مسلمو "تركستان الشرقية".. تاريخ طويل من القمع والاضطهاد والظلم

 تفاقمت أزمة مسلمي الأويغور بإقليم تركستان الشرقية، الواقع تحت سيطرة الحكومة الصينية حاليا، لا سيما بعد عدد من حملات الاعتقالات الموسعة التي شنتها حكومة الصين ضد أقلية الأويغور المسلمة التي تمثل أغلبية كاسحة بإقليم تركستان، بالإضافة لمنع لعدد من الشعائر الدينية لدى المسلمين.

آلاف من المسلمين بسجون الحكومة الصينية، فضلاً عن الحملة الأخيرة لإجبار للمسلمين على تسليم مصاحفهم، كذا تسليم سجاجيد الصلاة الخاصة بهم، ومنع إعفاء اللحية، أو ارتداء النقاب، ومن يخالف هذه التعليمات يتعرض للسجن لعدة سنوات.

 

تاريخ من الظلم والاضطهاد

 

 يعيش مسلمو تركستان الشرقية تاريخاً طويلا من الظلم والقمع والاضطهاد والتهميش المُتعمد، وذلك منذ أن احتلت الصين الإقليم، عام 1949م.

 يقول لقمان حكيم الباحث الإندونيسي المتخصص في شئون الأقليات، إن احتلال الصين لإقليم تركستان يأتي لعدة أسباب، على رأسها  الهُوية الإسلامية، التي تقف حجر عثرة أمام الشيوعية التي تعتقدها الحكومة الصينية، لا سيما ومسلمو تركستان ينتمون جميعاً لـ"أهل السنة"، ويلتزمون بالهدي الظاهر كاللحية والقميص والصلاة في المساجد، وإقامة الساحات في الأعياد، وغير ذلك.

 وأضاف حكيم في تصريح خاص لـ"الفتح"، أن احتلال الصين لتركستان الشرقية، يأتي بالتزامن مع احتلال اليهود لفلسطين تقريبا أو بعد دخول الصهاينة بعام، وفي الحقيقة رغم أن السبب الرئيس للاحتلال –من وجهة نظري- هو محاربة التمدد الإسلامي في الإقليم، إلا أن هناك أسباب أخرى، منها ما يمتلكه إقليم مسلمي الأويغور من ثروات اقتصادية وطبيعية هائلة، منها الكميات الضخمة من البترول، بالإضافة  إلى 6 مناجم من اليورانيوم، وأنواعاً ضخمة من المعادن من بينها الذهب.  وتابع، احتلال الصين لتركستان له أصول واتفاقات بين حكومة الصين وحكومة روسيا، بدأت بحرب على الإقليم بتعاون "روسي – صيني"، عام 1933م، راح ضحيته أكثر من عشرة آلاف مسلم تركستاني، وبدأ الإقليم مرحلة جديدة تحت راية السوفييت، إلى أن تم إعادة التنسيق مرة أخرى لدخول الحكومة الصينية عام 1949م.  وأردف، ليبدأ المسلمون مرحلة جديدة من المعاناة والاضطهاد، حيث هدم آلاف المساجد، وحملات موسعة للاعتقالات المتكررة لآلاف من المسلمين في السجون حتى الآن بلا أي أسباب تُذكر، ومنع التحدث باللغة العربية أو اللغة الأويغورية، وإجبار المسلمين على التحدث باللغة الصينية.

 

بين الشيوعية والتشيع

 

 ورغم التضييق الهائل الذي تقوده الحكومة الصينية الشيوعية على مسلمي الأويغور، إلا أنها تفتح الأبواب على مصراعيها لشيعة إيران، لانتزاع هُوية مسلمي تركستان الُسنية، وتحويلها بشكل واضح.

 قام النظام الإيراني بتشييد عدد كبير من المدارس والجامعات، بالإضافة إلى المنح التعليمية لطلاب تركستان، للدراسة في جامعة "قُم"، ليقع شباب الأويغور فريسة لطاعون التشيع، أو ضحية للشيوعية الكارهة لكل الأديان.

 قال محمد معمور الباحث بالدكتوراه بجامعة الأزهر، وأحد أئمة المساجد بقرغيزستان، إن أزمة مسلمي الأويغور لا تتوقف عند الاضطهاد الشيوعي لمسلمي الإقليم، ولكن تزداد بانتشار الشيعة الاسماعيلية، بالإضافة إلى الشيعة الاثني عشرية، والدعم المالي الكبير لهم.

 وأضاف معمور لـ"الفتح"، أن إيران تستخدم نفس سياستها المعهودة في إغراء الفقراء بالمال، أو المرضى بالعلاج، أو الشباب بزواج المتعة، لصرف ملسمي إقليم تركستان عن الإسلام.

 وتابع، تقوم الحكومة الإيرانية بالتعاون مع حكومة الصين بعدد من الطقوس الشيعية، آخرها إحياء طقوس "عاشوراء"، مع بداية هذا الأسبوع، بعدد من الفاعليات واللطميات، يقودها عدد من معممي الشيعة الإيرانيين.

 وأشار معمور، إلى أن مسلمي الأويغور لا يملكون سلطة يدافعون بها عن أنفسهم طغيان الحكومة الصينية، ولا أموالا يدفعون بها أموال الشيعة عن أبنائهم، حيث يتم إغراء الأسر الفقيرة بالأموال لإرسال أبنائهم للبعثات الإيرانية.

 

 وأوضح، أن إيران قبلت خلال هذا العام حوالي 320 طالب أويغوري للدراسة في طهران، حيث يتم تيسير كافة  السبل للحصول على تلك البعثة، ويتم السماح لأي صيني بالحصول على البعثة بمجرد تقديم طلب لدى السفارة الإيرانية، ويأتي الرد دائمًا بالموافقة، في الوقت الذي تشن فيه الحكومة الصينية حملة موسعة للقبض على الطلاب الأويغور الذين يدرسون في الأزهر الشريف في القاهرة، أو من يدرسون في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية.

 

حملات موسعة لسحب المصاحف وسجاد الصلاة

 

 لم تكتف الحكومة الصينية بهدم مئات المساجد خلال التاريخ القديم، أو آلاف المعتقلين، لتُشن حملة جديدة بدأت الأسبوع الماضي، لسحب المصاحف، وكذا سجادات الصلاة، في ظل صمت دولي مقنّع.

 

 ذكرت "ديلي ميل" البريطانية، أن السلطات الصينية كثفت حملتها ضد المسلمين في منطقة شينجيانج بشمال غرب الصين، كما حذرت الأحياء والمساجد من استخدام العائلات المسلمة  أي مقتنيات دينية بما في ذلك المصاحف وسجادة الصلاة.

 من جانبه استنكر الدكتور محمود الصاوي أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر، ما يحدث لمسلمي الأويغور من الحكومة الصينية في ظل صمت عالمي ودولي، متسائلاً، هل عادت البشرية في القرن 21 الي العصور الوسطي؟.

وأضاف الصاوي لـ"الفتح"، أننا في الألفية الثالثة، وفي عصر شعارات حقوق الانسان ومنظمات حقوق الانسان التي يتغنى بها العالم، ويقيم علاقاته بالدول على أساسها ويقيم العلاقات ويقطعها انطلاقا منها، فهل أصيب العالم بالصمم والعمى والشلل القلبي والوجداني والمشاعري، وهو يري هذه الماساة التي تحدث لمسلمي تركستان علي مرأى ومسمع من العالم كله؟.

  وتابع، يتعرض مسلمو الأويغور ذو الاغلبية الساحقة في تركستان الشرقية التي أطلقت عليها «شينجيانغ » منذ احتلالها عام 1949، إلى الاضطهاد، وأنواع العنف المادي والمعنوي المستخدم، وهدم المساجد وعمليات التهجير القسري لمسلمي الأويغور عن موطنهم الأصلي تركستان الشرقية، وتوطين الكثير من الصينيين الهان والملحدين لإحداث تغيير في التركيبة السكانية للإقليم المسلم، عبر بناء  المدن الجديدة لمئات الآلاف من المستوطنين.  وأردف، أنه علي الصعيد الخارجي سُحبت جوازات السفر الخاصة بالأويغور لمنعهم من السفر أو الاتصال بالعالم الخارجي.

 وأشار الصاوي، إلى ذكرى الهجرة النبوية الشريفة التي يتذكرها المسلمون في العالم مع شهر الله المحرم، قائلا: تذكروا أيها المسلمون عبر العالم مع ذكرى الهجرة النبوية، أن لكم أحبابا يتم تهجيرهم قسريا من بلدانهم، في القرن الحادي والعشرين، إلى المسلمين، إلى الأحرار والشرفاء في كل مكان على ارض الله، أنقذوا مسلمي الأويغور من التهجير القسري من بلدانهم.

وتساءل، أين لجان الحريات الدينية التي أقامها الغرب لحماية الأديان في العالم –على حد قوله-، مضيفا: الأسلام وحده  هو الذي يحمي أصحاب الأديان الأخرى،  فالمسلم مُطالب بحماية مسجده، ومطالب أيضا بحماية الكنيسة التي بجوار مسجده.

واختتم، مايحدث لمسلمي تركستان ليس شأنا داخليا، بل يهُم المائة وخمسين مليون مسلم صيني، ومليار وستمائة مليون مسلم في العالم، ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم..

 

كتــبه : أحمد عبد القوي 

 المصدر: موقع الفتح

http://fath-news.com/news.php?id=267787