كلمة شينجيانغ تعني في اللغة الصينية "الحُدود الجديدة" وهذه ترجمة حرفية للكلمة، والاسم القديم لها تركستان الشرقية، أما عن كلمة "أويغور" فتعني باللغة الأويغورية "الاتحاد والتضامن".
قوميةالأويغور
"الأويغور" هم شعوب ذوو أصول تركية، يتحدثون "اللغة الأويغورية" وهي اللغة الأم، واللغة الثانية هي اللغة الصينية، ويعتنقون الدين الإسلامي، ويسكنون إقليم "شينجيانغ" ذاتي الحكم. وتمثل هذه القومية إحدى القوميات الصينية البالغ عددها 56 قومية، وهي واحدة من عشر قوميات مُسلمة في الصين، هذه القوميات العشر المُسلمة هي "الأويغور، القازاق، الأوزبك، الطاجيك، التتار، الهوي، سالار، دونج شيانغ، باوآن، القيرغيز"، وتحتل الأويغور المرتبة الثانية بين القوميات المُسلمة من حيث عدد السُكّان .
أهمية الإِقليم جُغرافيًا
يقع إقليم "شينجيانغ" في أقصى شمال غرب الصين، وعاصمة شينجيانغ هي مدينة "أورومُتشي"، وتبلغ مساحة شينجيانغ 1/6 مساحة الصين -أي حوالي 1,664,900 كيلو متر مربع- ويُعد هذا الإقليم من أهم المناطق الحيويّة لدي الصين حيث أنّ له حُدودًا مع عِدة دُول مُختلفة: فيحُده من الغرب كُل من : طاجيكستان وقيرغيزستان وكازاخستان وأفغانستان وباكستان، ومن الشمال روسيا، ومن الشمال الشرقي منطقة مُنغوليا الصينية، ومن الجنوب منطقة التِبتْ الصِينية، ومن الجنوب الغربي دولة الهند؛ ويمُر بالإقليم "طريق الحرير القديم" والذي يعتبر أحد الأسباب التي أدّت إلي انتشار الإسلام في المنطقة.
وتسعى الحكومة الصينية إلى الإسراع في إنجاز مشروع إحياء طريق الحرير القديم وذلك تحت مُسمّي جديد وهو مشروع "الحِزام والطريق" والذي يسمي باللغة الصينية "一带一路"، وتَرى السُلطات الصِينية أن هذا المشروع سيُنشط الإقليم تجاريًا.
ثروات الإِقليم
إقليم شينجيانغ منطقة غنيّة بالموارد الطبيعية كالبترول -حيث يُعتبر ثاني أكبر إقليم مُنتِج للنفط في الصين- وهو غنيّ أيضًا بالغاز الطبيعي والفحم والرصاص والنحاس والزنك وخامات اليورانيوم، وتعتمد الصين علي هذا الإقليم بشكل مُباشر في مدّها بمصادر الطاقة، ومن بين الصناعات المُنتشرة في الإقليم تكرير النفط وصناعة السكر والصلب والكيماويات والأسمنت والمنسوجات. و من بين الأسباب التي تزيد من أهمية الإقليم إستراتيجِيًا إنشاء أول خط سكة حديد يربُط بين العاصمة "بكين" وبين عاصمة الإقليم "أورومُتشي" عام 1968.
سُكّان الإِقليم
يسكُن إقليم "شينجيانغ" أبناء قومية "الأويغور" ويُمثلون ما يقرُب من 70% من سُكان الإقليم، بالإضافة إلي قوميات أخري مثل: القازاق والهِوي والقيرغيز وغيرهم من القوميات والأقليات. ووفقًا للإحصائيات الصينية فإن عدد مُسلمي هذا الإقليم يبلغ 11 مليون نسمة - وذلك حسب ما أفاد به تقرير مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة بجمهورية الصين الشعبية- ، في حين تُصرح مصادر أويغورية مُعارضة من بينها "مؤتمر الأويغور العالمي" أن عدد المسلمين بهذا الإقليم يتجاوز 25 مليون نسمة. وقد بدأت التركيبة السُكّانية للإقليم تتغير في السنوات الأخيرة وذلك بسبب الهِجرات الداخلية من أبناء قومية "الهان" والتي تُمثل أكبر قوميات الصين من حيث الكثافة السكانية، في حين ترى السُلطات الصينية أن سبب انتقال السكان لهذه المنطقة هو تزايد التنمية الاقتصادية بها - وذلك وفقًا لما ذكره المكتب الإعلامي الصيني-؛ وعلي الجانب الآخر ترى المُعارضة أن الهِجرة ما هي إلا مُحاولة من السُلطات الصينية لتغيير ديموغرافية المنطقة.
عِلاقة الأوِيغور بالصين
تُعتبر العِلاقة التاريخية بين الأويغور والصين عِلاقة "كر وفر" بين الطرفين، حيث بدأ الصِراع في أواسِط القرن العاشِر الميلادي في عهد أسرتي "مينغ وتشينغ" بين مملكة "قاراخان" المُسلمة ومملكة "يوتيان" البوذية، واستطاع الإقليم في كثير من الأحيان الحُصول على الاستقلال وتكوين دولته الخاصة به وهي "تركستان الشرقية"، لكن الدولة الصينية استطاعت السيطرة مرة أخري علي الإقليم في أوقات ضعف حُكومات الإقليم عام 1759 تلتْها عِدة ثورات حدثت في الإقليم وتمّ القضاء عليها نِهائيًا عام 1949 مع بِداية تأسيس الدولة الصينية الشيوعية.
الحُكم الشِيوعي للإقليم
أعلنت الصين في دستورها عن حُريّة وحِماية الاعتقاد الديني للمواطنين وعدم التمييز بينهم، وأنّ الدولة تحمي النشاطات الدِينية الطبيعية؛ ووفقًا للتقرير الذي صدر عن المكتب الإعلامي التابع لمجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية فإن المواطنين في إقليم شينجيانغ يتمتّعون بالحُرية الدِينية بموجب القانون، كما أوضح التقرير أنه حتي عام 2008 تجاوز إجمالي عدد حُجاج بيت الله الحرام الذين سافروا من شينجيانغ 50 ألف شخص، كما أفاد التقرير أن 1800 من رجال الدِين بالإقليم تولوا مناصب في مجلس نُواب الشعب والمؤتمرات الاستشارية السياسية.
في حين ترى حركات المُعارضة الأويغورية المُتمثلة في "مؤتمر الأويغور العالمي" أنّ السُلطات الصينية تُمارس اضطهادًا مُمنهجًا لمُسلمي الإقليم، ويتم التضيِيق عليهم في الأنشطة الدِينية، كما اتهمت مُنظمات حُقوقية عالمية مثل "مُنظمة هيومان رايتس ووتش" في تقريرها لعام 2017 السُلطات الصينية بممارسة التمييز العِرقي والدِيني بين أبناء الإقليم، وبأنّ إجراءات مُكافحة الإرهاب التي فرضتْها السُلطات الصينية مُؤخرًا تتسم بالغُموض، وتندُر التفاصيل المُتعلقة بالاحتجاجات والعُنف والإرهاب وعمليات مُكافحة الإرهاب، هذا بالإضافة إلى قِلة مصادر المعلومات عن الإِقليم.
اضطرابات الإقليم
مُنذ بِداية الحُكم الشِيوعي في الصين حدثت عِدة احتجاجات واضطرابات في الإقليم، وأقوى هذه الأحداث ما حدث عام 2009 حيثُ اشتعلت الاحتجاجات والاضطرابات العِرقية في مدينة "أورومُتشي" عاصمة الإقليم بين أبناء قوميّة "الأويغور" المُسلمة وأبناء قومية "الهان" البوذية، وقد زعمت الحكومة الصينية وقتها أنّ هذه الاضرابات يقف وراءها عناصر إرهابية مُتطرّفة تهدُف إلي انفصال الإقليم عن الدولة الصينية وزعزعة الاستقرار فى المنطقة. أسْفرت تلك الأحداث عن مقتل 177 شخصًا وإصابة أكثر من 1700 آخرين وإحراق 331 محلًا وتدمير الكثير من المرافق العامة - وذلك وِفقًا للمصادر الحُكومية الصينية- والتي اعتبرت أنّ وراء هذه الأحداث "قُوي تُركستان الشرقية الداخلية والخارجية" والتي اتهمتها السلطات بالتفجيرات والاغتيالات وإشعال الحرائق وإِثارة الشغب والفوضي -وذلك حسب التقرير الصادر في سبتمبر لعام 2009 من مكتب الإِعلام التابع لمجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية- وقد دفعَت هذه الأحداث الحُكومة الصينية في ذلك الوقت لإِرسال آلاف الجنود من قُوات الشُرطة والجيْش لمُواجهة هذه الاحتجاجات، كما نفتْ وجود أيّ اضطهاد للمُسلمين في الإِقليم.
على الجانب الآخر أرجعت المُعارضة الأويغورية وعلي رأسها "مُؤتمر الأويغور العالمي" سبب هذه الاحتجاجات إلي شُعور العديد من أبناء الأويغور بالإِهمال الحُكومي وعدم الاهتمام بالخدمات العامة مقارنة بأقاليم أُخري تُبنى بها المدن الصناعية الكبري -كما في جنوب الصين بإقليمي "كشنغهاي وجوان زوو" على سبيل المثال- ، وإلى عدم توفير فُرص جيدة للعمل أو الترقي في الوظائف واقتصار فرص العمل على المِهن البسيطة، وخاصة بعد قُدوم عدد من الصينيين من أبناء قومية "الهان" مُهاجرين إلى الإقليم وإعطائهم فُرص كبيرة ومناصب عُليا، وذلك بحسب ما ذكره مؤتمر الأويغور العالمي .
القرارات الصِينية الصارِمة
أصدرت الحُكومة الصينية قانونًا لمُكافحة التطرّف بدأ تنفيذُه في يناير 2016 ووصفته "مُنظمة هيومن رايتس ووتش" بأنّه "سيئ الصِيت"؛ وصرّحت المُعارضة الأويغورية في الخارج وعلي رأسها "مُؤتمر الأويغور العالمي" أنّ الحُكومة الصينية تُشدد قبضتها على الإقليم، وأنّ الحُكومة الصينية بهذه القوانين تهدُف إلى إِضعاف الهويّة الإسلامية في الإقليم وتضع العديد من الإجراءات للتضييق على المسلمين، من بينها "منع بعض الأسماء الإِسلامية، ومنع صيام شهر رمضان، وردًا علي ذلك أصدرت مُؤسسة "الأزهر الشريف" بيانًا عام 2016 تُندِد فيه بقرار الحكومة الصِينية إِصدار قوانين تمنع صوم شهر رمضان في إقليم شينجيانغ، ونفت الصين فى ذلك الوقت وجود أي تمييز عُنصري ضِد المُسلمين المتواجدين في الإقليم أو منعهم من أداء فريضة الصيام. كما كان من بين القوانين التي فرضتها الحُكومة الصينية إِجبار المطاعم على فتحْ أبوابها في نهار رمضان، والتشديد في اجراءات السفر للحجّ، وفرض رِقابة على المساجد، وتطهير المدارس من المُعلمين والطُلاب المُتدينين، وحَملات تحديد النسلْ الإِجباري، مع تشديد العُقوبات على كل من يتهاون في إجراء حملة تحديد النسل من الكوادر الحُكومية، وبحسب ما أوردته قناة "بي بي سي" فإن الصين فرضت قُيودًا جديدة في إقليم شينجيانغ الواقع أقصى غربي البلاد وذلك في إطار ما وصفته الصين بقانون مُكافحة التطرّف، كما شملت الإجراءات منع إطلاق اللحى، ومنع النقاب (الحجاب) في الأماكن العامة، ومُعاقبة من يرفُض مُشاهدة التلفزيون الرسمي للبلاد. وبحسب التقرير السنوي لمُنظمة هيومن رايتس ووتش عن الصين فإنّ شُرطة مدينة "إيلى" أعلنت أنّه على المُتقدمين للحصول على جوازات سفر تقديِم عيّنَة من الحِمض النووي وبصمات الأصابع وتسجيل صوت وصورة ثُلاثية الأبعاد، هذا بالإضافة إلى الشُروط الصارِمة ضِد سفر سُكّان شينجيانغ إلى الخارج. كما وردت مؤخرًا أنباء فى مواقع مُعارضة صينية مثل "تركستان تايمز" أنّ الحُكومة الصِينية قامت بتغيير صِيغة الأذان في بعض المناطق من بينها منطقة "هوتان".
الصينيون المسلمون
يختلف الأمر عند القوميات المسلمة الأخرى في الصين وأهمها قومية "الهوى" وهي أكبر القوميات الإسلامية الذين يعتنقون الإسلام في الصين حيث لا يشعرون بنفس شعور الاضطهاد لدى مُسلمي الأويغور وذلك لامتزاجهم بالطابع الصيني وعدم مُطالبتهم بالاستقلال، ، كما أنه ليس لهم لغة خاصة بهم كما هو حال الأويغور، فاللغة الأساسية لـ"الهوي" هي اللغة الصينية، وهم ينتشرون في العديد من المُقاطعات الصينية كما يسمون أنفسهم بالأسماء الصينية، بخِلاف الأويغور والذين لا يطلقون على أنفسهم الأسماء الصينية بل الأسماء العربية والإسلامية ويلتزمون بشدة بالزِي الإسلامي.
اللاجِئين الأويغور
لا تُوجد إِحصائيات رسميّة أو موثقة بعدد اللاجئين الأويغور خارج البلاد، ولكن تتركز تجمُعاتهم في "تُركيا" حيث هي المأوي للعديد من الجمعيات الإسلامية مثل "جمعية عُلماء مسلمي تُركستان الشرقية" - وبحسب ما ذكره موقع تُركستان تايمز وموقع مؤتمر الأويغور العالمي- فإنّ الصين سعتْ إلى ترحيل عدد كبير من أبناء الأويغور من الدُول المُختلفة إلى الصين، والتي تشتبه بهم بمُمارسة الإرهاب أو دِراسة الدين بالخارج، وضغطت الحُكومة على عِدة دول لتسليم الأويغور، فسلّمت ماليزيا وتايلاند وقازخستان وأوزبكستان وأخيرًا مصر العديد من أبناء الأويغور، وقامت الحكومة الصينية بمُحاكمتهم فور وُصولهم إلي الصين وتم سجنهم، كما تُشير مواقع مُعارضة مثل "تُركستان تايمز" أنّ "تركيا" تُعتبر ملاذًا لللآجئين الأويغور وذلك بسبب الصِلات التاريخية بين الأويغور والأتراك، ويوجد أيضًا عددٌ كبيرٌ منهم في "المملكة العربية السعودية"، وتحمي بعض الدُول الغربية مثل "ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية" المُنظمات الأويغورية المُعارضة مثل "مؤتمرالأويغور العالمي" والذي يتخذ من مدينة "مُيونخ" الألمانية مقرًا له، وتعتبره الحكومة الصينية مُنظمة إرهابية وتعتبر أفراده عناصر إرهابية.
التصنيف الإرهابي
صنّفت الصين "تنظيم تُركستان الشرقية الإسلامي" ضِمن قائمة المُنظمات الإرهابية، وذلك قبل أن يُضيفه مجلس الأمن التابع للأمم المُتحدة عام 2002 ضِمن قائمة المُنظمات الإرهابية. وتُلقي الصين المسئولية علي هذا التنظيم في كافة الأحداث الإرهابية والعنف في الإقليم، وتتهمه بسعيه للانفصال عن الدولة الصينية والارتباط بتنظيم القاعدة.
وقد وضعت الصين عددا من المُنظمات الأويغورية بالخارج ضِمن قائمة الإرهاب، ووصفت أعضاءها بالإرهابيين، وأهمها "مؤتمر الأويغور العالمي" إلا أن عددًا من الدُول الأوربية تسمح لهم بمُمارسة العمل داخل أراضيها، وتتهم الحكومة الصينية "مجلس الأويغور العالمي" بزعَامة السيدة/ ربيعة قدير والمُقيمة في منفاها بالولايات المتحدة بأنها العقل المُدبّر للقلاقل -حسبما أوردت وكالة الأنباء الصينية شينخوا-.
ومؤخرًا ظهر على المواقع الإلكترونية مقطع فيديو مُصوّر لعدد من أبناء قومية الأويغور يَدعَمون فيه تنظيم "داعش" ويُهددون الدولة الصينية بأن دمائهم ستجري أنهارًا وهم يُقاتلون بجوار تنظيم الدولة الإسلامية في "العراق"، وقد تمّ حذف مقطع الفيديو من على جميع المواقع الإلكترونية ولم تستطع داعش أن تنال من الدولة الصينية. وحسبَ ما أوردته "جريدة الأخبار اللبنانية" يُوجد أكثر من خمسة آلاف أوِيغوري في "سوريا" منضمين إلى ما يسمى ب "الحِزب الإسلامي التركستاني" في تجمّعات ومُعسكرات خاصّة به، كما يوجد مالا يقلّ عن 600 أويغوري قُتلوا خلال العام الماضي في معارك "رِيف حماه" ومعارك "حلب"، ويذكُر الكاتب الأميركي/ سيمور هيرش في مقالة نُشرت له بِداية عام 2016 أن حوالى 5000 أويغوري انتقلوا إلى "تُركيا" ما بين 2013 وخريف عام 2015.
من جانبه يتابع مرصد الأزهر لمُكافحة التطرّف عن كثب الأحداث في هذا الإقليم ذا الغالبية المُسلمة بشكل خاص والبر الصيني بشكل عام، ويقوم برصُد الأخبار ويُراقب أي مظهر من مظاهر التطرُّف لتحليله والرد عليه بالرد الشرعي المناسب، وكذلك مُكافحة الأفكار المُتطرِّفة للإسهام في تحسين أحوال المسلمين في الصين وفي غيرها من دول العالم.
وحدة رصد اللغة الصينية
https://www.facebook.com/AlazharObserver/posts/1829688237071820