رمضان يكشف الواقع المر لمسلمي شينغيانغ

 

يرى إيغوريون مسلمون بإقليم شينغيانغ الصيني أن ممارسات الحكومة، ومنها حظر صيام الموظفين الحكوميين والطلاب في رمضان, جزء من مخطط يستهدف طمس هويتهم الدينية والثقافية. أما السلطات, التي تتعرض لانتقادات من منظمات حقوقية, فتنفي الاتهامات بتمييز إزاء الأقلية المسلمة.

 

علي أبو مريحيل-بكين

رفض يوسف، الذي يعمل مدرسا في إقليم شينغيانغ شمالي غربي الصين، التعليق على قرار السلطات منع الطلاب دون سن الثامنة عشرة والموظفين بالدوائر الحكومية من الصيام، وتشديدها على الالتزام بفتح المطاعم والمحال التجارية في نهاررمضان.

لكنه أكد أن الأزمة أكبر من مجرد قانون جائر لصرف الأنظار عن القضية الأساسية التي تناضل من أجلها الأقليات المسلمة في الصين.

وقال للجزيرة نت "من المؤسف التركيز في بعض وسائل الإعلام على حظر الصيام في رمضان، في حين أننا نعاني على مدار أشهر السنة من اضطهاد ممنهج وممارسات عنصرية فاشية لا يلقي أحد لها بالا". ويأمل يوسف أن تقف دول عربية وإسلامية مع قضية المسلمين في شينغيانغ.

أما موسى -الذي يعمل في الخفاء بمركز لتحفيظ القرآن في مدينة أورومتشي العاصمة الإدارية للإقليم- فاعتبر أن القرار جزء من مخطط كبير لطمس المعالم الدينية والثقافية، وتهميش الحياة الإسلامية في شينغيانغ بحجة مخالفتها القوانين والأعراف الصينية.

وقال موسى إنه رغم تعميم الحكومة على المدارس بمنع الطلاب من الصيام، فإن الطلاب لا يزالون متمسكين بثقافتهم وهويتهم الدينية, وأشار في المقابل إلى أن مدينة أورومتشي تشهد انتشاراً لمحال بيع الخمور ومراكز المساج والنوادي الليلية التي يديرها أبناء قومية "الهان". وأوضح أن هؤلاء يسيطرون بفضل الحكومة على كافة القطاعات الاقتصادية في الإقليم.

محظورات
ويؤكد خليل -وهو إمام مسرّح من عمله في مدينة كاشغر- أن السلطات الصينية أغلقت خلال العقدين الماضيين أكثر من ستة آلاف مسجد، وسرحت عشرات الآلاف من الأئمة الإيغوريين، وحظرت استخدام الأحرف العربية في الخطابات الرسمية، وأخضعت المؤسسات التعليمية للمناهج الصينية، دون أدنى اعتبار لخصوصية الإقليم الدينية والعرقية.

وقال خليل للجزيرة نت إن ما وصفها بالسياسات العنصرية لم تقف عند هذا الحد، إذ حظرت السلطات في يونيو/حزيران 2014 للمرة الأولى الصيام في شينغيانغ.

ففي ذلك الوقت نشرت الإدارة المركزية بيانا حذرت فيه المسلمين الذين يعملون في المؤسسات والدوائر الحكومية من الصيام أو القيام بواجبات دينية مرهقة خلال شهر رمضان، وطالبت الطلاب والمدرسين بعدم الصوم.

ولاحقا أصدرت السلطة المحلية في مدينة كاراماي، شمال غربي شينغيانغ، قرارا بمنع النساء المحجبات والرجال الملتحين وكل من يرتدي ملابس تحمل رمز الهلال والنجمة من ركوب الحافلات بحجة تعزيز الأمن والسلم في المدينة.

وفي نهاية العام نفسه، أصدرت السلطات القضائية في أورومتشي قانونا بحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة. وحذرت السلطات الأمنية بعد ذلك كافة شركات الملابس بالمدينة والخياطين من تصنيع ملابس المحجبات.

جاء ذلك في بيان نشرته الحكومة المركزية على موقعها الإلكتروني، أوضحت فيه أن قرارها بمنع الصيام في نهار رمضان "يأتي في إطار حرص الدولة على صحة وسلامة الطلاب القصر، لما يسببه الصيام من أضرار قد تلحق بهم جراء بقائهم فترة طويلة بلا طعام".

مبررات رسمية
في المقابل، نفت السلطات الصينية أن تكون قد مارست تمييزا عنصريًا ضد المسلمين في إقليم شينغيانغ، وقالت إنها حرصت على تهنئة المسلمين من مختلف المجموعات العرقية في الصين.

وكان الأمين العام للجنة الأقاليم في الحزب الشيوعي الصيني تشانغ شيان قد ردّ في وقت سابق على انتقادات حقوقية وجّهت إلى الصين عقب صدور القرار بقوله إن الحكومة الصينية تكفل حرية ممارسة العبادة للجميع، وإن الدولة لا تتدخل في شؤون الأقليات الدينية إلا بالحد الذي يستدعي منها التدخل للحفاظ على حياة مواطنيها.

تجدر الإشارة إلى أن قرار السلطات الصينية بحظر الصيام في شينغيانغ تزامن مع إصدار المكتب الإعلامي لمجلس الدولة الصيني في الثالث من يونيو/حزيران الجاري كتابا بعنوان "حرية العقيدة الدينية في شينغيانغ.. الكتاب الأبيض"، يوضح المبادئ الدستورية التي حددتها الدولة لضمان حرية العقيدة الدينية في منطقة شينغيانغ الإيغورية الذاتية الحكم.

يذكر أنه تم العمل بالمبادئ الدستورية الخاصة بحرية العقيدة الدينية في إقليم شينغيانغ منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949. ومذاك يشتكي الإيغوريون من "سياسات عنصرية" تمارسها السلطات الصينية بحقهم، مؤكدين أن مثل هذه المبادئ والقوانين لا تعدو كونها حبرا على ورق أبيض.

المصدر: الجزيرة نت