إبادة النخب حيث تسجن الصين مثقفي الأويغور لمحو الثقافة الأويغورية

إلهام توختي، عالم شهير أويغوري، يتحدث خلال مقابلة في منزله، في صورة من ملفات الأرشيف تعود إلى 4 فبراير 2013.

رحيل داوت وإلهام توختي هما من بين مئات رواد الفكر الأويغوري، تم اعتقالهما خلال حملة قمع.

بقلم/ بول إيكرت، إذاعة آسيا الحرة، قسم الأويغور

2023.10.08

على مدى أسبوعين، تم الكشف عن مصير باحثة في التراث الشعبي الأويغوري اختفت منذ عام 2017 حيث تقضي حكمًا بالسجن مدى الحياة بتهمة "الانفصالية"، بينما ظهر عالم أويغوري آخر اختفى في السجون الصينية قبل سنوات وهو من ضمن المرشحين المحتملين لجائزة نوبل للسلام لعام 2023.

تشترك قضية عالمة الإثنوغرافيا رحيل داوت، حيث كشفت منظمة غير حكومية أمريكية عن إدانتها بالسجن مدى الحياة في ديسمبر 2018 الشهر الماضي فقط، والخبير الاقتصادي إلهام توختي، الذي تم سجنه مدى الحياة بتهم مماثلة في عام 2014، في أوجه تشابه رئيسية تسلط الضوء على المأساة الشخصية والعائلية وراء سياسات الاستيعاب التي تنتهجها الصين في تركستان الشرقية.

قام كلًا من رحيل داوت، ولدت عام 1966، وإلهام توختي البالغ من العمر 53 عامًا ببناء حياتهما المهنية الأكاديمية داخل النظام الصيني، حيث قاما بالتدريس في جامعات مرموقة وأطلقا أعمالهما من خلال دور النشر الحكومية الكبرى. تعاون الباحثان مع نظرائهما الصينيين والدوليين وحظيا بالاحترام.

قامت رحيل داوت بإنشاء وإدارة مركز أبحاث التراث الثقافي للأقليات في جامعة شينجيانغ وكتبت العديد من المقالات في المجلات الدولية وعددًا من الكتب حول المنطقة وثقافتها.

وكان إلهام توختي، وهو خبير اقتصادي في الجامعة المركزية للقوميات في بكين، يدير موقعًا للأويغور على الإنترنت"Uyghur Online" الذي تأسس في عام 2006، والذي لفت الانتباه إلى التمييز الذي يواجهه الأويغور تحت حكم بكين في تركستان الشرقية وسياستها المتزايدة بالقيود على الدين واللغة.

تعاني عائلتا داوت وتوختي في مصير مشترك بعدم سماعهما لأي شيء من أحبائهما المحتجزين منذ عام 2017، العام الذي بدأت فيه الصين حملتها القاسية في تركستان الشرقية بإنشاء شبكة من معسكرات الاعتقال للأويغور والكازاخ والمجموعات التركية الأخرى.

قالت ابنة رحيل داوت المقيمة في الولايات المتحدة، عقيدة بولات خلال حديثها لإذاعة آسيا الحرة في الشهر الماضي: "كان أول رد فعل لي أنني لا أستطيع أن أصدق ذلك على الإطلاق، لم أستطع أن أصدق ذلك على الإطلاق".

وأضافت عن التهم التي أدينت بها والدتها: "لم يكن أي شيء من أعمال والدتي، أو أي شيء في حياتها الشخصية له علاقة بـ 'تعريض أمن الدولة للخطر".

1e90dd2b-1462-4017-9cf1-ba13ca0f0c50 

الأستاذة الأويغورية رحيل داوت تتحدث مع رجل في تركستان الشرقية في صورة غير مؤرخة. الصورة مقدمة من عقيدة بولات/ Freemymom.org.

'لا مقاومة فكرية'

وأشارت مؤسسة دوي هوا، التي كشفت عن عقوبة رحيل داوت المؤبدة، إلى تقديرات تصل إلى عدة مئات من المثقفين الأويغور الذين تم اعتقالهم وسجنهم منذ عام 2016.

وقد وثقت إذاعة آسيا الحرة عشرات حالات الاختفاء والاعتقال لكتاب وأكاديميين وفنانين وموسيقيين من الأويغور في السنوات الأخيرة.

قال شون روبرتس، خبير آسيا الوسطى في كلية إليوت للشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن في واشنطن العاصمة:" ما رأيناه داخل منطقة الأويغور في الصين هو ما يطلق عليه غالبًا "إبادة النخب".

وقال " هناك تركيز خاص على النخب الفكرية، وكثير منهم كانوا يعملون في مؤسسات الدولة، كانت موالية للدولة، لم يقدموا أي نوع من المقاومة الحقيقية. كانت جريمتهم الوحيدة هي الحفاظ على فكرة أمة وهوية الأويغور".

قال روبرتس إن "إبادة النخب" غالبًا ما يتم تحديده كوقوع في بداية عملية إبادة جماعية، حيث يتم محاولة التخلص من النخبة السياسية والاقتصادية والفكرية بأكملها لضمان عدم وجود مقاومة فكرية لإجراءات محو هوية الشعب.

في بداية عام 2021، وبعد سنوات من التقارير التراكمية عن نظام المعسكرات في تركستان الشرقية، قامت الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبرلمانات عدة دول أوروبية بتصنيف رسمي للمعاملة التي يتعرض لها الأويغور على أنها إبادة جماعية أو جرائم ضد الإنسانية.

رفضت الصين بغضب التهم بارتكاب إبادة جماعية، معتبرة أن "معسكرات إعادة التعليم" كانت وسيلة ضرورية لمكافحة التطرف الديني والإرهاب، ردًا على هجمات إرهابية متفرقة يقول الأويغور إنها نتجت عن سنوات من القمع الحكومي.

كما شنت بكين هجومًا إعلاميًا، من خلال حملة تأثير إعلامي عالمية تنشر محتوى وسائل الإعلام الصينية الرسمية في دول آسيا وما وراءها، وتستضيف دبلوماسيين وصحفيين من دول موالية للصين في رحلات منظمة إلى تركستان الشرقية وتروج لنشطاء وسائل التواصل الاجتماعي الموالين للصين.

1b516322-d40c-41c6-94ea-41b28b1d42f0

عقيدة بولات تحمل صورة والدتها، الخبيرة في تراث الأويغور رحيل داوت، المعتقلة. الصورة من تصوير X/@Kuzzat_Altay.

زيادة الوعي حول الإبادة الجماعية

في الشهر الماضي، ضغط دبلوماسيون صينيون على دول أعضاء في الأمم المتحدة لعدم حضور لجنة حول انتهاكات حقوق الإنسان في تركستان الشرقية برعاية مركز أبحاث ومجموعتين حقوقيتين على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

تم ترشيح إلهام توختي لجائزة نوبل للسلام منذ عام 2020، وتم تصنيفه من قبل وسائل الإعلام الأمريكية كواحد من أفضل ثلاثة مرشحين للفوز بالميدالية هذا العام، بعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وزعيم المعارضة الروسي المسجون ألكسي نافالني.

وحصل توختي على احتمالات أعلى في العديد من مواقع المراهنة الشهيرة في لندن للفوز بالجائزة مقارنة بالناشطة الإيرانية المعتقلة نرجس محمدي.

قالت جوهر إبنة إلهام توختي: "هناك العديد من قضايا حقوق الإنسان حول العالم تعتبر مهمة بنفس القدر من المعاناة التي يمرون بها الأويغور، لكن الوضع الدولي والقوة التي تمتلكها الجهات المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان هذه ليست متساوية".

493135e9-e408-41ac-9c48-102732b31e76

جوهر إلهام تحمل صورة والدها، إلهام توختي، خلال حفل جائزة ساخاروف في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، فرنسا، في 18 ديسمبر 2019. الصورة لـ AP Photo.

وأضافت لإذاعة آسيا الحرة: "من المعروف أن الحكومة الصينية تمتلك نفوذًا سياسيًا واقتصاديًا أقوى بكثير من الحكومة الإيرانية في العالم الغربي".

ليس من الواضح ما إذا كانت الصين ستتأثر بجائزة نوبل للإفراج عن توختي أو ستستخدم سياسات معتدلة في تركستان الشرقية، حيث يبدو أن زعيم الحزب الشيوعي شي جين بينغ يضاعف الإجراءات والسياسات الأمنية الصارمة لقمع ثقافة الأويغور.

انتقدت بكين لجنة نوبل وفرضت عقوبات تجارية على النرويج بعد أن ذهب نوبل 2010 إلى الكاتب المنشق الصيني ليو شياوبو.

وفي ظل اعتقال ليو، نجحت العاصمة الصينية بكين في الحصول على حق استضافة دورة الألعاب الشتوية في عام 2015، وتجاهلت بشكل كبير الاحتجاجات العالمية عندما توفي ليو في السجن في عام 2017 ليصبح أول حائز على جائزة نوبل يموت في السجن منذ وفاة الصحفي الألماني مناهض النازية كارل فون اوسيتزكي في الاعتقال في عام 1938.

بالنسبة إلى جوهر إلهام، فإن ذكر والدها كمنافس على جائزة نوبل " لا يزال اعترافًا كبيرًا بعمله وأيضًا فرصة لزيادة الوعي حول مشكلة الإبادة الجماعية للأويغور.

وأضافت: "آمل أن يتعرف المزيد من الناس على إلهام توختي، ويتعرفون على ما يحدث لمئات الآلاف من أسر الأويغور".

تقرير نوريمان عبد الرشيد وعالم سيتوف لإذاعة آسيا الحرة قسم الأويغور.

ترجمة إلى العربية/ رضوى عادل

https://www.rfa.org/english/news/uyghur/intellectuals-genocide-10082023140540.html