حملة صينية لتشويه صورة شاعر أويغوري معتقل تأتي بنتيجة عكسية

وحيدجان عثمان، شاعر أويغوري معروف اعتقلته السلطات الصينية بدعوى تضمين أفكار انفصالية في كتب مدرسية
 
الحرة / ترجمات - واشنطن
30 يونيو 2021
 
يبدو أن محاولات الحكومة الصينية، في تشويه صورة شاعر أويغوري شهير، وربطه بالإرهاب، جاءت بنتيجة عكسية، إذ أطلق محبون له حملة على وسائل التواصل الاجتماعي، مما سلط الضوء على قضيته، بحسب تقرير نشره موقع "راديو آسيا الحرة". 
 
فرغم أن وسائل الإعلام الحكومية الصينية بثت في الماضي حفلا منحت فيه الدولة، جائزة للأديب والشاعر وحيدجان عثمان، (58 عاما)، والذي كتب مئات الأعمال التي حظيت بإعجاب في كل من شينجيانع وبقية الصين، حاولت الحكومة من خلال فيلم وثائقي تشويه صورته بدعوى دمج "أفكار انفصالية" متطرفة في الكتب المدرسية. 

واعتقلت الحكومة الصينية، وحيدجان وآخرين في أكتوبر 2016، حيث كان يعمل في دار نشر التعليم، في شينجيانغ، متهمة إياه بتضمين الكتب المدرسية أفكارا انفصالية، في طبعات نشرت في 2003 و2009، كان مسؤولون حكوميون صينيون قد وافقوا على محتواها في هذا الوقت. 

وفي الثاني من أبريل الماضي، بثت شبكة تلفزيون الصين العالمية (CGTN) التي تديرها الدولة فيلمًا وثائقيا مدته عشر دقائق، بعنوان "تحديات مكافحة الإرهاب في شينجيانغ.. للكتب المدرسية"، حيث اتهمت مسؤولي النشر التعليميين من أقلية الأويغور المسلمة، بتضمين نصوص تحرض على الكراهية العرقية والأفكار الانفصالية بين الأطفال والمراهقين الأويغور منذ عام 2003.

وتدعي الحكومة في الفيلم، أن المدير العام السابق لإدارة التعليم في شينجيانغ، ستّار صاووت، شكل "عصابة إجرامية" من ستة من الأويغور، وهم: نائبه، عليمجان ممتمين، ورئيسان سابقان من الإيغور لمطبعة التعليم في المقاطعة، عبد الرزاق صايم وطاهر ناصر، واثنان من كبار المحررين، يلقون روزي ووحيدجان عثمان، لنشر الأفكار المتطرفة إلى 2.3 مليون طالب من الأويغور الذين درسوا الكتب المدرسية "الإشكالية".

ويرى نشطاء أن اعتقال المسؤولين الأويغور السابقين، يأتي وسط حملة قمع عنيفة من قبل السلطات الصينية ضد المثقفين في إقليم شينجيانغ الذي يقول الأويغور إنه جزء من حملة متعمدة لتقويض ثقافتهم ودينهم ولغتهم بحجة محاربة التطرف.

بعد بث الفيلم الوثائقي، تعاون اثنان من داعمي ومحبي الشاعر وحيدجان عثمان، للرد على الدعاية الصينية، وهما عبد الشكور محمد، وهو مثقف أويغوري مقيم في السويد يعرف الشاعر وأعماله، وأليمجان عنايت، الأستاذ الأويغوري البارز في تركيا، مع ابنة الشاعر المقيمة في تركيا، أيكنات وحيدجان، حيث تم إطلاق حملة "الحرية للشاعر وحيد عثمان" على الفيسبوك.

وقال عبد الشكور، الذي بدأ في نشر مقاطع قصيرة عن الشاعر باللغات الأويغورية والإنكليزية والتركية: "في هذه المرحلة، كانت هناك العديد من الحملات المختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي حول المثقفين الأويغور المحتجزين، ولكن لم تكن هناك حتى الآن حملة من أجل وحيدجان عثمان"، سندحض دعاية الدولة الصينية للشاعر في الفيلم الوثائقي وتوعية الجمهور بمحنته.

vahitcan_osman

وأضاف "لأنني أعرف وحيدجان عثمان جيدا، ولأنه شخص نابغ بشكل خاص بين النخب الأويغورية، ولأنني لا أريد أن تُنسى رموزنا، أريد أن ينتبه إليه الآخرون كما نفعل نحن".

يتذكر عبد الشكور، الذي قال إنه يعرف وحيدجان منذ عام 1998، أنه رأى الشاعر آخر مرة في مؤتمر أكاديمي في جامعة إسطنبول في تركيا عام 2013.

قال: "ذهبت إلى المؤتمر ، حيث كان هناك علماء أتوا من بكين، من جامعة مينزو.. ورأيت أيضا وحيدجان عثمان هناك".

في نفس العام، فازت مجموعة من قصائد وحيدجان بعنوان "حديث القوس والسهم" بجائزة "ستيد"، وهي جائزة صينية على المستوى الوطني لأدب الأقليات العرقية.

وتم نشر أكثر من 500 قصيدة من قصائد وحيدجان في مختلف الصحف والمجلات في شينجيانغ من عام 1985 حتى وقت اعتقاله، وتم انتقاء أكثر من 40 منها في أغانٍ شعبية. 

قال عبد الشكور: "لم يكن أبدًا من النوع الذي يرتكب أعمالًا غير قانونية". "إنه شخص مؤدب وأخلاقي ومبدئي للغاية، وقد بذل قصارى جهده لعمله الأدبي".

وقال عليمجان، الذي حضر أيضًا مؤتمر 2013 نفسه في تركيا، إن الشاعر شارك في الحدث بإذن صريح من الحكومة الصينية.

وأعرب عليمجان عن حزنه العميق لاعتقال وحيدجان، مضيفا أنه "لا يوجد في أي مكان آخر في العالم مثقفون يطلق عليهم "إرهابيون" ويسجنون بسبب ما كتبوه في الكتب المدرسية".

وقال عليمجان: "مثقفونا من الشخصيات البارزة في مجتمعنا. هم عقول المجتمع. النظام الصيني يعتقلهم من أجل القضاء على مجتمع الأويغور من خلال القضاء على عقولنا". 

وحكمت السلطات الصينية على صاووت بالإعدام مع إرجاء التنفيذ لمدة عامين، بينما حكم على المسؤولين الثلاثة بالسجن مدى الحياة، فيما قضت على كل من المحررين بالسجن لمدة 15 عاما، بعد اتهامهم في عام 2017 بمحاولة "تقسيم البلاد". 

يؤكد الناشط الحقوقي من الأويغور، عبد الولي أيوب، المقيم في النرويج، أن هذه المحاكمة صورية، بدليل أن المسؤولين الصينيين الذين راجعوا الكتب مع المسؤولين المسجونين، لم يعاقبوا ويذكروا أبدا في الفيلم، مشيرا إلى أن هذه الكتب المدرسية التي تزعم السلطات أنها "سامة" تم تطويرها في الأصل من قبل حكومة بكين في إطار حملتها التي أطلقت عليها "تعليم الجودة الشخصية". 

وقالت إذاعة "فويس أوف أميركا" إنها حصلت على سبع نسخ من 22 كتابا من كتب الأويغور والتي حملت بالفعل أسماء كلاً من الأويغور والمسؤولين الصينيين المناط بهم فحص المحتويات.

وتقدم الكتب المدرسية، الصين على أنها "الوطن الأم" لجميع "المجموعات العرقية البالغ عددها 56، بما في ذلك كل من الأويغور والصينيين. كما تسلط الضوء على مقالات لكبار الكتاب الصينيين المعاصرين مثل لو شون، فضلا عن سير قديسين لشخصيات صينية بارزة. 

وتضمن كتاب الأدب للصف السادس ترجمات الأويغور لقصتين صينيتين، "تذكر والدي، لي داتشو" و"العمل الليلي"، عن الزعيمين الشيوعيين الصينيين الأوائل لي دازهاو وتشو إنلاي.

لكن سلطات بكين تحاول دحض الانتقادات العالمية المتزايدة بشأن قمع الأويغور والمعسكرات التي تحتجِز فيها مالا يقل عن مليون مسلم من هذه الأقلية، من خلال مثل هذه الأفلام الوثائقية التي قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، عنها في أبريل الماضي، إنها تظهر حملة بكين في شينجيانغ فيما يخص "مكافحة الإرهاب ونزع التطرف".