارات التي انطلقت مع محاربة الإرهاب الدولي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001حتى تكسب تعاطف المجتمع الدولي ، و محاولة منها لربط كل ما يحدث من استياء شعبي في تركستان بالقوى الخارجية ، وبعد الأحداث الأخيرة في أورومجي شددت السلطات الصينية من قمعها ضد القوى الثلاثة ، وقد أعلن الحكم الشيوعي نور بكري لمقاطعة شينجيانغ أن الحرب ضدها معركة موت أو حياة.                                                        

    والسيدة رابية قادر رئيسة مؤتمر الأويغور العالمي التي تتهمها السلطات الصينية بالإرهاب والعنف وأنها المحرضة على الأحداث الدامية تؤكد : إن هدف منظمتنا والأغلبية العظمى من الأويغور هو أن تحل القضايا التي يواجهها الأويغور سلميا ، ونحن ندعو إلى مبادئ اللاعنف ونطالب بتحقيق الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان بالوسائل السلمية ، ونشجب كل أعمال العنف ، والشعب الأويغوري لا يشجع على ما يؤدي إلى سفك الدماء ، وقد كان يقابل وحشية حكومة الصين الشعبية بالسلم دائما ، ونعرف أن الحكومة الصينية تستعمل التهديد بالإرهاب لقمع الأويغور ، ولا بد أن تسمح بتحقيق مستقل لإثبات ما تدعيها ، ونطالب المسؤولين في بكين بتسهيل مهمة الهيئات الدولية المستقلة للمشاركة في التحقيق من المناشط الإرهابية التي تدعي حدوثها في شينجيانغ ، لأننا نجزم أن السلطات الصينية في خضم الحرب الدولية على الإرهاب تستخدم الإرهاب لتبرر اضطهادها العنصري و تذويبها الثقافي لشعب الأويغور بالقوة ويجب أن يعامل الأويغور مثل غيرهم من الشعوب وفق القانون الدولي وبالحرية والشفافية في محاكماتهم التي يشهدها الإعلام الأجنبي و يسمح لهم باختيار المحامين .

      ومعظم الأويغور يريدون أن تكون لهم دولة مستقلة مثل دول آسيا الوسطى الإسلامية و قد أظهر المسح الأول أن 60% من الأويغور يتطلعون إلى الاستقلال ، وعلى ذلك لا يفضلون استعمال اسم شينجيانغ الذي معناه الأراضي الجديد أو المحتلة حديثا لما تمارسه الصين من سياسة دمج البلاد بالصين ، والمسلمون الأويغور في كاشغر وخوتن مثلا اللتان تمثلان مركز القومية لمسلمي تركستان الشرقية أبعد من أن  تشبه بكين   .

       ومن خوتن  كتب إدوارد وونغ: توجد لوحة كبيرة معلقة عند الباب الرئيسي للمسجد الكبير تعلن عن أوامر الحزب الشيوعي : يجب ألا تزيد خطبة الإمام في صلاة الجمعة عن نصف ساعة ، الصلاة تكون في داخل المسجد لا يسمح بها في الخارج ، ولا يسمح لسكان حي من أحياء خوتن الصلاة في المساجد الأخرى أو خارجها ، وعمال الحكومة والأشخاص من الحزب الشيوعي لا يسمح لهم بدخول المسجد .

      و معنى أن تكون مسلما ممارسا لشعائر الدين في شينجيانغ معناه أن تعيش مقيدا بسلسلة من القوانين والأوامر التي تراقب انتشار ممارسة شعائر الإسلام، والأوامر المشددة  تلمس كل جانب من جوانب حياة المسلم ، والنسخ الرسمية للقران الكريم هي النسخ القانونية ، ولا يسمح للإمام بتدريس القران الكريم في جلسات خاصة ، و لا يسمح بتعليم العربية إلا في مدارس الحكومة ،وصيام رمضان وشؤون الحج من أركان الإسلام تسيطر عليهما الحكومة الصينية ، والطلاب وموظفو الدولة مجبورون على تناول الطعام في نهار رمضان ، وجوازات سفر الأويغور تمت مصادرتها في كافة شينجيانغ ( تركستان) لإجبار الأويغور على التقييد بالنظام الذي تفرضه الدولة في السفر إلى الحج،   وموظفو الدولة ممنوعون من ممارسة شعائر الإسلام ووضع المرأة الوشاح على رأسها قد يؤدي إلى إطلاق النار عليها.

       وبينما يقول وانغ ليجون : إن الحكومة مشغولة في معركة الحياة أو الموت في شينجيانغ , فإن رئيس المقاطعة نور بكري : يقول إن القضية الدينية أصبحت البارومتر لمعرفة الاستقرار في شينجيانغ ( تركستان) ، وأن القوى الغربية المعادية والقوى الانفصالية تعمل على ممارسة نشاطات دينية غير قانونية و تثير العصبية الدينية ، وأصبح الدين ميدان معركة مهمة لمقاومة الأعداء .

      والأويغور الذين يكونون 46% من سكان شينجيانغ( تركستان) يقولون أن الصينيين يضطهدونهم بسبب لغتهم ودينهم ، والكثير من الصينيين يرون أن الإسلام هو أساس المشاكل الاجتماعية في شينجيانغ( تركستان) ، ويقول أحد العمال الصينيين في كاشغر واسمه زاو Zhao  : الأويغور كسالى بسبب دينهم ويقضون جل وقتهم في الصلاة ، ولماذا هم يصلون ؟! القيود الحكومية التي تفرضها على الدين مشددة في الداخل ، وفي كل مكان في شينجيانغ ( تركستان) ، وبخاصة أن المسؤولين يعملون على منع المسلمين من أداء فريضة الحج خارج الإطار الذي يحدده الحزب الشيوعي و قد كتبت عبارات المنع في معظم الحيطان في مدينة كاشغر.

ويقول الكاتب الصيني باول لين Paul Lin في مقال بعنوان ( الإرهابيون الحقيقيون هم الذين في بكين ) : لم تكن شينجيانغ من الأراضي الصينية منذ القدم ، وإنما ألحقت كمقاطعة إلى الصين في عام 1884 ومن هنا جاءت تسميتها شينجيانغ الحدود الجديدة و تأسست فيها جمهورية تركستان الشرقية نتيجة حركة تحرير أبان جمهورية الصين وعندما احتلها الشيوعيون في عام 1949 قامت السلطات الصينية بممارسة القبضة الحديدية لتصيينها ، وطبق فيها الجنرال وانغ زين سياسة صارمة ، وبينما كان الأويغور يكونون ثلاثة أرباع سكان شينجيانغ في عام 1953 صارت نسبتهم 45% في عام 2000 ، والحياة الاقتصادية فيها يتولاها الصينيون وحكومة الصين تعمل على تصيين التعليم لحمل الأويغور على ترك معتقداتهم و اعتناق دين الصينيين .

والحكم الذاتي في شينجيانغ( تركستان)  أمر فارغ لا معنى له لأن الصينيين يحتلون المناصب القيادية فيها ، وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 بدأت الصين تصف كل أويغوري بأنه إرهابي ، والأسلحة التي يحملها الأويغور هي السكاكين وهم عادة يحملون سكاكين صغيرة في أحزمتهم  ، وهل ذلك يجعلهم إرهابيين ؟!

والأحداث الدامية التي تسبب بها الأويغور إنما هو انتقام منهم لما تمارسه الدولة من قمع دموي والسلطات الصينية تعرف أن منظمات تركستان الشرقية في الخارج ليست وراء الأحداث التي في كونمينغ أو شنغهاي ، و الأحداث التي رأينها ليست كلها مرتبطة بالحركات التحررية ، وإنما هي مظاهرات ضد الشرطة والمسؤولين الحكوميين مما يعني أن حكام الصين هم الذين يتسببون في الإرهاب بالاعتقال وإطلاق النار على الناس .

     وبالرغم أن الحزب الشيوعي أبان الحروب الداخلية وعد الأقليات العرقية في منغوليا والتبت وشينجيانغ بمنحها حق تقرير المصير في مستقبلها ، إلا أن ماو زيدونغ بعد أن استولى على الحكم رفض تقسيم الصين إلى جمهوريات فيدرالية وقرر تأسيس مناطق ومقاطعات الحكم الذاتي ، واعدا إياها بالتساوي في المعاملة مع الأغلبية الصينية ، وأجبر معظم سكان شينجيانغ (تركستان) على الانضمام إلى الصين الكبرى وقام جيش التحرير الشعبي بقمع كل من يعارض ذلك ، وبهذا تأسست مقاطعة الأويغور الذاتية الحكم في 1955 .

ومعظم الوظائف الرئيسة وكل المناصب العسكرية في شينجيانغ يتولاها الصينيون بتعيين من بكين ، و يسيطر الصينيون على الصناعات الرئيسة ومراكز الاقتصاد التي وجهت توجيها مباشرا لخدمة بكين ، وبقي المسلمون عموما يمارسون الزراعة والرعي وقليل منهم من تمكن أن يصل إلى القطاعات الأخرى ، وأما ثروات شينجيانغ (تركستان) فإنها تصادر إلى الصين حيث يتم تصنيعها و إعادة تصديرها بأسعار عالية  ، بالإضافة إلى أن شينجيانغ صارت منفى لآلاف المجرمين والسياسيين الذين يتم اعتقالهم ونفيهم إلى شينجيانغ حتى عرفت باسم سيبيريا الصين .

     وعلى الرغم أن المسلمين الأتراك لا يمثلون إلا جزءا يسيرا بالنسبة إلى أكثر من بليون صيني ، فإن الصين تعتبرهم خطرين عليها ، بسبب الموقع الاستراتيجي لشينجيانغ ( تركستان) ، وبما تضمها من ثروات غنية ومدخلا لنفوذها إلى جمهوريات آسيا الوسطى التي تزخر بالطاقة والمواد الخامة .  

ولم تتوفر أية دلائل تؤكد ارتباط الحركات الانفصالية في شينجيانغ بالقوى الخارجية بالرغم أن الصين تتهم قوى خارجية بذلك ومنها الولايات المتحدة الأمريكية .

       وفي مساء يوم 26/9/1417 الموافق 4/2/1997 وهي ليلة القدر التي يحث فيها الإسلام على التعبد والصلاة ، سارت مجموعة من النساء الأويغوريات في مدينة غولجه إلى المسجد لأداء صلاة التراويح والتهجد ، ولكن السلطات الصينية اعتبرت ذلك تطرفا ، واستعملت الضرب والركل لمنعهن من دخول المسجد بدعوى أنه تجمع غير قانوني ، وقام المصلون بالدفاع عنهن ، واستعملت الشرطة المسلحة النيران ضدهم ، وأمام هذا التصرف الوحشي قام المسلمون بمظاهرة سلمية في يومي 27و28 رمضان 1417 ، ولكن السلطات الشيوعية بوحشيتها قامت بإطلاق النيران عليهم ، مع أنهم في مسيرة سلمية للاحتجاج على الاضطهاد الديني الذي حصل بمنع المسلمات بالقوة من الصلاة ، ثم أعلنت السلطات الصينية عن مقتل تسعة مسلمين واعتقال 300 مسلما ، بينما المصادر غير الرسمية ذكرت عن مقتل 70 شخصا و اعتقال أكثر من ألف شخص .

 

       ويشير الباحث الأمريكي درو غلادني أن سلطات الصين لا تفرق كثيرا بين الحركات الانفصالية والإرهابية و الحقوق المدنية ، وقد تتهم أحدا بالإرهاب وهو مناضل يطلب الحرية ، وهل الأويغور في شينجيانغ إرهابيون أو انفصاليون أو مناضلون يطلبون الحرية ؟

     واركين البتكين نجل الزعيم الانفصالي الشيخ عيسى يوسف البتكين هو رئيس منظمة الشعوب غير الممثلة في الأمم المتحدة التي مقرها لاهاي بهولندا ، علاوة على ما لا يقل عن 25 منظمة دولية لتركستان الشرقية تعمل لاستقلالها في كل من أمستردام ، ميونخ ، إستانبول ، ملبورن ، واشنطون العاصمة ، ونيويورك أعلنت منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 نفيها عن مساعدة العنف أو الإرهاب ، مؤكدة أنها تعمل على معالجة قضية تركستان بالحل السلمي .

     كما أن كثيرا من الناشطين المحليين لا يطلبون انفصالا أو استقلالا تاما ولكنهم يعبرون عن مخاوفهم من تلوث البيئة و يطالبون بوقف التفجيرات النووية وبالحرية الدينية و تخفيض الضرائب و إلغاء تحديد النسل ، و كثيرا من زعماء الأقليات يطالبون ببساطة حكما ذاتيا حقيقيا طبقا لدستور الصين ، ومقاطعات الحكم الذاتي يديرها حاليا الصينيون الذين يحتلون منصب السكرتير الأول لحزب المقاطعة الشيوعي و المراكز القيادية).

       ويقول الباحث كولين كوكمان : إن السياسات العنصرية التي تمارسها الصين هي أساس الاضطرابات التي تحدث في شينجيانغ ( تركستان) أكثر من أي عامل آخر ، وهي التي تدفع الأويغور إلى أن يبحث عن دعم المليشيا الإسلامية لتأكد لبكين حقيقة ما تمارسها .

       وفي الاجتماع الذي ترأسه العضو بيل ديلاهونت Bill Delahunt في الكونغرس الأمريكي في 16 يونيه 2009 ذكرت المحامية سوزان بكر مانينغ Susan Baker Manning في شهادتها أن الأويغور الذين احتجزتهم القوات الأمريكية في معتقل غوانتنامو لم تثبت التحقيقات أنهم لهم علاقة بالقاعدة وأن حركة تركستان الشرقية الإسلامية لم تكن لها علاقة أيضا بالقاعدة أو بالطالبان ، كما ردت المحكمة دليل الحكومة بعلاقة الحركة بهما لعدم كفاية الدليل ، وأن ما قيل في ذلك ما هو إلا دعاية لحكومة الصين ضد الأويغور ، وأن احتجاز الأويغور في معتقل غوانتنامو لم يكن بسبب تهمة الإرهاب و إنما خوفا على حياتهم لأن إعادتهم إلى الصين سيعرضهم للتعذيب أو القتل .that they cannot be lawfully returned to China, where they would likely be tortured or killed  وأن إعلان حكومة بوش على أن حركة تركستان الشرقية الإسلامية منظمة إرهابية جزءا من سياستها لتأمين مساعدة الصين لها في حرب العراق ) .

        ومؤتمر الأويغور العالمي الذي تأسس في ميونخ بألمانيا وفي اجتماعه الذي عقد في الفترة من 16-18 أبريل 2004 وحضره ممثلو أهم منظمات الأويغور والتركستانيين في 13 دولة يقيمون فيها و يزاولون نشاطهم الوطني ، كان من أهم قراراته أنهم يلتزمون بحق استخدام الوسائل السلمية والديمقراطية واللاعنف لتقرير مستقبل تركستان الشرقية السياسي ، وأنهم ينبهون  العالم إلى تزايد انتهاك الصين لحقوق الإنسان والحرية الدينية لشعب تركستان الشرقية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.

       وتأكيدا لرغبة الشعب الأويغوري لحل الإشكاليات التي يعانيها من السلطات الصينية  بالطرق السلمية فقد دعا زعماء الاويغور حكومة الصين الشعبية إلى حوار لتفعيل الدستور الصيني لحماية حقوق الشعب الأويغوري في  البرلمان الأوروبي ببروكسل في بلجيكا فيما بين 29-30 أبريل 2010 و قد شارك معظم رؤساء منظمات الأويغور و ممثلو الهيئات الدولية والباحثون في قضايا حقوق الإنسان وقضيتا الأويغور والتبت وأعضاء من البرلمان الأوروبي في هذا المؤتمر الحواري الذي لم تشارك فيه حكومة الصين الشعبية لأنها لا تعترف بحقوق الإنسان ، و لا تعترف بمعالجة القضايا بالحوار والسلم ، بل تستخدم القوة والبطش والإرهاب  لقمع مطالب المسلمين الأويغور.

        وتقول مبعوث لوموند ديبلوماتيك الفرنسية  مارتين بولار : لم يكن أحد يتخيل قبل شهرين حصول هكذا مواجهات بين القوميات ، ولكن كان من الممكن حينها تلمس الغضب المحتقن لدى جماعة تتعرض للإهانة والتنكيل المستمرين ... وبالتالي لم يكن بالأمر العادي تحديد موعد لقاء مع أشخاص من الأويغور سواء كانوا مناضلين أم لا ، إذ كان يجب معاودة الاتصال مرارا و إجراء المقابلات في أماكن عامة ، حيث تبدأ الأحاديث و تنتهي في الشارع دون شهود ، حتى أنه كان يقتضي الأمر أحيانا تقديم الضيفة ( الكاتبة) لأمين الحزب من (عرق الهان الصيني) لإظهار أنه ليس هناك أمور تحاك في الخفاء ، فكل شخص يستضيف أجنبيا قد يتهم فورا ب" نشاطات قومية" و تلك أسوأ الاتهامات بعد " تهمة الإرهاب" .. فحسب ما يقوله عبد الرحمن وهو مهندس مدني من الأويغور يبقى التشكيك والقمع ممارسات سائدة بالنسبة إلى الأويغور .. وعندما يتحدث عن أشكال التمييز التي يتعرض لها أعضاء جماعته يخفض صوته ، وحين ينتقد مناهج التدريس دون أن يسمعه أحد يفضل أن يكتب على يده " أنه غسيل للأدمغة ".

ويقول الباحث الهندي براكريتي غوبتا : وقد كان هذا الإقليم موطنا للأويغور على مدى 2000 عاما على الأقل و بقي دولة حرة تتمتع بالاستقلالية خلال معظم الفترات ، ولكن يزعم الصينيون إن إقليم شينجيانغ الذي كان يطلق عليه في السابق تركستان هو جزء لا يتجزأ من الصين منذ قديم الأزل ، وتقليديا يتبع الأويغور مزيجا معتدلا من المذهب السني الإسلامي والصوفية المتأثرة بدرجة كبيرة بالتقاليد الريفية المحلية .

      و تنظر الحكومة الصينية إلى الأويغور على أنهم مصدر إزعاج بل وتهديد لوحدة الصين الوطنية ، وعليه فإنها تهدف إلى التخلص من شعب الأويغور بصورة تدريجية عن طريق إبادة جماعية داخل شينجيانغ ، وعندما يقاوم الأويغور هذه السياسات التي تفتقر إلى العدالة تصفهم الصين أنهم إرهابيون وانفصاليون و متطرفون إسلاميون

    ولكي  تمنع حدوث انتفاضة من أجل الاستقلال بين السكان الأصليين في المنطقة اتخذت الصين إجراءات صارمة من أجل طمس لغة ودين وتقاليد الأيغور بأقصى قدر ممكن ، و هم يعيشون في أقل مستويات العيش .

        وقد تم ترتيب النظام التعليمي في شينجيانغ على عمد للإبقاء على الأيغور متمتعين بأكبر قدر ممكن من الجهل ، وتحظر هناك المدارس الإسلامية التقليدية ، و تعتقد السلطات الصينية أن بإمكانها استيعاب المؤمنين عن طريق محو نظامهم العقائدي وفرض قيود على نظام التعليم و يقدر أن نحو 60 % من البالغين في شينجيانغ يعانون من الأمية ، و لا يستطيع الأويغور تحمل مصاريف التعليم العالي لأن معظمهم من عائلات فقيرة ، ويتم تدريس 70 % من المواد الدراسية باللغة الصينية ، وهو ما يمثل مشكلة كبيرة للأويغور الذين لا يتحدثون اللغة الصينية على نطاق واسع ، وبعد أن يتخرج الأويغور الذين يذهبون إلى مدارس لغات صينية لا يمكنهم التحدث بلغتهم بصورة جيدة ، ويستخدمون كلمات صينية باستمرار و ينسون بذلك تقاليدهم  . 

      والدكتور عبد العزيز بن عبد الله الخضيري  يكتب : لم يكن أحد يتوقع أن تصرفا أحمقا مثل الذي حدث في 11/9/2001 سيؤدي إلى ظلم عظيم للإسلام والمسلمين ، هذه الخاطرة جاءت وأنا أتابع بكل الألم والحسرة ما يحدث في إقليم شينج يانج الصيني المسلم من قتل واضطهاد و ظلم و مع ذلك ينظر إليه العالم على أنه ضمن مفهوم محاربة الإرهاب ، فحكومة الصين تطلب من العالم الوقوف معها ضد الإرهاب الإسلامي في ذلك الإقليم ، وبهذا أصبحت أي مطالبة إسلامية بأي حق مشروع سيتحول إلى إرهاب ، والأخبار تنقل لنا أن جميع المساجد في إقليم شينج يانج أغلقت و منعت الصلاة فيها منعا لانطلاق الأعمال الإرهابية منها ، وبهذا أصبح المجتمع المسلم يعذب و يقتل ، و لا يتحرك العالم لأنه أصبح يخاف من المسلمين و الإسلام و ينظر إليهم على أنهم دعاة إرهاب و قتل وإفساد في الأرض .

 

        وفي الخبر الذي نشرته جريد الرياض بعددها الصادر رقم 14991 و تاريخ 17 رجب 1430 الموافق 10/7/2010 اتهم الرئيس الصيني هو جينتاو ثلاث قوى بالوقوف وراء الاضطرابات في شينجيانغ ( تركستان) في الداخل والخارج في إشارة فيما يبدو للمتطرفين الدينيين والانفصاليين والإرهابيين ... فما هي حقيقة ذلك؟  

 

      وفي إعلان التحالف الآسيوي الحر الذي يضم ممثلو: حركة الصين الديمقراطية لما وراء البحار ومؤتمر الأويغور وجماعة التبت الدولية ، تايوان و منغوليا الداخلية جاء فيه : نؤكد دعمنا المطلق لكل ما تضمنه ميثاق الأمم المتحدة المدني والحقوق السياسية و من ذلك حق تقرير المصير لكل الشعوب طبقا للميثاق ، ونؤكد على تحالفنا على المعارضة السلمية للاضطهاد السياسي والنظام الاستبدادي السياسي لحكومة جمهورية الصين الشعبية ، ونعترف أن الحريات الأساسية و حقوق الإنسان العالمية يمكن تحقيقها فقط من خلال ممارسة الضغوط السياسية المرئية والمستمرة .

       وفي الاجتماع الذي عقد في 9/2/2009 لمجلس الأمم المتحد لحقوق الإنسان و اشتركت فيه أكثر من عشرين هيئة دولية مستقلة لبحث حقوق الإنسان في الصين أكد التقرير تعرض الأويغور لعدم المساواة في فرص التعليم والعمل ، والتمييز العنصري ضدهم ، وفرض القيود في ممارسة شعائر الدين والثقافة ، وإغلاق مواقع الإنترنت ، والتغيير السكاني لتركستان الشرقية ومعاملة الأويغور كإرهابيين  مؤكدا على توفر ثلاثة عناصر استبدادية  : منع استعمال اللغة الأويغور في  التعليم ، و تشويه ثقافة الأويغور وتاريخهم ، النقل الإجباري لفتيات الأويغور بعيدا عن موطنهم و بالتالي انتهاك حقوقهم ، و استغلال الحرب على الإرهاب وسيلة لقمع الأويغور .

  

        وقد صرح ووشي مين Wu Shimin   نائب الوزير المسؤول عن لجنة شؤون  الأقليات الحكومية المركزية في الصين محللا أسباب الأحداث في أورومجي أن قوى التطرف والانفصال و الإرهاب الثلاث في الداخل والخارج هي التي خططت و نفذت الأحداث  , و لَمْ يشترك فيها أي من أئمة المساجد في شينجيانغ .

      وذكر اثنان من رجال المخابرات الغربية أن الصين تبالغ دائما بعلاقات الأويغور بالقاعدة لاستغلالها لضرب المعارضة الداخلية و المعلومات الصينية غير موثوقة ، والاستخبارات الغربية لم تعتبر المسلمين الأويغور متهمين بالإرهاب إلى الصين ، وقال أحدهم إن القضية الأساسية أن الاضطهاد الصيني هو الذي يخلق أسباب الإرهاب ،وصحيح أن الجيش الصيني المحتل نجح في  قمع المعارضة ولكنه فشل أن يكتسب الولاء .

        وموقع شينجانغ السلام  Xinjiang Peace Net ذكر في تقريره المؤرخ في 31 مارس 2002 : أن حكومة محافظة كاشغر أقامت 2101 محطة مراقبة إلكترونية في الشوارع والطرقات والمقاهي والأسواق وغيرها من الأماكن العامة لمراقبة الناس في كاشغر ، وقالت إذاعة آسيا الحرة في 26/8/2010 أن السلطات الصينية و ضعت في بلدة أوات في ولاية أقسو أجهزة تسمع بواقع جهاز لكل خمسة عشر شخصا وفي مدينة اورومجي وضعت 60 ألف كاميرا لمراقبة المسلمين .

          وقد تزايد نمو الفوارق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المقاطعة مما أدى إلى تزايد نمو الشعور بالتهميش عند الأويغور ، بالإضافة إلى رفع مستوى دمج الأويغور بالصينيين الذي أدى إلى شعور الأويغور بخطورة الحرمان ، وتسبب في  تعميق غضب الأويغور، وتمسكهم بهويتهم وإسلامهم ، ومنذ تسعينات القرن العشرين شددت السلطات الصينية القيود على ممارسة الأويغور لدينهم الإسلام ، وهي قيود صارمة عليهم أشد بكثير مما تمارسها على المسلمين الآخرين في الصين ، وقد وثقت ذلك منظمات مراقبة حقوق الإنسان والعفو الدولية في السنوات الأخيرة .

     ويستغرب الكثير من المحللين تصنيف حركة تركستان الشرقية الإسلامية على أنها منظمة إرهابية ، وأن ذلك لم يكن إلا لتوثيق العلاقات الأمريكية الصينية فقط ، وقد ذكرت نشرة تحليل أكسفورد أن حركة تركستان الشرقية الإسلامية وغيرها لم تكن سوى كبش الفداء لتبرير زيادة الاضطهاد ، و في الوقت ذاته يشتكي كثير من الأويغور أن الغرب والولايات المتحدة الأمريكية لم تصف أي من التفجيرات التي نفذها المعارضون  في التبت بالإرهاب و لم تصنف المنظمات التبتية الداعية إلى الاستقلال عن الصين بالإرهابية  ، وكان هناك احتجاج عالمي على إعدام كاهن تبتي اتهم بالتفجير في التبت في 27 يناير 2002 ، ولذلك فموقفهم هذا يعد مستغربا .

والمنظمات التركستانية التي أعلنتها الصين إرهابية لا تتوفر عنها معلومات كثيرة في الإنترنت ، علاوة أن هذه المنظمات و المواقع التركستانية في الإنترنت لم تدعي مسؤوليتها عن أي من الأحداث ، وإن أظهرت تعاطفها مع تلك الأحداث لكونها تحديات لحكم الصين في تلك المقاطعة ، ومن الملاحظ أن الأويغور لا يدعمون الإسلام الأصولي ، كما أن البحث في مواقعهم في الإنترنت يكشف عن عدم وجود دعوة إلى الجهاد ضد الصين ، كما لاحظ كل من جانكوياك  Jankowiak  و رودليسون Rudleson  أن الأويغور الوطنيين هم علمانيون في توجهاتهم ، وأن أفكارهم في الاستقلال عن الصين إنما تقوم على رغبتهم في السيادة و حقوق الإنسان وليس على أساس ديني , وبالمقارن كثير من الأويغور المنشقين الذين اجتمعت بهم في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا و تركيا وأوروبا بالرغم أنهم ملتزمون دينيا و لكن نادرا ما سمعت أحدهم يدعو إلى حرب مقدسة ضد الصين ، وإن كانت تطلعاتهم تقوم على أسس تاريخية و أنها بلاد أجدادهم و إلى رغبة الخلاص من سوء معاملة الصينيين لهم و تحقيق تركستان الحرة.

      يقول الكاتب الصيني زاو داغونغ Zhao Dagong  : إن القنابل الانتحارية في الصين لا علاقة لها بالعرق أو بالدين ، وليست نتيجة أعمال إرهابية منظمة ، ولكنها أفعال فردية ظهرت نتيجة أحكام متطرفة لانتهاك حقوقهم ، إن انتهاك القوى الحاكمة لقانون الحقوق في مجتمع لا يسوده العدل ، والتنكر لحقوق المواطنين المدنية هي الأسباب الرئيسة التي تؤدي إلى القنابل الانتحارية ، و خلص جامي كيللي إلى ثلاث قضايا رئيسة في شكوى الأويغور من الصين : 1- حرمانهم  الاقتصادي الذي حصل من استغلال الصينيين  لثروات بلادهم بدون أن يستفيدون منها , 2- والاضطهاد الديني والثقافي  مع تكثيف التهجير الصيني إلى بلادهم ثم القمع الدموي لأي حركة تطالب ولو سلميا بتحقيق الحكم الذاتي الذي سبق أن منحهم الحزب الشيوعي الصيني  , 3- والقوى العسكرية التي تسيطر على كل مجالات  حياتهم وبلادهم.

    وحكومة الصين إنما تركز محاربتها على الشرور الثلاثة : الإرهاب والانفصال والتطرف ، ومع أن الإرهاب قليل نسبيا ، إلا أن الحكومة الصينية تصر على استعمال هذه الأنماط من المخاوف ، حتى تستعمل ردود الأويغور السلبية  تبريرا  قانونيا لتشديد سيطرتها عليهم .

    وإن منظمة حركة تركستان الشرقية الإسلامية  ETIM التي صنفت على أنها منظمة إرهابية بتوصية من الولايات المتحدة الأمريكية أصدر مركز الإعلام الواقعي في هونولو بتمويل من قيادة آسيا الهادي USCINCPAC  تقريرا خاصا عنها بعنوان : الانفصاليون المسلمون الأويغور في 28 سبتمبر 2001 لم يشير إليها بذكر عابر فحسب  بل ذكر أنه لا توجد مجموعة يمكن وصفها بذلك ، وإنما هناك مقاومة عنيفة  بتعاون مجموعات في المنفى مع منظمات في داخل شينجيانغ ( تركستان) ، و بما أنه لم يتم توضيح الأسباب التي صنفت منظمة حركة تركستان الشرقية الإسلامية إرهابية دون غيرها من المنظمات الأويغورية العديدة ، مما يوضح أنها جعلت كبش فداء لتحقيق الهدف السياسي لتعزيز العلاقات الأمريكية – الصينية ، وقد استنتج تقرير نشره تحليل أوكسفورد Oxford Analytica  أن مسألة إرهاب منظمة حركة تركستان الشرقية الإسلامية وغيرها من المجموعات إنما هو تهديد وهمي استعملته الصين تبريرا لزيادة الاضطهاد ، ومع أن الجبهة الثورية المتحدة التي يتزعمها يوسف مخلصي أدعت مسؤولتها عن التفجيرات التي حدثت في عام 1997 إلا أنها لم تصنف على أنها إرهابية ،  ويشتكي الأويغور أن التفجيرات التي تحدث بين وقت لآخر ضد السلطات الصينية في التبت لم تصفها الولايات المتحدة الأمريكية بالإرهاب ولم تؤيد الصين على اعتبار أن منظمة التبت المستقلة منظمة إرهابية ، بل وجد الراهب التبتي الذي اتهم بالتفجيرات المميتة في التبت مطالبة دولية بالإفراج عنه قبل إعدامه في 27 يناير 2002، ويشعر كثير من الأويغور بالأسى من ذلك ، وأن تصنيف مجموعة منهم بالإرهاب أنما تم لأنهم مسلمون

       وحيث إن المعلومات المتوفرة عن معظم المنظمات الأويغورية قليلة بالإضافة إلى أن المعلومات التي تنشرها لا تفيد عن مسؤوليتها عن الأحداث التي وقعت ضد الحكم الصيني في شينجيانغ ( تركستان) ، وإن كان أكثرها يتعاطف معها ، ومن المثير أن الأويغور لا يؤيدون الإسلام المتطرف و لا يستعملون مصطلح الجهاد الإسلامي ضد الصين ، وكما ذكر جانكويك و رودليسون أن الوطنين الأويغور علمانيون في توجهاتهم و هدفهم تغير الحكم الصيني في بلادهم بما يحقق السيادة و حقوق الإنسان ، وقد قابلت العديد من زعماء الأويغورفي أمريكا و كندا و تركيا و أوروبا ووجدتهم ملتزمين بالدين ولكني لم أسمع من أحدهم دعوة إلى الحرب المقدس ضد الصينيين ، وحتى أنهم لا يستعملون المصطلح المعتدل ( الجهاد الدفاعي) أو حماية الإسلام من الاضطهاد .

    وقوى الشر الثلاث التي تدعى السلطات الصينية محاربتها في تركستان وهي الإرهاب والدعوة إلى الانفصال والتطرف الديني ويشمل الممارسات الدينية غير القانونية ، فما هو التطرف الديني الذي يفسره النظام الشيوعي الصيني فقد جاء في وثيقة أصدرتها مجموعة الدراسة في لجنة الحزب الشيوعي الصيني لمقاطعة شينجيانغ ( تركستان) وهي أعلى سلطة سياسية في تركستان عن تفسير الإرهاب مايلي :

توجد في البلاد مجموعة من المفكرين الضيقي الأفق الذين يدفعون بموضوعات احترام هوية القوميات الذاتية ودينها إلى التطرف و يحرضون على ازدراء ثقافات القوميات الأخرى ، و ينظرون لهذه القضية الاجتماعية من طرف واحد ، و يروجون لمشاعرهم عن عدم الرضا عند الجماهير،ومن الأمثلة التي ذكرت لشرح التطرف الذي تدعيه السلطات الصينية أن إمام مسجد سيديتووي Sidituwei في بلدة خوتن ذكر في خطبة الجمعة :أن النساء والشابات الأويغوريات بسبب البطالة أصبحن مشردات و دعا الله عز وجل أن ينقذهن و يسهل لهن العمل و يستجيب لبكائهن ، فأمن المصلون على الدعاء ، وهذا الدعاء الذي يعتبر موضوعا عاديا لوضع اجتماعي يومي ، اعتبرته السلطات الصينية مشاعر عدم الرضا و مسألة انفصالية.

وحتى الخبراء في الدول المجاورة لمقاطعة شينجيانغ الذاتية الحكم يشككون في أن الأويغور المسلمين يشكلون خطورة لبكين وهم ينتقدون سياسة الاضطهاد التي تمارسه بكين فالسيدة فينرا غاليموفا Venera Galiamovaمن معهد الدراسات الاستراتيجية في المآتا بقازاقستان تقول : إن إصرار الصينيين على عدم الاستجابة لأي مطلب لتحقيق الحكم الذاتي  ، ولو كان ثقافيا يساعد على  تأجيج الحركة الانفصالية ، وتضيف إن إهمال شباب الأرياف ( الأويغور) لصالح شباب المدن  ( الصينيين) في شينجيانغ معناه دفعهم إلى الانضمام إلى الحركات الإسلامية ، ويعتقد باحث من المعهد كونستانتين سيروزكين Konstantin Syroezkin  أن السياسة الصينية تقود الأويغور إلى اتخاذ الإسلام عقيدة في كفاحهم الوطني .ومع أن الصين تدعي أن الأويغور هم جزء من الإرهاب العالمي ولكن نضال الأويغور أبعد ما يكون عن التطرف الديني .

وقد لعبت الصين دورا مهما لمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية في حربها ضد الإرهاب حيث أيدت مساعيها في الحصول على القرار الخاص بمحاربة الإرهاب من مجلس الأمن ، كما أنها ضغطت على باكستان لمساعدتها على حملتها العسكرية في أفغانستان ، وفي المقابل حصلت الصين على دعمها لدعم حملاتها ضد الحركات الانفصالية الإسلامية في شينجيانغ ، ولكنها ساءت سمعتها في السنوات الأخيرة ، لأن العديد من مجموعة ولجان حقوق الإنسان اتهمت حكومة الصين بسبب حملاتها الوحشية الغير مبررة بدعوى مقاومة الإرهاب و استهدفت المقاومة السياسية وممارسة الشعائر الدينية التي تمارسها الأقليات القومية أوأي نشاط تشك أنه يهدد الاستقرار والنظام في المقاطعة .

      والدكتور ميكائيل كلارك يطلب تحليل ظاهرة الإرهاب ومفهومه على أساس من السياق التاريخي  والسياسي والاجتماعي والاقتصادي ، وكيف أن المجموعات أو الأفراد الذين يشتركون أو يتفاعلون مع الأنشطة التي توصف أنها إرهابية يرتبطون بالإرهاب العالمي في أعمالهم ، و أي تطور لعنف الانفصاليين الأويغور لا بد أن يأخذ في الاعتبار السجل التاريخي لمقاطعة شينجيانغ (تركستان) و بخاصة علاقتهم بالحكومة الصينية المعاصرة .

  وتقول التقارير الإعلامية الغربية والصينية أن التأثير الديني العربي أو الأجنبي قد انتشر في شينجيانغ ، ولكن أشكال الإسلام السلفي  لا تجد ترحيبا كبيرا في أوساط الأويغور ، ويمكن أن يتحول الشباب إلى أصوليين عندما يشعرون أن لغتهم ودينهم تحت التهديد ، وإذا توجهت بكين إلى الدعم السلمي لشعائر الدين المحلية ، وأتاحت للأغلبية القومية استعمال لغتها وصيانة ثقافتها ، فإن جمهورية الصين الشعبية ستستعيد دعم الأويغور لها كما كان في ثمانينات القرن العشرين .

    والدكتور جين بنغ جونغ Chien-peng Chung  أستاذ العلوم السياسية في جامعة  لينغنان Lingnan في هونغ كونغ يقول :  بعد أحداث 11 سبتمبر 2001اعتبرت الصين محاربة الإرهاب جزءا من سياستها الدولية لتستغل علاقتها مع أمريكا ، وتبرر ما تمارسه ضد الأنشطة التي تراها إرهابية في أراضيها ، و أحداث 11 سبتمبر 2001 لا ينبغي أن تؤخذ على أنها بداية حرب الصين ضد الإرهاب ، و لكن يجب دراسة الأحداث التي كانت تجري في الصين قبل هذا التاريخ ، فقد حدثت مظاهرات في منغوليا الداخلية قمعها الجيش بالقوة وأدت إلى وفيات عديدة في عامي 1989 و 1990 ، و أعمال الإرهاب أو العنف السياسي مظاهر لقضايا جذرية ، لا يمكن بالقمع وحده معالجتها ، وكما في كل مكان لا يمكن تفسير الإرهاب منفصلا عن الظروف التي تسببت في ظهوره ، إذ لا بد أن ينظر إليه في سياقه العام ، و  بخاصة أن الإرهاب مصطلح يستعمل ضد الانفصاليين و المجموعات الدينية غير الرسمية في مناطق الحكم الذاتي للأقليات العرقية في شينجيانغ و التبت ومنغوليا الداخلية .

    و الإرهاب في لغة بكين هو أحد الشرور الثلاثة ، لأنها تعتبره مع االقومية والتطرف الديني تهديدا يهدد الأمن الوطني والاستقرار الإقليمي ، و على ضوء ذلك إن هذا التركيب الثلاثي الإرهاب و القومية و الدين يرتبط بالخوف و الاستياء و أن آمال معظم الأقليات العرقية لم تجد وسيلة لتعبر عن مشاعرها غير ذلك ، كما أن مصطلح الشرور الثلاثة يعني أن الحرية الدينية و الحكم الذاتي و مستوى المعيشة و الحقوق السياسية للأقليات القومية لم تتم معالجتها .

 

 بقلم الأستاذ توختي آخون أركين  "قراءات في قضية مسلمي تركستان الشرقية"