الصين.. اضطهاد واحتجاز يلاحق مسلمي الأويغور لمحو هويتهم

يواجه شعب الأويغور في إقليم “شينغيانغ” في دولة الصين حملة اضطهاد وملاحقة وتعذيب واحتجاز في معسكرات على شاكلة المعسكرات النازية، بهدف محو هويتهم الدينية وطمس انتمائهم القومي.

وتفرض السلطات قيوداً مشددة على حياة الأقليات المسلمة في المنطقة بذريعة مكافحة الإرهاب والتيارات الانفصالية بحسب تقارير للأمم المتحدة.

وتحدثت تقارير حقوقية محلية ودولية العام الماضي عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان طالت أقلية الأويغور المسلمة في المنطقة الواقعة شمالي غربي الصين، والتي تتشارك الحدود مع باكستان وأفغانستان.

ويعيش ما يزيد على 20 مليون مسلم في إقليم “شينغيانغ” الصيني الذي يخضع لحكم ذاتي، مشكلين نسبة 45% من إجمالي عدد سكان الإقليم، وفق إحصاء لعام 2016.

ورغم ضم دولتهم للصين قام الأويغور بعدة ثورات نجحت في بعض الأحيان في إقامة دولة مستقلة على غرار ثورات 1933 و1944، لكنها سرعان ما كانت تنهار أمام الصينيين الذين أخضعوا الإقليم في النهاية لسيطرتهم عام 1949.

وبهدف إحداث تغيير ديموغرافي دفع الصينيون عرق “الهان” الصيني إلى المنطقة، وبات أغلبية اليوم على حساب السكان الأصليين.

واستغلت السلطات الصينية أحداث 11 سبتمبر 2001 لشن حملة مطاردة للاستقلاليين الأويغور، وتمكنت من القبض على بعض الناشطين بالتعاون مع دول إسلامية منها باكستان وكازاخستان وقيرغزستان في إطار ما يسمى بالحملة الدولية لمكافحة “الإرهاب”.

وكشف تقرير صادر عن لجنة القضاء على التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة، في 31 أغسطس 2018، عن وجود مليون شخص من مسلمي الأويغور محتجزين بشكل غير قانوني في معسكرات تطلق عليها الصين تسمية (معسكرات إعادة التثقيف السياسي)، وطالبت اللجنة المذكورة الصين بالإفراج فوراً عنهم، منتقدةً ما وصفته بالتعريف الفضفاض الذي تتبناه لمفهومي “الإرهاب” و”الانفصال”.

ولفتت اللجنة في تقريرها إلى أن إبقاء كثير من الأويغور قيد الاحتجاز، في إقليم تركستان الشرقية “شينغيانغ”، دون توجيه أي تهمة أو محاكمة بحجة الإرهاب والتطرف الديني ينذر بالخطر.

وحسب تقرير لمؤسسة “مشروع حقوق الإنسان للأويغور” ومقرها واشنطن، فقد سجنت السلطات الصينية أو أخفت قسرياً 338 مثقفاً على الأقل منذ أبريل 2017.

ولا تكتفي السلطات الصينية بسجن الأويغور واعتقالهم وتعذيبهم، بل تمارس ضدهم تمييزاً دينياً، وتتخذ إجراءات من خلال مؤسساتها الأمنية لمنعهم من أداء شعائرهم الدينية؛ من بينها منع الطلاب والمعلمين والموظفين من الصيام في شهر رمضان، كما يخضعون لرقابة مشددة.

وفقاً لتقرير بثته إذاعة “آسيا الحرة”، الجمعة 8 فبراير 2019، قال السكان إنهم مُجبرون على تناول لحم الخنزير وشرب الخمر في عطلة العام القمري الجديد (عام الخنزير) في البلاد.

وأشار السكان إلى أن “مسؤولين صينيين هددوهم بإرسالهم إلى معسكرات إعادة التثقيف إذا رفضوا المشاركة”.

وفي السياق ذاته نقلت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية عن المتحدث باسم مجموعة الأويغور في المنفى، ديلكسات راكسيت، قوله: “وفقاً لمعلوماتنا فإن الحكومة الصينية تصعّد من حملتها ليتخلى الأويغور عن تقاليدهم الإسلامية، وإجبارهم على الاندماج في الثقافة الصينية، وعلى الاحتفال بالسنة القمرية الجديدة”.

واتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية، في تقرير صادر يوم 11 سبتمبر 2018، الحكومة الصينية بإطلاق “حملة انتهاك جماعية ممنهجة ضد المسلمين الأويغور”.

وأوضحت أن “المسلمين الترك البالغ عددهم 13 مليون نسمة في الإقليم يخضعون للتلقين السياسي القسري والعقاب الجماعي، والقيود المفروضة على الحركة والاتصالات، وقيود دينية متزايدة، ومراقبة جماعية”.

ولفتت المنظمة إلى أن “الصين لا تتوقع تكلفة سياسية كبيرة لانتهاكاتها”، مرجعة ذلك إلى “نفوذها داخل منظومة الأمم المتحدة في مواجهة الأدلة الدامغة على الانتهاكات الجسيمة في الإقليم”.

ودعا مُشرِّعون أمريكيون إدارة الرئيس دونالد ترمب، في أغسطس 2018، إلى فرض عقوبات على بكين، لاستمرار انتهاجها القمع بحق الأقليات المسلمة في تركستان الشرقية.

وكالات