ضحايا العنصرية بالصين يروون مأساتهم

 

علي أبو مريحيل-بكين

كغيره من الشبان الإريتريين، لم يكن أمام الشاب مختار للهروب من "الإقصاء" ببلاده سوى الهجرة، إما عبر القوارب إلى أوروبا أو بتأشيرة سياحية إلىالصين، ولأنه لم يجد المال الكافي للتهريب عبر البحر اختار الصين ملاذا، دون أن يعلم أن تلك الخطوة التي أقدم عليها قبل ثلاث سنوات ستؤدي إلى زيادة معاناته.

وصل مختار إلى مدينة غوانغ جو (جنوب الصين) عام 2013، أملا في إيجاد فرصة عمل مثل أقرانه الذين سبقوه، ففوجئ بأن المدينة الحلم التي تضم أكبر تجمع للمهاجرين الأفارقة في آسيا (مئتا ألف مهاجر أفريقي) تضج بالعنصرية.

كانت الصدمة الأولى لمختار في مطار المدينة لحظة وصوله، حين داعب بكفه رأس طفل صيني عابر لا يتجاوز عمره العامين، فهرعت أمه تمسح وجه طفلها وعيناها تحدقان به كأنه ارتكب جريمة، ليدرك لاحقا أن الصورة النمطية في الصين عن الأفارقة أنهم ناقلو أوبئة وخاطفو أطفال وتجار مخدرات.

أما الصدمة الثانية فجاءت بعد دقائق، حين سأل سائقا صينيا عن حي "شياو بي" فرد السائق: هل تقصد حي القرود؟ ليكتشف أن الصينيين أطلقوا على الحي هذه التسمية العنصرية لأنه يجمع الأفارقة في المدينة التي يسميها البعض "مدينة الشوكولاتة". 

يقول بكر للجزيرة نت إنه تقدم للتدريس في أكثر من مدرسة، فكان يُرفض للسبب نفسه، وعندما تم قبوله بمدرسة خاصة في مقاطعة خونان تفاجأ المدير بلون بشرته منذ اليوم الأول، فطلب منه الانتظار إلى حين معاودة الاتصال به، وبعد يومين أخبره بأنه مرفوض، وحين سأله عن السبب أجاب "لأنك أسود، لا نريد أن نخيف أطفالنا".صور عنصرية
موسى بكر طالب نيجيري تخرج في جامعة بكين للغات قبل عامين، وتقدم لوظيفة في التدريس فقوبل بالرفض رغم كفاءته، لأن بشرته سوداء.

أما الطالب السوداني صلاح فيقول إنه لا يرغب في البقاء بالصين رغم الظروف السيئة ببلاده، بسبب ما يتعرض له من مضايقات عنصرية في الشوارع والأسواق، مضيفا "لا أشعر بإنسانيتي إلا في المسجد، حيث لا تطالني نظرات الفضوليين الذين يظنون أن لون بشرتي طبقة من الأوساخ".

ولا تقتصر العنصرية في الصين على هذه القصص؛ ففي 27 مايو/أيار الماضي أثارت شركة تنظيف صينية ضجة كبيرة بعد استخدامها شابا أفريقيا في إعلان تلفزيوني، وذلك بإدخاله في غسالة مع مسحوق غسيل ليخرج بعد دقائق شاباً آسيوياً أبيض البشرة.

كما أثارت شركة معجون أسنان صينية ضجة كبيرة عام 1990 حين سمت منتجاً لها "معجون أسنان الرجل الأسود".

وخلال أزمة الصين مع دول الجوار بشأن النزاع في بحر جنوب الصين، علّق بعض أصحاب المطاعم لافتات كُتب عليها: "لا نستقبل اليابانيين، والفلبينيين، والفيتناميين، والكلاب".

هامش أمان
من جهته، يرفض الباحث بمعهد شينخوا للعلاقات الدولية وانغ بينغ أن يتهم الشعب الصيني بالعنصرية بسبب ملصق دعائي أو "حالات فردية"، مؤكدا أن الصين باتت منفتحة على العالم أكثر من ذي قبل، لكنه يشير إلى أن التجاوزات القانونية التي يقوم بها بعض الأجانب -خاصة الأفارقة- مثل تجاوز مدة الإقامة التي يترتب عليها العمل غير النظامي، تؤدي إلى تكوين صورة سلبية لدى الصينيين.

ويوضح وانغ في حديثه للجزيرة نت أن حالة العزلة التي عاشها الصينيون قبل سبعينيات القرن الماضي حتمت عليهم أن يحافظوا على مسافة من الآخرين، ما لم يبادر الآخرون باختصار المسافة أو إلغائها بدماثة أخلاقهم وحسن تصرفاتهم.

http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2016/8/1