إن سقوط نظام عائلة الأسد، الذي حكم سوريا بقبضة من حديد لمدة 55 عامًا، يمثل لحظة فارقة في تاريخ سوريا. فقد منح هذا الحدث جيلًا من السوريين، الذين لم يعرفوا رئيسًا غير عائلة الأسد، شعورًا بالتحرر والأمل في مستقبل جديد. ومع ذلك، فإن تداعيات هذا السقوط تمتد إلى ما هو أبعد من سوريا، حيث أعادت تشكيل التوازنات الإقليمية والدولية.
الأطراف الأكثر تضررًا:
1. إيران:
تعد إيران الطرف الأكثر تضررًا من سقوط النظام السوري. لقد استثمرت موارد عسكرية ومالية ضخمة لدعم نظام الأسد، وكانت سوريا ركيزة أساسية في استراتيجيتها الإقليمية. سقوط الأسد يعني تآكل النفوذ الإيراني في المنطقة وفقدان قناة رئيسية لتمويل ودعم الميليشيات الحليفة.
2. روسيا:
روسيا، الحليف الآخر للنظام، تكبدت خسائر استراتيجية واقتصادية كبيرة. على الرغم من الدعم العسكري والسياسي الذي قدمته للأسد، فإن انهيار النظام سيضعف نفوذها في الشرق الأوسط ويكشف محدودية استراتيجيتها في حماية حلفائها.
3. النظام السوري:
بطبيعة الحال، فإن النظام السوري ذاته هو الخاسر الأكبر، إذ أنهى سقوطه سنوات من الاستبداد والسيطرة المطلقة، مع ما يرافق ذلك من فقدان النفوذ والسلطة.
الأطراف الأكثر استفادة:
1. تركيا:
تركيا هي الطرف الأكثر استفادة من سقوط الأسد، إذ عزز هذا التطور من نفوذها الإقليمي وقدم لها فرصة لتعزيز أمنها القومي، خاصة في مواجهة التهديدات التي تشكلها الجماعات الكردية المسلحة. بالإضافة إلى ذلك، قدمت تركيا دعمًا كبيرًا للمعارضة السورية واستضافت ملايين اللاجئين، مما عزز مكانتها كقوة إنسانية وإقليمية.
2. الدول الغربية والولايات المتحدة:
من خلال إضعاف إيران وروسيا، استفادت الولايات المتحدة والدول الغربية بشكل غير مباشر من سقوط النظام. كما أن هذا التطور يعزز استراتيجية الغرب في حماية مصالحه الإقليمي دون الحاجة إلى تدخل عسكري مباشر.
التحديات المستقبلية:
• إعادة بناء سوريا:
بناء دولة حرة ومستقرة في سوريا سيتطلب جهودًا هائلة ووقتًا طويلًا. العدالة، الحرية، والأمن هي ركائز أساسية لأي نظام جديد، لكن تحقيق ذلك يواجه معارضة قوية من أطراف إقليمية ودولية.
• الأطراف المعارضة للاستقرار:
هناك جهات فاعلة لا ترغب في رؤية سوريا مستقرة ومزدهرة. على رأس هذه الجهات تأتي إسرائيل، التي ترى في سوريا القوية تهديدًا محتملًا لمصالحها، وكذلك الجماعات الكردية المسلحة مثل PKK وYPG، بالإضافة إلى إيران وروسيا اللتين ستعملان على عرقلة أي نظام جديد يعارض مصالحهما.
دور تركيا المحوري:
تركيا لعبت دورًا حاسمًا في دعم الثورة السورية واستضافة اللاجئين. وبفضل هذا الدور، أصبحت تركيا الدولة الأكثر نفوذًا في الشرق الأوسط، ومن المتوقع أن تعزز مكانتها أكثر في السنوات القادمة.
دور الأويغور في الثورة السورية:
كان للأويغور دور مباشر في دعم الثورة السورية والقتال إلى جانب المعارضة. ومع ذلك، فإن الهدف الاستراتيجي للأويغور يجب أن يبقى مركزًا على تحقيق حرية تركستان الشرقية. تجاهل هذا الهدف قد يؤدي إلى خسائر كبيرة للأويغور على المدى الطويل.
انعكاسات على الأنظمة الاستبدادية:
سقوط نظام الأسد يرسل رسالة قوية للأنظمة الاستبدادية الأخرى، مثل الصين، بأن قمع الشعوب ليس ضمانًا للبقاء. هذه الأحداث قد تكون مؤشرًا على تغيرات سياسية كبرى في المستقبل.
بلال عزيزي