سقف العالم تخطيط المستقبل أم زراعة المشاكل

 

هضبة التبت وجبال الهيمالايا ( سقف العالم )

منطقة شاسعة شديدة الارتفاع وعرة التضاريس وهي منطقة تلتقي وتتقاطع  بها حدود ومصالح الكثير من الدول كالهند والصين وكشمير وباكستان ونيبال بوتان بنجلاديش ومنطقة الهند الصينية ودولها المتعددة فيتنام كمبوديا تايلاند بورما.

ينبع من هضبة التبت وجبال الهيمالايا أكبر تجمع للأنهار في العالم من أشهرها أنهار الأصفر ، يانجتسي ، ميكونج ، براهما وغيرها وأغلبها أنهار دولية ويعتمد على أنهار تلك المنطقة نحو 50% من سكان العالم . وقد ظلت أغلب أنهار المنطقة بعيدة عن إقامة السدود نظرا لوفرة المياه بدول المنطقة وعدم الحاجة لتخزين المياه لأغراض الزراعة بل إن دول المنطقة في كثير من الأوقات تعاني من غزارة الأمطار ومن ثم الفيضانات التي تضربها موسميا . ومع تصاعد حاجة الهند والصين وبعض الدول للطاقة ورغبتهم في الحصول على الطاقة الكهربية الرخيصة فقد بدأ التنافس والاتجاه نحو إقامة السدود على تلك الأنهار التي تندفع فيها المياه من ارتفاعات عالية الى أودية الأنهار السحيقة.

وقد سبقت الصين بإقامة السدود على الأنهار النابعة من الهضبة لمختلف الأغراض لتوليد الكهرباء والتحكم في المياه ، كما تخطط الهند لبناء نحو 292 سدا تسهم بنحو 6% من حاجتها للطاقة  وتنوي باقي الدول إقامة نحو 129 سدا ، وستقع تلك السدود في نحو 28 من 32 واديا ضخما لأنهار المنطقة وبمعدل سد كل 32 كم من مجاري الأنهار وذلك في خلال العشرين سنة القادمة وإذا ما تم ذلك المخطط فسيكون هذا أكبر تجمع للسدود في العالم ، ومن المتوقع أن يؤدي ذلك الى نتائج كارثية على البيئة في المنطقة التي تعاني من تقلبات المناخ الموسمية الحارة كما ستؤدي عمليات تهجير السكان من مناطق تخزين المياه الخاصة بالسدود نتيجة غرق مساكنهم ومزارعهم.

فضلا عما قد تؤدي إليه تلك العملية من نزاعات سياسية بين دول المنطقة نتيجة التأثيرات السلبية للسدود على دول ومناطق مصبات تلك الأنهار.

ويبدو أن نهم الصين والهند للطاقة لتلبية حاجتها المتزايدة لها يجعلهما يغضان الطرف عن الآثار السلبية المتوقعة لتكل العملية . فهل مصلحة اللحظة الراهنة أهم من مصالح الأجيال القادمة في المستقبل القريب والمشاكل التي قد تحدث لها من آثار بيئية سلبية أو صراعات سياسية وحروب قد تكون الصين طرفا أساسيا فيها فالصين بارعة فى البحث عن مصالحها الذاتية بغض النظر عن النتائج وما قد تسببه من مشكلات لغيرها .

د/ عز الدين الورداني