لم تكتف الحكومة الصينية بسجن ناشرين مسؤولين سابقين من أقلية الأويغور المسلمة في مقاطعة شينجيانغ، منذ 2016، وإنما تعمل على تشويه صورتهم.
فقد بثت شبكة تلفزيون الصين العالمية "CGTN" الشهر الماضي فيلما وثائقيا مدته عشر دقائق، بعنوان "تحديات مكافحة الإرهاب في شينجيانغ.. للكتب المدرسية"، حيث اتهمت مسؤولي النشر التعليميين من أقلية الأويغور المسلمة، بضم "الأفكار الانفصالية" المتطرفة في المواد التعليمية للأطفال منذ عام 2003.
ومن ضمن المسؤولين السابقين الناشر والأديب يلقون روزي، حيث سجنته بكين منذ أكتوبر 2016، ولم يسمع عنه نجله كمال منذ ذلك الحين شيئا.
ويرى كمال يلقون، في حديثه مع "فويس أوف أميركا" VOA، أن الفيلم الوثائقي دليل إضافي على جهود بلاده لإخفاء حملتها الوحشية ضد الأويغور، مستنكرا اتهامات سلطات بكين "لقد تعلمت هذه الكتب المدرسية عندما كنت طفلا. قراءتها كانت مجرد مغامرة أدبية سعيدة بالنسبة لي ولم يكن هناك فيها ما يحرض على الكراهية أو التطرف".
كاد كمال أن يفشل في التعرف على والده عندما رأى صورته معروضة في الفيلم لأول وهلة "من الواضح أنه كان هناك تعذيب جسدي"، وفقا لكمال الذي جاء إلى الولايات المتحدة في عام 2014 لمتابعة الدراسات العليا، ولم يعد إلى الصين.
في الفيلم الذي بثته الصين، في 2 أبريل، تدعي شبكة التلفزيون الصينية الدولية، أن المدير العام السابق لإدارة التعليم في شينجيانغ، ستّار صاووت، شكل "عصابة إجرامية" من ستة من الأويغور، وهم: نائبه، عليمجان ممتمين، ورئيسان سابقان من الإيغور لمطبعة التعليم في المقاطعة، عبد الرزاق صايم وطاهر ناصر، واثنان من كبار المحررين، يلقون روزي ووحيدجان عثمان، لنشر الأفكار المتطرفة إلى 2.3 مليون طالب من الأويغور الذين درسوا الكتب المدرسية "الإشكالية".
وحكمت السلطات الصينية على صاووت بالإعدام مع إرجاء التنفيذ لمدة عامين، بينما حكم على المسؤولين الثلاثة بالسجن مدى الحياة، فيما قضت على كل من المحررين بالسجن لمدة 15 عاما، بعد اتهامهم في عام 2017 بمحاولة "تقسيم البلاد".
يؤكد الناشط الحقوقي من الأويغور، عبد الولي أيوب، المقيم في النرويج، أن هذه المحاكمة صورية، بدليل أن المسؤولين الصينيين الذين راجعوا الكتب مع المسؤولين المسجونين، لم يعاقبوا ويذكروا أبدا في الفيلم، مشيرا إلى أن هذه الكتب المدرسية التي تزعم السلطات أنها "سامة" تم تطويرها في الأصل من قبل حكومة بكين في إطار حملتها التي أطلقت عليها "تعليم الجودة الشخصية".
وقالت إذاعة "فويس أوف أميركا" إنها حصلت على سبع نسخ من 22 كتابا من كتب الأويغور والتي حملت بالفعل أسماء كلاً من الأويغور والمسؤولين الصينيين المناط بهم فحص المحتويات.
وتقدم الكتب المدرسية، الصين على أنها "الوطن الأم" لجميع "المجموعات العرقية البالغ عددها 56، بما في ذلك كل من الأويغور والصينيين. كما تسلط الضوء على مقالات لكبار الكتاب الصينيين المعاصرين مثل لو شون، فضلا عن سير قديسين لشخصيات صينية بارزة.
وتضمن كتاب الأدب للصف السادس ترجمات الأويغور لقصتين صينيتين، "تذكر والدي، لي داتشو" و"العمل الليلي"، عن الزعيمين الشيوعيين الصينيين الأوائل لي دازهاو وتشو إنلاي.
لكن سلطات بكين تحاول دحض الانتقادات العالمية المتزايدة بشأن قمع الأويغور والمعسكرات التي تحتجِز فيها مالا يقل عن مليون مسلم من هذه الأقلية، من خلال مثل هذه الأفلام الوثائقية التي قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، عنها الشهر الماضي، إنها تظهر حملة بكين في شينجيانغ فيما يخص "مكافحة الإرهاب ونزع التطرف".
يأتي هذا، رغم أن وسائل الإعلام الحكومية بثت في الماضي حفل جائزة لوحيدجان عثمان، المتهم في الفيلم، عن "عمله الأدبي الاستثنائي"، بحسب ابنته أيكانات.
وأوضحت أيكانات، التي تدرس الاقتصاد في إسطنبول، لـ"فويس أوف أميركا، أن بكين منحت والدها جائزة "جوما" العاشرة، وهي جائزة أدبية وطنية لعمله الأدبي المتميز، و"الآن، بعد سنوات، نفس الحكومة تقول إن والدي ارتكب جريمة لأن عمله الأدبي أثار الكراهية العرقية".
https://www.alhurra.com/arabic-and-international/2021/05/10