كتب: مروان عبدالعزيز
فى:
يحمل تاريخ 12 من نوفمبر دلالة وأهمية كبيرة لدى التركستانيين، ففيه تم الإعلان عن تأسيس جمهورية “تركستان الشرقية الإسلامية” عام 1933، كأول جمهورية “إسلامية” بعد سقوط الخلافة العثمانية، وفي ذات التاريخ لكن في عام 1944 أعلن قيام جمهورية “تركستان الشرقية” الثانية، وفي المرتين كان التعاون السوفييتي الصيني لهذه الجمهورية بالمرصاد حتى خضعت تركستان الشرقية للاحتلال الصيني عام 1949 ولا تزال تعاني حتى الآن.
الجمهورية الأولى
أعلن قيام جمهورية تركستان الشرقية الإسلامية في 12 نوفمبر 1933، في كاشغر برئاسة “خوجة نياز” الذي قاد الثورة لسنوات من أجل تحرير البلاد من الصين، وشارك فيها المفكر الأويغوري “ثابت داملا عبدالباقي”، لكن هذه الجمهورية لم تستمر طويلا بسبب التعاون ما بين الصين والاتحاد السوفييتي ضد هذه الجمهورية، فأجهضوا ثورتها وأسقطوها لتسيطر الصين مؤقتا وحكم الإقليم أمير الحرب الصيني “شينج شيكاي” لعقدٍ كاملٍ (1933– 1943) بدعم كامل من قبل الاتحاد السوفيتي.
خلفية تاريخية
يقول “محمود محمد – وكيل جمعية علماء تركستان الشرقية” في إسطنبول: بعد انهيار الدولة الكاشغرية للتركستانيين عام 1877 بسبب مقتل زعيمها بالسم، جاءت الصين لأول مرة واحتلت تركستان الشرقية عام 1884، قاومها التركستانيون كثيرا منها ثورة 1912والتي استمرت نحو 5 سنوات وتمكنت من تحرير مناطق كبيرة في تركستان آنذاك بقيادة “خوجة نياز حاجي” ثم تغير الحكم في الصين إلى الجمهورية الصينية بعد سقوط أسرة “مانشو تشينج” 1912، لكن ثورات التركستانيين لم تتوقف وتم تحرير أغلب أراضي تركستان عام 1932، فالصينيون “الهان” ضاعفوا استبدادهم ضد التركستانيين ووضعوا مسؤوليين صينيين بدلا من قادة الإيغور المحليين، وألغوا الخانات واستولوا على أراضي المزارعين الأويغور، كما نقلوا الأويغور إلى مناطق فقيرة قرب الصحراء مع مضاعفة الضرائب عليهم.
محمود محمد وكيل جمعية تركستان الشرقية
الجمهورية الثانية
في 12 نوفمبر 1944 أعلن التركستانيون قيام جمهورية تركستان الشرقية الثانية في مدينة “غولجا” القريبة من أورمتشي العاصمة الحالية، حينها كانت الصين تعاني ضعفا، إلى جانب أن الاتحاد السوفييتي لم يرغب في مساعدة الصينيين بسبب رغبة السوفييت في سيطرة الشيوعيين على الحكم في الصين، وهو ما فتح الباب أمام ثورة التركستانيين لإعلان جمهوريتهم الثانية، لكن مع سيطرة الشيوعيين تجدد التعاون بين كل من الصين والاتحاد السوفييتي واقتسام المنطقة لتكون تركستان الشرقية من نصيب الصين على أن تبقى تركستان الغربية تحت سيطرة الروس، فاحتلت الصين تركستان الشرقية في
1949 وحتى الآن لاتزال تركستان الشرقية تعاني حربا على الهوية الإسلامية من خلال هدم المساجد وتحويل ما تبقى منها إلى مراقص ومنع الصيام ومصادرة المصاحف وسجادات الصلاة وإقامة معسكرات اعتقال للرجال والنساء والأطفال تسمى مراكز إعادة تأهيل.
عقم بالإجبار
في عددها الصادر في سبتمبر 2020، نشرت مجلة “صوت تركستان” إحصاءات تشير إلى انخفاض المواليد في تركستان الشرقية بنسبة 24% العام الماضي، فضلا عن إجراء أكثر من 60 ألف عملية تعقيم قسري للنساء المسلمات في تركستان الشرقية لمنع الإنجاب خلال عام 2018، مقابل 3214 عملية خلال عام 2014.
خذلان الإخوة
د.عبد الوارث عبد الخالق
وحول واقع الأمة وقضية تركستان الشرقية، يقول “د. عبدالوارث عبدالخالق – مدير جمعية تركستان الشرقية للصحافة والإعلام”: للأسف قضية تركستان تبقى بعيدا كثيرا عن اهتمامات الأمة، سواء على ا
لساحة السياسية أو الإعلامية في الفترة الحالية إما بسبب الانشغال بالقضايا المحلية والداخلية للشعوب أو تقصيرا إعلاميا، وما يمر به العالم كله من تغيرات وتحولات.
ويضيف: “نحن كشعب مسلم من حقنا على إخواننا في كل مكونات الأمة الإسلامية أن يهتموا بقضيتنا ومعاناتنا فنحن جزء من الأمة وبالتالي من حقنا على إخواننا أن يلتفتوا لمعاناة تركستان الشرقية وما يعانيه شعبها المسلم وأن يكون لهم دور في مختلف المجالات إعلاميا وسياسيا أمام المنظمات الدولية وحقوقيا كذلك للدفاع عن شعب تركستان، واتخاذ موقف تجاه الصين لما تقوم به ضد مسلمي تركستان.
وعلى العكس من هذا الواقع على المستوى الأمة، يرى “عبدالخالق” أن قضية تركستان الشرقية أصبحت حاضرة على الساحة الدولية وفي أروقة الأمم المتحدة، فهناك دول غربية لها مواقف واضحة ضد الصين بخصوص قضية تركستان الشرقية، منها على سبيل المثال ما نشرته صحيفة “الجارديان” الأمريكية مؤخرا، بشأن تحالف دولي يضم أكثر من 60 عضواً في البرلمانات الدولية من 16 دولة مختلفة، طالب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بقبول شكوى حول شن الصينيين حملة إبادة جماعية ضد الأويغور والقوميات المسلمة الأخرى وارتكاب “جرائم ضد الإنسانية” في تركستان الشرقية، وشملت الدعوى أكثر من 30 مسؤولا صينيا بينهم الرئيس الصيني “شي جين بينج” لمسؤوليتهم عن هذه الإبادة .
التركستانيون في الخارج
وفيما يخص التركستانيون في الخارج، يقول “د.عبدالوارث”: نحن ماضون في تعريف العالم بقضيتنا وبمعاناة شعبنا المسلم في داخل تركستان الشرقية، وما يتعرض له من انتهاكات على يد الصين، فدورنا كتركستانيين في الخارج، أن نحدث العالم عن بلادنا ومعاناتها وهذا أقل واجباتنا، فنحن نسعى بكل ما لدينا من وسائل ومؤسسات سواء إعلامية أو حقوقية أو إغاثية في تركيا وغيرها من دول العالم، أن نعرف العالم بما يتعرض له شعب تركستان الشرقية من معاناة ومحو للهوية الإسلامية تحت الاحتلال الصيني.
مستقبل قضية تركستان
ويرى “عبدالوارث” أن هذه الجهود على المستويات المختلفة ساهمت في إحياء قضية تركستان الشرقية وانتباه العالم إلى معاناة شعبها، وهو ما يجعلها ضمن أولويات المجتمع الدولي مستقبلا سياسيا وحقوقيا ما يسهم في ممارسة ضغوط دولية على الصين لما تقوم به من انتهاكات والتخفيف من معاناة شعب تركستان الشرقية.
https://al-omah.com/%D9%81%D9%8A-%D8%B0%D9%83%D8%B1%D9%89-%D8%AA%D8%A3%D8%B3%D9%8A%D8%B3- %D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/