مخاوف من اختفاء كوميدي إيغوري منذ 3 شهور

الفنان الأويغوري عادل مجيد مع عدد من المعجبين/الشبكات الاجتماعية

انتشرت مخاوف بعد اختفاء كوميدي إيغوري، بعد أن سحبت السلطات جواز سفره، ثم انقطع اتصاله مع عائلته فجأة في ظل حملات تشنها الحكومة ضد مشاهير الأويغور.

عادل مجيد هو جيم كاري الإيغوري
يقول أرسلان مجيد هداية إنه لا يوجد شخص واحد بين الإيغور لم يسمع بصهره عادل مجيد.

ويضيف أرسلان، البالغ من العمر 31 عاماً، ومولود في سيدني بأستراليا لأبوين من أقلية الإيغور المسلمة في الصين: «لدينا مقولة في اللغة الإيغورية تقول: «من 7 لـ70″ وأي شخص في الفترة بين هذين العمرين سيعرفه. هو واحد من الصفوة. وحين تفكر في الكوميديا تفكر به».       

إذ قضى مجيد، البالغ من العمر 55 عاماً، 30 عاماً يشارك في مسرحيات وعروض أوبرا ضمن فرقة فنون حكومية في إقليم شينغيانغ، الذي يقع أقصى يسار الصين ويُعَد موطناً لـ12 مليون إيغوري.

https://www.youtube.com/watch?v=MZKQNcjLFDw 

ويُشبِّه هداية صهره مجيد بالممثلين الكوميديين الأمريكيين آدم ساندلر وجيم كاري والكوميدي الأسترالي كارل بارون.         

اختفى فجأة منذ 3 شهور   
على مدى عقود، كان مجيد شخصية عامة يتعرف الناس عليه أينما ذهب في شينغيانغ، لكن لم يرَه أحد منذ ما يزيد على 3 أشهر.     

ويعيش هداية مع زوجته أديل، ابنة مجيد، وطفليهما، ووالدة أديل وأخيها في مدينة إسطنبول التركية.

وفي مكالمة هاتفية مع صحيفة The Guardian البريطانية، قال هداية: «وُلِدَت ابنتي الثانية في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، وتواصلنا معه حينها، وأعرب عن ارتياحه بأنَّ ولادتها سارت على ما يرام، لكن منذ اليوم التالي لم نسمع عنه أية أخبار».    

وتعتقد عائلة مجيد أنَّه أُخِذَ، مثل نحو مليون آخرين، إلى واحد من مئات مراكز الاعتقال التي بنتها الحكومة الصينية في إقليم شينغيانغ على مدى السنوات الماضية. ولم تُجب وزارة الخارجية الصينية عن التساؤلات حول مكان وجود مجيد.    

القمع الصيني للإيغور
تدافع بكين عن هذه المخيمات، وتسميها «مراكز تدريب مهني» حيث يتعلم الدارسون اللغة الصينية (الماندرين) والقانون الصيني، ومهارات حرفية.

بيَّد أنَّه وفقاً لروايات معتقلين سابقين وأقرباء أشخاص أرسلوا لتلك المعسكرات، هذه المراكز هي في الواقع سجون يخضع فيها النزلاء، وغالبيتهم مسلمون، إلى التلقين السياسي والاحتجاز التعسفي والإساءات الجسدية والنفسية.   

وعلى مدى سنوات، مارست السلطات الصينية حملات قمعية ضد مظاهر تعبير الإيغور والمسلمين عن ثقافتهم، من خلال حظر ارتداء الحجاب والزي الإيغوري التقليدي وإطلاق اللحى.

إلى جانب أنَّ المسؤولين شنوا حملة «مناهضة للحلال»، مع إخضاع المساجد للمراقبة الدقيقة أو هدمها. وتقول الصين إنَّ هذه القيود تهدف لمنع التطرف الإسلامي والنزعات الانفصالية.       

والآن يبدو أنَّ السلطات أصبحت تستهدف الرموز الثقافية البارزة للإيغور.

وفي هذا الصدد، قالت رايتشل هاريس، باحثة معنية بالثقافة والموسيقى الإيغورية في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن: «من الواضح أنَّ هناك سياسة متعمدة باستهداف قادة الثقافة؛ سواء ضد الكتاب أو الأكاديميين أو الفنانين، ما يفاقم من شدة الإبادة الجماعية لهذه الثقافة».

مجيد ليس أول مشهور إيغوري يختفي
من بين الشخصيات التي تعرضت للاختفاء: سانوبار تورسن، مغني فولكلور مشهور، ورشيد داوود، مغني بوب، والمغنية زهيرشاه التي انطلقت مسيرتها الفنية من المسابقة الغنائية الشهيرة Voice of the Silk Road، والشاعر أبلكيم كيلكن، ومغني البوب والفلكلور بريد محمد، وأبلجان أيوب، مغني البوب الذي أطلق عليه «جاستن بيبر الإيغور».             

وتقول هاريس إنَّ اعتقال أشخاص مثل مجيد يضر بمجتمع الإيغور بأكمله. وتوضح: «يسود خوف شديد هنا من أن ما يخضع للتهديد هي الهوية والثقافة واللغة الإيغورية. إذ يخشون (الإيغوريون) من وجود مشروع يهدف لمحو هذه الهوية، وهي شيء يتمسكون به بقوة. ومن ثم فحين يُعتقَل أشخاص مثل (مجيد)، يصبح لديهم قوة رمزية هائلة».                 

وفي وقت مبكر من الشهر الجاري، نشرت وسائل الإعلام الصينية الحكومية مقطع فيديو للموسيقار الإيغوري الشهير عبد الرحيم حياة، الذي اختفى عام 2017؛ لتدحض شائعات موته. وفي الفيديو، أكد حياة أنَّه بصحة جيدة، و «لم يتعرض قط للإساءة».  

وبدلاً من أن يثير هذا الفيديو موجة ارتياح، دفع عائلات الإيغور في كل مكان في العالم لطلب نشر فيديوهات مماثلة تثبت أنَّ أحباءهم لا يزالون على قيد الحياة، تحت هاشتاغ باسم #MeTooUyghur (أو #أنا أيضاً إيغور).

حملات دعم لمجيد بعد سحب جواز سفره ثم اختفائه المفاجئ
كذلك نظمت عائلة مجيد حملة مشابهة تحت هاشتاغ #FreeAdilMijit (أو #الحرية لعادل مجيد).  

 

وتضيف صيحات العائلات الإيغورية هذه مزيداً من الضغط على بكين، التي تواجه بالفعل انتقاد دولي متزايد حول ما يحدث في شينغيانغ .

وما يجعل قضية مجيد استثنائية أيضاً هي حقيقة أنَّ له صلات مع الحكومة؛ وهو ما يشير إليه ناشطون على أنَّه علامة على أنَّه لا أحد من الإيغور بمأمن مهما يكن. إذ إنَّ مجيد بصفته مؤدياً فنياً مع فرقة تابعة للدولة، يُعَد موظفاً لدى الحكومة منذ ما يزيد على 30 عاماً.           

واعتقد مجيد وعائلته أنَّ علاقاته طويلة المدى مع الحكومة ستوفر له الحماية.   

وقال هداية: «أعتَقَد أنَّه محصن.. لو كنا نعلم أنَّ هناك احتمالية ولو 1% (لاعتقاله)، لكنتُ مزقت جواز سفره، وقلت له: آسف رفيقي، لكنك ستبقى هنا معنا».       

وقد صادر مسؤولون جواز سفر مجيد لدى عودته إلى الصين بعد زيارة لعائلته في تركيا في يونيو/حزيران 2017. وخلال تلك الزيارة، أخبر مجيد عائلته أنَّ زملاءه بدأوا يختفون وأن مسؤولين حكوميين حضروا إلى مكتبه ووزعوا على الأشخاص استمارات وأجبروهم على أن يحددوا فيها ما إذا كانوا مسلمين أم لا.          

من جانبها، رجته العائلة أن يبقى معهم في تركيا، لكن مجيد أصر على العودة إلى شينجيانغ.

وقال هداية: «قال لنا: انظروا أعرف أنَّ الموقف سيئ جداً. أحتاج للعودة إلى هناك لأنشر البهجة في مجتمعي. أحب مجتمعه. لم يشعر أنَّ ذلك صائباً (البقاء في تركيا)، كان ليشعر بالذنب (من حريته) بينما مجتمعه يتعرض للاضطهاد. شعر أنه يدين لهم بالبقاء هناك حتى النهاية».