الوضع الحقيقي في معسكرات الصين: «حيث يحكم العنف وتسود المعاناة»

الرواية التي تروج لها الحكومة الصينية وإعلامها الرسمي بعناية، بعيدة كل البعد عن التجارب المريرة لضحايا هذه الحملة القمعية.

بقلم: جون بيك | 15 يونيو 2025

ترجمة: تركستان تايمز

بعد أن تعالت الأصوات الدولية وتراكمت الأدلة بحيث لم يعد من الممكن إنكارها بالكامل، صرحت السلطات الصينية: «لا توجد أي معسكرات اعتقال في شينجيانغ (تركستان الشرقية)، بل هي مجرد مراكز للتعليم والتدريب المهني». وبحسب زعمهم، فإن المحتجزين هناك ليسوا سجناء على الإطلاق، بل هم «متدربون» يستفيدون بشكل كبير من إقامتهم هناك.

قال المسؤول الصيني إركين تونياز في جلسة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في يونيو 2019: «توفر هذه المراكز تعليمًا مجانيًا. والمهاجع مجهزة بالكامل بالراديو والتلفزيون والهاتف ومكيف الهواء والحمام والدش. كما تم بناء ملاعب رياضية ومكتبات». وأضاف: «كرامة المتدربين الشخصية وحرياتهم مصونة، ويُسمح لهم بالعودة إلى ديارهم بشكل دوري. وقد «تخرج» الكثيرون بالفعل من المراكز ليعيشوا حياة سعيدة وذات جودة أفضل».

كان هذا هو الخطاب الدعائي الذي تنشره بعناية الحكومة الصينية ووسائل إعلامها الحكومية و«جيوشها الإلكترونية». لم تكن أي من هذه التصريحات تتطابق بأي حال من الأحوال مع تجارب الأويغور والكازاخ وغيرهم من القوميات التي وقعت ضحية حملة القمع ضد الأقليات المسلمة في شينجيانغ، وهي الحملة التي خلص تقرير للأمم المتحدة عام 2022 إلى أنها قد تشكل «جرائم ضد الإنسانية»، ووصفتها أمريكا ودول أخرى بأنها «إبادة جماعية».

تمكن جزء ضئيل فقط من بين ما يقرب من مليون شخص محتجزين في المعسكرات والسجون من الفرار إلى الخارج. خلال بحثي لإعداد كتابي «يجب اعتقال من يستحق الاعتقال»، أجريت مقابلات مع عدد منهم في تركيا وكازاخستان وأمريكا. يوثّق هذا الكتاب بالأدلة كيف تقمع الصين مواطنيها المسلمين. لقد كانوا محتجزين في منشآت مختلفة في جميع أنحاء شينجيانغ. ووصفوا جميعاً تعرضهم لغسيل دماغٍ ممنهج، ومعاملةٍ وحشية، وتعذيب. وقد جُمعت شهادات مماثلة من قبل منظمات حقوق الإنسان وصحفيين، وتدعمها العديد من الوثائق الحكومية المسربة.

كان الناس يؤخذون إلى المعسكرات بسبب أمور تعتبرها الحكومة الصينية «علامات على التطرف» – وكان هذا يمكن أن يكون أي شيء تقريبًا: الصلاة في المسجد المحلي، أو ارتداء الحجاب، أو إطلاق اللحية؛ الإقلاع عن التدخين، أو السفر لزيارة أفراد الأسرة في الخارج، أو مجرد تلقي مكالمة هاتفية من رقم أجنبي؛ أو قول «بارك الله فيك».

كانت الاعتقالات تتم إما عن طريق استدعاء إلى مركز الشرطة المحلي، أو بهجوم فرق مسلحة تطرق الأبواب بعنف في وقت متأخر من الليل. كان يتم نقل المعتقلين إلى منشآت ضخمة، حيث يُجردون من ملابسهم ومجوهراتهم وهواتفهم، ويُجبرون على ارتداء زي موحد. وكانوا يُحتجزون في زنازين مكتظة، تحتوي أحيانًا على أسرّة ولكن في الغالب لا، ويتم مراقبتهم بواسطة كاميرات المراقبة المثبتة في السقف. كانت الزنازين حارة بشكل لا يطاق في الصيف، وعندما يحل الشتاء، كان المعتقلون يتلاصقون ببعضهم البعض للتدفئة. كان يُسمح لهم بوقت قصير جدًا لاستخدام دورات المياه أو يُجبرون على استخدام دلو في الزنزانة، ويُسمح لهم بالاستحمام بالماء البارد مرة واحدة في الأسبوع. كان الطعام شحيحًا للغاية. وصف العديد منهم أن كل وجبة كانت تتكون من حساء مائي فقط، وأحيانًا قطعة صغيرة من الخبز. وتحدث آخرون عن طعام أقل من ذلك، وعن معاناتهم من جوع مؤلم وقاسٍ.

في معظم الأيام، كانت تُعقد دروس يُجبرون خلالها على الجلوس في صفوف ضيقة وصامتة للاستماع إلى محاضرات حول اللغة الصينية أو النظام القانوني. وكان الحراس يجبرونهم على حفظ الأناشيد الوطنية والنقاط الرئيسية في فكر شي جين بينغ، العقيدة السياسية للرئيس الصيني. بالإضافة إلى ذلك، كانت تُعرض عليهم مقاطع فيديو حول إنجازات شي جين بينغ في السياسة الخارجية أو قوة الجيش الصيني.

لم تكن المساعدة الطبية تُقدم إلا في حالات الطوارئ، وأحيانًا لم تكن تُقدم على الإطلاق. لكن معظم المعتقلين قالوا إنهم كانوا يتلقون بانتظام حبوبًا مجهولة أو يُحقنون بإبر. لم يكن أي منهم يعرف ما الذي يُعطى له، لكن هذه المواد كانت تشوش أذهانهم، وتجعلهم خاملين، ويبدو أنها كانت تسبب اضطرابًا في الدورة الشهرية للنساء.

كان الضرب والعنف سائدين. كان المعتقلون يُضربون باللكمات والركلات والهراوات الكهربائية لأدنى مخالفة، وأحيانًا دون أي سبب على الإطلاق. وتحدث المعتقلون كثيرًا عن أداة تعذيب تسمى «كرسي النمر»، حيث كان الحراس يقيدون الناس عليها لساعات أو حتى أيام. وبدا أن أشد العقوبات كانت مخصصة في الغالب للأويغور.

وصفت النساء تعرضهن للعنف الجنسي وشهادتهن عليه. روت إحدى النساء أن رجالًا يرتدون أقنعة طبية كانوا يأخذون النساء من الزنازين ليلًا، وعندما حدث ذلك لها، تعرضت للاغتصاب والضرب على أيدي عدة حراس.

قال أولئك الذين خرجوا من المعسكرات إنهم كانوا محطمين لدرجة أنهم لم يعودوا يتعرفون على أنفسهم. كانوا منهكين، بلا روح، فاقدي الذاكرة، وغير قادرين على التفكير بوضوح. كانوا يعيشون دائمًا في خوف من إعادتهم إلى ذلك المكان المروع الذي عانوا فيه. وكان إنكار الحكومة الصينية المستمر ومحاولاتها لمطاردة الفارين إلى الخارج وإسكاتهم يزيد من معاناتهم. وعلى حد قولهم، بعد المعسكر، لن تنعم أرواحهم بالحرية الحقيقية مرة أخرى أبدًا.

المصدر: Big Issue