في الصورة: الدكتور رشاد عباس هو عالم أدوية طبية وباحث رائد في مجال الأبحاث الطبية ورئيس الأكاديمية الأويغورية.
تم إعداد هذه المراجعة من قبل الدكتور رشاد عباس.
في سبعينيات القرن العشرين، عندما كنت أقضي أيام وسنوات الطفولة والمراهقة في الصين الشيوعية، لم تكن لدينا أي وسيلة لمعرفة ما كان يحدث في العالم، أو في الصين، أو حتى بين الأويغور في وطننا تركستان الشرقية (يسمى أيضًا باسم "شينجيانغ"). بالنسبة لشعب مثلنا، الذي تم استعماره وعزله بالكامل عن عالم المعلومات ودفنه في الدعاية الشيوعية 24 ساعة في اليوم، فإن اكتشاف الحقيقة لم يكن يعتبر ترفًا على الإطلاق. بل على العكس، كان الأمر بمثابة شوق، وفي بعض الأحيان كان علينا أن نخاطر بحياتنا من أجله.
لا أزال أتذكر تلك الأيام بوضوح: كان والدي يجمعنا في ظلام الليل ويبدأ في ضبط راديونا القديم، ثم يبحث عن معلومات حول ما يحدث في وطننا على الإذاعات الأجنبية. في تلك السنوات، عندما واصل الحزب الشيوعي الصيني مراقبة وسائل الإعلام العامة بشكل صارم ومعاقبة أولئك الذين يسعون إلى الحصول على معلومات أجنبية بشدة، كان الاستماع إلى مثل هذه المحطات الإذاعية يُعتبر بمثابة عمل من أعمال المقاومة ضد الحكومة.
في ذلك الوقت، كانت وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الحكومة الصينية هي المصدر الوحيد للمعلومات بالنسبة للشعب الأويغور. لكننا ما زلنا نرغب في سماع الأخبار الحقيقية، بغض النظر عن الخطر. في منزلنا في مدينة أورومتشي، كان لدينا جهاز راديو بحجم فرن الميكروويف، بداخله أسلاك لامعة. كان والدي يضبطه كل ليلة بيديه: أحيانًا تعمل الإشارة، وأحيانًا تنقطع بسبب الضوضاء العالية. لكن تلك كانت المصادر الوحيدة التي كان بإمكاننا من خلالها سماع الأخبار الحقيقية من العالم الخارجي.
كان والدي يطلب منا دائمًا أن نكون هادئين ويحذرنا من إخبار أي شخص بأننا نستمع إلى إذاعة أجنبية. وقال: "إذا اكتشف الشيوعيون الصينيون هذا الأمر، فسوف يعاقبوننا بشدة". في ذلك الوقت، كنا نعتقد أننا الوحيدين الذين يستمعون إلى الراديو. ولكن في أواخر الثمانينيات، علمنا أن العديد من الأويغور يستمعون إلى الراديو سرًا في منازلهم، وبالتالي أصبحوا على دراية بالأصوات الأجنبية في ظلام الشيوعية.
في عام 1991، انهار الاتحاد السوفييتي. لكن الصين الشيوعية لم تنجو فحسب، بل بدأت أيضًا في النمو بسرعة بسبب فشل الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين في إدراك التهديدات التي يشكلها هذا النظام. أصبحت الصين اليوم قوة عظمى عالمية، وتشكل أكبر تهديد للأمن القومي لأمريكا والعالم الديمقراطي.
وكما هي الحال مع كل الأنظمة الاستبدادية، فإن الصين الشيوعية تحافظ على حكمها من خلال استخدام القوة، ووسائل إعلام مصممة بعناية لقمع الحقيقة. من مذبحة ميدان تيان آن مين إلى جائحة كوفيد-19، احتكرت الصين باستمرار الرأي العام وأعادت كتابة التاريخ. أصبحت وسائل الإعلام سلاحًا ودرعًا في آن واحد، وضمن الحزب الشيوعي بذلك أن حكمه لا يُتحدى. لكن كان هناك شيء يخشاه هذا النظام أكثر من أي شيء آخر: الحقيقة.
ولم يتوقف عند هذا الحد، بل استخدم وسائل التواصل الاجتماعي كسلاح ضد أعدائه الداخليين والخارجيين. كان هذا عنصرًا أساسيًا في نجاحه في حكم 1.4 مليار شخص لأكثر من 75 عامًا.
ولهذا السبب، كان إنشاء الخدمة الأويغورية في إذاعة آسيا الحرة (RFA) في نوفمبر 1998 لحظة تاريخية. أخيرًا، أصبح للأويغور صوت بعد سنوات من القمع. كان صوتًا كشف للعالم الفظائع التي يعاني منها الأويغور تحت حكم الصين الشيوعية منذ 1949. شعر الأويغور في وطنهم بفرحة غامرة لرؤية منارة الأمل والعدالة هذه تشتعل من أمريكا. لم يكن مفاجئًا أن تدين الصين هذه الخطوة وتراقب بغضب إطلاق أول إذاعة دولية مستقلة باللغة الأويغورية.
فالشعب الأويغوري لم يُمنح أبدًا في ظل الحكم الصيني الوحشي فرصة لامتلاك صوت مستقل. كل من تجرأ على الحديث تم إسكات صوته واتهامه بـ"الانفصال" أو "الإرهاب".
ومنذ عام 2017، ازداد الوضع سوءًا، حيث سجنت الحكومة الصينية حوالي أربعة ملايين أويغوري في معسكرات، وفصلت الأطفال عن أهاليهم وأرسلتهم إلى مدارس داخلية صينية. وقد أدانت إدارة ترامب هذه الأفعال ووصفتها بأنها "إبادة جماعية" و"جرائم ضد الإنسانية"، وهو ما أكد عليه لاحقًا البرلمان الأوروبي، كما أشارت مفوضية الأمم المتحدة إلى أن تصرفات الصين "قد تشكل جرائم ضد الإنسانية".
لقد تحقق الكثير من هذا الاعتراف الدولي بفضل المعلومات التي قدمها قسم الأويغور في إذاعة آسيا الحرة. وعلى الرغم من تهديدات الصين، واصل الصحفيون الأويغور بلا خوف تتبع الحقائق وكشفها.
وقد اعترفت وكالة الولايات المتحدة للإعلام العالمي (USAGM) بهذا الدور الرائد، قائلةً في موقعها:
"كشف قسم الأويغور في إذاعة آسيا الحرة لأول مرة عن جهاز أمني متطور أقامته الصين في شينجيانغ، بالإضافة إلى الاعتقالات الجماعية. ومنذ ذلك الحين، لم يتوقف عن تغطية هذه الأحداث بشجاعة."
إن إغلاق هذه الخدمة سيكون مأساة حقيقية. سيُفهم منها أن العالم قد نسي الأويغور. ستكون هذه ضربة نفسية مدمرة للأويغور، وللملايين في الصين الذين ما زالوا يعتبرون أمريكا رمزًا للعدالة.
إذا سمحت الولايات المتحدة بإغلاق هذه الخدمة، فإنها تخاطر بتسليم الأويغور والانتصار الإعلامي إلى نظام استبدادي.
الحفاظ على هذا القسم واجب أخلاقي ويستحق كل قرش أُنفق عليه. هذا القسم ليس فقط مصدرًا للمعلومات، بل أيضًا ضوءًا في ظلام الإبادة الجماعية.
د. رشاد عباس
باحث رائد في اكتشاف الأدوية والبحوث السريرية، ساهم في الموافقة على أدوية عديدة في علم الأورام. كما أنه ناشط حقوقي ومدافع عن الأويغور ضد اضطهاد الحزب الشيوعي الصيني.
يشغل حاليًا منصب رئيس الأكاديمية الأويغورية، التي لديها فروع حول العالم، وتعمل على توثيق الإبادة الجماعية، مواجهة نفوذ الصين، والحفاظ على الهوية الأويغورية. في مايو 2024، عرضت الأكاديمية أول كتاب مدرسي باللغة الأويغورية للشتات في الكونغرس الأمريكي، وحظي بدعم رسمي وشعبي.
[ملاحظة: الآراء الواردة في هذه المراجعة هي آراء الكاتب ولا تمثل بالضرورة آراء محطة إذاعتنا.]
مصدر المقال: إذاعة آسيا الحرة
https://www.rfa.org/uyghur/xewerler/erkin-asiya-uyghur-bolumi-04182025134017.html
قام بالترجمة من الأويغورية: عبد الملك عبد الأحد.