قصة اثنين من الطغاة: الملك نمرود وشي جين بينغ

شي جين بينغ، والنمرود كما رسمه ديفيد سكوت (1806-1849).

تتضاءل القصص حول قسوة ملك بلاد ما بين النهرين مقارنة بالإبادة الجماعية لشي جين بينغ للأويغور.

بقلم/ كوك بيرق

بيتر وينتر، 14، 08، 2023

عندما قام الرئيس الأمريكي جو بايدن بوصف شي جينبينغ بأنه ديكتاتور، أحرج ذلك السلطات الصينية للغاية. ومع ذلك، لا يعبر لقب الديكتاتور بشكل كاف عن طبيعة شي جينبينغ الحقيقية، في بعض النواحي، يخفي حتى وحشيته.

تتضح هذه الرؤية عندما نقارن شي جين بينغ بالنمرود، أحد أقسى الشخصيات التي ذكرتها الأديان السماوية. حيث يوصف النمرود بأنه ملك بلاد ما بين النهرين العظيم والقاسي. جعلت العادات منه زعيم على الذين بنوا برج بابل، وتذكر نزاعاً بشأن عبادة الأصنام دار بينه وبين النبي إبراهيم عليه السلام. تم ذكر قصة النمرود ولقائه مع النبي إبراهيم عليه السلام في المصادر اليهودية والإسلامية في العصور الوسطى حيث حاول النمرود حرقه حياً بلا جدوى، وهي قصة مألوفة لدى معظم المسلمين.

resim1

هندريك فان كليف الثالث (1525-1589)، "النمرود بين الآثار".

إن دور شي جين بينغ في الإبادة الجماعية للأويغور يتجاوز بكثير ما فعله النمرود ضد النبي إبراهيم عليه السلام. وفقاً للقصص اليهودية والإسلامية، عندما أراد النمرود أن يُظهر لإبراهيم أنه إله يمكنه قتل الناس وإحيائهم، أخرج رجلين من السجن. قتل واحد وأطلق سراح آخر. لقد ضحى بمجرم، وليس شخصاً بريئاً يسير في الشارع.

عندما أعلن شي جين بينغ أن الإسلام مرض عقلي وشن حرباً ضد الإسلام، أخذ الآلاف من العلماء مثل محمد صالح داملا من المساجد، والمثقفين مثل تاشبولات تييب من الفصول الدراسية الجامعية، والمواطنين العاديين من الحقول والمحلات التجارية في البازار ووضعهم في معسكرات الاعتقال. يتم اعتقال الناس في هذه المعسكرات إلى أجل غير مسمى دون محاكمة. بمعنى آخر، تم إصدار حكم بالإعدام لجميع السكان، وعملية الإعدام مستمرة ببطء.

عندما رأى النمرود أن عرشه في خطر، ورد أنه أمر بقتل الأطفال الذكور (كما فعل الملك هيرودس لاحقاً، وفقاً للكتاب المقدس). يعتقد شي جين بينغ أن الأويغور يشكلون تهديداً لوحدة البلاد، وقد قام بتصنيف الأويغور المولودين في 1970 و 1980 و 1990 و 2000 على أنهم أجيال خطيرة. لقد سجنهم دون تمييز بين الرجال والنساء، وهم الآن محاصرون ومعرضون لخطر الموت في المعسكرات.

لم يقتل النمرود على الأقل الأجنة الذين لم يولدوا بعد، لكن شي جين بينغ قتل أجنة الأويغور الذين لم يولدوا بعد عن طريق الإجهاض القسري. لم يفكر النمرود أبداً في تدمير الحيوانات المنوية والبويضات لخصومه، لكن شي جين بينغ فعل ذلك بإجراءات التعقيم. لا توجد بيانات حول عدد الأطفال الذين قتلهم النمرود. وبالمقابل، تظهر إحصاءات السكان في الصين أن معدلات المواليد الأويغور قد انخفضت بشكل حاد. حيث وُلد عدد أقل من مليون أويغوري في عامي 2017 و 2018.

resim2

فوليو من "تارخناما" (كتاب التاريخ)، بلعمي (992-997): النمرود يلقي إبراهيم عليه السلام في النار ويتحدى الله علناً.

دعا النمرود منافسه، النبي إبراهيم عليه السلام، إلى قصره، واستمع إليه وجادله. بينما شي جين بينغ غير قادر على التحلي بالصبر والاستماع إلى آراء الأويغور. بدلاً من ذلك، يحكم على المثقفين مثل البروفيسور إلهام توختي الذي يحاول تقريب الفجوة بين الأويغور والصين بالسجن مدى الحياة.

عندما لم يستطع النمرود إقناع النبي إبراهيم عليه السلام بوقف حركته المناهضة لعبادة الأصنام، نصحه بالهجرة وسمح له بمغادرة البلاد مع أتباعه. ومع ذلك، عندما أصر الأويغور على هويتهم العرقية ورفضوا التصيين، تصاعدت الأمور إلى الإبادة الجماعية، ولم يسمح لهم شي جين بينغ بالهروب. حيث جمع جوازات سفر الأويغور وأعاد اللاجئين الذين فروا إلى كمبوديا وتايلاند ودول أخرى إلى الصين. قام باعتقال وسجن أكثر من 5000 طالب كانوا يدرسون في مصر وباكستان والمملكة العربية السعودية وماليزيا.

وكان طالب جامعة الأزهر حبيب الله توختي، واحداً من آلاف الضحايا في الصين البعيدة المدى. تم سجنه لمدة 10 سنوات بعد عودته إلى أورومتشي. تحت إشراف شي جين بينغ في منطقة الأويغور، أصدر تشن تشوانغو أوامره حيث قال "بالنسبة لأولئك الذين يعودون من الخارج، يجب أن نجدهم، ونلقي القبض عليهم. يجب أن نعاملهم كمجرمين خطرين ونقيد أيديهم أولاُ، ثم نضع أغطية فوق رؤوسهم."كان ذو الفقار أوزباش وتورسونجان بيلجي، اللذان درسا في الولايات المتحدة؛ وبكري عبدالرشيد، الذي درس في ألمانيا؛ وعبدالحليل عبدالرحيم الذي درس في اليابان، من بين الضحايا.

عندما دمر النبي إبراهيم عليه السلام الأصنام في المعبد، عاقب النمرود إبراهيم عليه السلام  فقط. وترك أفراد عائلته وأتباعه بلا عقوبة. ومع ذلك، فقد سجن شي جين بينغ ثلاثة ملايين من الأويغور بسبب حوادث عنيفة، مثل" هجوم كونمينغ في 1 مارس "و" هجوم سوق أورومتشي الصباحي في 22 مايو. تشير الوثائق المسربة بوضوح إلى أسباب اعتقال الأويغور: "أن يكون من عائلة تم عقاب بعض أفرادها "، و" تلقي مكالمات من أشخاص مشبوهين "، و" تناول العشاء مع مجرم في الماضي"، و " نقل أحد أقارب مجرم سابق في سيارته.”

قام مسؤول الحزب في مدرسة حزب شي جينبينغ في شينجيانغ، تشيو يوانيوان، بالدفاع عن الاحتجاز الجماعي كما يلي: "كانت ضربتنا قوية للغاية في حملتنا في السنوات الثلاث الماضية. من المستحيل على الأقارب والجيران الذين عوقبوا ألا يتعرضوا للإهانة. كان علينا أن 'نعلمهم' للحفاظ على مكاسب حملتنا."دافع المسؤولون المحليون عن هذه الحملة غير المسبوقة باستخدام مصطلحات مثل" استئصال الأورام "و" رش المحاصيل لقتل الأعشاب الضارة.”

عندما عاقب النمرود النبي إبراهيم عليه السلام أخيراً، ألقى به في النار. بينما شي جين بينغ، في إطار تنفيذ إبادته الجماعية، يُلقي بالأويغور في معسكرات الاعتقال - جحيم العالم - حيث يتعرضون للتعذيب عقلياً وجسدياً في كل لحظة من كل يوم. بينما كان إبراهيم عليه السلام في النار، أنقذه الله تعالى بمعجزة من الحرق. أما الأويغور فقد تعرضوا للحرق والتعذيب في المعسكرات لمدة ست سنوات وتحملوا غسيل الدماغ والاعترافات القسرية وإجبارهم على التعبير عن ولائهم لشي جين بينغ أثناء العمل من أجل مكاسبه. تدار المعسكرات بقاعدة مفادها أنها " يجب أن يكون التعليم مثل المدرسة، وأن تدار مثل الجيش، وأن يتم الدفاع عنها مثل السجن.”

لم يطلب النمرود دعم القوى الخارجية ضد إبراهيم عليه السلام. حتى النمل جاء لإنقاذ إبراهيم عليه السلام بالماء في أفواههم. بينما كان الأويغور يحترقون، منع شي جين بينغ أي نوع من التحقيق المستقل. لقد قام بتنسيق "زيارات شينجيانغ (تركستان الشرقية)" لتبرير وجود المعسكرات. قام الزوار, بما فيهم علماء الدين, مثل "العالم الإسلامي" علي راشد النعيمي ورجل الدولة محمود عباس بتأييد سياسة المعسكر الصيني, قائلين إنها "معركة ضد الإرهاب."لقد سكبوا البنزين على النار التي كانت مشتعلة في المعسكرات بدلاً من خمدها.

من أجل إخماد هذه النار في تركستان الشرقية، يجب على العالم أولاً أن يكون لديه الحكمة والشجاعة والضمير ليطلق على اللص لصاً، والديكتاتور ديكتاتوراً، والقاتل قاتلاً.

إذا كنت تعتقد أن النمرود شخصية تاريخية، فإن شي جين بينغ هو أعظم طاغية في تاريخ البشرية. إذا كنت تعتقد أن النمرود شخصية أسطورية، فإن شي جين بينغ قاتل متعطش للدماء يتجاوز أي خيال أدبي بشري.

 

ترجمة/ رضوى عادل

https://bitterwinter.org/a-tale-of-two-tyrants-king-nimrod-and-xi-jinping/