الكشف العالمي
7 يونيو 2025
الجرح النازف في العالم التركي والإسلامي: قضية تركستان الشرقية خلف كواليس القيامة المظلمة
لا تُمثل تركستان الشرقية مجرد منطقة جغرافية؛ بل هي واحدة من أعمق جراح العالم التركي والإسلامي، ومركزٌ لهجوم خبيث يستهدف الكرامة الإنسانية. إن سياسات الصهر الممنهج، والإبادة الثقافية، وانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها الصين لا تزال غير معروفة بالقدر الكافي لدى الرأي العام العالمي، أما في تركيا، فإن بقاء هذه القضية في ظل العلاقات الاقتصادية يمهد الطريق لاستمرار الظلم، ويُظلم مصير ملايين البشر.
أهداف الصين الاستراتيجية والسياسات المطبقة
لا تنظر الصين إلى تركستان الشرقية كمنطقة جغرافية فحسب، بل كنقطة محورية في استراتيجيتها للهيمنة العالمية. فالصين، التي تحركت على مر التاريخ بمُثُل التفوق والسيادة العالمية، قد حددت شعب الأويغور كأكبر عقبة أمام أهدافها، وتطبق بشكل منهجي سياسات الصهر، والتآكل الثقافي، والضغط الاقتصادي. إن الحيل الاستراتيجية الـ 36 للصين ليست سوى جزء من خطة طويلة الأمد لا تهدد تركستان الشرقية وحدها، بل العالم التركي بأسره.
الممارسات اللاإنسانية ومعسكرات الاعتقال
يُحتجز ملايين الأشخاص قسراً في معسكرات الاعتقال بتركستان الشرقية، وتُمزَّق الأسر، ويُربَّى الأطفال في معسكرات الصهر. أما أولئك الذين يخرجون من المعسكرات، فيُجبرون على العمل بأجور زهيدة في أسواق تشبه أسواق العبيد. وقد وُثِّقت هذه الممارسات اللاإنسانية من قبل التقارير الدولية والمحاكم المستقلة على أنها إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية. ولكن، لم يتشكل وعي أو رد فعل كافٍ في العالم الإسلامي والتركي.
القمع الثقافي والديني
تسعى الصين بشكل ممنهج إلى محو ثقافة الأويغور ولغتهم ودينهم. فقد تم حظر التعليم باللغة الأويغورية، وهدم المساجد، وعرقلة الأنشطة الدينية، بهدف محو هوية شعب الأويغور بالكامل من خلال الإبادة الثقافية. وفي الوقت نفسه، تمارس الصين القمع ضد الأقليات المسلمة الأخرى داخلها، وتستخدمهم كأدوات للدعاية. من الأهمية بمكان أن تكون تركيا حساسة تجاه هذا التدمير الثقافي وأن تعمل على توعية الرأي العام الدولي.
حقيقة تركستان الشرقية من منظور تركيا
لم تتمكن تركيا لفترة طويلة من لعب دور فاعل بما فيه الكفاية في قضية تركستان الشرقية، حيث بقيت القضية في الخلفية بسبب إعطاء الأولوية للعلاقات الاقتصادية مع الصين. ولكن، يجب على تركيا، بموقعها الجيوسياسي الذي يربط بين قارتين وبصفتها رائدة العالم التركي، أن تضطلع بدور قيادي في هذه القضية. قد تبدو استثمارات الصين في تركيا مكسباً على المدى القصير، لكنها فخاخ ستُضعف الاستقلال الاقتصادي والسياسي على المدى الطويل. من الضروري أن تكون تركيا واعية بهذه الفخاخ، وأن تفهم نوايا الصين الحقيقية، وأن تطور سياساتها بناءً على ذلك.
تركستان الشرقية وحقوق الإنسان على الساحة الدولية
لقد اعترفت الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي والمحاكم المستقلة بممارسات الصين في تركستان الشرقية كجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، وأدانت الصين. كما أصدرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قوانين لمقاطعة المنتجات المصنعة بالسخرة. ولكن للأسف، لم يتشكل رد فعل وتضامن كافيان في العالم الإسلامي والتركي، مما يؤدي إلى استمرار الظلم وبقاء الضحايا وحدهم.
شتات تركستان الشرقية والتهديد الثقافي
يواصل أبناء تركستان الشرقية نضالهم من خلال تشكيل مجتمعات في الشتات في تركيا وحول العالم. إلا أن زواج الأجيال الشابة في مناطق جغرافية مختلفة وتعرضهم للصهر الثقافي يحمل في طياته خطر تآكل الهوية الثقافية. وهذا يوضح أن قضية تركستان الشرقية ليست نضالاً جغرافياً فحسب، بل هو نضال ثقافي وديموغرافي أيضاً. يجب على تركيا أن تدعم أبناء تركستان الشرقية في الشتات وأن تعزز الروابط الثقافية معهم.
دور تركيا في النضال الاقتصادي والسياسي
يجب على تركيا أن تضطلع بدور استراتيجي وليس إنسانياً فحسب في قضية تركستان الشرقية. يجب توخي الحذر تجاه الاستثمارات والقروض الاقتصادية الصينية، ودعم الإنتاج المحلي، وتشجيع مقاطعة البضائع الصينية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على تركيا أن تدافع بقوة عن قضية تركستان الشرقية في المحافل الدولية، وأن تجعل هذه القضية أولوية في علاقاتها الدبلوماسية.
الوعي المجتمعي ونداء إلى المستقبل
إن قضية تركستان الشرقية ليست مشكلة أبناء تركستان الشرقية وحدهم، بل هي قضية مشتركة للعالم التركي والإسلامي بأسره. يجب زيادة الوعي المجتمعي وتوعية الأجيال الشابة. على الجميع، نساءً ورجالاً، أُسراً وأفراداً، دعم هذا النضال وتوعية من حولهم. هذا ليس مجرد تضامن، بل هو واجب وطني وروحي.
النضال ضد الخطط الخفية التي تستهدف العالم التركي
ما يحدث في تركستان الشرقية ليس مجرد أزمة إقليمية، بل هو جزء من خطة معقدة وخبيثة تهدف إلى تغيير موازين القوى العالمية. إن أهداف الصين الاستراتيجية تهدد مستقبل العالم التركي والعالم الإسلامي. على تركيا والشعب التركي أن يروا هذا الخطر، وأن يعوا، وأن يتحركوا. إن الصمت هو الخيانة بعينها. والمشاركة في هذا النضال ليست حيوية من أجل تركستان الشرقية فحسب، بل من أجل وجود الأمة التركية بأكملها.