التهجير الصيني وتوطينهم في تركستان الشرقية (شينجيانغ)

    لقد انتهجت حكومة الصين سياسة مزدوجة لتغيير التركيبة السكانية لتركستان (شينجيانغ) بهدف جعلها مقاطعة ذات غالبية صينية ، وانتهجت سياسة تذويب المسلمين الأتراك في الهوية الصينية ، وعملت على تكثيف الوجود الصيني في هذه البلاد لطمس شخصيتها الإسلامية واعتمدت في ذلك على تهجير أهلها الأصليين منها , وتوطين الصينيين فيها . 

        وقد بلغ عدد سكان تركستان الشرقية ( شينجيانغ) 4,011,330 نسمة حسب إحصاء عام 1946، والقوميات التي ذكرتها الإحصائية بلغت أربع عشرة قومية كالآتي :

الأويغور                          3,067,804        76,48 %

القازاق                            438,575          10,93 %

القيرغيز                           65,923             1,64 %

التاجيك                             8,210              0,21  %

الأوزبك                            10,224             0,26  %

التتار                              5,614               0,14  %

المسلمون الصينيون(خوي)       99,607               2,48  %

المغول                             59,686             1,49  %

الروس                            19,392             0,48   %

المانشور                          762                   0,02  %

الشيبه                             10,626              0,27  %

السولون                           2,506                0,06  %

الصينيون (الهان)                222,401              5,54  %

         وعندما احتلت الصين الشعبية تركستان (شينجانغ) في 12/10/1949 بدأت السلطات الشيوعية  تطبيق سياسة توطين  الصينين في تركستان (شينجيانغ)  واتخذت من  منظمة مليشيا جيش الإنتاج والبناء Xinjiang Shengchan jianche  - الذي يعرف مختصرا باسم بينتغوان ( Bintguan ) - جهازا تنفيذيا بعد أن بدأت تكوينه من توطين أفراد الجيش الصيني الذين تم تحويلهم إلى جنود شبه مدنيين ووضعهم تحت الإشراف المباشر لحكومة الصين المركزية أداة لها تعمل على تنفيذ سياساتها العسكرية والمدنية في تركستان (شينجيانغ) ، وكان من مهماته الرئيسة توطين المهجرين الصينيين ، وقد بدأ بتوطين  أفراد جيش التحرير الشعبي  الذي بلغ عددهم عشرين ألف فرد في عام 1950 ثم  تضاعف إلى نصف مليون فرد في عام 1970 ، ثم وصل عددهم حاليا إلى ما يزيد عن 2,5 مليون نسمة .

     ومع احتلال الجيش الأحمر الصيني لتركستان في عام 1949بلغ عدد الصينيين فيها 291,000 نسمة ( 18 ) وفي عام 1952 بلغ عددهم 326,000 نسمة بنسبة 7,01% وفي عام 2008 بلغ عددهم 8,239,000 نسمة بنسبة 41% ، بينما في عام 1952 كان عدد الأويغور 3,500,900 نسمة بنسبة 75,26% ، وفي عام 2008 بلغ عددهم 9,565,000 نسمة بنسبة 46%.

ويذكر الباحثان في معهد آسيا الشرقية بجامعة سنغافورة الوطنية أن الزيادة المعلنة رسميا عن المهجرين الصينيين لا تتضمن أفراد الجيش أو عوائلهم أو العمال الصينيين المهاجرين الذي يعملون ضمن منظمة مليشيا جيش البناء والإنتاج ( بينغتوانBingtuan ) ( 19 )

        ولكن ما تؤكده الدراسات أن عدد الصينيين في الوقت الحاضر يزيد عن عشرين مليون نسمة أي أكثر من ضعف الرقم المعلن حاليا ، ويقول كولين كوكمان : الإحصائية الرسمية لا تشمل  عدد أفراد مليشيا جيش الإنتاج والبناء ( بينتغوانBintguan  ) الذين يقدر عددهم بأكثر من2,5 مليون نسمة ، و عدد الصينيين لا يقل عن 12 مليون نسمة في شينجيانغ ( تركستان) مما يجعلها القومية الغالبة في هذه المنطقة الإسلامية . وتعمل السلطات الصينية إلى تخفيض نسبة المسلمين الأويغور لأقل من 15% في جميع أنحاء تركستان الشرقية مما ينظر إليه الأويغور على أنها سياسة الإبادة الديموغرافية.

       و يشير موقع تيان شان الإلكتروني الرسمي إلى أن السلطات الصينية عملت على نقل 800,000 صيني في الفترة من 3 مارس إلى 12 أبريل في عام 2008. ويقول البروفيسور إلهام توختي أستاذ الاقتصاد في جامعة القوميات المركزية في بكين والمسجون حاليا بالمؤبد : إن عدد المهجرين الصينيين وصل إلى 1,2 مليون نسمة في عام 2008 ( 22 )  وتفيد بعض المصادر الأويغورية أن عدد المهجرين الصينيين إلى تركستان (شينجيانغ) يبلغ ثلاثين ألف صيني يوميا، وذلك نقلا من المصادر الصينية التي ذكرت أن 30000 صيني من مناطق خنانHenan  وانخوي Anhui وهوبي Hubei وكانسو Gansu يأتون إلى أورومجي عاصمة تركستان ( شينجيانغ)  يوميا وأن السلطات الصينية تقدر عدد العمال الصينيين المهجرين الجدد إليها سيصل إلى 1,5 مليون صيني خلال عام 2009 ( 23 )  .

       ويقول الدكتور نقولاس بكولين الباحث في سياسات الصين في تركستان (شينجيانغ) في معهد الدراسات المتقدمة في أكاديمية العلوم الاجتماعية بباريس : مع أن الصين لا تنشر إحصائية عن عدد المهجرين إلى تركستان (شينجيانغ) ولكن عموما يقدر أن 250 ألف صيني ينقلون إليها سنويا في السنوات الأخيرة ، فقد اعتبرت السلطات الصينية أن 37,5 %  كنسبة للصينيين في تركستان (شينجيانغ) عام 1990 يعتبر مؤشرا خطيرا يجب تصحيحه  ( 24 ) .

     وأما وانغ ليجوان السكرتير الأول لحزب شينجانغ الشيوعي فقد صرح في عام 2004 أن عدد العمال الصينيين المهجرين إلى شينجيانغ ( تركستان)  يبلغ مليون شخص سنويا وأن أكثرهم يستوطن فيها .

    والأوضاع التي آلت إليها منغوليا الداخلية أخذت تعزز من مخاوف الأويغور, وأن وجودهم الوطني أصبح تحت التهديد المباشر,  وأن ما حدث لمنغوليا الداخلية ينتظرهم في المستقبل القريب ، لأن منغوليا التي تحتلها الصين انخفض سكانها المغول إلى أقلية تبلغ أقل من 20% من سكانها الحاليين . فالصينيون هم الذين يحكمون كل المرافق تقريبا ، كما أن عادات المغول وتقاليدهم انتهت إلى التلاشي و أصبحت لا تشاهد إلا في المسارح أو المتاحف أو في عروض السياح ، وبالرغم أن حكومة الصين تسجلهم – تصنعا - قومية مستقلة  في نظام القوميات ؛ إلا أنهم يعتبرون مجموعة عرقية تتجه فعليا إلى الانقراض خلال العقود القادمة  ( 25 ) .

      وايفو دوكوبيل Ivo Dokoupi  ذكر في أواخر عام 1999 أن عدد العمال الصينيين الذين ينقلون إلى تركستان يصل إلى 149000 شخصا سنويا , وأن بعضهم يذكر بأن عدد الذين ينقلون إليها يصل إلى 4000 صيني يوميا ، و أن نسبتهم فيها منذ عام 1949تتضاعف إلى 2000 % ، فقد ذكر أن نسبتهم كانت 10% من سكان شينجيانغ  ( تركستان) في عام 1955 ثم صارت نسبتهم تتراوح ما بين 40-50 % في عام 1994 ( 26 ) .

 بقلم توختي آخون أركين "قراءات في قضية مسلمي تركستان الشرقية"