تركستان الشرقية: من هم الأويغور وأين هو وطنهم؟

الكثير من الناس قد سمعوا بالتبت، والكثير مطلعون على قضية التبت بفضل شهرة دالاي لاما بعد حصوله على جائزة نوبل للسلام وبفضل هولليود وعوامل أخرى.

 ولكن القليل جدا يعرفون عن تركستان الشرقية على الرغم من كون تركستان الشرقية بحجم التبت ولديها تاريخ شبيه بالتبت وتسعى للاستقلال مثل التبت، الكثير من التركستانيين لديهم طموحات الاستقلال مثل التبتيين ،، ولكن بالكاد سمع عنها أحد.

إذا جئت اليوم إلى تركستان الشرقية أو شينيانج كما تسميها الحكومة الصينية سترى قوميات مختلفة، سترى الهان الصينين الذين وصلوا حديثا إلى المنطقة، وسترى القيرغيز ، والقازاق، والأوزبك، وطاجيك وغيرهم .. ولكن جانب الصينيين الذي وصلوا حديثا سترى الأغلبية من المحليين وهم الأويغور ..

قومية الأويغور تشكل الأغلبية الحاكمة حضارة ولغة وعددا. فمن هم الأويغور؟ لماذا ليس لديهم دولتهم المستقلة؟

 توجد الكثير من الشرطة هنا. على كل حال... نحاول العثور على وطن الأويغور، نحاول العثور على أسلاف الأويغور وهذا عمل صعب.

أ - فهناك القوميون الأويغور يحاولون ربط تاريخ الأويغور إلى آلاف السنوات في هذه المنطقة يريدون ان يبدوا كالسكان الأصليين بينما نجد المسئولين الصينيين  يحاولون بقصارى جهدهم لإقناع الأويغور بأنهم صينيون. فهذا التنازع بين القوميين والصينيين تشوه الحقيقة أكثر.

ب- مفهوم الأويغور نفسه تبدلت عبر التاريخ .. تشير الأويغور إلى معان مختلطة.. فضلا عن أن مفهوم الشعب الأويغوري مفهوم حديث جدا. فهنا يمكننا أن نقول باطمائنان أن الأسلاف القدماء للأويغور اليوم تنحدر من مصدرين اثنين : الأول هناك القبائل الهندوأوروبية التي سكنت مدن الواحات في حوض نهر تاريم التي تمتد تاريخها إلى آلاف السنين...

الثاني القبائل الناطقة بالتركية التي انتقلت هنا في سنوات 800 الميلادية وما بعدها أي بعد انهيار مملكة الأويغور التي قامت فيما يعرف اليوم بمنغوليا .

فلننظر في كلا المصدرين على حدة :

 سكنت شعوب مختلفة هده المنطقة عبر آلاف السنين الماضية بدءا من شعب روجي (Yuezhi) الذين كانوا يتاجرون في أحجار يشم .. وهناك شعب توخار (tocharians) الناطقين بلغات الهند أوربية وقد استوطنوا في مدن الواحات وعلى طريق الحرير..

وهناك  شعب ساك وهؤلاء فرع من citians وهم من شرقي إيران يتكلمون بلغات الهند أوربية كذلك ..

وهناك في مدن الواحات مثل كاشغر كانت عاصمة لدولة الساك آنذك.

وهناك شعب صوغدي التي انتقلت هذه المنطقة عندما كانت تحت حكم شيونج نو.

وفي فترة أخرى وقعت المنطقة تحت حكم مختلف الإمبراطوريات الصينية بالذات الهان وتانج لمدة قصيرة .

ولكن في أغلب تاريخها لم يكن شعوب هذه المنطقة ينتسبون لقوم واحد او إمبراطورية واحدة.. فهده المنطقة كانت ممرا وشعوبها كانت متعدد العرقيات . تعودت على التعريف بنفسها عن طريق مدن الواحات التي  سكنوا فيها والتي كانت بمثابة دولة لوحدها .

إذن فهذه الشعوب المخلطة تعتبر أسلافا للأويغور في العصر الحديث .

نتوجه إلى الشمال وشرقي الشمال  إلى حيث منغوليا والتي تأسست فيها حكومة ضخمة في أواسط القرن السابع  وهي دولة الأويغور أو قاغانية الأويغور ... إستمرت من منتصف القرن السابع إلى  منتصف القرن الثامن.. طبعا الأويغور كانوا موجودين هنا قبل ذلك بقرون طويلة. ولكن بعد حروب طاحنة بين القبائل التركية المتنافسة بعد انهيار إمبراطورية كوك تورك، قامت وجهاء قبائل الأويغور بتوحيد القبائل التركية وتحكمت فيهم. وفي القرون التالية توسعت القاغانية إلى الشمال على حساب القيرغيز وإلى الجنوب  على حساب دولة تانج المتعثرة ..

ولكن القاغانية أوجدت لنفسها أعداء كثيرين من التبتيين، والقيرغيز ودولة تانج، كل هؤلاء استمروا في إرسال قوات لمحاربة القاغانية الأويغورية وبعد انهيار القاغانية سنة 847 قتل القاغان الأخير فيما يعرف حاليا في منغوليا  واستولى عليها القيرغز..

أما القبائل الأويغورية فتفرقت وذهبت إلى جهات مختلفة ..

 البعض منهم توجهت إلى حوض تاريم عبر جبال تانغري (تنغري تاغ).. ووصلوا هنا حيث أقف .. هنا المدينة المدمرة قارا خوجا، المدينة التي  عمرت لأكثر من 500 سنة تعتبر من أطول المدن عمرا إن لم تكن أطولها على الإطلاق في تاريخ تركستان الشرقية وتاريخ حوض تاريم. من الصعب أن تجد حكومات استمرت لمدة طويلة مثل هذه...

نحن نتحدث هنا عن سنوات 800-850 حيث تأسست هنا مملكة جديدة في هذه المدينة القلاعية وولدت عصر جديد في تاريخ المنطقة  .. بدأ عصر الأويغور في التاريخ .. وأصبحوا الطبقة الحاكمة سياسيا وجلبوا معهم لغتهم التي ستحل فيما بعد مكان اللغات المحلية القديمة وتصبح  موضة طريق الحرير؟

الأويغور اكتشوفا بأن الشعوب هنا مختلطة حيث أناس من أصل الهان، والفارس والأتراك، والمانيون ونصارى النسطورية  والبوذية التي كانت ديانة مهيمنة فيها..

 الأويغور بتوفقهم العددي والعسكري أصبحوا الطبقة الحاكمة سياسيا واستولوا على هذه المنطقة ولكنهم أيضا قبلوا بعض الأشياء من الشعوب المحلية أبرزها الديانة البوذية . وكان الكثير منهم مانيون كذلك، ولكن الأغلبية تحولوا إلى البوذية وأصبحوا حصنا للدين الجديد.

 

  وسنرى فيما بعد في الغرب ممالك تركية تحولت إلى الإسلام بما فيها بعض الأويغور . ولكن هنا في قارا خوجا بقي البوذية الديانة الرسمية حتى سنة 1400. لم تكن هناك أسلمة بشكل ملحوظ إلى نهاية 1400 وبداية 1500 وفي الحقيقة لم تتحول إلى الإسلام كاملة إلا في سنوات 1600.

فلو جئت اليوم إلى تركستان الشرقية أو إلى شينيانج (الأرض الجديد)  كما تسميها الصين ستجد أن الأويغور مسلمين. أي أنهم يعرفون كمسلمين ..

ولكن حتى سنوات 1600 لم يكن الأمر كذلك. الغالبية كانوا بوذيين اعتقنوا ديانة الشعوب المحلية في هذه المنطقة عندما وصلوا إليها من منغوليا..

 

أما لماذا هذه المدينة استمرت لفترة طويلة مقارنة بالمدن الأخرى حيث بقيت 500 سنة هذه المدينة قارا خوجا لماذا؟

 

كان لهذه المدينة ان تنتهي في سنوات 1200 مبكرا لولا أن قادة المدينة استسلموا لقوات جينكيزخان والمغول وكسبوا لعمر المدينة بضع مئات السنين إضافية. وبعد وفاة جينكيز خان قسمت إمبراطوريته بين أبنائه جوجي، جغتاي وأوقطاي وتولوي(سلالة يوان) ..

وقعت هذه المنطقة ضمن سلطة سلالة يوان والتي كانت مستقلة وليست تابعة للصين.  ولكن فيما بعد في نهاية 1200 وبداية 1300 جاء جغتاي خان وأرسل عشرات الآلاف من جنوده واستولى على المدينة بعد سنوات من الحرب.. وبسبب الحروب إضافة إلى تغير المناخ تم التخلي عن المدينة...

 الآن الأويغور شعب مختلط من أسلافهم من المغول، والترك وهناك بعض العرق القوقازي الذي اختلطت بالشعوب المحلية . ففي عدة قرون تالية ستجد المنطقة نفسها تحت حكم ملوك من المغول مثل الدولة الجغاتائية والدولة الكاشغارية التي انفصلت وأويغورستان ومغولستان وغيرها من المماليك. وهناك أيضا خاقانية جونغار التي تعتبر من أكبر إمبراطرية القبائل البدوية  التي حكمت هذه المنطقة لفترة وتسبب إزعاجا لإمبراطرية تشينج التي تقوم بمهاجمة الخاقانية وتستولي على المنطقة. تسمي تشينج تركستان الشرقية بشينجيانج (الأرض الجديد).. واحتاجت إمبراطورية تشينج على الأقل مائة سنة لضم شينجيانج كاملة إلى الحكم الصيني . ولكن حتى في ذلك الوقت تصرف حكام شينجانج من التشينج كأن المنطقة ملكهم الشخصي مع تبعية أقل للحكومة الصينية..

 

 وفي سنة 1826 كانت هناك ثورة تمرد ضخم، وفي الحقيقة كانت أعمال التمرد لا تنقطع طوال الوقت ضد الحكم الصيني .. من الأحداث الضخمة هنا في كاشغر سنة 1826 تم حصارها لمدة عشرة أسابيع حتى قامت الضباط الصينيون بالانتحار وقتل عساكرهم ...لم تستطع  حكومة التشينج استعادتها إلى بعد سنة واستمرت التمرد فيما بعد ولا سيما بعد انتهاج حكومة التشينج سياسة التهجير الصينية إلى تركستان الشرقية لتثبيت حكمها وهذا ما تقوم بها الحكومة الصينية الحالية بنجاح..

 نعم كانت هناك تمرد وثورة بعد ثورة مستمرة وفي سنة 1860 تأزم الوضع ومع نهاية 1870 كانت معظم تركستان مستقلة عن الصين يحكمها رجل لوحده اسمه يعقوب بيك الذي تحالف مع روسيا وبريطانيا وفقدت الصين سيطرتها على المنطقة ولفترة فكرت الصينيون في التخلي تماما عن شينجيانج..

ولكنهم في النهاية قرروا الاستيلاء عليها مجددا وفي سنة 1878 وقعت المنطقة تحت سيطرتهم وقامت حكومة تشينج بتشجيع هجرة الصينيين الهان إليها ..  واستمرت موجات الهجرة إلى تركستان الشرقية وفي أقل من 30 سنة من الاحتلال انهارت حكومة تشينج نفسها.

 وفي فترة الجمهورية الصينية شكليا تحكمها الجمهورية ولكن في الحقيقة كانت تحكمها أمراء الحرب مع ارتباط شكلي مع الحكومة المركزية. وفي سنوات 1930 و1940 أقام المحليون دولة تركستان الشرقية المستقلة مرتين .. بضع شهور في 1930 وخمس سنوات في 1940.. حتى قامت جيوش الماو باحتلال تركستان الشرقية وضمتها إلى الصين.

شجعت الصينيين للهجرة إلى تركستان الشرقية واليوم أصبح الصينيون هم الأغلبية مقارنة بالأويغور.

 هناك في تركستان الشرقية الحكم الصيني في فترة 65 سنة الماضية توصف بـالمعتقلات الجماعية ومعتقلات العمل السخري، والإعدامات العلنية، تدمير ممنهج للأحياء الأويغورية والهجوم الممهنج على الإسلام ومنع المؤسسات الدينية، تدمير المساجد والاستيلاء على أراض المساجد وغيرها الكثير.

 وفي نفس الوقت تقوم النظام الصيني بتزوير تاريخ المنطقة على الطريقة الشيوعية لتبرير وجودها الإمبريالي الصيني في تركستان الشرقية .. إذا كانت هذه الطريقة الوحيدة لتسليط الضوء على ارتباط تركستان بالصين فليكن (التزوير)..

ومن يجرؤ على ترويج نسخة أخرى للتاريخ سيواجه عقوبة الحبس  أو أسوأ...

 

 عشرات من المجموعات المقاومة المحلية اختفت من الوجود ولكن القبضة الصينية على المنطقة تزداد شدتها.. وفي الحقيقة لو جئت إلى كاشغر ستجدها كأي مدينة صينية إلا عندما تزور الأحياء القديمة  ولكن حتى الأحياء القديمة بدأت تتضايق والسكان المحليون من أجل الدخول لأحيائهم القديمة يمرون من بوابات عليها الشرطة بمعدات ضد أعمال الشغب يقومون بتفتيشك جسديا يدويا ومن خلال البوابات الماسحة..وإبراز بطاقة الهوية وغيرها..

وهناك جاليات أويغورية بأعداد كبيرة في دول آسيا الوسطى وتركيا وهناك أعداد صغيرة في دول شمال أمريكا وأستراليا وأوربا ..

ولكن ليس لديهم دولتهم المستقلة..

 يمكننا القول من خلال وجود اعداد كبيرة من الشرطة والجيش فضلا عن تغلغل النظام في كل نواحي الحياة من خلال الأعلام الصينية والدعايات واللاصقات أنه يتطلب الكثير جدا من أجل انتزاع المنطقة من يد النظام الصيني .. والكثير من المحلييين يبدون يائسين في هذا الصدد..

 ولكن بالنظر إلى التاريخ عودة الدولة الصينية الأخيرة  سينكمش من آسيا الوسطى إلى الأراضي الصينية ا لأصلية . فقط حينذاك يمكن للأويغور استعادة دولتهم الحرة والمستقلة  وهي تركستان الشرقية..

ترجمة فلم وثائقي

المترجم: موللا ثابت

https://www.facebook.com/TalkEastTurkestan/videos/1985340008393774/?hc_ref=ARRekUvYsSsZn1E4NIDJSIyYUJrcCX8bgnL7ofIj-nnCbb3xuDXlcwiqaAevCwAGJJ4