الصين والمساجد.. حرب مكشوفة ضد الإسلام..!

كثيرة هي القوانين والمواثيق الدولية التي تنص على وجوب حماية دُور العبادة وحق الإنسان في أن يؤدي الشعائر والعبادات التي يؤمن بها ويعتقد بوجوبها في تلك الدُّور بحرية تامة ودون أية مضايقة أو تقييد.
من تلك المواثيق المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة عام 1948 التي تقرر أن لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين وحرية الإعراب عنها بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها، وكذلك المادتان 1 و6 من إعلان الحريات الصادر عن المنظمة الأممية عام 1981 والتي تنص على حرية ممارسة العبادة أو عقد الاجتماعات المتصلة بدين أو معتقد أو إقامة وصيانة أماكن لهذه الأغراض. وأيضاً المادتان 1 و2 من إعلان حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات وقوميات دينية أو قومية الصادر عن الأمم المتحدة عام 1992، حيث توجب المادة الأولى على الدول حماية هوية الأقليات وتهيئة الظروف الكفيلة بتعزيز تلك الهوية بالإضافة لحق الأشخاص المتنمين لتلك الهوية بإعلان وممارسة دينهم واستخدام لغتهم الخاصة دون أي شكل من أشكال التمييز.
والمتابع لحقيقة مستوى تطبيق ذلك الكم الكبير من تلك المواثيق الدولية ومدى ترجمتها على أرض الواقع سلوكاً وأفعالاً يدرك أنها حبر على ورق حين تتعلق بحقوق المسلمين وشكل دون مضمون حين ينبغي أن تطبق على أتباع الدين الخاتم على وجه الخصوص.
إحدى مظاهر هذه السياسة العنصرية والمعاملة التمييزية ضد المسلمين تتجلى في الصين التي ما فتئت تضطهد المسلمين وتكيل لهم الاتهامات وتحرمهم من ممارسة أبسط حقوقهم المشروعة، وتحاول النيل من هويتهم الدينية عبر سن القوانين وإصدار القرارات التي تخالف بشكل صريح ما تنص عليه المواثيق الدولية.
وآخر ما ابتدعته السلطات الصينية ضمن هذا الإطار قيامها بمنع التلاميذ في مقاطعة ذات أغلبية مسلمة في شمال غرب الصين من ارتياد المساجد خلال عطلة الشتاء في قرار جديد يقيد الحريات الدينية.
صحيفة (جلوبال تايمز) الصينية الحكومية ذكرت منذ أيام أن القرار ورد في مذكرة أرسلت إلى جميع الثانويات والمدارس الابتدائية وروضات الأطفال في مقاطعة غوانغهي بإقليم غانسو شمال غرب الصين.
من جهتها أكدت هيئة الدعاية في مقاطعة غوانغهي للصحيفة صدور هذه المذكرة، ناهيك عن تنويه الموقع الحكومي للمقاطعة بأن نحو 98% من سكان غوانغهي البالغ عددهم 257 ألف نسمة – والتي تقع في منطقة لينشيا هوي التي تتمتع بحكم ذاتي – هم من الأقليات القومية والعديد منهم من قوميتي هوي ودونغشيانغ المسلمتين.
ولم يقتصر منع السلطات الصينية التلاميذ والطلاب المسلمين على ارتياد المساجد في العطلة الشتوية فحسب بل منعتهم من تعلُّم القرآن الكريم أو أي شيء يتعلق بالإسلام في المدارس كذلك, وهو ما فعلته سلطات إقليم غانسو التي أصدرت هيئة التربية فيها عام 2016 مذكرة تزعم فيها أن الأنشطة الدينية ممنوعة في المدارس بعد انتشار مقطع لطفل في روضة أطفال في لينشيا يقوم بتلاوة القرآن.
والذرائع التي تستتر وراءها السلطات الصينية الشيوعية للاستمرار في اضطهاد المسلمين ليس لها أساس من الصحة وجميعها افتراءات لاتستند إلى أي برهان أو دليل, ويأتي مصطلح (محاربة الإرهاب) في مقدمة تلك الذرائع الذي لم يبق أحد لم يستخدمه ضد المسلمين.
وحظر ارتياد المساجد ليس الشكل الوحيد للاضطهاد الذي تمارسه السلطات الصينية ضد المسلمين, فهناك الحرمان من لبس الحجاب وإعفاء اللحية وامتلاك نسخة من المصحف الشريف حتى وإن كانت تلك النسخة على الهاتف المحمول, ناهيك عن الحرمان من الصيام في رمضان ومنع إطلاق الأسماء الإسلامية على مواليد المسلمين…إلخ.
بل إن المعلومات الواردة من بكين تتحدث عن استعداد السلطات هناك لبدء تطبيق قوانين جديدة اعتباراً من الأول من فبراير القادم تشدد العقوبات على الأنشطة الدينية غير المرخصة، وكأن هناك وجوداً بالأصل لأنشطة إسلامية لها تراخيص! وتعزز مراقبة الدولة لمجموعات معينة من المسلمين طبعاً!
ولم يعد مسلمو الإيغور في تركستان الشرقية (إقليم شينغيانغ) هم المسلمون الوحيدون المضطهدون في الصين فحسب, بل يبدو أن جميع الموحِّدين مستهدفون في بلد يبلغ عدد سكانه مليار ونصف المليار تقريباً.

http://alnabanews.com