طرق الحرير والمراقبة: كيف أصبحت المساعدات أداة للسيطرة في شينجيانغ

عاملات في أحد المصانع في شينجيانغ. من موقع ويبو (Weibo).

إن إعادة تغليف القمع تحت مسمى "المساعدات" هو أداة أساسية للدعاية الصينية. ويكشف تقرير جديد عن استراتيجية مبنية على الأكاذيب.

ماسيمو إنتروفيني | 9/10/2025    

أصبحت التنمية لغة الشرعية في عصر البنية التحتية البراقة ومراسم قص الشرائط المتلفزة. ولكن في تقرير بعنوان "التنمية كسلاح: كيف تدفع المساعدات في شينجيانغ القمع"، يقدم "مرصد حقوق الأويغور" (Uyghur Rights Monitor) سردية مضادة تدعو للتأمل. يكشف هذا التقرير، الذي تم بحثه بدقة، كيف أن المساعدات التي تقودها الدولة في إقليم شينجيانغ الصيني ليست عملاً سخيًا محايدًا، بل هي آلية سيطرة مدروسة تعيد تشكيل المناظر الطبيعية والهويات والمعتقدات تحت راية التقدم.

يفتتح التقرير بفرضية قاسية: "مساعدات التنمية في شينجيانغ لا تتعلق بالنمو الاقتصادي فحسب، بل هي أداة لفرض التوافق الأيديولوجي وتفكيك الهوية الأويغورية". ومنذ البداية، يتحدى التقرير الافتراض القائل بأن الطرق والمدارس والمجمعات الصناعية هي مشاريع حميدة بطبيعتها. وبدلاً من ذلك، يوضح كيف أن هذه المشاريع جزء لا يتجزأ من استراتيجية أوسع نطاقًا للصهر والمراقبة والقمع. لا يتم توزيع المساعدات لتمكين المجتمعات، بل لإعادة هندستها. يتتبع المؤلفون كيف ترتبط الإعانات الحكومية، والتدريب المهني، وبرامج تخفيف حدة الفقر بالولاء السياسي، والامتثال الديني، والمحو الثقافي.

أحد أكثر أقسام التقرير إقناعًا هو دراسته لدور "المساعدة المزدوجة " (对口援疆)،  وهي سياسة يتم من خلالها تكليف المقاطعات الأكثر ثراءً بدعم تنمية شينجيانغ. على الورق، هي نموذج للتضامن بين الأقاليم. أما في الواقع، فهي خط أنابيب لتصدير الأيديولوجية. "مشاريع المساعدة المزدوجة ليست اقتصادية فقط، بل هي أدوات سياسية لتصدير الحكم المتمحور حول قومية الهان وقمع الاستقلال الثقافي للأويغور". غالبًا ما توظف المصانع التي يتم بناؤها في إطار هذه المخططات أفرادًا من الأويغور خضعوا "لإعادة التأهيل"، وتتم مراقبة عملهم من خلال أنظمة المراقبة الرقمية. يوثق التقرير كيف يتم استخدام أموال المساعدات لبناء "قرى نموذجية" تحل فيها شعارات الحزب محل الرموز الدينية، ويتم تبرير هدم المساجد باعتباره "تجديدًا حضريًا".

يقوم المؤلفون أيضًا بتفكيك لغة التنمية نفسها. حيث يوضحون أن مصطلحات مثل "تخفيف حدة الفقر" و"التحديث" و"الاندماج" هي تعبيرات ملطفة للتهجير والسيطرة. برامج المساعدات الحكومية مصممة لإعادة تشكيل مجتمع الأويغور، لا لتمكينه. على سبيل المثال، تُقدم مراكز التدريب المهني كفرص للارتقاء الاجتماعي، لكنها في الواقع تعمل كمواقع للتلقين العقائدي. يتم تثبيط الممارسات الدينية أو حظرها تمامًا، وتصبح المشاركة في الطقوس الحكومية شرطًا أساسيًا للحصول على الوظائف والسكن والتعليم.

ما يجعل هذا التقرير قويًا بشكل خاص هو استخدامه للمصادر الأولية —الوثائق الحكومية، ومخصصات الميزانية، والتوجيهات السياسية— لبناء قضيته. فهو لا يعتمد على التكهنات أو الإشاعات. بل يوضح، سطراً بسطر، كيف يتم استخدام التنمية كسلاح. يسلط المؤلفون الضوء على كيفية توجيه المساعدات عبر الشركات المملوكة للدولة واللجان الحزبية المحلية، مما يخلق نظامًا يُكافأ فيه الامتثال ويُعاقب فيه العصيان. حتى المهرجانات الثقافية والمبادرات السياحية يُعاد توظيفها للترويج لنسخة منقحة من الهوية الأويغورية، مجردة من معناها الديني والسياسي.

بالنسبة للقراء المهتمين بجماليات السلطة —حيث تتلاقى الهندسة المعمارية واللغة والسياسة— يساعد هذا التقرير في فك شفرة السلطوية الناعمة. وتتجاوز آثاره حدود شينجيانغ، مشيرة إلى التبعات العالمية للتنمية كأداة للقمع. يحذر المؤلفون من أن نماذج مماثلة يتم تصديرها إلى مناطق الأقليات الأخرى في الصين وربما خارجها. نبرة التقرير متحفظة ولكنها ملحة، ونثره مباشر ولكنه معبر. إنه يدعونا إلى النظر إلى ما وراء السقالات والتساؤل: من المستفيد، ومن الذي يختفي؟

باختصار، يعد تقرير "التنمية كسلاح" ضروريًا لكل من يريد أن يفهم كيف يمكن أن تكون المساعدات هدية وسلاحًا في آن واحد. بأسلوبه الأنيق، ومصادره الدقيقة، وبصيرته الأخلاقية الحادة، يحمل التقرير تحذيرًا. إنه يذكرنا بأن التقدم بدون حرية ليس سوى شكل آخر من أشكال السيطرة.

https://bitterwinter.org/silk-roads-and-surveillance-how-aid-became-a-tool-of-control-in-xinjiang/