إبادة جماعية أم "إرهاب"؟

في الصورة: يستفسر كادر صيني في الريف مراحل نمو القمح من المزارع. 1 مايو 2024.

من إعداد آسيه أويغور، محللة إذاعة آسيا الحرة من أمستردام.

إحياء للذكرى العاشرة لمذبحة ألشقو بياركند جنوب تركستان الشرقية التي تحتلها الصين وتسميها "شينجيانغ"

قبل عشر سنوات، في 28 يوليو، شهد شعب الأويغور مذبحة دموية في بلدة أليشقو، مقاطعة ياركند. لكن الصين ربطت المذبحة بالأعمال الإرهابية الدولية وتظهر نفسها على أنها "الضحية". رغم مرور عشر سنوات على المذبحة، إلا أن الصين لم تكشف عن تفاصيل الحادثة أو إجراء تحقيق مقنع.
 
فما هو سبب المأساة التي حدثت قبل عشر سنوات في ياركند أليشقو؟ فهل هذا الحادث "عمل إرهابي مخطط ومتعمد نفذته ثلاث قوى داخل الصين وخارجها" أم أنه جزء من الإبادة الجماعية التي تمارسها الحكومة الصينية ضد شعب الأويغور؟ للحصول على إجابة مقنعة لهذه الأسئلة، دعونا نلقي النظرة على المعلومات حول هذا الحدث الدموي الذي حدث في ذلك الوقت.
 
ذكرت تقارير إعلامية صينية عن الحادث أنه في حوالي الساعة الخامسة من صباح يوم 28 يوليو/تموز 2014، أغلقت "القوات العنيفة" الطريق العام بين مارالبشي وياركند، ومنعت المركبات من العبور، وأشعلت النيران، وقتلت الأبرياء. بمعنى آخر، روجت الحكومة الصينية للحادث باعتباره "عملًا إرهابيًا مخططًا ومتعمدًا من قبل الأويغور". لكن بالنظر إلى الوضع في ذلك الوقت، عندما تم تداول معظم تفاصيل الحادثة على نطاق واسع في الصحافة الصينية، كانت الصين تسيطر على منصات التواصل الاجتماعي لمنع ظهور حقيقة الأمر. إذا كان ما حدث في ذلك اليوم كان بالفعل "هجومًا إرهابيًا" كما روجت له الصين، فما الفائدة من حجب المعلومات حول الحادث؟ بل على العكس من ذلك، إذا تم نشر تفاصيل هذا الإرهاب على نطاق واسع، أليس من المفيد إثبات أن الصين "بريئة ولها أسباب مقنعة في قمع الأويغور"؟ والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن الصين نفسها لا تقيد المعلومات حول هذا الأمر بشكل صارم فحسب، بل تقوم أيضًا باعتقال شاب أويغوري كشف هذه المعلومات للعالم الخارجي. في ذلك الوقت، أخبر شاب أويغوري يبلغ من العمر 22 عامًا يُدعى أبا بكر، العالم عن المذبحة التي وقعت في أليشقو. وبحسب أبا بكر، تجمعت نساء الأويغور في أحد المنازل لقضاء لصلاة التراويح (27 يوليو) في بلدة إليشقو. لكن التجمع للصلاة وصف بأنه "تجمع ديني غير قانوني" من قبل الشرطة الصينية. وبعد تلقي المعلومات، وصلت الشرطة سريعًا إلى مكان الحادث واعتقلت ما يقرب من 50 امرأة وطفلًا في المكان. وعندما عاد الرجال الذين ذهبوا إلى المسجد للصلاة وعلموا بالوضع، ذهب الرجال إلى مركز الشرطة والمبنى الحكومي يطالبون بإطلاق سراح النساء. لكن الشرطة اعتقلت الأشخاص الذين حضروا. وعندما حاول السكان الساخطون المقاومة، حاصرت القوات المسلحة الصينية ثلاث قرى في مدينة أليشقو وأطلقت النار على جميع السكان. يقال إن عدد القتلى يتراوح بين 3000 و 5000. لكن الحكومة الصينية اعتقلت أبا بكر بتهمة إثارة "الفتنة".

ولم يقتصر الأمر على الشاب الأويغوري الذي يُدعى أبا بكر، بل نشرت وسائل الإعلام في الصين أيضًا "التحريض" حول الحادثة. بمعنى آخر، في قصة إخبارية نُشرت في صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية في ذلك العام، ذُكر أن وسائل الإعلام الصينية نشرت "معلومات لم يتم التحقق منها" حول الحادث. وتتعلق الأخبار التي لم يتم التحقق منها والتي ذكرتها الصين بحادثة 28 يوليو/تموز التي قامت فيها الوكالات العسكرية الصينية بنقل قواتها من خوتان إلى أليشقو لقمع الإرهابيين.

وبعد أن حظرت الصين جميع المعلومات التي لم تكن في صالحها، ألقت باللوم في الحادث على الأويغور وأظهرت أن لها ما يبررها. ولكن إذا حكمنا من خلال المعلومات الواردة من الصين حول الحادث ومحاولات الصين إخفاء المعلومات حول الحادث، فمن الواضح أن الأمور لم يكن حسب رواية الصين.

وبالنظر إلى المعلومات التي نشرتها الصين حول الحادث، هناك نقطتان جديرتان بالملاحظة. الأول هو أن ما يسمى "الإرهابيين الأويغور" مسلحين بالفؤوس والسكاكين، وقد اعترفت الصين نفسها بأن أهدافهم هي الحكومات المحلية وإدارات الشرطة. والسبب الآخر هو أنه في أوائل عام 2014، أرسلت الصين 200 ألف موظف حكومي صيني "للعمل" في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية لتركستان الشرقية مثل كاشغر وخوتان وآقسو. خلال هذه الفترة، انتقل موظفو الخدمة المدنية إلى منازل الأويغور ووضعوها تحت المراقبة على مدار 24 ساعة. وهذا يعني أن الأويغور كانوا تحت المراقبة المستمرة من قبل كوادر صينية لعدة أشهر قبل حادثة ياركند أليشقو.

والأهم من ذلك، خلال هذه السنوات، أنشأت الحكومة الصينية نظام مراقبة تشفير واسع النطاق في تركستان الشرقية، وتم إدراج بند القضاء على ما يسمى بـ "القوى الثلاث" في الخطة الوطنية الأكثر أهمية للصين. وفي مثل هذا الوقت يستحيل على الأويغور أن يقوموا بعملية المقاومة "المخططة والمقصودة" كما يدعي الصينيون! وقع الحادث بين مساء يوم 27 يوليو وصباح 28 يوليو. تتزامن هذا اليوم مع عيد الفطر. عادة صباح يوم عيد الفطر، يستيقظ الأويغور مبكرًا ويستعدون للعيد وصلاة العيد. في مثل هذا اليوم، من غير المنطقي أن يبدأ الأويغور حركة احتجاجية. والأهم من ذلك، أن الأويغور ليس لديهم أسلحة مطلقا، والمقاومة في مثل هذا الوضع ستكون بمثابة إلقاء أنفسهم بأيديهم إلى التهلكة. أي أن الاحتمال الوحيد للحادث هنا هو أن الأويغور واجهوا ظلمًا لا يطاق، ولهذا السبب اضطروا إلى الإحتجاج على حساب حياتهم.

وبالفعل يمكن القول إنه من الواقعي أن الحكومة الصينية قمعت أنشطة الأويغور الرمضانية بالسلاح وتسببت في سقوط قتلى، وانتفض الشعب وقاموا بالاحتجاج. لأنه ليس سراً أن الصين كانت تقمع الاحتجاجات قبلها بالدم!
 
وحققت قسم الأويغور في إذاعة آسيا الحرة في الحادثة وأكدتها، وكشفت أن الشرطة الصينية أطلقت النار على النساء المشاركات في فعاليات رمضان، انتفض أهل البلاد واحتجوا، ردًا على ذلك قامت قوات المسلحة الصينية، البرية منها والجوية بمذبحة واسعة النطاق باستخدام الطائرات الحربية، النفاثة منها والعمودية وطائرات بلا طيار في قرى أليشقو، خانغدي، دونغباغ، وقوشئريق، وأن ما لا يقل عن 5000 من الأويغور قتلوا وتم اعتقال الآلاف منهم.

ومن الواضح أن وصف مقاومة المزارعين الأويغور الذين لم تكن بأيديهم قطعة حديد، ويخضعون للمراقبة على مدار 24 ساعة حتى بعد العودة إلى منازلهم،ب"الإرهاب" يعد إهانة خطيرة للضمير والذكاء الإنساني. على العكس من ذلك، إذا حاولت الصين، التي ترتكب إبادة جماعية ضد الأويغور، إخفاء جرائمها تحت اسم "محاربة الإرهاب"، فهي وحشية بدائية تتنافى تماما مع العالم المتحضر. أي أن ما حدث قبل عشر سنوات في ياركند أليشقو ليس "إرهاباً" كما تروج له الصين، بل هو جزء من النضال الأويغوري البطولي ضد سياسات الصين الاستعمارية! الأويغور المذبوحون هم الأبطال المحبوبون لدى شعب الأويغور!
 
① "اعتقال مستخدم الإنترنت في شينجيانغ لنشره الأخبار المضللة"
 
② "تم القبض على مستخدم الإنترنت في شينجيانغ لنشره شائعات حول الإرهاب العنيف"
 
[ملاحظة: الآراء الواردة في المقال هي آراء الكاتب ولا تمثل إذاعتنا]
مصدر الخبر: إذاعة آسيا الحرة.

https://www.rfa.org/uyghur/mulahize/qirghinchiliqmu-terrorluqmu-07302024115616.html

في الترجمة من الأويغورية: عبد الملك عبد الأحد.