جاسم الهويدي العبيد
الأتراك من الأقوام الطورانية التي تسمى علميا عائلة؛ (أورال- طاي) كالمغول والبلغار والمجر والفلنديين. يقول ابن النديم في كتابه؛ الفهرست: تربط الترك والبلغار رابطة دم، وقد نبّه ابن خلدون فقال أيضًا: “هناك قرابة فيما بين الترك والفلنديين”
ولعلّ أقدم ذكر للأتراك ما ورد في التوراة حيث أشارتها إلى ملوك عوص، وهم ملوك الغز الأتراك، غير أنّ كلمة تورك كانت تطلق على بطن من بطون القبائل التي كانت تقطن آسيا الوسطى في المنطقة المحصورة بين بحيرة آرال وبحر الخزر.
والترك بالأصل عشرون قبيلة ينتسبون كلهم إلى (ترك بن يافث بن نوح النبي وهم بمنزلة أولاد – الروم بن عيصو بن إسحق بن إبراهيم ). ولكل قبيلة منها بطون كثيرة.
كانت آسيا الوسطى الوطن الأم للقبائل التركية الرحالة. ومنها انحدروا نحو الغرب وأسسوا دويلات وإمبراطوريات بأسماء مختلفة. وأقدم الدول التركية المعروفة في التاريخ هي دولة –القومانيين – ويطلق عليها في التاريخ اليوناني اسم –كومانين- والقومان فرع من فروع القيجاق. وتأسست في آسيا الصغرى في الألف الأول ق0م. وكانت ذات صلات وثيقة مع الدولة الآشورية أيام الملك تيغلات بيلاصر الأول خلال الفترة 1118 – 1093 ق0م، كما يقول كوبريلي زيادة محمد فؤاد في كتابه –تورك أدبياتي تاريخي.
وهذه الدولة تأسست في الغرب، واتخذت قوموسا عاصمة لها.
لكن المصادر الصينية تذكر بأن دولة (هيونغ- نو) هي أقدم الدول التركية التي تأسست في الشرق، وهم أجداد قبائل – الهون- التي غزت أوروبا خلال القرن الخامس، وقد استطاع الهون تأسيس إمبراطورية عظيمة شملت أجزاء من الوسطى .
وقد ظهرت بعد الهون أقوام تركية أخرى بأسماء مختلفة منها؛ القبجاق
والأويغور- والغز- والأفتاليت- والقرغيز – والمغول – والتيموريين والسلاجقة والتر كمان والعثمانيون وغيرهم.
وأوّل ظهور للأتراك على مسرح السياسة باسمهم الحالي كان في القرن الرابع الميلادي عندما استطاعت قبيلة ترك من جمع كافة القبائل الناطقة بالتركية والتغلب بهم على (الأورانيين الجوانيين) الذين كانوا أسياد الأقوام التركية المغولية, وبذلك أسّسوا إمبراطورية عظيمة تمتدّ من سدّ الصين حتّى بحر الخزر، ومن هنا فقد أطلقت كلمة تورك على كل الأقوام الناطقة باللغة التركية، واكتسبت هذه الكلمة دلالتَها بشكل أوسع حينما قبل الأتراك بالدين الإسلامي كما يقول البروفيسور فاروق سومر .
وإذا كانت آسيا الوسطى الموطن الأم للأتراك بجميع بطونها، فإنهم قد انتشروا من هناك غربًا، وأسّسوا العديد من الدول والإمبراطوريات في المواطن الجديدة التي حلّوا فيها. ويمكننا تقسيم الأتراك بحسب توزّعهم الجغرافيّ في العالم إلى:
أولًا- أتراك سيبريا والمغول ومنهم:
1- الياقوتيون والدولغانيون
2- أتراك تاتار الآلتاي
3- أتراك بارابا وتاتارغربي سيبريا
4- أورانخا الصين والاتّحاد السوفييتي سابقًا
ثانيًا- أتراك آسيا الوسطى ومنهم :
1- القرغيز والقازاق (قرغيز وقازاق روسية، وخيوة وبخارى، والصين – القيجاق – القالباق السود).
2- القرغيز السود أو البوروتيون ومنهم (في روسيا – وبخارى – والصين ).
3- التركمان ومنهم (في تركمانستان وفي بخارى وخيوة وفي إيران وأفغانستان وأذربيجان الإيرانية والعراق، وفي القفقاس وأوروبا الشرقية).
4- الأوزبك (في أوزبكستان وجنوة وأفغانستان)
5- السارتيون (في آسيا السوفييتية – وبخارى – وأفغانستان).
6- أتراك تركستان الشرقية (قولجة – والتارنجيون – والكاشغر).
7- أتراك قانصو (السالار- والإويغور الصفر).
8- التاتار المهاجرون من سيبريا وأوروبا إلى آسيا الوسطى
9- أتراك ما وراء آسيا الوسطى غير الداخلين في الزمر المذكورة أعلاه.
ثالثًا- أتراك ما وراء وجنوب غربي القفقاس.
– الأتراك العثمانيون في الأناضول والبلقان
– والأتراك العثمانيون فيما وراء القفقاس
– أتراك أذربيجان القفقاسية
– أتراك إيران
– الياباقيون السود .
رابعًا- أتراك أوروبا ورومانيا
– القراجيون
– القوموق
– النوغاي السود
– أتراك قفقاسيا
– أتراك قابارطاي
– الأورال
– الباشكرديون
– الميشيريون
– التيبتريون
– الفولكا والقريم
– قازان
– سيمريسك
– ساراتوف
– ازدرهان
– بانزا
– تامبوف
– نوفكورد
– نيزني
– القرم
– الجواشيون
– غاغاوز بوبارابيا، وهم مسيحيون
– نوغايدو بروجيه
– الجيتافيون
يقول البروفيسور بهاء الدين أوكل: “إنّ الأتراك لم يخلقوا ميثيولوجياتهم، وإنّما الميثيولوجيا التركية هي التي خلقت الأتراك، لأنّها ليست مثل الميثيولوجيات الأخرى عبارة عن آراء وأفكار بالية وميتة، وإنّما هي طريق حياة منظم للمجتمع وجماع الأفكار الحية.
لقد ولدت الميثيولوجيا التركية في آسيا الوسطى، وقامت بدور كبير في تكوين المجتمع التركي للأساطير التي تروي نشوء الكون وتكوين المجتمع التركي وملاحم الابطال وانتصاراتهم، والكوارث التي حلت بهم، وبتنقلاتهم، فأسطورة قره خان تمثل المعرفة الطبيعية والسماوية لدى الأتراك، واركنه قون- صاهر المعادن تمثل نشوء الأتراك، وانتشارهم في الأرض، وأسطورة أوغوزخان تمثل عظمة الأتراك.
كان الأتراك القدماء يدينون بالشامانية، وهي من الديانات البدائية التي تشكّل الأعراف والتقاليد القومية، أسّسها العامة، وعندما اختلط الترك بمن جاورهم اقتبسوا الكثير من عاداتهم وتقاليدهم.
وبعد هذا الاختلاط لم يرَوا بأسًا من قبول ديانات تلك الأقوام الجوار، فتحوّل قسم منهم إلى البوذية بتأثير الهند، والمانوية بتأثير إيران واليهودية بتأثير يهود بحر الخزر، والمسيحية بتأثير المبشرين النساطرة، غير أنّ كثرتهم دخلوا في الدين الإسلامي اعتبارا من القرن العاشر الميلادي.
وبقيت الآثار الشامانية ماثلة في الميثولوجيا التركية إلى يومنا هذا، أمّا اللغة التركية الحديثة فمنشؤها اللغات الهندوأوربية، وهي تضمّ كافة اللغات الأوربية، عدا الفلندية والمجرية، وبعض اللغات الأسيوية كالهندية والفارسية، وقد ولدت اللغة التركية في قلب آسيا، والذين هاجروا من قلب آسيا شمال الصين، وسلكوا الطريق الجنوبي نانلو، والتي تمتدّ من سلسلة جبال تيانشان مارة بكشغر، – سغد فرغانا – إيران – ميديا – بيسفور-وتنتهي بالجزيرة، وعندما وصل الياقوتيون إلى بلاد ميديا، انتشروا على ضفّتَي نهر دجلة والفرات، وذلك قبل الميلاد بما يقارب 800عام، ثم كانت الواقعة الكبرى بين الإسكندر المكدوني ودارا الثالث سنة 330 ق.م، الفارسي قرب مدينة كواكميلا، والتي تبعد 60ميلًا عن أربيل الحالية، وانتصر فيها الإسكندر، وتسمّى هذه الواقعة أربيلا، وفي سنة 54هجري هاجرت القبائل التركية إلى الشرق الأوسط، وإلى العراق بشكل خاص. وتوحّدت القبائل المغولية بقيادة جنكيز خان، وأسّس أعظم إمبراطورية في العالم.
وتتوزّع اللهجة الأوغوزية إلى لهجتين؛ اللهجة العثمانية واللهجة الآذرية التي يتحدّث بها اليوم تركمان أذربيجان وإيران والعراق.
وكان تيمورلنك وأسرته الحاكمة يتكلمون اللغة التركية، وكان الأدب المكتوب باللغة العثمانية يسمى أدب الديوان، وعندما طل القرن التاسع العشر بدأت حركة تململ الشباب مطالبة بالدستور، وإطلاق الحريات، وفي عام 1928 أعلن مؤتمر اللغويين المنعقد في سرايبورنو في إسطنبول عن قبوله بالأبجدية التركية الجديدة التي تتألّف من 29حرفًا.
أمّا الحياة الاجتماعية لدى الأتراك قبل الاسلام فكانت تعتمد على البداوة والإقطاع. إنّ نصف قرن من الماضي هو تاريخ الفكر في تركيا، وكفاح المثقفين من أجل الغد الأفضل. تسلّم عصمت إينونو رئيس حزب الجمهوري السلطة عام 1961، فورث ركامًا هائلًا من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وأوّل إضراب عمّالي عام 1961. وفي عام 1962قامت مجموعة من المثقفين اليساريين الأتراك بافتتاح المؤتمر التأسيسي لحزب العمال التركي الذي كان يضمّ كافة الحركات اليسارية والتقدمية والاشتراكية في تركيا. وفي عام 1969حاولت حكومة سليمان دميرال مجابهة قوى اليسار النشيط باستعمال الشدّة.
ولا مجال للخوض في الحياة الاقتصادية والأدبية والعلمية في تركيا لأنها تحتاج الى بحث أكثر وتشعّبات أخرى.
المصادر:
1- مجلة المعرفة
2- دائرة المعارف الاسلامية
3- تورك تاريخي – كوبريلي زاده