سياسة الصين السكانية في تركستان الشرقية

    تنتهج السلطات الصينية جملة من السياسات في عملية التغيير السكاني لبلاد تركستان الشرقية لطمس الهوية الوطنية لهذه البلاد المسلمة ، وتمارس في سبيل ذلك أساليب أكثر عنفا و تنوعا مما تطبقها إسرائيل في فلسطين المحتلة من ذلك .

 سياسة تحديد المواليد

  بدأت حكومة الصين الشعبية منذ عام 1979 في تطبيق نظام صارم لتحديد النسل في الصين ، فألزمت كل أسرة بعدم إنجاب أكثر من طفل واحد ، ثم أعلنت في عام 1985 عن تنفيذ سياسة عدم إنجاب أكثر من طفلين لأسر الأقليات العرقية التي يقل عدد أفرادها عن عشرة ملايين نسمة ، واعتبرتها الأقليات منحة لها، إلا أن السلطات الصينية لم تتقيد بهذا في الواقع العملي ، فقد كانت تطبق سياسة تحديد الإنجاب من قبل الإعلان . إذ هبطت نسبة المواليد من 22,5 في الألف في عام 1980 إلى 14,09 في الألف في عام 1981 في شينجانغ ( 1 ) .

     وتقرر المادة رقم ( 18 ) من قانون تخطيط الولادة والسكان أنه : يجب على الأقليات القومية أن تمارس تنظيم النسل بدرجات معينة تحددها المؤتمرات الشعبية للمقاطعات ومناطق الحكم الذاتي ، وتخضع مباشرة لمحافظ البلديات أو لجانها الدائمة ( 2 ) ، وعملا بهذا القانون جُعلت لكل مقاطعة أو بلدة أو قرية حصة معينة لزيادة السكان ، ويجب أن تتم الولادة ضمن هذه الحصة ، فمثلا بلدة عدد سكانها 200 ألف نسمة ، وعدد نسائها في سن الحمل 35 ألف نسمة ، قام مكتب ضبط المواليد بحملة تحديد حملهن ، وكانت نتيجة الحملة أن 686 امرأة أجبرن على الإجهاض ، وأن 993 امرأة أجبرن على إيقاف الحمل و أن 10708 نساء أجبرن على عدم الحمل ( 3 ) ، و مركيت بلدة عدد سكانها 180 ألف نسمة في عام 1991، وحصة الزيادة المحددة في عدد السكان في السنة أربعة ألاف نسمة ، وبشرط ألا يزيد عدد السكان الكلي لها عن 190 ألف نسمة خلال ثلاث سنوات ، وفي سبيل تحقيق هذه الحصة قتل الأطفال الذين زاد عددهم عن الحصة المحددة بعد الولادة، وفي مقال نشر في جريدة تايبيه تايمز Taipei Timesفي 14 أكتوبر 1999 جاء فيه : أنه في عام 1991 تمت في منطقة خوتن 18765 حالة إجهاض إجباري ، وفي بلدة توقسون أجريت 846 حالة إجهاض إجباري و أن 17 امرأة منهن توفين في هذه العمليات( 4 ) ، وفي الجلسة ( 61 ) للجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة التي بحثت مسألة انتهاك حقوق الإنسان والحريات الأساسية في العالم بحثت الوضع في مقاطعة شينجيانغ أويغور ذاتية الحكم ( تركستان ) وأن في بلدة جابجال - التي قدر عدد سكانها 180 ألف نسمة - لم يسمح إلا لمائة امرأة أويغورية بالولادة فقط وأن 40 من الموظفين الأويغور تم فصلهم من العمل بسبب أن زوجاتهم كن حوامل ( 5 ) .

     و تفيد التقديرات الرسمية أن تطبيق سياسة تحديد المواليد وتنظيم الأسرة نجح من منع ولادة ثلاثة ملايين طفل في تركستان كما جعل 58 % من نساء الأويغور عاجزات عن الحمل بسبب الإجهاض وجعلهن عقيمات فيما بين 1996- 2000 ( 6 ) ، وقد اعترفت الحكومة الصينية أنها قلصت عدد المواليد بنحو 370 ألف مولود سنويا في تركستان خلال ثلاثين عاما ( 7 ) .

قتل الأجنة والإجهاض :

       و ذكرت جريدة خوتن الصادرة في يوم 1 سبتمبر 2000 أن السلطات فرضت منع الإنجاب على 30400 امرأة من أصل 45000 امرأة موجودة في منطقة خوتن .(8)

          وفي 20 يونيه 1999 فرضت السلطات الصينية عمليات الإجهاض على 28 امرأة حامل بلغت أعمارهن ما بين 25-34 في منطقة بيزاوات Payzavat  ليس لأن لديهن أطفال ، و لكن لأن الزيادة ستكون خارج عن الحصة المحددة لزيادة سكان المنطقة ، وقد ذكر وليم روبرت جونستون Wm. Robert Johnstone أن عدد حالات الإجهاض التي تمت في تركستان لبعض السنوات كالآتي :

1990 = 123 ألف حالة إجهاض

1991 = 59 ألف حالة إجهاض

1996 = 26 ألف حالة إجهاض ، (9)

وقد أظهرت إحصائية عام 1990 ارتفاعاً في عدد وفيات النساء اللواتي تتراوح أعمارهن مابين 15-45 سنة (10) ، كما انخفضت خصوبة المرأة الأويغورية من 5,14 في الألف في عام 1975 إلى 3,13 في الألف في عام 1990 ، وفي التقديرات الخاصة بالأسرة لعام 1998 كانت الأسرة من ذات الطفل الواحد تمثل 56,96 % و الأسرة ذات الطفلين 27,15 % والأسرة ذات الأطفال الثلاثة 15,89 % ، والأسر التي يزيد أولادها عن واحد معظمها من الأسر التي أنجبت أبناءها قبل تطبيق سياسة ضبط المواليد في تركستان في عام 1985 .

         أما الآن فالحكومة الصينية تعطى مكافآت للأسر التي تتعهد بعدم الإنجاب وبموجب هذا التعهد تمنعها من الإنجاب مستقبلا حتى لو لم يكن لها ولد أبدا ، ومن ينتهك منع الإنجاب و يصر على الاحتفاظ به ، فالدولة تمنع المولود من حق المواطنة و حق التعليم والصحة والعمل وتفرض على الوالدين غرامة مالية تمثل رواتب ستة شهور سنويا ، وفي عام 2008 ذكرت حكومة شينجيانغ أنها تمكنت من منع ولادة 65 ألف مولود عام 2007 وذلك بمنح مكافآت مالية للأسر التي لديها أطفال أقل من المسموح قانونا ( 11 ) , وهناك قصص محزنة لأمهات تعرضن لعمليات إجهاض قد لا يتسع المجال لسردها ولكن القول الذي يردده المسؤولون الصينيون ( من الأفضل أن تكون عشرة مقابر من أن يكون هناك طفل واحد خارج عن الحصة ) الأمر الذي يوضح السياسية الصينية في هذا الجانب، وللمزيد من المعلومات :

  • Debora Di Dio , China`s Unborn Children , Oriental University of Naples, Italy,: http://www.irmagard-coninx-stiftung.de/fileadmin/user_upload .
  • Uyghur American Association : An Evaluation of 30-Years of the One-Child Policy in China, U.S. House of Representatives, Tom Lantos Human Rights Commission, Testimony By Ms.Rebiya Kadeer , Tuesday , Nov.10,2009 , http://www.pearlsofchina-thefilm.com/kadeer.pdf .
  • Xinjiang Focuses on Reducing Births in Minority Areas to Curb Population Growth, Congressional-Executive Commission on China –Virtual Academy, Human Rights and Rule of Law- News and Analysis 9,13,2009 .
  • Communist China`s Forced Sterilizations of Uyghur Women in East Turkestan,: http://www.tibettruth.com/uyghur.html .
  • Yemlibike Fatkulin : Coercive Chinese Birth Control Policy on Uyghurs in East Turkistan , written by Population Research Institute , Oct.1,2001, : http://www.pop.org/yemlibike-fatkulin .

وتروج حكومة الصين و بعض رجالها دعاية واسعة تظهر أنها تعامل الأقليات العرقية بسخاء - أي بنظام أكثر من مولود واحد لكل أسرة - مع أنها قيدت تنفيذ ذلك بالحصة المحددة لكل قرية و مدينة ومنطقة في الولاية أو المقاطعة التي تتمتع بالحكم الذاتي ، وما ذكر بعاليه يوضح زيف هذا الادعاء، وأما الأقليات العرقية التي تعيش بين الأكثرية الصينية فهي ملزمة أيا كانت بنظام الطفل الواحد .

       ومما يفضح هذه الدعايات الكاذبة أن تزايد الأويغور لم يكن أكثر من تزايد الصينيين بل هو دون ذلك ، فمثلا عندما صنف شنغ شي تساي والي مقاطعة شينجانغ القوميات لأول مرة في تركستان إلى أربع عشرة قومية في عام 1940 كان عدد الأويغور 2,900,173 نسمة ، ثم أصبح عددهم 3,067,804 نسمة في عام 1946 ( 12 ) ، ثم صار عددهم 5,995,947 نسمة في عام 1982( 13 ) ثم وصل عددهم إلى 8,345,662 نسمة في عام 2000م ، فزاد عددهم3,161,651 نسمة في الفترة 1982- 2000م،وكانت نسبة تزايدهم خلالها 40% ، بينما إذا تمت مقارنة تزايدهم مع تزايد القوميات الأخرى في الصين يتضح أن تزايد عدد المانشور كان 10,7 مليون نسمة بنسبة 148% و مياو 8,9 مليون نسمة بنسبة 78% و بالنسبة إلى تزايد الصينيين أنفسهم فقد كان عددهم 547,280,000 نسمة في عام 1953 ثم ارتفع إلى 940,880,000 نسمة في عام 1982 ثم إلى 1,159,400,000نسمة في عام 2000م ( 14 )

 

       
       
       
       
       
       
       
       
       
       

    ويتضح أن زيادة الأويغور هي الثالثة بعد الصينيين ، فزيادة الأويغور فيما بين 1990- 2000 كانت 16,42% بينما الصينيون نسبتهم 11,22% و المسلمون الصينيون ( خوي Hui ) 14,11 % ( 15 )   والقوميات غير الصينية التي يبلغ عددها حسب التصنيف الرسمي 55 قومية في الصين بلغ عدد أفرادها 106,430,000 نسمة بنسبة 8,41% في مقابل قومية الهان الصينية الرئيسة التي بلغ عددها 1,159,400,000 نسمة ، وبلغت نسبتها 91,59% في إحصائية عام 2000 ، مما يعكس أن نسبة القوميات التي تحاربها حكومة الصين الشيوعية بتحديد نسلها لا تبلغ بمجملها نسبة 9% من إجمالي سكان الصين الذي بلغ 1,265,830,000 نسمة في إحصائية عام 2000( 16 ) ، وبالتالي فإن نسبة الأويغور بالنسبة إلى سكان الصين لا تصل إلى 0,7/0 % وبالنسبة إلى القومية الصينية نفسها فهي أقل من0,5/0% .

 بقلم توختي آخون أركين "قراءات في قضية تركستان الشرقية"