الشعب الأويغوري والحضارة الأويغورية
بقلم: د. بلال محمد على ماهر
يعد الشعب الأويغورى رائدًا من رواد الحضارة فى منطقة وسط آسيا، فقد أنجب هذا الشعب العلماء والأدباء الذين أثروا الحضارة الإسلامية فى شتي أنواع المعارف والعلوم. وهذا الشعب هو صاحب الإسهام الأكبر فى الثقافة الإسلامية والفكر الإسلامي فى أزهى عصور الحضارة الإسلامية. ونشأ منهم صفوة العلماء أمثال: البخاري والترمذي والبيهقي والفارابي والسكاكي وابن سينا ومحمد بن موسى الخوارزمي وأبو الريحان البيروني والزمخشري وأبو الليث السمرقندي وأبو منصور الماتريدي ومحمد بن الحسين الفارقي المشهور بابن نباتة والإمام الداعية أحمد اليسوي والامام الزاهد المحدث عبد الله بن مبارك ومواطنه الفضيل بن عياض والإمام المحدث سفيان الثوري واخرين لاحصر لهم خدموا الحضارة الإسلامية أصبحوا من أكبر أعلامها.
إستوطن شعب الأويغور التركى فى قلب آسيا (مهد الأتراك) وحوض نهر تاريم منذ أكثر من أربعة آلاف سنة،
وقد ساهم هذا الشعب فى بناء صرح الحضارة الإنسانية منذ أقدم الفترات التاريخية. وينسب إليه الفضل فى اختراع حروف الطباعة من الخشب، حيث قام بطبع العديد من الكتب فى مختلف مجالات المعرفة قبل أن تعرف ألمانيا هذا الاختراع. وقد أثبتت الحفريات التي قام بها المستشرق الأثري "فون لي كوك" بمدينة "طورفان" صحّة ذلك الرأى. كما عرف شعب الأويغور فن التصوير الملون منذ أقدم الفترات التاريخية، بينما عرفت أوروبا هذا النوع من التصوير منذ وقت قريب.
أقوال العلماء عن شعب الأويغور والحضارة الأويغورية
يقول العالم البريطانى آ.ستين "شعب الأويغور هم قوم ساروا قَدمًا نحو الحياة المدنية منذ زمن بعيد قبل الشعوب التركية الأخرى فى وسط آسيا" . ويقول المستشرق الفرنسي ر. كَروست "الأويغور كانوا من رواد الحضارة فى منطقة آسيا الوسطى". وقد لخص العالم الصينى لى (أستاذ الثقافة ومبدع المجد التاريخي) عندما تعرض للحضارة النموذجية للأويغور فى بحثه بعنوان (شعب الأويغور) فى خمس نقاط أساسية :استخدام الكتابة والنشر، نشر اللغة الأدبية فى غرب آسيا، نشر فن المطبعة فى الغرب، وفرة الوثائق الحضارية التاريخية المبدعة، نشر الثقافة الدينية.
وفي هذا الصدد يقول العالم الروسي أ. ي، ياكووسكي "إن الغالبية العظمى للأويغور بدءوا الاشتغال بالزراعة المستقرة قبل القبائل المتحدثة بالتركية، وأبدعوا الكتابة الخاصة بهم قبل القبائل التركية ومن ثم أصبحوا أرقى الشعوب تقدمًا في الحضارة بين الشعوب القاطنة في آسيا الوسطى".
يقول الدكتور حسين المجيب المصرى "الأويغور من أعرق الشعوب التركية فى الحضارة واستبحار العمران وأعظمها صولة وعزة جانب، حيث رفعوا شاهق البنيان، وشيدوا أعظم الهياكل، وحذقوا الكتابة على الأوراق والرقوق. والأتراك الأقدمون (الأويغور) اكتشفوا فن الطباعة قبل الصينين والأوربيين بزمن بعيد، وبلغوا أوج عظمتهم فى القرن الثامن الميلادى، ثم اندثرت دولتهم باستيلاء جنكيز خان عليها فى القرن الثالث عشر. أما لغتهم فسميت فيما بعد بلغة جغتاي نسبة إلى الحاكم جغتاي، وما زالت الأويغورية لغة حية للشعوب التركية التى تسكن حوض نهر تاريم، ويولى علماء اللغة المحدثون من الأتراك، بهذه اللغة (لغتهم) بالغ الأهتمام"
ويشير الدكتور التركى آ. سهيل عندما يبدى رأيه فى النتائج الطبية للأويغور فى عهد دولة ايديقوت فيقول
" تقوم الحضارة الأويغورية فى المقام الأول على الحضارات القائمة المعاصرة فى عصرهم، فالأويغور حافظوا على المعرفة والثقافة والطب فى آسيا خاصة بين الشعوب التركية".
اللغة الأيغورية
اللغة الأويغورية لغة قديمة جدًا لها تاريخ طويل، ومرت بمراحل متعددة عبر آلاف السنين، وكان لها أثرها المميز فى تاريخ الأويغور السياسيى والاجتماعي والحضارى والأدبي. وتعتبر الأويغورية فرع من مجموعة لغات آلتاي-أورال. كما تشكل اللغة الأويغورية الأصل الذى تفرعت منه اللغة التركية؛ وتطورت عبر الزمان مع الحفاظ على كيانها، حتى صارت لغة أدبية موحدة بين الشعوب التركية التى تعيش فى منطقة وسط آسيا اعتبارًا من القرن الرابع عشر حتى القرن العشرين. ومازالت اللغة الأويغورية تكتب بالأبجدية العربية منذ ألف سنة وإلى الآن، وهي اللهجة التركية الوحيدة من بين جميع اللهجات التركية الآخرى التى مازالت تستخدم الحروف العربية فى كتابة مؤلفاتهم ومدوناتهم.
تعد اللغة الجغتائية فى حقيقتها اللغة الأويغورية، وهى ليست لغة مستقلة، لأن الفترة التى تقلد جغتاي خان الحكم فى آسيا الوسطى استعمل اللغة الأويغورية فى المكاتبات الرسمية، لذا سميت اللغة الأويغورية فى ذلك الوقت "لغة جغتائية" نسبة الى الحاكم جغتاي كما سميت اللغة التركية لغة عثمانية فى الخلافة العثمانية نسبة الى الحاكم العثمانى، ويؤيد هذا الرأي لغويون من الأتراك. بل أصبح الخط واللغة الأويغورية فترة من الزمان لغة رسمية للدولة التركية التى حكمت إيران، وكان للأتراك الأويغور تأثيران أساسيان على تاريخ إيران وثقافتها: أحدهما، الآثار المدنية مثل تعريف الإيرانييين بالورق والخط التركى الأويغورى، والتقويم التركى الأويغورى ذى الإثنى عشر حيوانا، التجديدات فى الكتابة والموسيقى. وثانيهما، الاشتراك فى تكوين الشعب التركى فى إيران وأذربيجان. ويؤيد هذا الرأى ما ورد فى كتاب أبو الغازى بهادرخان وهو يقول: "كان الختم والمراسلات والحسابات بيد الأويغور فى المناطق التى حكم بها جنكيزخان وأولاده بدءا ماوراء النهر، وخراسان وحتى العراق".
يقول العلامة شمس الدين سامى فى كتابه (قاموس الأعلام): "الأويغور القدماء شعب متقدم جدًا فى مجال الحضارة، وأصبحت لغتهم لغة أدبية بين الشعوب التركية. و"اللغة الأويغورية" إبان حكم الحاكم جغتاي اشتهرت بلقب "اللغة الجغتائية".
ويقول العالم التتارى المعروف أحمد زكى وليدى: "الأويغور كان لهم حضارة راقية جدًا بين الشعوب التركية، لذا فلغتهم أصبحت لغة أدبية بين الشعوب التركية.
خصائص اللغة الأويغورية المعاصرة
تتركب اللغة الأويغورية المعاصرة من إثنين وثلاثين حرفا، فهى لغة لها تاريخها القديم بحروفها الحالية منذ القرن الثامن الميلادى. والأبجدية الأويغورية تستخدم الحروف العربية....
المصدر: