باحث ألباني يقول: إن زيارة معسكرات شينجيانغ تؤكد صحة تقارير وسائل الإعلام الغربية

أولسي يازجي (يمين) يستمع إلى معالج أثناء جولة في مسجد في مدينة آقسو، في منطقة شينجيانغ 21 أغسطس 2019.

  سافر باحث ومعلق ألباني إلى الصين بناء على دعوة من بكين هذا الشهر لنفي ما يُعتقد أنه تغطية إعلامية غربية متحيزة للحبس الجماعي للأويغور في منطقة شينجيانغ (تركستان الشرقية)، وقال إن تجربته هناك قد أكدت صحة التقارير.

 وقد اختارت الصين أولسي يازجي، وهو محاضر جامعي حاصل على درجة الدكتوراه في الدراسات القومية، للمشاركة فى مؤتمر للصحفيين فى شينجيانغ من 16 إلى 24 أغسطس، قام خلاله بجولة فى عدة معسكرات اعتقال حيث يُعتقد أن السلطات إحتجزت أكثر من 1.5 مليون من الأويغور والأقليات المسلمة أخرى وتتهمهم بـ"التطرف الديني" و"الغير صحيحة سياسياً" منذ أبريل 2017.

 وقال في مقابلة أجرتها معه إذاعة آسيا الحرة قسم الأويغور مؤخراً، كانت لدي وجهات نظر إيجابية حول الصين وسياستها الخارجية، وأعتقد أحيانا أن الصين تُعامل بشكل غير عادل من قبل الغرب. وأضاف ربما هذه هي إحدي الأسباب التي دعتهم لإختياري للمشاركة في هذا المؤتمر.

 يبدو أن التقارير التي تفيد بأن الصين كانت تبني معسكرات اعتقال واضطهاد الأويغور لا تصدق ... كنت متلهفا جداً للذهاب إلى شينجيانغ لأنني أردت أن استكشف بنفسي ما يحدث هناك. ولكن بعد الزيارة، وجدت أن الكثير مما نسمعه في الغرب عن الصين ليس في الواقع أخباراً مزيفة.

 وقال يازجي إنه بعد وصوله، حصل على جولات في العاصمة أورومتشي، وكذا مدينتى آقسو الإقليميتين، حيث أبلغه المسؤولون بالمنطقة مع زوار آخرين بأن المنطقة تنتمي تاريخياً الى الصين، في حين أن الأويغور وغيرهم من المسلمين الذين يعيشون هناك هم أحفاد "الغزاة"، ثقافتهم أدنى من ثقافة الصينيين من الهان.

 وأفاد أيضاً، لقد كانت هذه الرواية الرسمية صادمة للغاية بالنسبة لنا، ويمكن أن نراها وضعت موضع التنفيذ عندما زرنا مراكز الإحتجاز الجماعي ... إن أصدقاءنا الصينيين يسمونها "معاهد التدريب المهني"، ولكن الذي رأيناه هو نوع من الجحيم.

 وفي حين نفت بكين في البداية وجود المعسكرات، غيرت الصين هذا العام مسارها وبدأت تصف المرافق بأنها "مدارس داخلية" توفر التدريب المهني للأويغور، وتثبط التطرف، وتساعد على حماية البلاد من الإرهاب.

  لكن التقارير التي نشرتها إذاعة آسيا الحرة قسم الأويغور وغيرها من وسائل الإعلام تشير إلى أن الموجودين في المعسكرات محتجزون ضد إرادتهم ويخضعون للتلقين السياسي، ويواجهون بشكل روتيني معاملة قاسية على أيدي المشرفين عليهم، ويعانون من سوء التغذية والوجبات الغذائية السيئة والظروف غير الصحية في المرافق المكتظة في كثير من الأحيان.

 وقال يازجي إن المسؤولين عن مجموعته رفضوا التقديرات الغربية لعدد الإعتقالات على إنها مبالغات، وقالوا له إن 500 ألف شخص فقط من الأويغور محتجزون حالياً فيما مجموعه 68 معسكراً، تم إحضار العديد منهم في وقت لاحق في زيارات منسقة للغاية.

  في مدرسة أونسو للتدريب المهني في محافظة آقسو - وهو أول معسكر زارته المجموعة - قال يازجي إنه كان يتوقع رؤية الانتحاريين والإرهابيين والقتلة والمجرمين، ولكن ... إكتشفنا أن السجناء كانوا أشخاصاً أبرياء. وأضاف إن الجريمة الوحيدة التي ارتكبوها هي أنهم مسلمون أويغور.

 وقد تم ترتيب الجولات التي نظمتها الحكومة في معسكر في آقسو وأماكن أخرى في وقت مبكر، وفقا ليازجي، وتم جلب مجموعات مختارة من الشباب الأويغور من الرجال والنساء لأداء الموسيقى والرقصات له وللمشاركين الآخرين في وسائل الإعلام من الهند، وتركيا وأفغانستان، ودول أخرى.

 وأضاف، لقد فهمنا أنه كان فخاً وقلنا لأصدقائنا الصينيين أننا لم نأت من أجل حفلة ... أردنا التحقيق فيما يجري - من هم هؤلاء الأشخاص، وما هي الجرائم التي إرتكبوها، ولماذا كانوا محتجزين هناك؟.

"غادرت حفلة الرقص وخرجت لتفقد الظروف في مركز الإحتجاز، وحاولت مقابلة بعض الأطفال الذين يقومون بأشياء أخرى هناك، لكن أصدقاءنا الصينيين غضبوا مني جداً، وقدموا أعذاراً حول سبب عدم تمكني من التحدث معهم.

مسؤولون مصابون بجنون العظمة

وفي وقت لاحق، أُحضر يازجي وآخرون لرؤية المحتجزين يدرسون، وسأل مدربهم عن سبب إحتجازهم هناك رغماً عنهم.

 وقال: كان المدرب يقول لي إنها مدرسة مهنية، ولكن عندما سألتهم عما إذا كانوا أحرارا ً في العودة إلى ديارهم، قال: لا، لا يمكنهم المغادرة. بطريقة ما، ثبت لنا أنه يتم إحضار هؤلاء الأطفال ضد إرادتهم في هذه السجون.

 وعندما خاطب يازجي الأويغور في المعسكر بتحية المسلمين التقليدية "السلام عليكم"، قال إنهم إستجابوا بتحية الماندرين الصينية بـ "ني هاو"، وقالوا إنهم لم يحددوا هويتهم كمسلمين ولا يؤمنون بالله. لأنهم يؤمنون بالعلم والحزب الشيوعي الصيني الحاكم.

وقال: ما فهمناه من زيارة مراكز الإحتجاز الجماعي هذه هو أن المحتجزين ممنوعون تماماً من التحدث بالأويغورية ويضطرون إلى التحدث باللغة الصينية طوال الوقت، فضلاً عن التخلي عن دينهم.

  بدأت أفهم أن الصين بنت هذه المراكز لإضفاء الطابع الصيني على الأويغور. إذا كانوا يريدون الخروج من معسكرات الإعتقال، فإن الشرط هو أن يتخلوا عن هويتهم الأويغورية، والله، وإيمانهم بالإسلام، ولغتهم الأويغورية، وبدلاً من ذلك يتحدثون دائماً باللغة الصينية الماندرين ويعترفون بسيادة الحزب الشيوعي.

 وقال يازجي إن المسؤولين الذين كانوا بصحبته أوضحوا أن السلطات تأمل أيضاً فى إستيعاب الأويغور من خلال جلب العمال والمستوطنين الصينيين من الهان إلى شينجيانغ، وتقديم حوافز إقتصادية تمزج بين مجتمعات الأويغور والهان الصينية معاً، وتلقين الأويغور بالثقافة الصينية واحترام الحكومة من خلال السجن الجماعي، مضيفاً أنهم نادمون لعدم تنفيذ هذه السياسات خلال السبعينات.

  وصف المسؤولون بأنهم مرتابون، وقال إنهم لن يسمحوا لأعضاء المجموعة بإجراء مقابلات مع أي شخص - حتى الأشخاص الذين مروا بهم في الشوارع - في حين أن أفراد الأويغور كانوا يخشون التحدث إلينا.

وقال يازجي: أخبرونا أنهم يعرفون أننا رأينا أشياء لم نحبها في زيارتنا، لكنهم لا يريدوننا الإبلاغ عن أي شيء سيء عنهم.

 ذهبت إلى الصين بنية حسنة في التصدي للرواية التي نسمعها من الغرب، ولكن ما رأيته كان مروعاً حقاً ... ما تعلمناه من زيارتنا هو أن حكومة شينجيانغ كانت تنفذ سياسات انتقائية لمعاقبة مسلمي الأويغور.

جولات منسقة

 وفي مقابلة حديثة مع شبكة إيه بي سي نيوز ABC News، أدريان زينز، الباحث المستقل الذي يدرس سياسات الأقليات في الصين، والذي طرح لأول مرة التقدير المقبول الآن على نطاق واسع والذي يقدر بـ 1.5 مليون من الأويغور والأقليات المسلمة التي يُعتقد أنهم قد احتجزوا في المعسكرات، كان قد أشار أن الجولات إلى المرافق يتم تنظيمها قبل وصول وسائل الإعلام.

 وقال زينز لشبكة إيه بى سى التى مُنحت مؤخراً جولات نادرة بالكاميرا لمركز في محافظة يني شهر بمحافظة كاشغر وأخرى فى مدينة آرتوش في قيزلسو قيرغيز (مقاطعة قيزلسو قرغيز ذاتية الحكم) إن أبحاثي أظهرت أن هذه المعسكرات يتم تعديلها قبل الزيارات.

وقال: تظهر صور الأقمار الصناعية قبل وبعد ذلك أنه قبل عدة أيام من السماح بالزيارات، أزيلت من هذه المعسكرات أبراج المراقبة وغيرها من السمات الأمنية مثل السياج المعدني.

 وفى نهاية جولتها التي تقودها الحكومة قالت إيه بى سى نيوز إنها طلبت من المسؤولين الصينيين رؤية مراكز أخرى في شينجيانغ، وخاصة تلك التى أظهرتها صور الأقمار الصناعية، وبها أسوار من الأسلاك الشائكة وأبراج مراقبة، ولكن تم رفض طلبها.

 وقد أدت السجون الجماعية في شينجيانغ، فضلاً عن السياسات الأخرى التي يُنظر إليها على أنها تنتهك حقوق الأويغور وغيرهم من المسلمين، إلى زيادة دعوات المجتمع الدولي لمساءلة بكين عن أفعالها في المنطقة.

 وفي الشهر الماضي، في المؤتمر الوزاري للنهوض بالحرية الدينية في واشنطن، وصف وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو معسكرات الاعتقال في شينجيانغ بأنها واحدة من أسوأ أزمات حقوق الإنسان في عصرنا ووصمة عار القرن حقاً.

 كما انتقد نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس المعسكرات حيث يعاني الأويغور غسل الدماغ على مدار الساعة ووصف الناجون تجربتهم بأنها محاولة متعمدة من قبل بكين لخنق ثقافة الأويغور والقضاء على العقيدة الإسلامية.

 وأخبر السفير الأمريكي للحرية الدينية الدولية سام براونباك مؤخراً في مقابلة مع إذاعة آسيا الحرة أنه يجب على الدول في جميع أنحاء العالم أن تتحدث علناً عن معسكرات الأويغور، أو أن تخاطر بتشجيع الصين وغيرها من الأنظمة الاستبدادية.

 كما انضم الكونغرس الأميركي إلى الجهود الرامية إلى وقف السجون، حيث ناقش التشريعات التي تسعى إلى المساءلة عن حملة الصين القاسية على الأويغور. وسيقوم قانون سياسة حقوق الإنسان للأويغور بتعيين منسق خاص لوزارة الخارجية بشأن شينجيانغ ويتطلب تقارير منتظمة عن المعسكرات وشبكة المراقبة والتهديدات الأمنية التي تشكلها حملة القمع الصينية.

 تقرير/ عالم سيتوف لإذاعة آسيا الحرة RFA. كتبه جوشوا ليبس باللغة الإنجليزية.

https://www.rfa.org/english/news/uyghur/scholar-08292019164346.html