لماذا يتعرض الأويغور للإبادة الجماعية؟

الصوم، الصلاة، الامتناع عن شرب الخمر، كلها تعتبر جرائم يعاقب عليها القانون في هذا السجن الكبير، فماذا تعرف عن أكبر إبادة عرقية بحق مسلمي الأويغور في تركستان الشرقية؟

*قصة تركستان الشرقية*

تعود قصة تركستان الشرقية لعصر الدولة الأموية، حيث فتحت أيام الوليد بن عبد الملك وأسلم جميع أهلها، وعلى مدار مئات السنين تعرضت للاحتلال عدة مرات أخرها كان الاحتلال الصيني سنة (1949م)، الذي غير اسمها من تركستان الشرقية إلى شينج يانغ، واعتبرها إقليما تابعا للصين لتبدأ فصول الإبادة الجماعية لمسلمي الإيغور على مدار عشرات السنوات.

تحدد الإحصائيات الصينية الرسمية عدد مُسلمي تركستان الشرقية بـ 11 مليونا، لكن مصادر مُعارضة تشير إلى أن عدد المسلمين يتجاوز 25 مليونا، تحاول الصين فرض سيطرتها عليهم وتشجع الهجرات الداخلية من أبناء قومية “الهان” البوذية إلى الإقليم لتغيير ديموغرافية المنطقة وإضعاف الوجود الإسلامي. 

وخلال السنوات الأربعة الماضية، أعطى الرئيس الصيني الضوء الأخضر لشن حملة قمع غير مسبوقة تحت ذريعة مكافحة التطرف الديني في الإقليم، حيث أجبرت النساء المسلمات على الزواج من رجال الهان البوذيين، وتم نشر أكثر من مليون عامل حكومي للتأكُّد من التزام المسلمين بسياسات تغيير الهوية التي فرضتها الصين بمنع ارتداء الحجاب ومنع الأطفال من الصلاة في المساجد، ومنع كتب تعليم الشعائر الاسلامية، وفرض الإفطار القسري في شهر رمضان حيث تنظم الحكومة عملية توزيع للطعام في نهار رمضان ويدخل في هذا الإفطار شرب الخمر وأكل الخنزير قسرًا، ويتعرض كل من يرفض للعقوبة.

*الملايين في السجون*

أي مظهر من مظاهر الالتزام بالإسلام قد يكون سببًا للاحتجاز لفترة طويلة بموجب "قانون إزالة التطرف" الذي أقر عام 2017، لتبني الصين عشرات السجون في إقليم شينج يانغ، وأطلقت عليها اسم "معسكرات إعادة التأهيل" ووصل عددها لأكثر من 380 معسكرًا.

بعض التقارير التي تتحدث عن وضع الايغور أكدت أن عدد المحتجزين في المعسكرات لا يقل عن مليون وبعضها أكد أن العدد الإجمالي لمن اعتقلوا في هذه المعسكرات وصل ل9 ملايين.

تستخدم السلطات الصينية هؤلاء المحتجزين في تجارب الأسلحة البيولوجية وتمارس عليهم أصنافا من التعذيب الممنهج الذي لم تعرف كثير أشكاله حتى الآن بسبب التعتيم الشديد على ما يحصل هناك.

بعض من خرجوا من معسكرات الصين ونجحوا في اللجوء أدلوا بشهادتهم عما كانوا يتعرضون له في معسكرات إعادة التأهيل.

ساعتان من الثامنة إلى العاشرة صباحًا يحفظ فيها المحتجزون أغانٍ وشعارات شيوعية ومن ثم يكتبون النصوص التي حفظوها، فترة ما بعد الظهر مخصصة لدراسة سياسات الحزب الشيوعي ودعايته، وفي الليل يجبر المحتجزون على كتابة نقدهم الذاتي لأنفسهم، أو أي فكرة سلبية يملكونها عن الصين أو عن الشعب الصيني. وفي بعض الأحيان، كانت السلطات تجري اختبارات غير عادية للمحتجزين المسلمين، بإطلاق صوت أذان الفجر واعتقال كل من يستيقظ على الصوت؛ لأن استيقاظه يعد دليلا على ميوله الدينية!

*إبادة جماعية*

صباح كل يوم تخضع النساء المعتقلات لتفتيش مهين على أنغام الأغاني الصينية والهتافات التي تُمجِّد الرئيس "شي جين بينغ"، قبل أن تُجبر النسوة على الجثو على رُكبهن لمدة ساعتين لحين بدء دروس الدعاية الشيوعية، وكشفت تقارير عن تعرض النساء المسلمات للاعتداءات الجنسية والاغتصاب في معسكرات الاعتقال الصينية، حيث تحدثت إحدى الناجيات من هذه السجون عن واقعة اغتصاب جماعي لفتاة تبلغ من العمر 20 عاما، على مرأى ومسمع نحو 100 معتقل آخر، حيث كان السجانون يعاقبون أي شخص يُبدي أي معالم للاستياء أو المقاومة، أو حتى يحاول إغماض عينيه. الحكومة الصينية ضخت 37 مليون دولار في برامج التعقيم القسري لتمارس بحق نساء الإيغور حملة لمنعهن من الإنجاب، عبر إعطائهم حقنًا وحبوبًا مرة كل 15 يوما، وإجبارهن على تركيب اللولب الرحمي، وإكراه أخريات على إجراء جراحة التعقيم،* ما تسبَّب في انخفاض معدلات النمو في أكبر محافظتين في إقليم شينجيانغ بنسبة 84% بين عامي 2015 و2018 الصين نفت مرارا وجود تلك المعسكرات، إلا أنها اضطرت للاعتراف بوجودها لاحقا واصفة إياها بأنها مراكز للتدريب المهني لتأخذ بيد المسلمين بعيدا عن التطرف وفق إدعائها، في حين أن هذه المعسكرات تحاط بالأسلاك الشائكة، وتتم مراقبتها بعشرات أبراج المراقبة وكاميرات الأشعة تحت الحمراء، ويعالَج الإسلام فيها كمرض عقلي لا يُضمَن أبدًا الشفاء التام منه كالإدمان أو الاكتئاب، وبعد الانتهاء من غسيل الأدمغة وما يسمى بإعادة التأهيل؛ يظل الإيغور تحت المراقبة، ويجبرون على حضور الأنشطة العامة الإلحادية لضمان بقاء تأثير وسطوة الحزب الشيوعي.

*لا مآذن في الإقليم*

الحكومة الصينية بدأت حملة منظمة ومتعمدة لإعادة صياغة التراث الثقافي للإيغور، من أجل جعل تلك التقاليد الثقافية للمسلمين تابعة للصين، حيث نشر معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي تقريرا مدعما بصور الأقمار الصناعية أكد فيه أن الصين هدمت حوالي 8500 مسجد منذ العام 2017 في شينجيانغ، بالإضافة إلى هدم جزئي لآلاف المساجد والأماكن المقدسة للمسلمين لإزالة كل المعالم التي يمكن أن تشير إلى تراث المسلمين في المنطقة، فيما لم تتعرض الكنائس المسيحية والمعابد البوذية في شينجيانغ لأي ضرر.

فإلى متى ستستمر الإبادة الجماعية بحق المسلمين الإيغور؟